صحيفة فرنسية: غارات جوية وأزمة إنسانية.. لماذا تصاعدت التوترات فجأة في اليمن ؟!    اليمن بين ثبات النهج ومنزلق الارتهان: قراءة في ميزان السيادة والهوية    مصرع شخصين جراء عواصف شديدة تضرب دول شمال أوروبا    اجتماع أممي لبحث اعتراف الكيان بجمهورية أرض الصومال    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    استفزاز إماراتي للسعودية في اليمن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    هروب    هؤلاء هم أبطال حضرموت قيادات صنعت المجد وقهرت الإرهاب    يتباكون على ثروات الجنوب.. فضائح نهب النفط والمعادن في حضرموت نموذجًا    قربوا العسل والحبة السوداء والسواك لأبو الإرهاب وشقيقه    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    خفر السواحل تحذّر من السباحة بسبب هجمات سمكة «أبو سَفَن»    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    في صنعاء.. هل ابتلعنا "الثقب الأسود" جميعًا؟    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    الأحزاب تثمن استجابة التحالف لطلب القيادة اليمنية وترحب برسالة وزير الدفاع السعودي    ضبط مصفاة نفط جديدة غير قانونية لمتنفذ يمني في خشعة حضرموت    الاعتراف بارض الصومال.. ما هي الأهداف الإسرائيلية الخمسة؟ ولماذا السعودية ومصر أبرز الخاسرين؟    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    الافراج عن اكبر دفعة سجناء بالحديدة تنفيذا لتوجيهات قائد الثورة    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    أمن محافظة صنعاء يدشّن خطة البناء والتطوير    ندوات ووقفات نسائية في حجة بمناسبة عيد جمعة رجب    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    اجتماع برئاسة العلامة مفتاح يناقش آلية تطوير نشاط المركز الوطني لعلاج الحروق والتجميل    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    وزارة الإعلام تدشن خطة شاملة لإحياء شهر رجب وتعزيز الهوية الإيمانية    حملة أمنية تحرق مخيمات مهاجرين غير شرعيين على الحدود بصعدة    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع تحسناً طفيفاً وتدريجياً في درجات الحرارة    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    قرقاش يدعو إلى تغليب الحوار والحلول المتزنة كأساس للاستقرار الإقليمي    الدولار الأمريكي يترنح في أسوأ أداء أسبوعي منذ شهور    إنجاز 5 آلاف معاملة في أسبوع.. كيف سهلت شرطة المرور إجراءات المواطنين؟    خبير طقس يتوقع ارتفاع الرطوبة ويستبعد حدوث الصقيع    ترميم عدد من الشوارع المحيطة بشركة ( يو)    قمة أفريقية..تونس ضد نيجيريا اليوم    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    المغرب يتعثر أمام مالي في كأس أمم إفريقيا 2025    جُمعة رجب.. حين أشرق فجر اليمن الإيماني    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    ريال مدريد يدرس طلب تعويضات ضخمة من برشلونة    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حديث الأربعاء) اغتصاب ارادة شعب ! (( 4 – 4 ))
نشر في عدن الغد يوم 07 - 11 - 2012


( 4 – 4 )
الإهداء :
إلى الشاب .. شائع محمود ( ابن ردفان ), الذي يعاني الأمرين في غرفة الإنعاش حاليا , بأحد مستشفيات برلين جراء إصابة خطيرة في الأحشاء برصاص قوات الاحتلال في عدن قبل أشهر قليلة مضت .
أربع رسائل رأيت انه من المهم إرسالها إلى من يستحقها ممن اعتقد أنهم " بما يفعلون " أصبحوا شركاء في اغتصاب إرادة شعب الجنوب .. إنها رسائل تحتوي في مضمونها على شئ من مخاطبة الضمير وشئ من مخاطبة العقل .. كما أنها تتعاطى مع " قضية الجنوب " بواقعية شديدة تبدو غير موجودة في ذهنية من تخصهم هذه الرسائل .
تصحيح .. ليس إلا ! .
من خلال قراءة المقدمة الثابتة أعلاه , لجميع المقالات السابقة في هذه السلسلة من الرسائل , يتضح انه تخص من يعتقد كاتب هذه السطور أنهم – بشكل أو بآخر – جزء من معاناة شعب الجنوب , وأنهم بما يفعلون باتوا جزء من اغتصاب إرادة هذا الشعب العظيم .. ونحن نقصد إرادته الحرة في الاستقلال والسيادة الكاملة على أرضه وترابه الوطني , غير ان الرسالة التي خصتني من قبل بعض الشباب الأسبوع الماضي والتي تضمنت نوعا من العتاب لعدم التطرق إلى مخاطبتهم تكشف عن حدوث التباس في فهم مقاصد الرسائل الثلاث السابقة ... على اعتبار ان الشباب لا علاقة لهم بأي حال من الأحوال ب" اغتصاب إرادة شعب الجنوب " ..! بل أنهم بما يفعلون وبما يقدمون من تضحيات أضحوا جزء من إرادة هذه الشعب المغتصبة .. ولكن هذا لا يعني عدم الاعتراف من قبلنا بالتقصير في مخاطبة هؤلاء الشباب والتواصل معهم , لتقديم مايمكن ان يكون مفيدا لهم ..كما انه لا يعني أيضا - تحت هذه الذريعة – التهرب من توجيه رسالة " متواضعة " لشباب الجنوب .. ألق الحاضر , وعنوان المستقبل .
رسالتي " المتواضعة " إلى شباب الجنوب بشكل عام وحركة 16 فبراير بشكل خاص :
لا أريد لهذه الرسالة ان تتحول إلى رسالة " كلاسيكية – نمطية " من نوعية الرسائل التوجيهية التي تحتوي على نصائح اقرب ما تكون إلى " توجيهات – فوقية " تدعي امتلاك الحقيقة والمعرفة لسبب أنها جاءت من " فلان " .. ! ولأنها كذلك فهي قيمة وثمينة وعلى من تخصهم تدبر معانيها وفهم مقاصدها .. وربما حفظها لأنها تحتوي على " النصائح العشر " .. التي لم تنفع قادة عسكريين في حروبهم ولا ساسة في مفاوضاتهم .. ولا مورينهو في الكامب نو !!.
لا أريد لهذه الرسالة ان تندرج ضمن ما ذكرت من نوعية " الرسائل الحكيمة " من الرجل الحكيم .. وانما أريدها ان تكون شيئا ابسط من ذلك وأيسر بكثير .. أريدها ان تكون رسالة من قلب صادق مؤمن بعدالة " قضية الجنوب " إلى قلوب شابة .. صادقة ومؤمنة أكثر بعدالة هذه القضية ... أريدها ان تكون رسالة سهلة .. يسيره .. لا تضل طريقها إلى القلب قبل ان تجد مسلكها إلى العقل أيضا .
في الأسبوع الماضي , تحدثت هاتفيا مع احد الشباب الذين خصوني برسالتهم .. وقبلها لم أكن منقطعا عن الحديث مع آخرين منهم , ولم أكن في حالة عزلة عن هموم الشباب ومعاناتهم وطموحاتهم وآمالهم الكبيرة .. وفوق هذا وذاك لا أجده عسيرا ملامسة مجموعة " الأسئلة الصعبة " التي تحيط بأذهانهم وتبحث لها عن إجابات مقنعة .. ومن وحي كل ذلك سوف تكون رسالتي هذه على شكل " حديث متخيل " مابيني وبينهم ... لكي تكون رسالة مختلفة .. ولكي تكون يسيره أيضا .
شاب جنوبي : أخي العزيز بن فريد .. لا شك بأنك تتابع ناشطاتنا ونضالاتنا .. فمالذي يمكن ان تقوله لنا ؟.
نعم .. إنني اشعر بالفخر الكبير وانا أشاهد أعلام الجنوب ترفرف فوق كل سارية وترسم على كل جدار وتنقش على جبين كل حر وشريف .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز وانا أشاهد المسيرات الجنوبية وهي تهز أركان شوارع عدن فتهتز من تحتها دبابات الاحتلال وترتجف منها خوفا وذعرا قلوب الجنود الرابضين في أحضانها .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز عندما استمع إلى " صوت خصم " أو " صوت محايد " وهو ينطق بالحقيقة ويقول ان عدن تتحدث اليوم بلغة الاستقلال ومن يقول غير هذا فهو يكذب .. وفي تقديري ان هذا يحسب لكم أنتم " شباب الجنوب " ... وهذا واحدا من أهم وابرز انجازاتكم التي يحق لكم ان تفاخرون وتفتخرون بها .
ثم إنني اشعر بالطمأنينة والأمان .. وانا أشاهد عشرات الألوف من أبناء الجنوب ينصهرون في ساحات النضال في ملاحم وطنية لم يشهد لها تاريخ بلادنا مثيلا من قبل في الوقت تنبعث فيه من هنا وهناك روائح نتنه لخلافات سياسية مابين من يسمون أنفسهم ب" كبار القوم " .. أو " القيادات السياسية " .. اشعر بالطمأنينة والأمان لسبب ان هذا " الجمع الهائل الغفير " .. لا يدين بالولاء لا لهذا .. ولا لذاك .. وانما يدين بالولاء لله أولا .. ثم للدين ثانيا ... ولهذا الوطن المحتل ثالثا.. وفي تقديري أيضا ان هذا يحسب لكم انتم يا " شباب الجنوب " .. فإياكم والجنوح عن جادة الصواب هذه .. ابقوا دائما وابداً إلى جانب الشعب .. ملتصقين به .. ساكنين بين جوانحه .. ملتحمين بأحلامه وطموحاته .
أخي العزيز بن فريد .. هذه إشادات نشكرك عليها ,, ولكن الكمال لله .. هل يمكن ان تحدثنا عن سلبياتنا أو ما ينقصنا ؟.
ان إي حركة نضالية تحررية لا يمكن لها ان تنتشر على المساحة الجغرافية التي تناضل على ترابها .. ولا يمكن لها ان تحقق أهدافها الوطنية التي تناضل من اجلها مالم تتوفر على آلة نضالية قوية .. قادرة على الحركة ... واقصد بذلك " المكون السياسي " .. فإذا أخذنا – على سبيل المثال – حركة 16 فبراير .. ولا ادعي هنا العلم بما هي عليه , ولكنني أقول أنها لا يمكن ان تكون حركة سياسية فاعلة ما لم تكن مكتملة العناصر من حيث :
أولا : ( البينة التنظيمية ) المتماسكة والسلسة .
ثانيا : ( النظام الداخلي ) .. الواضح النصوص .. الذي لا يحتمل التأويل والقادر على تحديد الصلاحيات وحسم الخلافات متى ما وجدت .
ثالثا : ( البرنامج السياسي ) .. أو الرؤية السياسية النظرية لتعريف " قضية الجنوب " وحلها سياسيا " .. والرؤية السياسية لشكل الدولة في الجنوب .. وعلاقاتها الإقليمية والدولية .
رابعا : ( البرنامج النضالي ) .. المحدد الخطوات .. الذي يعلم صاحبه كيف يبدأ ؟ .. وكيف يسير ؟ .. وما هي وسائله النضالية ؟ .. ومتى ينتهي ؟ .. وكيف يقيم نشاطه ليقف على أخطاءه ويصححها .. . وبحسب علمي – وأقولها بكل أسف – انه لا توجد حتى الآن إي حركة أو كتلة أو مكون سياسي جنوبي يتوفر لديه " برنامج نضالي " يسترشد به أعضائه لكيفية تحرير الجنوب ! .. وهنا أرجو التمييز بأنني لا أتحدث عن " البرنامج السياسي " وانما أتحدث عن " البرنامج النضالي " .. على اعتبار ان الأول متوفر بغزارة لا حدود لها لدى الجميع لأنه عبارة عن " رؤية سياسية – نظرية " لتعريف قضية الجنوب وربما لكيفية حلها سياسيا .. في الوقت الذي يستلزم فيه " البرنامج النضالي " وضع خارطة طريق مزمنة .. ممكنة التطبيق للكيفية التي يمكن من خلالها تحرير الجنوب " ذاتيا " .. إي بالاعتماد على الذات وبالطرق السلمية ! لذلك فأنني ادعوكم إلى وضع خارطة الطريق هذه لتشمل جميع محافظات الجنوب على ان تكون البداية من المدينة التي تشهد تألقكم الحالي .. مدينة عدن .
ومن جانب آخر .. علي ان اشدد على ان اخطر سلاح مارسه الاحتلال ضدنا في الجنوب لكي يتمكن منا هو نشر " الجهل " بين صفوفنا ..! فقد تمكن الاحتلال خلال العقدين الماضيين من استخدام هذا السلاح الخطير في مجتمعنا الجنوبي , وخاصة بين شباب الجنوب .. ونحن نقول هذا للتأكيد على ان إي حركة نضالية تحررية لا تقوم على " فكر ناضج " سوف تتحول لاحقا إلى حالة من " الفوضى " ! .. فلا تكونوا في حالة خصومة مع المعرفة والاطلاع .. وليكن " الكتاب " صديق وقت الفراغ .. وليكن " مثقفي الجنوب " وثيقي الصلة بكم .. اذهبوا إليهم .. تحدثوا معهم .. استمعوا لهم .. ناقشوهم .. حاوروهم في مختلف القضايا الفكرية , فلديكم " تيار مثقفون من اجل جنوب جديد " .. التصقوا بهم .. خذوا منهم .. استرشدوا بهم .. إنني اجزم هنا بأن هؤلاء النخبة هم خير عون لكم في هذه المرحلة.
وأخيرا .. وليس آخر .. علينا ان نعترف جميعا بأننا تربينا في أجواء غير ديمقراطية , ابتداءا من المنزل .. ومرورا بالمدرسة .. وانتهاءا بالحزب السياسي ان وجد .. وهذا في مجموعه يعني " رسوخ " قيم غير ديمقراطية في فكرنا وفي ممارساتنا ..في الوقت الذي نناضل فيه تحت عناوين " الديمقراطية " و " واحترام الرأي الآخر " ...!! ان هذا الاعتراف المنيع ان جاز التعبير سيقودنا نتيجة منطقية تخبرنا ان سر النجاح في عملنا يتركز أولا وقبل كل شئ في الانتصار على هذه " الذات " المعادية للديمقراطية .. أنها الفايروس الأول والأخير لجميع خلافاتنا وصراعاتنا وإمراضنا ونزعاتنا الذاتية ... وفي رأيي الشخصي ان " الحوار " بنفس هادئة .. رضية .. قابلة لتغيير وجهة النظر إذا ما استشعرت الصواب هو العلاج السليم لهذا المرض المستشري ... فما أسهل ان نتحدث عن قيمة الحوار كفضيلة وما أصعب ان نقبل بالحوار كعمل وما أعسر ان نقبل بما يمكن ان ينتجه هذا الحوار من حلول فيما بيننا .
تحياتي لكم ...
اخوكم / احمد عمر بن فريد
*خاص لصحيفة (عدن الغد) من عمود (حديث الاربعاء ) المنشور بالصفحة الاخيرة من الصحيفة الورقية ليوم الاربعاء من كل اسبوع
( 4 – 4 )
الإهداء :إلى الشاب .. شائع محمود ( ابن ردفان ), الذي يعاني الأمرين في غرفة الإنعاش حاليا , بأحد مستشفيات برلين جراء إصابة خطيرة في الأحشاء برصاص قوات الاحتلال في عدن قبل أشهر قليلة مضت .
أربع رسائل رأيت انه من المهم إرسالها إلى من يستحقها ممن اعتقد أنهم " بما يفعلون " أصبحوا شركاء في اغتصاب إرادة شعب الجنوب .. إنها رسائل تحتوي في مضمونها على شئ من مخاطبة الضمير وشئ من مخاطبة العقل .. كما أنها تتعاطى مع " قضية الجنوب " بواقعية شديدة تبدو غير موجودة في ذهنية من تخصهم هذه الرسائل .تصحيح .. ليس إلا ! .
من خلال قراءة المقدمة الثابتة أعلاه , لجميع المقالات السابقة في هذه السلسلة من الرسائل , يتضح انه تخص من يعتقد كاتب هذه السطور أنهم – بشكل أو بآخر – جزء من معاناة شعب الجنوب , وأنهم بما يفعلون باتوا جزء من اغتصاب إرادة هذا الشعب العظيم .. ونحن نقصد إرادته الحرة في الاستقلال والسيادة الكاملة على أرضه وترابه الوطني , غير ان الرسالة التي خصتني من قبل بعض الشباب الأسبوع الماضي والتي تضمنت نوعا من العتاب لعدم التطرق إلى مخاطبتهم تكشف عن حدوث التباس في فهم مقاصد الرسائل الثلاث السابقة ... على اعتبار ان الشباب لا علاقة لهم بأي حال من الأحوال ب" اغتصاب إرادة شعب الجنوب " ..! بل أنهم بما يفعلون وبما يقدمون من تضحيات أضحوا جزء من إرادة هذه الشعب المغتصبة .. ولكن هذا لا يعني عدم الاعتراف من قبلنا بالتقصير في مخاطبة هؤلاء الشباب والتواصل معهم , لتقديم مايمكن ان يكون مفيدا لهم ..كما انه لا يعني أيضا - تحت هذه الذريعة – التهرب من توجيه رسالة " متواضعة " لشباب الجنوب .. ألق الحاضر , وعنوان المستقبل .
رسالتي " المتواضعة " إلى شباب الجنوب بشكل عام وحركة 16 فبراير بشكل خاص : لا أريد لهذه الرسالة ان تتحول إلى رسالة " كلاسيكية – نمطية " من نوعية الرسائل التوجيهية التي تحتوي على نصائح اقرب ما تكون إلى " توجيهات – فوقية " تدعي امتلاك الحقيقة والمعرفة لسبب أنها جاءت من " فلان " .. ! ولأنها كذلك فهي قيمة وثمينة وعلى من تخصهم تدبر معانيها وفهم مقاصدها .. وربما حفظها لأنها تحتوي على " النصائح العشر " .. التي لم تنفع قادة عسكريين في حروبهم ولا ساسة في مفاوضاتهم .. ولا مورينهو في الكامب نو !!.
لا أريد لهذه الرسالة ان تندرج ضمن ما ذكرت من نوعية " الرسائل الحكيمة " من الرجل الحكيم .. وانما أريدها ان تكون شيئا ابسط من ذلك وأيسر بكثير .. أريدها ان تكون رسالة من قلب صادق مؤمن بعدالة " قضية الجنوب " إلى قلوب شابة .. صادقة ومؤمنة أكثر بعدالة هذه القضية ... أريدها ان تكون رسالة سهلة .. يسيره .. لا تضل طريقها إلى القلب قبل ان تجد مسلكها إلى العقل أيضا .
في الأسبوع الماضي , تحدثت هاتفيا مع احد الشباب الذين خصوني برسالتهم .. وقبلها لم أكن منقطعا عن الحديث مع آخرين منهم , ولم أكن في حالة عزلة عن هموم الشباب ومعاناتهم وطموحاتهم وآمالهم الكبيرة .. وفوق هذا وذاك لا أجده عسيرا ملامسة مجموعة " الأسئلة الصعبة " التي تحيط بأذهانهم وتبحث لها عن إجابات مقنعة .. ومن وحي كل ذلك سوف تكون رسالتي هذه على شكل " حديث متخيل " مابيني وبينهم ... لكي تكون رسالة مختلفة .. ولكي تكون يسيره أيضا . شاب جنوبي : أخي العزيز بن فريد .. لا شك بأنك تتابع ناشطاتنا ونضالاتنا .. فمالذي يمكن ان تقوله لنا ؟.
نعم .. إنني اشعر بالفخر الكبير وانا أشاهد أعلام الجنوب ترفرف فوق كل سارية وترسم على كل جدار وتنقش على جبين كل حر وشريف .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز وانا أشاهد المسيرات الجنوبية وهي تهز أركان شوارع عدن فتهتز من تحتها دبابات الاحتلال وترتجف منها خوفا وذعرا قلوب الجنود الرابضين في أحضانها .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز عندما استمع إلى " صوت خصم " أو " صوت محايد " وهو ينطق بالحقيقة ويقول ان عدن تتحدث اليوم بلغة الاستقلال ومن يقول غير هذا فهو يكذب .. وفي تقديري ان هذا يحسب لكم أنتم " شباب الجنوب " ... وهذا واحدا من أهم وابرز انجازاتكم التي يحق لكم ان تفاخرون وتفتخرون بها .
ثم إنني اشعر بالطمأنينة والأمان .. وانا أشاهد عشرات الألوف من أبناء الجنوب ينصهرون في ساحات النضال في ملاحم وطنية لم يشهد لها تاريخ بلادنا مثيلا من قبل في الوقت تنبعث فيه من هنا وهناك روائح نتنه لخلافات سياسية مابين من يسمون أنفسهم ب" كبار القوم " .. أو " القيادات السياسية " .. اشعر بالطمأنينة والأمان لسبب ان هذا " الجمع الهائل الغفير " .. لا يدين بالولاء لا لهذا .. ولا لذاك .. وانما يدين بالولاء لله أولا .. ثم للدين ثانيا ... ولهذا الوطن المحتل ثالثا.. وفي تقديري أيضا ان هذا يحسب لكم انتم يا " شباب الجنوب " .. فإياكم والجنوح عن جادة الصواب هذه .. ابقوا دائما وابداً إلى جانب الشعب .. ملتصقين به .. ساكنين بين جوانحه .. ملتحمين بأحلامه وطموحاته .أخي العزيز بن فريد .. هذه إشادات نشكرك عليها ,, ولكن الكمال لله .. هل يمكن ان تحدثنا عن سلبياتنا أو ما ينقصنا ؟.
ان إي حركة نضالية تحررية لا يمكن لها ان تنتشر على المساحة الجغرافية التي تناضل على ترابها .. ولا يمكن لها ان تحقق أهدافها الوطنية التي تناضل من اجلها مالم تتوفر على آلة نضالية قوية .. قادرة على الحركة ... واقصد بذلك " المكون السياسي " .. فإذا أخذنا – على سبيل المثال – حركة 16 فبراير .. ولا ادعي هنا العلم بما هي عليه , ولكنني أقول أنها لا يمكن ان تكون حركة سياسية فاعلة ما لم تكن مكتملة العناصر من حيث :أولا : ( البينة التنظيمية ) المتماسكة والسلسة .ثانيا : ( النظام الداخلي ) .. الواضح النصوص .. الذي لا يحتمل التأويل والقادر على تحديد الصلاحيات وحسم الخلافات متى ما وجدت .ثالثا : ( البرنامج السياسي ) .. أو الرؤية السياسية النظرية لتعريف " قضية الجنوب " وحلها سياسيا " .. والرؤية السياسية لشكل الدولة في الجنوب .. وعلاقاتها الإقليمية والدولية .رابعا : ( البرنامج النضالي ) .. المحدد الخطوات .. الذي يعلم صاحبه كيف يبدأ ؟ .. وكيف يسير ؟ .. وما هي وسائله النضالية ؟ .. ومتى ينتهي ؟ .. وكيف يقيم نشاطه ليقف على أخطاءه ويصححها .. .

وبحسب علمي – وأقولها بكل أسف – انه لا توجد حتى الآن إي حركة أو كتلة أو مكون سياسي جنوبي يتوفر لديه " برنامج نضالي " يسترشد به أعضائه لكيفية تحرير الجنوب ! .. وهنا أرجو التمييز بأنني لا أتحدث عن " البرنامج السياسي " وانما أتحدث عن " البرنامج النضالي " .. على اعتبار ان الأول متوفر بغزارة لا حدود لها لدى الجميع لأنه عبارة عن " رؤية سياسية – نظرية " لتعريف قضية الجنوب وربما لكيفية حلها سياسيا .. في الوقت الذي يستلزم فيه " البرنامج النضالي " وضع خارطة طريق مزمنة .. ممكنة التطبيق للكيفية التي يمكن من خلالها تحرير الجنوب " ذاتيا " .. إي بالاعتماد على الذات وبالطرق السلمية ! لذلك فأنني ادعوكم إلى وضع خارطة الطريق هذه لتشمل جميع محافظات الجنوب على ان تكون البداية من المدينة التي تشهد تألقكم الحالي .. مدينة عدن .

ومن جانب آخر .. علي ان اشدد على ان اخطر سلاح مارسه الاحتلال ضدنا في الجنوب لكي يتمكن منا هو نشر " الجهل " بين صفوفنا ..! فقد تمكن الاحتلال خلال العقدين الماضيين من استخدام هذا السلاح الخطير في مجتمعنا الجنوبي , وخاصة بين شباب الجنوب .. ونحن نقول هذا للتأكيد على ان إي حركة نضالية تحررية لا تقوم على " فكر ناضج " سوف تتحول لاحقا إلى حالة من " الفوضى " ! .. فلا تكونوا في حالة خصومة مع المعرفة والاطلاع .. وليكن " الكتاب " صديق وقت الفراغ .. وليكن " مثقفي الجنوب " وثيقي الصلة بكم .. اذهبوا إليهم .. تحدثوا معهم .. استمعوا لهم .. ناقشوهم .. حاوروهم في مختلف القضايا الفكرية , فلديكم " تيار مثقفون من اجل جنوب جديد " .. التصقوا بهم .. خذوا منهم .. استرشدوا بهم .. إنني اجزم هنا بأن هؤلاء النخبة هم خير عون لكم في هذه المرحلة.

وأخيرا .. وليس آخر .. علينا ان نعترف جميعا بأننا تربينا في أجواء غير ديمقراطية , ابتداءا من المنزل .. ومرورا بالمدرسة .. وانتهاءا بالحزب السياسي ان وجد .. وهذا في مجموعه يعني " رسوخ " قيم غير ديمقراطية في فكرنا وفي ممارساتنا ..في الوقت الذي نناضل فيه تحت عناوين " الديمقراطية " و " واحترام الرأي الآخر " ...!! ان هذا الاعتراف المنيع ان جاز التعبير سيقودنا نتيجة منطقية تخبرنا ان سر النجاح في عملنا يتركز أولا وقبل كل شئ في الانتصار على هذه " الذات " المعادية للديمقراطية .. أنها الفايروس الأول والأخير لجميع خلافاتنا وصراعاتنا وإمراضنا ونزعاتنا الذاتية ...

وفي رأيي الشخصي ان " الحوار " بنفس هادئة .. رضية .. قابلة لتغيير وجهة النظر إذا ما استشعرت الصواب هو العلاج السليم لهذا المرض المستشري ... فما أسهل ان نتحدث عن قيمة الحوار كفضيلة وما أصعب ان نقبل بالحوار كعمل وما أعسر ان نقبل بما يمكن ان ينتجه هذا الحوار من حلول فيما بيننا .تحياتي لكم .

*خاص لصحيفة (عدن الغد) من عمود (حديث الاربعاء ) المنشور بالصفحة الاخيرة من الصحيفة الورقية ليوم الاربعاء من كل اسبوع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.