لقد عصف الغلاء بحياة الناس فوق ما قد عصفته ويلات الحرب العبثية الطويلة الذي لا يلوح في الافق بوادر نهاية قريبة لزوالها، وذلك بسبب تراخي الطرف الاقوى واحجامه عن حسمها وهو الذي يملك الجو والبحر الى جانب البر ولكن وكما يبدو انها حرب من اجل استمرار الحرب وليس من اجل النصر الحاسم الذي يختم هذه الحرب ويوقف دوران رحاها المدمر للارض والانسان، ولكن من الواضح ان هذه الحرب مزمنة والمراد منها والمخطط لها هو الاستمرارية لوقت طويل حتى يستمر سوط عذابها مسلط على رقاب الشعب والمتمثل في سيل من القتلى والجرحى ودمار ونزوح وضعف الخدمات الضرورية وعدم انتظام في صرف المرتبات وانفلات أمني وعدم استقرار في كثير من جوانب الحياة وعدم تطبيع وعودة لكثير من مرافق العمل وفوق هذا وفي الاونة الاخيرة واجه الشعب محنة جديدة بدأ وخزها يظهر منذ فترة طويلة وبشكل تدريجي الى ان تسارعت حدته وبشكل جنوني في الفترة الماضية البسيطة والذي لم يعد يشعر المواطن خلالها بوخزات بعد ان تحول الوخز الى طعنا يدمي جسده بساطور الغلاء الفاحش الذي لا يطاق ولا يستطيع الكثير من الناس تحمله والصمود امام نصله القوي، فخرج الجمهور الغاضب الى الشوارع والطرقات ليعبروا وبشكل سلمي عن سخطهم ورفضهم لسياسة التجويع وفساد الحكومة التي غضت طرفها امام الانتكاسة القوية والمتسارعة في قيمة الريال اليمني. فالغلاء سببه الرئيس هو انهيار قيمة العملة المحلية مقابل العملة الصعبة ولكن يصعب اعطاء اجابة شافية وواضحة لاسباب هذا الانحطاط الكبير في قيمتها، وان كان بمقدور الخبراء الاقتصاديين في بلادنا تحديد الاسباب التي آلت بريالنا اليمني الى الانحدار الساحق نحو الهاوية، فهم لن يستطيعوا اعطاء ريالنا وصفة سحرية حتى يسترد عافيته ويستعيد بعض قوته ويصعد رويدا رويدا ليجنب البلاد المنكوبة نكبة اخرى، وذلك لسبب هام وهو وقوع البلاد في شرك الحرب الذي افرزت انقسامات وازدواجية فهناك سلطة او اكثر في عدن وسلطة في مارب وسلطة في صنعاء وتوجد بينهم اختلافات وتناقضات وصراع وان اختلف الوضع بين ماربوعدن، ومع ذلك فهي ظروف معقدة تقف حائل امام وضع حلول كفيلة بتعزيز قيمة العملة المنهارة ليس هذا وحسب بل اوجدت ايضا ارضية خصبة لاتساع رقعة الفساد ونهب المال العام كما عرقلت وضع وتنفيذ سياسة مالية تصب في خدمة الصالح العام، ولكن اين هو الصالح العام؟ فهو لم يعد عام بعد ان قسمته الحرب جغرافيا وسياسيا وعطلت انسجامه وتوافقه اقتصاديا وماليا!. في تقديري الشخصي انقاذ قيمة الريال اليمني يحتاج الى تدخل ودعم قوي من قبل دول التحالف العربي وبالذات الدول الغنية ويترافق معه اصدار رئيس الجمهورية عدد من القرارات التي توقف العبث بالمال العام وتفعل دور الرقابة المالية وتحد من صرفيات المسؤولين والقيادات العليا في الدولة داخل البلاد وخارجها وتمنع خروج العملة الصعبة وتهريبها الى خارج الوطن. والله من وراء القصد.