على غرار الفيلم العربي (التجربة الدنماركية) للزعيم عادل إمام، عادت (الزعيمة) توكل كرمان بقالب أخر (اعتدالي) غير المعروف عنها خاصة تجاه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، عادت توكل ب (نيولوك) جديد، ملئ بمبدأ التسامح والعفو عند المقدرة، انتقت الألفاظ الهادئة، الوسطية، البعيدة عن "محكمة الجنايات الدولية، وتسليم نفسه لأقرب مركز شرطة.."!!. عادت توكل من رحلة استجمام أمريكية بخطاب دبلوماسي، وعقل (غربي) في التعامل مع الأحداث، دون شطط، وتشنجات، وعصبيات، مثلما يفعل بعض العرب عادةً. جاء في تقرير صحفي: "وبعدما كانت توكل الصوت الأبرز المطالب بمحاكمة الرئيس اليمني، باتت تدعو إلى آلية تسمح بمعرفة "الحقيقة" حول مقتل مئات الشباب المحتجين، إضافة إلى الحق بالحصول على تعويضات، وذلك في نموذج يشبه نموذج "الحقيقة والمصالحة" في جنوب أفريقيا". توكل (السابقة) كانت تدرك يقيناً أن نظام علي صالح وأولاده هم من يقتلون وقتلوا الشباب، توكل (بعد التجربة الأمريكية) تدعو إلى إيجاد آلية لمعرفة القتلة المفترضين!!. توكل (الثائرة) ومن ساحة التغيير تقول عن المبادرة الخليجية عبر "حصاد الجزيرة" : "المبادرة الخليجية لا تعنينا ولا تلزمنا بشيء وهي تعني الموقعين عليها فقط"!. بينما توكل الحائزة على جائزة نوبل للسلام، تنسى هذيها_فيما يبدو- وعادت لتؤكد : " نحن ندعم انتخاب هادي لمرحلة انتقالية تستمر سنتين ويتعين علينا خلالها أن نبني اليمن الجديد" داعية "شباب الثورة السلمية" إلى الاقتراع لنائب الرئيس والانخراط في مختلف مراحل المرحلة الانتقالية". ملاحظة بسيطة للعميان، وممن لديهم صمم، هادي مرشح توافقي بناءً على المبادرة الخليجية!!. توكل النبيلة، ترمي كل تصاريحها، ورصاصاتها القاتلة (طبعاً الكلامية) بحق الرئيس صالح وعائلته، ونعتها له ولهم بالمجرمين، والقتلة، وغيرها من النعوت، ونست السمو فوق جراحها، باعتبارها داعية سلام، وثورية جديدة، لتأتي الآن بعد تزيين شفتيها بمساحيق تجميل، لتنطق من عذب الكلام: " كل ثورة تمر بمرحلة انتقالية وعفو عام وتسامح ومصالحة وطنية وإلا فليست ثورة أخلاقية حضارية عظيمة بل مجرد ثأر وانتقام، وثورتنا العظيمة تأبى إلا أن تكون أخلاقية عظيمة، لست أتنازل عن شيء إذ أقرر ما يمليه علي التزامي الثوري والوطني والإنساني"ّ!. يا سلااااااااااام !! أين تلك الأخلاق الفاضلة عندما تعرّض مسجد دار الرئاسة للهجوم؟!. يفترض- كأضعف الإيمان- التنديد بعظمة المكان، وجر الصراعات إلى مكان غيره، هذا إذا كانت كل ثورة تمر بمرحلة عفو عام وتسامح، بحسب فهمي البليد!!. وفي الوقت الذي سنحت فيه الفرصة لتوكل لمواصلة هجومها الحاد على صالح وأعوانه، بعد تلقيها تهديدات بالقتل ولن يُلمها احد، خرج مكتبها الإعلامي ببيان راقٍ في 16 فبراير الحالي، فيه من العذوبة والرقة والاحترام ما يجعلك تذوب مثل "الإيسكريم" وتضع علامات تعجب الدنيا كلها: " إن توكل كرمان إذ تستنكر هذه التهديدات فإنها تحمل بقايا أجهزة نظام صالح الأمنية والعسكرية المسؤولية الكاملة عن أي اعتداء يمس حياتها وسلامتها، وتذكرهم بأن لعبة تفريخ الجماعات الإرهابية واستنساخها ودعمها والتعاون معها..هي لعبة خطرة طالما استخدمها نظام علي عبد الله صالح لابتزاز الخارج وإرهاب وقمع خصومه"!. لست مدافعاً عن الرئيس الذي أذاقنا الويل، ولا يشرفني أن أكون في موضعٍ كهذا، لكنني أتألم كثيراً لحال البسطاء، وهم يصدقون من يبيعون لهم الوهم، وما أكثرهم في الشمال والجنوب، وبقيت حالة واحدة فقط أريد التأكد منها وهي مسالة القضية الجنوبية في أجندة توكل كرمان (بعد تجربتها الأمريكية)، التي قالت عنها أثناء تكريمها بجامعة جورج ميسون بالعاصمة الأمريكية بمناسبة حصولها على جائزة نوبل للسلام: "القضية الجنوبية هي القضية الأساسية والأولى والتي تحظى باهتمام الثوار اليمنيين, وتعتبر بالنسبة لهم هي مفتاح الحل لمشاكل اليمن، وأنهم يدعمون الحراك السلمي الجنوبي ويعطون الحق لكل الجنوبيين بحرية الاختيار وحق تقرير المصير. واعترفت كرمان أن الحراك الجنوبي كان السباق لكل ثورات الربيع العربي، وقالت انه النبراس أو الفكرة للثورات العربية في كل أرجاء الوطن العربي"!. لا أخشى، ولن أتعجب إذا قالت إن الحراك الجنوبي (غوغاء) يبحث عن الوهم، والقضية الجنوبية لا تختلف عن قضايا محافظات الحديدة، المحويت، صعدة وجزر الواق واق!!.