هي عروس البحر ومدينة البركان وموطن الجميع ، كانت يوما ما حمم في جوف الأرض فانبثقت كمارد بصورة وطن يعلن عن ميلاد مدينة وقلعة وميناء ، بركان وضع رحاله على مشارف بحر روّض ثورته وغسل الماء الشر المتطاير منه ، حينها رّسمت لوحة وطن ، عروس مسترخي على ضفاف بحر و شواطئ محيط ممتد من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب بحساب العشاق والمتيمين به .هي عدن عروسة البحر تشرف على امتداد بحر العرب والمحيط الهندي وحارسة بوابة البحر الأحمر .
هناك حيث تماها غضب البركان مع حلم مدينة في لحظات تجلي ، مدينة كانت تحيك الحلم بأنامل شديدة الرهافة ، وبدرجة قصوى من الأناقة وبنسمات بحر وخيوط أشعة شمس وهي ترتشف الشاي العدني و(المقصقص ) في صباح إحدى الأيام ، حلم مدينة أبت إلا أن تكون وطن مفتوح للجميع ما إن ترسي قاربك على شواطئه تحاول أن تبحث فيه عن حلم خذلك وواقع صدك وطريق يفتح في وجهك ألف باب وباب . ابتسامة مدينة فاتحة ذراعيها على مرسى هو ميناء المواني بامتياز.
من منا قضى فيها أيام طفولته وشبابه وربيع عمره ومن منا عاش فيها وتذوق الشاي العدني المهيل ولم يتحول دفئها لديه إلى حنين وعشق ابدي وغزل فيها أجمل قصيدة للالتحام بين إنسان ووطن ، هو ذاك الباحث عن ملاذ .
يسبقها عبق المدينة وبخورها ورائحة (الزربيان العدني ) و(المطفاية ) تأتيك للتو من شبابيك بيوت متواضعة كاهلها ليجعل انكسارك بداية حلم جديد أنها قبلة ملاذ أبت إلا أن تكون سما للجميع وعنوان للتمدن والسلم الاجتماعي .
هي عدن المآذن والمعابد والكنائس تحكي عن مدينة كانت ولم تزل عنوان للجميع واحتضان قوس قزح بألوان الطيف تنتمي للفقراء ونصيرة لهم عبر كل المراحل .
كلما مرت خطاك في ( حوافيها ) تتزاحم لديك ذكريات من حلّوا أو ارتحلوا وتفاصيل تاريخ ومكان لأسماء عدة وأجناس شتى مروا من هنا أو سكنوا ، تاجها مرصع بأحجار كريمة من شواطئ الغدير والساحل الذهبي وصيره وساحل أبين .
صهاريجها شهادة حب لعظمة إنسان حين يحمي معشوقته وتجسيد حي لمدى الانتماء وترمومتر عشقه ، ( شمسانها ) عنوان شموخ وكبرياء وفنار لميناء هو قبلة الأمن والأمان .
شطئانها الهام لعشق وموسيقى تتسلل إليك مباشرة من هدير البحر ونغمات الموج ، تذكرك بترانيم وتر احمد قاسم على ساحل أبين وصوت ألمرشدي شمسان الأبي والزيدي وبن سعد وخليل محمد خليل وربابة ناي وورود في مزهر لطفي أمان وغيرهم .
عدن هي لون البحر كالروح والسماء ، ولولوة الجزيرة خاصرة وطن وحارسة المحيط والمضيق منارة للقادمين ولوحة أبت إلا أن تكون شمسها دائمة السطوع .
ترابها سجادة للقادمين تمتد من مختلف الاتجاهات الأربعة إلى مشارف القلب .هوائها نسيم البحر وتيارات المحيط وبحرها قلادة ذهب على رمل ممتد من قلعة صيره إلى شاطئ فقم والغدير .
عدن عنوان فرح ومزهرية ورد وشلال حب ونافذة لعشاق الحرية والمدنية والأمان .