يمضي "حسن" وقته منذوا خمسة عشر عاماً حاملا فاسه الصغير على عاتقه ذاهبا صوب مزرعة جاره التي تقع وسط القرية لكي يعمل فيها. كان { حسن } ليس له في هذه الحياة سوء ثلاثة اشياء بيته الصغير الذي يكاد يسقط سقفه فوق رؤوس اولاده. ومسجده الذي لايكاد يتاخر يوما عن الصلاة فيه . وفاسه الصغير الذي يطعم بفضله بعد الله عز وجل أولاده لم ينسى { حسن } ابدا ان الحظ لم يسعفه في الحصول على وظيفة تمكنه من تخفيف اعباء الحياة ومتطلباتها . يؤكد { حسن } ان ليس له في هذا الوطن حصة ابدا، فهو ما زال يسكن مع عائلته في بيت غير مؤهل للسكن ، وكذلك لا يجد حسن سببا واحدا كي لا تدعم الدولة سعر الدواء للإمراض المزمنة حيث عليه ان يشتري ذلك الدواء بانتظام لوالده المسن المبتلى بتلك الإمراض كارتفاع ضغط الدم والسكري. { حسن } يرى في كل يوم ذلك الحي الفقير الذي يسكن فيه وهو يتآكل وتتكدس النفايات في الازقة ولا يجد الاطفال ملعبا نظيفا يمضون فيه وقت لهوهم فضلا عن شكوى تتعلق بالعمر الذي يمضي سريعا وهو يرى اولاده بلا زواج ولا استقرار ولا مسكن آمن. حالة { حسن } ماهي الا حالة إعداد غفيرة بل جيل كامل لفظه موج الواقع اليمني الى دروب الحياة ولكن من دون امل ولا ملامح واضحة للمستقبل، ولهذا فإن مشاعر الاحباط المريرة تجدها حاضرة، في وقت تسمع صراخ المتصارخين بهتاف واحد: آن وقت الحساب، فالشعب يريد ان يقتص ممن سرقوا قوته وقوت عياله. يسمع { حسن } دوما عن المصانون الرفيعون غير المسؤولين الذين لا يأتيهم الباطل ولا سؤال السائلين من بين ايديهم ولا من خلفهم هم جميعا يشكلون الطبقة السياسية الحاكمة في اليوم فهم مثل اباطرة وملوك القرون الوسطى لا يمسهم احد، النجاح يحسب لهم واما الفشل والخراب فيُرمى على خصومهم وأعدائهم حتى ولو كانوا هم انفسهم من اقترف تلك الفضائع لكن حسن لا يعرفهم . يسمع { حسن } دوما عن المصانون الرفيعون الذين كانوا يرون نهب المال العام والجرائم والخراب وكل اشكال الانحطاط ويكذبون على الشعب ويمنّونه بالوعود العرقبية هم جميعهم الذين لا يمكن لأحد مساءلتهم ولا حتى نقاشهم ولهذا فأن اصوات المتظاهرين والمطالبات الشعبية ليست الا هواء في شبك ومقولة { انا وما بعدي الطوفان } تنطبق عليهم اذ ان لسان حالهم يقول : [ اذا ما تم استهدافي فسأفضح الجميع ] . لكن حسن كذلك لا يعرفهم يتساءل "{ حسن }" التائه ما بين النار والدخان، يا ترى من هو السارق اذا كانوا كلهم مناضلون ووطنيون وشرفاء فمن سرق الوطن اذن؟ من سرق اعمارنا ومستقبلنا ومستقبل الاجيال؟ من الذي اوصل البلاد الى الإفلاس او الى حافة الإفلاس وهي اغنى البلاد في مواردها الطبيعية والبشرية؟ من جعل الشباب يلقون انفسهم في المهالك ويركبون قوارب الموت للهرب الى بلاد اخرى او يتعاطون حبوب الهلوسة او ينحدرون الى التطرف؟ من فعل كل ذلك بنا من؟ يتساءل{ حسن } وكأنه لسان حال وصوت آلاف مؤلفة بل حتى ملايين من الناس الذين لا يجدون جواباً لهذه الأسئلة المحيرة.