ما حدث لوزارة الداخلية لم يكن بذلك الأمر الذي يستدعي الدهشة والتهويل الكبير، كما انه ليس بغريب اصلا علينا ، باعتباره تواصلا لسلسلة من الإحداث التي تعمل على إعاقة عملية التغيير الجارية في البلاد رغم بطئه الشديد مقارنة بتدهور الوضع في البلاد إلا ان مازال هناك بعض القوى تحاول إعاقتها -كون التغيير لا يصب في مصلحتها فهيا ضده -لتثبت للاخر فشل الحكومة وعجزها في ادارة البلاد ،وإيصال رسالة لهم ان حتى الدعوة للتغيير تعنى الدمار والفوضى ،الامر الذي يولد تخوف لدى المجتمع من كلمة التغيير او المطالبة به . كما ان هناك تسأل يدور في أذهان الكثير ،لماذا الداخلية بالذات ،فالعلاوات لم تصرف في كثير من المؤسسات المدنية والعسكرية حتى الان ،فالداخلية هي المسئولة في حماية الشعب ،وبالتالي فانه من المعيب والمخيف أيضا ان يتم اقتحام هذه الوزارة بالذات ،بل من المضحك ايضا ،فما هو معتاد ان يسمعه العالم كله ان وزارة الداخلية تقتحم ،وزارة الداخلية تداهم ،تعتقل الي أخره .
لكن ،عكس المعادلة بالتاكيد سيكون له تأثير كبير ،لا شك انها ستخلق إرباك كبير في أوساط القوى السياسية ،بالإضافة الي الهاء المجتمع عن مطالبه وإشغاله بأمور صغيرة وقد لا تخصه في كثير من الأحيان ،يتبعها خلط لاوراق سياسية وحسابات شخصية لها علاقة بالصراع السلطوي بين القوى الموقعة على المبادرة الخليجية .
ان لم تكن رسالة واضحة للقوى الحداثية - وهي القوى الداعية للتغيير بدون استثناء -من قبل بقايا النظام ،من خلال مخاطبتهم بلغته التي يجيدها ،أين انتم رائحين ؟ إذا كنتم لا ترون ان هذه القوة لا تزال تشكل خطر على البلاد،فانتم واهمون ،نحن نشكل خطر ،وخطر كبير بمعنى لابد من التفاهم والمقايضة . كما ان الحادثة كانت واضحة لمهزلتها ،اقتحام الوزارة ونهبها امام مراء مسمع العالم كان دليل ايضا على اصال الرسالة،وخصوصا ان الإعلام لن يضل ساكتا ،فهو يبحث عن شي ينقلها لجمهوره اقصد ،وهذا ماحدث تدول الاعلام الحادثة على نطاق واسع ،ليس سيئا ولكن دعونا ننظر للنتائج الجميع يتحدث الان سوى على مواقع التواصل الاجتماعية او غيرها على ان هذه الحكومة فاشلة ،وفشلت في حماية نفسها فكيف ستحمي الشعب ويجب ان تقدم استقالتها،والبعض يقول ان وزير الداخلية ليس رجل صارم ورزين ،وانه خواف وضعيف ايضا ويجب تغييره ،اقصد ان التركيز كان بشكل كبير على هذا الجانب فقط ،متناسين غياب الدولة ،رغم إدراكنا ان الدولة مازالت تحت سيطرت العائلة ،صحيح ان الحكومة فشلة فشلا ذريعا في توفير الأمن ولاستقرار للبلاد ،لكن ما سبب ذلك .
فالجميع يعلم ان الدولة في بلادنا هي الجيش ،وقوى مجتمعية واقول قوى مجتمعية كونها اتبتت انها أقوى من الجيش صراحة بعد الثورة ،فكيف تريد من الحكومة لا تمتلك الاثنين ان تحمي الشعب ناهيك عن نفسها ،فالجيش مازال مع الفلول ،والقوى المجتمعية ليست مع الحكومة فضلت رقابه وليس جهة ضغط على اداء الحكومة بمعنى غيرت مهامها تماما من قوة ضاغطة الي قوة رقابية لانها لم تكن موافقه على المبادرة الخليجية والتي تسير عليها الحكومة ،بل ان هذه القوى اقتصار مهامها على توجيه الانتقاد لحكومة الوفاق فحسب. مع ان الموضوع ليس له علاقة بالوزير وحده ،الموضوع له علاقة بالوزير والحكومة والرئيس والثورة بدرجة كبيرة والشعب بدرجة اولى .. بعتبارها اهانة للجميع ،ونحن نعلم ان هذه المؤسسات هي مؤسسات ملك للشعب وهو من سيحميها في حال عجزت الحكومة ..لكن الوعي لدى الكثير لم يصل بعد الي مستوى الاحداث الجارية وهذا امر لا يبشر بخير كون المرحلة القادمة بلاشك ستشهد اكثر من ذلك وتحتاج من الجميع الاصطفاف مع القوى الداعية للتغيير ،بدل من مهجمتها من موقع الخصم .
باختصار شديد لو تسألنا فقط بهذا التساؤل. من المستفيد من هذه الأحداث ،هل من مصلحة المشترك ان يثبت للناس فشله في الحكومة؟او فشل وزرائه مثلا؟ مش معقول ،انا اعتقد ان اللقاء المشترك هو المسئول الأول والأخير اما شباب الثورة في تحقيق أهداف الثورة ،لانه هو من اختار -و التزم للجميع-هذه الطريقة والتى رائها انها ستحقق أهداف الثورة باقل تكلفة،وبالتالي فان المشترك امام اختبار حقيقي .اما ان ينجح فيستعيد الشعب ثقته بالأحزاب ،او يفشل وفيرحل لا خيار ثلاث أمامه ؟ بمعنى ان المشترك الان يصارع من اجل بقائه ،والا فان الشعب قد حضر كفنه ونعشه ،لذا من المستحيل ان يسعى هو او اي قوى داخل المشترك إلي خلق مثل هذه الأحداث على عكس من يرى نفسه على سير الموت فيتمنى الموت لغيره .