تزايدت الضغوط التي تمارسها أطراف إقليمية ودولية عدة على النظام اليمني والرئيس علي عبدالله صالح للخروج من الأزمة القائمة، فبعد التصريحات التي أدلى بها مسؤولون في الخارجية الأمريكية التي تطالب الرئيس صالح، المقيم في المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج منذ أكثر من شهرين، بنقل السلطة إلى نائبه عبدربه منصور هادي وتأكيدها على ضرورة أن يفعل ذلك “فوراً وبدون إبطاء”، رمى مجلس الأمن الدولي بأولى أوراقه في هذه الأزمة بعد صمت طويل وطالب بنقل سلمي للسلطة في البلاد، وذلك بعد ساعات قليلة من تقرير إحاطة قدمه إلى المجلس مبعوث الأممالمتحدة جمال بن عمر، الذي أنهى زيارة لليمن الأسبوع قبل الماضي والتقى بأطراف الأزمة كافة . وفي مؤشر على أن عجلة الأزمة السياسية بدأت بالتحرك تداعت مواقف الأطراف السياسية في الداخل والخارج، بالإضافة إلى سفر وفد من حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم إلى المملكة العربية السعودية بشكل عاجل للقاء الرئيس صالح، فيما أكد جمال بن عمر ضرورة أن تتوصل كافة الأطراف اليمنية إلى اتفاق عن طريق الحوار بما يحول دون تشتت وانهيار الدولة، مشدداً على أهمية أن يكون الاتفاق يمنياً وبطريقة توافقية، بخاصة وأن هناك مؤشرات تعطي انطباعاً بقدرة اليمنيين على تحمل مسؤولياتهم . وأشار المسؤول الأممي إلى أن هناك عدة أفكار لحل الأزمة، من بينها تشكيل حكومة إجماع وطني وإعادة ترتيب الوضع الأمني المتدهور، لكنه قال إن ذلك لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الحوار والتوافق وبمشاركة كافة الأطراف وفق عملية سياسية شفافة، كما حذر من تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد، وركز على الخطورة التي يشكلها تنظيم القاعدة على أمن اليمن والمنطقة والعالم، مشيراً إلى أن بيان مجلس الأمن الدولي الذي صدر الثلاثاء جاء ليعبر عن قلقه من تنامي خطر التنظيم في اليمن . وكان مجلس الأمن الدولي قد دعا في ختام جلسة مشاورات مغلقة للاستماع إلى تقرير إحاطة حول الأوضاع التي يمر بها اليمن، ودعا الأطراف اليمنية إلى “البدء في مرحلة انتقالية تستجيب لتطلعات الشعب اليمني في التغيير”، وطالب جميع الأطراف ب “المضي قدماً وبشكل عاجل ومنظم نحو عملية انتقالية يقودها اليمنيون أنفسهم وتستجيب لاحتياجات وتطلعات التغيير للشعب اليمني”، كما طالب جميع الأطراف برفض العنف القائم في البلاد، في إشارة إلى استمرار المعارك بين قوات الحرس الجمهوري والقبائل في أرحب (شمال) والمسلحين الداعمين للثورة في تعز (جنوب) . من جانبها قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند إن “المسار الديمقراطي في اليمن يجب ألا يكون رهينة لأحد ويحتاج إلى الاستمرار، ولقد شجعنا نائب الرئيس عبدربه منصور هادي على مواصلة محادثاته مع المعارضة”، وهو الموقف نفسه الذي أعلن عنه السفير الأمريكي بصنعاء جيرالد فالرستاين، الذي قال إن واشنطن تثق في قدرة هادي على قيادة المرحلة الانتقالية بعد تسلمه السلطة من الرئيس صالح . وختمت بالقول “لقد شجعنا الرئيس صالح على المضي قدماً والقيام بما يلزم وهو توقيع اتفاق مجلس التعاون الخليجي وإعادة بلده إلى مساره الصحيح” . إلى ذلك نسبت مصادر إعلامية يمنية إلى دبلوماسي رفيع يعمل لدى إحدى سفارات دول الخليج في العاصمة صنعاء قوله إن “دول الخليج والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تلقت تأكيدات من الجانب الأمريكي تفيد أن الرئيس علي عبدالله صالح بعث بخطاب إلى البيت الأبيض، أكد فيه موافقته الصريحة على نقل السلطة إلى نائبه وكذلك قراره في عدم الرغبة بالعودة إلى اليمن وهو ما لقي ترحيباً من جانب البيت الأبيض عبر أحد مستشاري الرئيس الأميركي أوباما” . وأوضحت يومية “أخبار اليوم”، المقربة من اللواء علي محسن الأحمر أن “التصريحات المنسوبة لمصادر أمريكية بأن الرئيس قد اتخذ قراراً بعدم العودة إلى اليمن كان مبنياً على تأكيد الرئيس نفسه لذلك في رسالته التي وجهها للبيت الأبيض”، وأن الدبلوماسي الخليجي أكد أن “مسألة نقل السلطة الفوري أمر يحظى بدعم جميع دول الخليج بما في ذلك المملكة العربية السعودية وأن أي تعديل على المبادرة الخليجية قد قوبل بالرفض التام من قبل دول الخليج” . في سياق التحرك الداخلي سافر بشكل مفاجئ إلى العاصمة السعودية الرياض وفد يمثل حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم لإجراء مشاورات مع الرئيس صالح لرسم ملامح الفترة المقبلة وإزالة العقبات التي تقف أمام اتفاق التسوية، بخاصة وأن عدداً من قيادات الحزب الحاكم يرفض فكرة تخلي الرئيس صالح عن السلطة قبل انتهاء ولايته الرئاسية العام ،2013 كما أن هناك ترتيبات لتنظيم تظاهرات ضخمة في العاصمة صنعاء من قبل مؤيدي وأنصار الرئيس صالح والأحزاب المؤيدة له، كما ستدخل إلى العاصمة عشرات الآلاف من رجال القبائل في مسعى للضغط على الرئيس صالح بعدم قبول ترك السلطة .