(بين حل القضية الجنوبية وحل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين) ميفع عبد الرحمن في العلامات السابقة – 5 (صحيفة التجمع: العدد 772- الأسبوع قبل الماضي: الاثنين2/7/2012)، وتحت العنوان الفرعي: (إلى الزملاء رؤساء فروع الاتحاد)، توجهت بالخطاب إلى هؤلاء الزملاء في سياق التحضير القائم لانعقاد المؤتمر العام الاستثنائي للاتحاد. وفي السياق نفسه، أتوجه بالخطاب هنا إلى زملائي وزميلاتي الأدباء والكتاب كافة في الشمال، أسألهم أولاً وبمرارة شديدة: إلى متى ستظل القضية الجنوبية غريبة على أغلبكم وسيظل الآخرون حائرين حيالها؟ ولماذا لا يكون الحراك الجنوبي السلمي حراككم أنتم كذلك؟ ما الذي يحول بينه وبينكم؟ ألا توافقون على أنه مصدر إلهام ثوري عربي؟ ثم ألستم جزءً أصيلاً لا يتجزأ من ضمير الشعب اليمني الحي وصوته الذكي، الواضح، الجميل والشجاع؟
أم إن الجنوبيين ليسوا يمنيين في حسبان بعضكم؟ مثل بعضكم هذا مثل من يتنكرون اليوم في الجنوب ليمنيته وبالتالي ليمنيتهم هم(!) أو من يحسبون الشعب اليمني شعبين(!): (الشعب الجنوبي) والشعب ....... أعتقد أنه المريخي. طالما أن لديكم من يملك (بقعة) هناك، في ذلك الكوكب الآخر. أليس كذلك! وأناشدكم أيضًا مع ذلك أن تكونوا، إذا استطعتم، شوكة الميزان بالحق بين طغاة المرحلة الانتقالية الثانية وكل المراحل من شاكلة الكراكيس المُعَمَّمين والشيوخ المتصابين والغلمان الملتحين، وبين الحراك السلمي في الجنوب من أجل قضيته العادلة ذات الخصوصية السياسية، الوطنية والقانونية الدولية بامتياز .. فالجنوب كان دولة وكفى. فإذا كان مدخل حل القضية الجنوبية من حيث المبدأ مقدور عليه – لأنه طبعًا ليس من الكهرباء النووية في شيء – إذ يقتضي بداية ً الاعتراف الرسمي من الدولة بالقضية والاعتذار الرسمي للجنوبيين منها أولاً، ثم من حزب التجمع اليمني للإصلاح عن فتواه الجائرة في العام1994 وبيان علمائه التحريضي هذا العام 2012 ضد الجنوب والجنوبيين، ليكون بعدها "لكل حادث حديث" بالاتساق مع موقف الحزب الاشتراكي اليمني الذي عبَّر عنه ببيان بنوده الاثني عشر وغيره من مواقف أطراف الحراك كذلك بهذا الصدد، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، خارطة الطريق ذات البنود الأربعة التي قدمها د.محمد حيدرة مسدوس إلى الاحتشاد الجماهيري للحراك، في ساحة الحرية (العروض) في خور مكسر – عدن، يوم 7/7 الفائت بمرور 18 عامًا على الاجتياح الشمالي للجنوب واحتلاله؛ فمن المنطقي تمامًا في التفكير السياسي السوي وفي الشعور الوطني أن يكون هذا (الحل) إيجابيًا جدًا جدًا جدًا – حتى ينقطع النَفَس – لأنه يرفد نهر المصلحة الوطنية العليا حقًا والتي ليس منها (الحل) الآخر بالتأكيد، أعني حل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين. كون هذا الحل سلبيًا جدًا جدًا جدًا – حتى ينقطع النَفَس – وهو مقدور عليه كذلك. لماذا مقدور عليه وكيف؟
قبل الإجابة على هذا السؤال المزدوج المُدوّي، لا بد من التنويه هنا على الأقل بأهم الدلالات الرمزية العميقة والعظيمة للاتحاد، وهي دلالاته التأسيسية، التاريخية، الثقافية، الوحدوية (النافية قطعًا لوحدة السلطة الحاكمة الشمالية وعساكرها وقبائلها الملطخة بالدم)، الوطنية، الديمقراطية، المستقبلية والإنسانية الرفيعة التي تتطلب كل دلالة منها بذاتها بحثًا خاصًا. أما لماذا وكيف حل الاتحاد، فمدخله الآتي بمنتهى البساطة: 1) لأن كيل التصامم والتباكم والتعامي الصنعاني الرسمي عن القضية الجنوبية قد طفح، والوقت الآن ليس في مصلحة صنعاء الرسمية. 2) لأن ثقة غالبية الأدباء والكتاب في الجنوب أضحت معدومة نهائيًا، ليس بصنعاء الرسمية وحسب، بل حتى بصنعاء الثقافية والأدبية للأسف الشديد عليها وحدها لأنها هي نفسها سبب فقدان ثقة الجنوبيين كلهم بها. 3) لأننا نقرأ حرفيًا في أول وثيقة نظامية للاتحاد، وهي (القانون الأساسي) المُقَر من المؤتمر العام الأول (عدن:1974)، وتحت عنوان (أحكام عامة: حل الاتحاد)، في (المادة 26): "أ- لا يُحَل الاتحاد إلا بموافقة ثلثي المؤتمر العام. ب- في حالة حل الاتحاد يجب تسديد جميع الديون والالتزامات والمصروفات الفرعية. ج- ما تبقى من أموال الاتحاد يجب أن يتخذ المؤتمر العام قرارًا فوريًا بإحالتها إلى إحدى الاتحادات أو النقابات الشعبية المشابهة".
وفي نسخة التعديل الأول على تلك الوثيقة التي صارت تاريخية وغدا اسمها (النظام الأساس) بعد التعديل المُقَر من المؤتمر العام الرابع (صنعاء:1987)، نقرأ في (الباب السابع: أحكام ختامية / المادة الثامنة والثلاثون) الصيغة نفسها أعلاه – بفقراتها الثلاث – حرفيًا عن حل الاتحاد. ثم في نسخة التعديل الثاني على (النظام الأساس) ذاته، وهو التعديل المُقَر من المؤتمر العام الثامن (صنعاء:2001)، نجد في (الباب السابع: أحكام ختامية / المادة الرابعة والأربعون) زيادة في نسبة الموافقة على حل الاتحاد من ثلثي المؤتمر العام إلى ثلاثة أرباعه في الفقرة الأولى، وبقيت الفقرتان الأخريان كما وردتا في القانون الأساسي – 1974. 4) إذا كان عدد أعضاء المؤتمر العام العاشر (عدن:2010) مائة وأربعة وعشرين عضوًا، وهم أنفسهم سيكونون أعضاء المؤتمر العام الاستثنائي؛ فإن ثلاثة أرباعهم هو ثلاثة وتسعون عضوًا. 5) وإذا كان عدد الأعضاء من الجنوب اثنين وخمسين عضوًا. 6) ولأن أَعراب صهيون الحكام الذين عَدُوهم التاريخ ويشمئز الشرف منهم وتُنْكِرهم الكرامة جاهزون لتخصيص أموال كذا برميل نفط وضخها إلى طابورهم الخامس الذي لم تعد رؤوسه خفية في الجنوب لاغتيال وحدة واتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كذلك، بعد وأد وحدة 22مايو1990 الاندماجية بين الجنوب والشمال، باجتياح الجنوب من الشمال بالعساكر والقبائل في 7/7/1994. 7) ولأن الأدباء والكتاب اليمنيين إجمالاً وفي الشمال تحديدًا قد بُرْمِجوا – بطريقة منهجية وموجهة خلال النصف الثاني من العقد الفائت – على العَوَز والضَّنْك وذل الحاجة (في مد يد الشحاذة النخبوية حتى في تسويق إبداعاتهم) وباتوا من أفقر فقراء اليمن إلا ما رحم ربي. 8) ولأن ثمة سابقة مخزية للفريق (الإعلامي) الرئاسي الساقط المكون من الثالوث عبده بورجي/علي حسن الشاطر/عارف الزوكا في شراء أصوات الأدباء والكتاب اليمنيين – بأثمان بخسة (وبالريال اليمني) من خزينة الدولة – في انتخابات المؤتمر العام العاشر قبل عامين فقط؛
فإن ضمان واحد وأربعين عضوًا من زملائنا الشماليين أعضاء المؤتمر العام الاستثنائي لن يواجه أدنى مشقة من أجل تأمين النسبة النظامية (= ثلاثة وتسعين عضوًا) – بالعملتين البترو/دولارية – لحل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، خصوصًا في الظروف السياسية، الاقتصادية والمعيشية الراهنة الأشق على الشعب اليمني كله .. فما البال بأدبائه وكتابه ومثقفيه! و... يا جارة يا شقيقة يا كبيرة "ما دَخَلِك شر". الوصية ما زالت شغالة على ال(يماني) ال .... (ك.ل.ب)!!! وأنتم يا أدباء يا كتاب يا يمنيون يا مبدعون يا نوابغ يا أفذاذ "أجلسوا على الخازوق".
إذاً!
ما رأي صنعاء الرسمية في أعلا مستوياتها، لكن ليس بوجهها الأميركي الدخيل البشع والصفيق، ولا السعودي السمج المتطفل طويل الأنف واللسان قصير النظر والبال. بل بوجهها الوطني غير المحجوبة سيادته والسياسي غير المسلوبة إرادته، إن كان لهذا الوجه المشرق ولو بعض وجود بعد في هذه الأيام الكالحة؟
ثم ما موقفكم أنتم يا زملاءنا الأدباء والكتاب في الشمال، لاسيما أغلبيتكم التي طال مكثها داخل قمقم (التُّقية) .. فإذا خرجت منه، أخذت تضرب أثلاثًا في أرباع وأرباعًا في أخماس وكفًا بكف أو تقضم أظافرها حائرة مذهولة أمام القضية الجنوبية والحراك الجنوبي السلمي؟!
مع أن الوقت قد حان – ولو متأخرًا جدًا بالنسبة لهذه الأغلبية – كي تحدد موقفًا علنيًا، صريحًا، صادقًا ونهائيًا مع القضية والحراك فحسب، ولا خيار آخر إلا خيار أعداء الجنوب، لأن "من ركب على بَعيرَيْن شُّق دُبرُه". ما لم، فعلى هذه الأغلبية الاستقوائية أن تكف عن تماهيها البرجماتي مع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وتغادر متراس الدفاع الانتهازي عنه.
فهذا الاتحاد مهما تماهت معه أية أغلبية من داخله أو خارجه واستماتت عليه، لن يعود موجودًا – وربما ما تبقى من الوطن كذلك – إذا استمرأت أغلبية الأدباء والكتاب في الشمال الصمت أو الموقف الموارَب تجاه القضية والحراك معًا أو أحدهما. لأن الصمت والموارَبَة الآن معناهما الانتصار لأعداء الحراك الجنوبي البطولي السلمي المُلهِم بالذات، أي الانتصار لأعداء الجنوب وصعدة وتهامة والحجرية والمنطقة الوسطى وقضاياها كافة، أو بكلمة واحدة: الانتصار لأعداء الوطن ومستقبله – شماله و الجنوب. ليكون، والحال كذلك، على جميع عقلاء اليمن وشرفائها التمعن مليًا في حجم الكارثة ومأساويتها حين يمسي عدد لا يستهان به من أدباء وكتاب البلاد إلى جانب أعدائها! سيان بإرادتهم أو من دونها، عن قصد أو من دون قصد. و... "إن غدًا لناظره قريب".