صدمت قبل أيام بقراءة مقال لزميل صحفي قدم فيه وجهة نظر المجلس الانتقالي الجنوبي من أحداث (يناير 2018) بعدن. يقول المقال إن المجلس الانتقالي الجنوبي نجح في أحداث يناير في ضرب القوات التابعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح ومعسكراتها في عدن، وهو ما يمثل تزيفا للحقيقة وتبرير غير مقبول لجريمة أودت بحياة نحو 50 من أنبل شباب عدن المنخرطين في القوات المسلحة. الحقيقة التي لا يمكن اغفالها أو تزييفها أن معسكرات ألوية الحراسة الرئاسية بخورمكسر ودارسعد وكريتر التي تمت مهاجمتها في يناير الماضي هي معسكرات جنوبية، وقواتها جنوبية من خيرة شباب الجنوب من عدن ولحج وأبين ولا تجمعهم صلة من قريب أو بعيد بحزب الإصلاح، بل جاءوا من رحم المقاومة الجنوبية الباسلة التي حررت العاصمة عدن ومحافظات الجنوب واندمجت لاحقا في قوات الجيش الوطني والأمني. ما حمله مقال الصحفي، الذي يعد واحدا من أركان الجهاز الإعلامي للمجلس الانتقالي الجنوبي، تعدى التبرير لمأساة ضرب قوات جنوبية باسلة بأيدي جنوبية وسلاح جنوبي، إلى محاولة اصطناع نجاحات وهمية لأحداث يناير 2018 الدامية بقوله إنها مكنت المجلس الانتقالي من بسط نفوده العسكري على العاصمة عدن وانهاء نفوذ قوات حزب (الإصلاح) فيما الواقع على الأرض حينها كشف جليا عدم امتلاك (الانتقالي) مقاليد القرار، حيث كانت قوات المخلوع عفاش (الحرس الجمهوري) تعبر بأريحية من محافظة الضالع صوب عدن، بل وحين تم إيقاف تلك القوات واحتجازها من قبل صناديد محافظة الضالع الباسلة ومنعهم من التوجه إلى عدن تم الافراج عنهم في التالي بأمر صادر من عدن التي يقول المجلس الانتقالي وإعلامه بأنه كان وقتها يسيطر عليها عسكريا وأمنيا بالكامل، وتحولت عدن إلى مقر لألوية بأكملها من الحرس الجمهوري بقيادة نجل شقيق المخلوع (العميد طارق صالح) الذي كان مكلفا هو وقواته بشن الحرب الأخيرة على عدن والجنوب وارتكب قناصته أبشع الجرائم بحق الجنوبيين ومن قبلها محاصرتهم بمعية الحوثيين الرئيس عبد ربه منصور هادي في صنعاء ومحاولتهم اغتياله، وكثير من الجرائم الأخرى. إن كانت أحداث يناير 2018 الدموية قد مكنت المجلس الانتقالي الجنوبي فعلا من بسط نفوذه عسكريا وأمنيا على عدن - بحسب الصحفي الانتقالي - فماذا نسمي كجنوبيين تجرعنا العلقم وذرفنا بدل الدموع دما على قوافل الشهداء الذين سقطوا بنيران العدوان (العفاشي) صمت المجلس الانتقالي وقياداته وإعلامه على دخول قوات عفاش عدن؟! وبماذا نصف مباركتهم للأمر لاحقا؟! وكيف نفسر عدم اتخاذ المجلس لأي خطوة تساند (المقاومة الجنوبية) الباسلة التي رفضت وحدها وبقوة بقاء قوات (عفاش) بعدن ودفعتها للمغادرة تحت جنح الظلام إلى المخا؟!!. الحقيقة الكاملة لأحداث يناير 2018 يدركها الجميع ولا يمكن تزييفها.. للبلاد قيادة شرعية واحدة ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي وألوية الحماية الرئاسية جنوبية المنشأ والهوية ولا يمكن المزايدة على المقاومة الجنوبية التي تشكل قوامها وتحفظ ثوابت وقيم الجنوب، أما تكريس ثقافة العنف والصدام في الشارع الجنوبي والزج بالجنوبيين لقتال بعضهم فليس سوى طعنة للثورة الجنوبية التي قامت على (التسامح والتصالح).