الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    من الغارات إلى التجسس.. اليمن يواجه الحرب الاستخباراتية الشاملة    ضبط الخلايا التجسسية.. صفعة قوية للعدو    التدريب في عدد من الدول.. من اعترافات الجواسيس: تلقينا تدريبات على أيدي ضباط أمريكيين وإسرائيليين في الرياض    الدولة المخطوفة: 17 يومًا من الغياب القسري لعارف قطران ونجله وصمتي الحاضر ينتظر رشدهم    سقوط ريال مدريد امام فاليكانو في الليغا    الأهلي يتوج بلقب بطل كأس السوبر المصري على حساب الزمالك    الدوري الانكليزي: مان سيتي يسترجع امجاد الماضي بثلاثية مدوية امام ليفربول    نجاة برلماني من محاولة اغتيال في تعز    الرئيس الزُبيدي يُعزي قائد العمليات المشتركة الإماراتي بوفاة والدته    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    شعبة الثقافة الجهادية في المنطقة العسكرية الرابعة تُحيي ذكرى الشهيد    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    محافظ العاصمة عدن يكرم الشاعرة والفنانة التشكيلية نادية المفلحي    قبائل وصاب السافل في ذمار تعلن النفير والجهوزية لمواجهة مخططات الأعداء    هيئة الآثار تستأنف إصدار مجلة "المتحف اليمني" بعد انقطاع 16 عاما    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    عين الوطن الساهرة (1)    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في اليمن.. يأكلون أوراق الشجر في زمن المجاعة
نشر في عدن الغد يوم 22 - 09 - 2018

في قرية الدمينة جنوبي محافظة الحديدة (غربي اليمن)، توقظ أسماء طفلها قبل أن تشرق الشمس، وبخطى متسارعة ينطلق أنور إلى الأحراش البعيدة عن القرية، وبعد وقت وجيز يعود حاملا أوراق نبتة "الغلف" (الحلص).
تبدأ أسماء ترتيب تلك الأوراق بشكل منظم في قدر صغير، ثم تصب عليه الماء الذي جلبته من البركة الراكدة، وبعد ساعة من غليانه على النار يكون ذلك هو الوجبة الرئيسية لأطفالها الستة وزوجها.
تقرفص أسماء خارج منزلها المكون من بنائين صغيرين يمثلان غرفتين للأسرة، ضمن 26 أسرة تسكن القرية، وتقول "لا نملك شيئا، هذا ما نتناوله يوميا، أطبخ الحلص في الصباح وأظل أتناوله مع أطفالي في الإفطار والغداء والعشاء".
وتضيف "أحيانا لا نعثر عليها"، بعد أن أصبحت تلك الأوراق ذات الطعم الحامض غذاء رئيسيا لسكان القرية، وللنازحين من المدن والمناطق الجنوبية للحديدة، التي تشهد معارك متواصلة بين القوات الحكومية المسنودة من التحالف السعودي الإماراتي وبين مسلحي جماعة الحوثي.
أوراق الحلص وجبة غذائية للمئات من اليمنيين الجوعى (الجزيرة)
سباق محموم
وكل يوم يتسابق سكان القرية لجني أكبر قدر من أوراق "الحلص"، إذ تقول أسماء للجزيرة نت إن من الضروري قطف تلك الأوراق قبل بزوغ الشمس، لأن مذاقها قد يصبح سيئا إذا قطفت بعد التعرض لأشعة الشمس.
وأضافت "الناس يتسابقون عليها، لأنه لا توجد حاجة يأكلونها. نادرا ما نأكل وجبة مختلفة في حال وزع فاعلو الخير فولا ودقيقا، أما المنظمات لا تأتي".
لا توجد لدى أسماء أدنى فكرة عن المنظمات الإنسانية، لكنها تردد ما يقوله الناس في القرية، بأن منظمات توزع الغذاء في العاصمة صنعاء ومراكز المدن الرئيسية، لكن لم يسبق لها أن وصلت إلى قريتها الصغيرة.
وبين الحين والآخر، تتجه أسماء مع أطفالها إلى منطقة الحسينية التابعة إداريا لمديرية بيت الفقيه، للتسول من المارة وتجار المحلات، لكن غالبا ما تعود -من مشوارها الطويل- خائبة، "فالمتسولون كثر والناس باتوا فقراء".
وتقول "نموت من الجوع، بعض القرى لا يجدون اللقمة وشربة الماء، كنا نشتغل في الأرض ونبيع الدواب، واليوم لا نملك شيئا".
وحال أسماء وأسرتها لا تختلف عن حال سكان القرية والقرى المجاورة، وهم ضمن سبعة ملايين يمني يعانون من الجوع الشديد، بعد أن انهارت الأوضاع المعيشية إلى مستويات دنيا، وفق برنامج الغذاء العالمي.
الفارون من القتال في الحديدة يعيشون في ظروف مأساوية(الجزيرة)
طعام النازحين
ويعيش الآلاف من اليمنيين في مديريات ومدن الساحل الغربي على وجبة واحدة، وفاقمت الحرب كارثتهم الإنسانية، وأجبرهم القتال المحتدم منذ أربعة أشهر على مغادرة منازلهم وقراهم وباتوا يعيشون في العراء.
يقول عبد الجبار محمود، وهو مسؤول محلي في منطقة البدوة -التي تدور على مقربة منها معارك مستمرة في مزارع النخيل منذ مايو/أيار الماضي- إن السكان نزحوا إثر شن الطيران الحربي التابع للتحالف السعودي الإماراتي غارات مكثفة على المنازل والمزارع.
وأضاف "نزحوا فقراء ولا يملكون طعاما، بعضهم اضطر لتناول بذور وأوراق الأشجار التي لا تصلح للأكل".
ويرى محمود أن المنظمات الدولية لا تكترث بحال السكان، بينما لم تقدم أطراف الحرب أي معونة لهم، "في تعد واضح على القوانين الدولية والإنسانية التي تلزم أطراف الصراع بإيواء المدنيين".
وأشار إلى أن "الكثير من السكان والنازحين يأكلون أوراق الغلف (الحلص)، فهي باعتقادهم تحمل قيمة غذائية تساعدهم على البقاء، لكنها تقرب الأطفال من الموت، وسبق أن شهدت وفاة طفلين بسبب الجوع".
ويقول "أكل الحلص ارتبط بالمجاعات، فقبل سبعين عاما اضطر آباؤنا لتناوله ومات العشرات منهم".

وفاة الأطفال
ويعاني نحو 1.8 مليون طفل في اليمن من سوء التغذية العام، منهم أربعمئة ألف طفل تحت سن خمس سنوات، حيث يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد، وهم بحاجة لتدخلات برامج التغذية العلاجية لإنقاذ حياتهم، ومعظم تلك الإحصائية في الساحل الغربي.
وقال طبيب في مستشفى الثورة العام في مدينة الحديدة (مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته) إن عددا من الأطفال لقوا حتفهم نتيجة تداعيات سوء التغذية، بينما لم يتمكن أهالي بعضهم من إسعافهم كونهم لا يمتلكون قيمة أجرة السفر من قراهم إلى المستشفى.
وأضاف للجزيرة نت -مفضّلا عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالحديث للإعلام- أن سوء التغذية الوخيم بدأ التفشي مجددا بعد الجهود الإنسانية لمنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف)، ويعود ذلك إلى العمليات العسكرية التي يشنها التحالف السعودي الإماراتي.
ولم يورد الطبيب حصيلة محددة بعدد الوفيات، لكنه أشار إلى أنهم بالعشرات.

الحرب والجوع والمرض
وبسبب الحرب، هناك 8.6 ملايين طفل لا يحصلون بشكل منتظم على مياه الشرب النقية وخدمات الصرف الصحي والنظافة العامة، مما وفر بيئة مناسبة لتفشي الأمراض، وفق اليونيسيف.
وحذر المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفد بيسلي من حدوث مجاعة مدمرة في اليمن بسبب استمرار الحرب وصعوبة إيصال المواد الغذائية، منتقدا في الوقت نفسه استهداف مخازن الغذاء التابعة لبرنامج الغذاء العالمي.
وأشار بيسلي في بيان إلى سلسلة من الهجمات استهدفت خلال الفترة الأخيرة العمال والشاحنات والمستودعات وصوامع الحبوب، وهي مساعدات حاسمة في منع البلد من الانحدار إلى مجاعة كاملة.
من جهة أخرى، قالت منظمة "أنقذوا الأطفال" الأربعاء إن المجاعة التي تهدد ملايين الأطفال اليمنيين سببها ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، مؤكدة أن ذلك يعود لاستئناف التحالف هجومه على مدينة الحديدة ومينائها الذي تمر منه معظم المواد الغذائية والمساعدات للمناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.