احتفل الانتقاليون بذكرى تحرير عدن ، وغاب صنّاعه الحقيقون ، بعد أن طوت يد الموت جزءا منهم ، ووزعت قبضة القهر والاستبداد الجزء الآخر منهم على أصقاع المنافي والشتات . كيف ارتضى هؤلاء المهرجون لأنفس أن يرتقون هذا المرتقى ، وينسبون لأنفسهم شرفا لم يكونوا من أهله ؟ هل سأل سرّاق النضال أنفسهم ماذا تركوا لعلي ناصر هادي ، وجعفر محمد سعد ، وسمحان الراوي ، وأحمد سيف اليافعي ، وعمر سعيد الصبيحي وغيرهم من القادة العظام الذين ماتوا على أسوار الحبيبة عدن وخارجها ؟ إذا لم تعتل صور هؤلاء القادة منصة الاحتفال بيوم النصر الأغر فأين سنضعهم ؟ ومتى سنكرّمهم ؟ ماذا ترك الحواة والمهرجون للأحياء من القادة الحقيقين الذين نسجوا خيوط التاسع والعشرين من رمضان ، وعزفوا سنفونية السابع عشر من يوليو ، كنايف البكري ، وفضل حسن ، والشيخ/ هاشم ، والشيخ/ حكيم الحسني ، والشيخ / هاني بن بريك ، وسليمان الزامكي ، وأنيس العولي ، وأديب العيسي ، وعلي الذيب الكازمي وقائمة طويلة جدا من القادة لايتسع المقام لذكرها . ماذا ترك كبير المهرجين عيدروس الزبيدي للمناضلين من الأحياء والأموات في يوم عيدهم ؟ حين احتكر مكان الحفل أرضا وسماء ! ألا يرى هؤلاء إن هذه التمثيليات الهزلية استفزازا لمشاعر الناس ، واستخفافا بعقولهم ؟ هل يعتقد هؤلاء الحمقى والمهرجون أن عدن نسيت أبناءها الذين قتلهم قناصة حليفهم طارق عفاش ، وهم اليوم يرقصون على جثثهم فرحين جذلين . هل يعتقد هؤلاء الحمقى، أن الناس أغبياء إلى هذه الحد ، وأن ذاكرة الجنوبيين مثقوبة إلى هذه الدرجة ؟ هل يظن هؤلاء الغوغاء أنهم يستطيعون لي عنق التاريخ ، والمتأجرة به ؛ كما يتاجرون بالقضايا الوطنية الكبرى ؟ هل يظن هؤلاء إنهم سيتسغلون تضحيات الآخرين ومواقفهم ، كم يستغلون أحلام البسطاء ومعاناتهم ؛ بالصور ، والشعارات الرنانة ؟ ألا يعلم هؤلاء المأزومون أن للتاريخ صنّاعه ، وللمآثر دواوينها ، وللتاريخ أسفاره ؟ وأن التاريخ كالبحر لايحمل في أحشائه الجيف . سعيد النخعي القاهرة 5/ يونيو / 2018م