نعرف تماما ان الحكومة الشرعية فاسدة للنخاع ، وان معظم ان لم يكن كل قياداتها يستغلون مناصبهم ومراكزهم من اجل مصالحهم الخاصة على حساب الشعب ، وانهم حولوا هذه الحكومة الى تجمع اسري كبير يورثون به ابناءهم واخوانهم وعشيرتهم ويمنحونهم المناصب والوظائف المرموقة في الوزارات وسفارات البلاد في الخارج وفي كل مرافق الدولة وهم قد لا يصلحون لشغر وظيفة "سائق تاكسي" . ونعرف تماما ان ميلشيا الحوثي شمالا تنهب الموارد وتستغلها لاهدافها الطائفية وتاخذ الخمس دون وجه حق من قوت الناس ، وانهم يحتكرون كل شيء لسلالتهم الذين يعتقدون انها فوق مستوى البشر ولها حق تاريخي بحكمهم وهذا هراء كبير ولا نود الخوض في الامر فهذا ليس موضوعنا ولكن المهم اننا نعرف تماما فساد هذه الميلشيا كما نعرف فساد الحكومة الشرعية بشقيها في عدن ومأرب .
لكن هل نستطيع مواجهة الحقيقة في الجنوب ، فقيادات الجنوب الصاعدة تستغل مراكزها البسيطة لفساد قد يتجاوز فساد الفئتين السابقتين احيانا ، في الجنوب تركة ثقيلة تركها نظام صنعاء الهالك وهذه التركة هي الفساد ، ولقد اثرت هذه التركة على سلوك الجنوبيين قيادة وشعبا ، ويمكن القول بان الاحتلال رحل لكن لم ترحل الاخلاق المشينة وسلوكيات النهب والفساد التي بقيت في الجنوب.
وبعد رحيل الاحتلال وتحرير الجنوب لم يعد هنالك عذرا يمكن ان نبرر به حالة الفساد العميق التي نعيشها ، عندما يتناحر رفاق الامس في الجنوب اليوم مقابل اموال الخليج وعندما يستغل قادة الالوية والمحاور رواتب المجندين لاجل بناء الفلل والعقارات وشراء الاراضي والسيارات ، عندما يهاجر كثير من قادة الحراك الجنوبي الى بلدان الخليج واوربا ومصر ويتحدثون عن القضية من خلف الشاشات كما يفعل قادة الاصلاح والشرعية الذين كنا نعيب عليهم الامر.
عندما يتعفن الجرحى في البيوت وتتجرع اسر الشهداء الجوع والفقر ويتسابق عملاء الامس لتمثيل قضية الجنوب ويصنف مناضلون الثورة بالمخربين والعملاء ، عندما يحدث هذا كله فهذا يعني ان ثورة الجنوب لم تنتصر بعد وانتصر الجنوب عسكريا لكنه فشل اخلاقيا واجتماعيا واداريا وسيفشل سياسيا اذا لم تكن هنالك صحوة جنوبية ضد انفسنا اولا لتطهير الجنوب من الفساد والسلوكيات التي ورثها الاحتلال ثم مواجهة التحديات الخارجية.
القادة الشرفاء موجودون ويعملون بجهد لاجل الجنوب ، لكن الهدم اسرع من البناء ، وبوسع شخص واحد ان يهدم ما يبنيه عشرة اخرون بسهولة ، عدونا اليوم في الجنوب ليس مسلحا بدبابة او بندقية ولكنه مسلح بالفساد والتعصب القبلي والمناطقي ، اذا اردنا الانتصار لتضحيات الالاف من شهداء الجنوب الاماجد فعلينا ان نبدا الحرب ضد الفساد والارتزاق في مجتمعنا ، نقف ضد الفاسد ولو كان من عشيرتنا ومنطقتنا ونحترم النزيه والمقتدر من اي منطقة في الجنوب .