* وتأتي على قدر الكرام المكارم ، شطر يكمل بيتا للمتنبي ينتصر لأهل العزم والعزائم .. * يستحق (أحمد محمد عامر الحسني) هذه الاستهلالة الشعرية ، فهو الآخر شاعر بقريحة رجل أعمال (جنوبي) ناجح ، أثارت حكايته مع النجاح في (المهجر) أصداء" ، فصنعت من كفاحه العملي ملحمة شغلت الناس وشغلت الدنيا ، تماما كما كان الحال مع (المتنبي) .. * تابعت الترمومتر التصاعدي لمشوار الألف ميل لرجل الأعمال (أحمد الحسني) عبر حكاية كشف تفاصيل وجهها الآخر برنامج (ليلة خميس) ، الذي تقدمه قناة (الغد المشرق) المتألقة قولا وفعلا ، وانبهرت بقصة كفاح ابن (دثينة) ، واندهشت من رباطة جأشه وصلادة عزيمته، وهو يخوض تجربة مستقلة في المهجر ، مراهنا على مبادئه (البدوية) ، التي فاح عطرها عبر جبال (جبلة الوزنة) .. * وأنا أتابع مسيرة (احمد محمد عامر) العامرة بالمفاجآت والمفارقات بكل متنقضاتها وافرازاتها ، قفز إلى ذهني الرئيس العاشر لكوريا الجنوبية (لي ميونغ باك) ، مؤلف كتاب (الطريق الوعر) ، وهو كتاب فريد من نوعه يحكي عن تجربته الذاتية المليئة بالكفاح وشظف العيش ، والفقر الذي لم يمنعه من تحدي واقعه، إلى أن أثمر اجتهاده عن توليه منصب المدير التنفيذي لشركة (هونداي) العملاقة ، بعدها قاده كفاحه العملي الطويل وتجاحاته المدهشة ، وعبقريته العملية الفذة إلى رئاسة بلاده .. * لاشك أن حكاية (أحمد عامر الحسني) بلدياتي تتطابق مع حكاية ذلك الكوري ، فهو الآخر ألحت عليه مطالب الحياة التي لا تؤخذ بالتمني ، مغادرة (دثينة) ، ذلك المجتمع الزراعي البحت ، والانتقال نحو المجتمع الصناعي في (الجزائر)، حيث تؤخذ الدنيا غلابا ، ومن هناك حلق بجناحين من فولاذ نحو (الإمارات) ، وراح ذلك الشاب المهندس يتكيف مع ثورة النفط هناك، ومع ميلاد الثورة الصناعية الجديدة في قلب الخليج ، فسجل براعة منقطعة النظير في هضم فلسفة العمل ، وفي نزعة البقاء للعقل الذي يفهمها وهي طائرة .. * تسلق (أحمد عامر) جبالا من التحديات العاصفة ، قرأ بذهنه المتوقد تجارب الآخرين ، تعلم من (الهنود) متواليات الصبر ، ومن الجاليات الأخرى مصفوفات التحدي بعيدا عن وطنه ، ومن محيط الغربة كيف يتحدى ذاته ويكبح جماح النفس الأمارة بالسوء.. * قاده ميوله وخياله الخصب إلى التحليق في فضاء التحدي ، ودوافع البقاء إلى اختزال الكثير من المسافات ، وبسرعة قياسية تدرج في الكثير من المناصب بفضل الله سبحانه وتعالى أولا ، ثم بفضل كفاءته الميكانيكية ومهارته الاستثنائية في تطويق متطلبات العمل والسوق المحلي ، وبفضل طهارته ونظافة يده وشخصيته المحبوبة أسر القلوب ، وكسب كل التقدير والاحترام في محيط عمله ، وراح يؤسس مداميك عالمه المؤسسي بصبر حمل وعقلية ثعلب يعرف من أين تؤكل كتف التميز والتفرد ؟ .. * كافح رجل الأعمال الجنوبي (أحمد عامر الحسني) كفاحا مريرا في غربته، وقرر أن يتحدى ذاته ، وأن يغامر في سوق لا يعترف إلا بالبقاء للأقوى في الإرادة ، رسم بدايات الطريق الوعر ، الذي سار فيه وحيدا ينقب عن مهاراته في تحويل المستحيل إلى ممكن ، سهر الليالي بحثا عن موطئ قدم في سوق صناعي يشتعل بالحركة والبركة ، مد رجليه أولا على قدر لحافه ، لم يستعجل النجاح ، بدأ مشروعه المستقل خطوة خطوة ، لم ينجر إلى حرب الشائعات ، ولم يلتفت لمن حاولوا تكسير مجاديفه مبكرا ، ظل (ابن دثينة) صامدا في وجه الأعاصير والأرزاء ، لم تهتز في رأسه شعره واحدة، ظل محافظا على ثباته الانفعالي ، مسيطرا على فرائصه ، متحكما في ردود أفعال خلاياه العصبية .. * ظل (أحمد عامر) يتذكر نشأته الفقيرة ، اجتهاده في مدارس (دثينة) و (عدن) ، وتفوقه الكبير في (الجزائر) ، حين طار بلقب (باشمهندس) فاتحا في جدار مستقبله ثغرة للنور ، لم ينس تلك الليالي الصعبة التي صنعت شخصيته العنيدة التي لا تلين ، كان دائما يؤمن أن الطريق الوعر يحتاج إلى ذكاء في التعاطي مع المحيط ، و إلى ضرورة سبر أغوار تلك الصحراء التي تمتد على مستوى النظر ، والأهم من هذا أنه لم ينس فلسفة والده في الحياة ، تلك الفلسفة التي تنبع من الذات ، ومن حجم الأعمال الكبيرة الخالدة التي تؤثر في الناس .. * كانت كلمات الوالد ترن في رأس (أحمد عامر) : ماذا يستفيد الانسان لو ربح العالم ، وخسر نفسه ، هنا رسم (ابن عامر) معالم الطريق نحو تجاوز كل عقبات وعثرات التحدي الوعر ، وبدأت شخصيته الهادئة البعيدة كل البعد عن كل لغات العنف تزداد نضوجا وتمرسا، وتتشكل في مساحة جغرافية ملتهبة المنافسة ، واجهته الكثير من المعضلات لكنها لم تزده سوى بأسا وصمودا أسطوريا وقوة تحمل استثنائية ، قابلته عقبات تهد الجبال ، فلم يستسلم ولم ينكس رأسه إلا لله سبحانه وتعالى ، واجهته الكثير من المشاكل فحلها بوقاره وتوازنه العملي ، لم تحبطه موجة التشكيك في بدايته ، لقد داس عليها فارتقى سلالم المجد ، حيث القمة تناديه ليحافظ عليها ، شق طريقه الوعر دون ضجيج ، تريث وهو ينتقل من مرحلة إلى أخرى ، ولأن العجلة من الشيطان فقد راح (أحمد عامر) يجس نبض خطواته بالكثير من الصبر والثبات ، فكان أن وضع قدميه على أرض ممهدة للنجاح الحصري .. * لقد صارت شركة (أحمد عامر) عملاقة في مجالها ، ذات سمعة مدوية في (الإمارات) ، وهي تنفذ الكثير من المشاريع الاستثمارية ودائما تحصد العلامة الكاملة في مجال النفط والبترول ، وما فتئت تنجز الكثير من المشاريع العملاقة بحرا وبرا ، ولقد نالت الكثير من الجوائز التي تعزز ريادتها .. * وكما أن الفضاء يبدأ بخرم إبرة ، فإن نجاح الأخ (أحمد محمد عامر الحسني) بدأ بفكرة الخروج من عباءة العام إلى فضاء الخاص ، ثم ثابر و كافح طاردا كابوس اليأس من قاموسه العملي ، فاتحا ذراعيه لمستقبل مشرق لا يدخله إلا كل راجح عقل ، يستخدم بصيرته في تفتيت صخور الاحباط ، حمل معول العمل وهوى به على الذات الخادعة والطماعة ، اختلط بزملائه في العمل ، سامرهم وسامروه ، ناجهم وناجوه ، أحبهم في الله فأحبوه ، قاسمهم العيش والملح وقاسموه ، ثم نصبوه أميرا للقلوب.. * استثمر (أحمد محمد عامر الحسني) نعمة التفكير ، عملا بمبدأ الفيلسوف (ديكارت) الذي قال : أنا أفكر ، إذن أنا موجود .. لاكم (المعوقات) و مخاضات الغربة وآلام الهجرة وكسب جولات التحدي بالضربة القاضية ، كان دائما رجل أعمال نبيلا ، وهو يتأبط حكمة للملاكم (محمد علي كلاي) الشهيرة : من يعيش بلا خيال ، يعيش بلا أجنحة.. * و للقارئ الكريم ، ليس بيني وبين هذا الرجل الناجح علاقة ولا سابق معرفة ، رغم أننا ننتمي لبيئة بدوية واحدة ، لكن وددت سرد قصة كفاحه ، وتوضيح الكيمياء التي تربط (الحسني) ببلازما التفوق ، ليس طمعا في تلميع شخصية مهاجرة ، ولكن لنستلهم جميعا من تراث كفاح (الحسني) معنى أن تصنع شيئا من لا شيء ، من فضلكم يا حضرات صفقوا معي لفتى (مودية) المدهش (أحمد محمد عامر الحسني) ..!