الشرفي يبحث مع مكتب المبعوث الأممي المستجدات السياسية والاقتصادية وجهود دعم الاستقرار    اللجان الدستورية والخارجية والإعلام في مجلس النواب تعقد اجتماعات مع الجانب الحكومي    مسيرات ووقفات طلابية في إب تضامناً ونصرةً لغزة    هكذا غادرت حاملة الطائرات "فينسون" البحر الاحمر    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    موظفة في المواصفات والمقاييس توجه مناشدة لحمايتها من المضايقات على ذمة مناهضتها للفساد    تعز .. ضغوط لرفع إضراب القضاة وعدم محاسبة العسكر    السامعي من صنعاء    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    بسبب خلافات على الجبايات.. قيادي حوثي يقتحم صندوق النظافة في إب    إبليس العليمي يشعل الفتنة بين الحضارم.. انفجار سياسي قادم    مشروع "المستشفى التعليمي لكلية طب عدن".. بين طموح الإنجاز ومحاولات الإفشال    عدن.. البنك المركزي يوقف ترخيص منشأة صرافة ويغلق مقرها    انتقالي الضالع ينظم محاضرات توعوية لطلاب المخيم الصيفي بالمحافظة    فريق من مجلس المستشارين يطّلع على عمل مركز الطوارئ التوليدية وعدد من المراكز الصحية بأبين    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    تقرير خاص : عودة الرئيس الزُبيدي إلى عدن تُحرّك المياه الراكدة: حراك سياسي واقتصادي لافت    الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تدعو لتشديد الرقابة على الأسواق    التعليم العالي تعلن بدء تحويل مستحقات الطلاب المبتعثين في الخارج    في آخر أعماله القذرة.. معين عبدالملك يطلب من الهند حصر بيع القمح لهائل سعيد    حركة أمل: الحكومة اللبنانية تخالف بيانها الوزاري وجلسة الغد فرصة للتصحيح    همج العساكر يعربدون.. هل بقي شيء من عدن لم يُمسّ، لم يُسرق، لم يُدنس؟    الاتحاد الآسيوي يعلن موعد سحب قرعة التصفيات التأهيلية لكأس آسيا الناشئين    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    محافظ العاصمة عدن يتفقد ميناء الحاويات ويوجّه بالحفاظ عليه كمرفق سيادي واستراتيجي    وفاة امرأة وإصابة طفلة بصاعقة رعدية في الجميمة بحجة    ضمت 85 مشاركة.. دائرة المرأة في الإصلاح تختتم دورة "التفكير الاستراتيجي"    خبير في الطقس يتوقع موجة أمطار جديدة تشمل اغلب المحافظات اليمنية    زيدان يقترب من العودة للتدريب    اجتماع طارئ وقرارات مهمة لاتحاد السلة    تخرج 374 مستفيدًا ومستفيدة من مشروع التمكين الاقتصادي بمحافظتي تعز ولحج    رئيس هيئة مستشفى ذمار يعلن تجهيز 11 غرفة عمليات وعناية مركزة    مافيا "هائل سعيد".. ليسوا تجار بل هم لوبي سياسي قذر    ذا كرديل تكشف عن الحرب الإلكترونية الأميركية الإسرائيلية على اليمن    الأبجدية الحضرمية.. ديمومة الهوية    خبير نفطي يكشف معلومات جديدة عن ظهور الغاز في بني حشيش ويحذر    أما الدولة وسلطتها.. أو هائل سعيد وبلاطجته هم الدولة    كأس آسيا.. الأردن تكسب الهند والعراق يخسر أمام نيوزيلندا    لاعب برشلونة يوافق على تجديد عقده    طيران اليمنية لا تعترف بالريال اليمني كعملة رسمية    هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُنتج نكاتا مضحكة؟    رسميّا.. حرمان الهلال من سوبر 2026    أسبانيا تُفكك شبكة تهريب مهاجرين يمنيين إلى بريطانيا وكندا باستخدام جوازات مزوّرة    لا تليق بها الفاصلة    أياكس الهولندي يتعاقد مع المغربي عبدالله وزان حتى 2028    انتشال جثث 86 مهاجرًا وإنقاذ 42 في حادثة غرق قبالة سواحل أبين    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    فعالية احتفالية بذكرى المولد النبوي بذمار    أيادي العسكر القذرة تطال سينما بلقيس بالهدم ليلا (صور)    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    الحديدة: فريق طبي يقوم بعمل معجزة لاعادة جمجمة تهشمت للحياة .. صور    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حديث الأربعاء) اغتصاب ارادة شعب ! (( 4 – 4 ))
نشر في عدن الغد يوم 07 - 11 - 2012


( 4 – 4 )
الإهداء :
إلى الشاب .. شائع محمود ( ابن ردفان ), الذي يعاني الأمرين في غرفة الإنعاش حاليا , بأحد مستشفيات برلين جراء إصابة خطيرة في الأحشاء برصاص قوات الاحتلال في عدن قبل أشهر قليلة مضت .
أربع رسائل رأيت انه من المهم إرسالها إلى من يستحقها ممن اعتقد أنهم " بما يفعلون " أصبحوا شركاء في اغتصاب إرادة شعب الجنوب .. إنها رسائل تحتوي في مضمونها على شئ من مخاطبة الضمير وشئ من مخاطبة العقل .. كما أنها تتعاطى مع " قضية الجنوب " بواقعية شديدة تبدو غير موجودة في ذهنية من تخصهم هذه الرسائل .
تصحيح .. ليس إلا ! .
من خلال قراءة المقدمة الثابتة أعلاه , لجميع المقالات السابقة في هذه السلسلة من الرسائل , يتضح انه تخص من يعتقد كاتب هذه السطور أنهم – بشكل أو بآخر – جزء من معاناة شعب الجنوب , وأنهم بما يفعلون باتوا جزء من اغتصاب إرادة هذا الشعب العظيم .. ونحن نقصد إرادته الحرة في الاستقلال والسيادة الكاملة على أرضه وترابه الوطني , غير ان الرسالة التي خصتني من قبل بعض الشباب الأسبوع الماضي والتي تضمنت نوعا من العتاب لعدم التطرق إلى مخاطبتهم تكشف عن حدوث التباس في فهم مقاصد الرسائل الثلاث السابقة ... على اعتبار ان الشباب لا علاقة لهم بأي حال من الأحوال ب" اغتصاب إرادة شعب الجنوب " ..! بل أنهم بما يفعلون وبما يقدمون من تضحيات أضحوا جزء من إرادة هذه الشعب المغتصبة .. ولكن هذا لا يعني عدم الاعتراف من قبلنا بالتقصير في مخاطبة هؤلاء الشباب والتواصل معهم , لتقديم مايمكن ان يكون مفيدا لهم ..كما انه لا يعني أيضا - تحت هذه الذريعة – التهرب من توجيه رسالة " متواضعة " لشباب الجنوب .. ألق الحاضر , وعنوان المستقبل .
رسالتي " المتواضعة " إلى شباب الجنوب بشكل عام وحركة 16 فبراير بشكل خاص :
لا أريد لهذه الرسالة ان تتحول إلى رسالة " كلاسيكية – نمطية " من نوعية الرسائل التوجيهية التي تحتوي على نصائح اقرب ما تكون إلى " توجيهات – فوقية " تدعي امتلاك الحقيقة والمعرفة لسبب أنها جاءت من " فلان " .. ! ولأنها كذلك فهي قيمة وثمينة وعلى من تخصهم تدبر معانيها وفهم مقاصدها .. وربما حفظها لأنها تحتوي على " النصائح العشر " .. التي لم تنفع قادة عسكريين في حروبهم ولا ساسة في مفاوضاتهم .. ولا مورينهو في الكامب نو !!.
لا أريد لهذه الرسالة ان تندرج ضمن ما ذكرت من نوعية " الرسائل الحكيمة " من الرجل الحكيم .. وانما أريدها ان تكون شيئا ابسط من ذلك وأيسر بكثير .. أريدها ان تكون رسالة من قلب صادق مؤمن بعدالة " قضية الجنوب " إلى قلوب شابة .. صادقة ومؤمنة أكثر بعدالة هذه القضية ... أريدها ان تكون رسالة سهلة .. يسيره .. لا تضل طريقها إلى القلب قبل ان تجد مسلكها إلى العقل أيضا .
في الأسبوع الماضي , تحدثت هاتفيا مع احد الشباب الذين خصوني برسالتهم .. وقبلها لم أكن منقطعا عن الحديث مع آخرين منهم , ولم أكن في حالة عزلة عن هموم الشباب ومعاناتهم وطموحاتهم وآمالهم الكبيرة .. وفوق هذا وذاك لا أجده عسيرا ملامسة مجموعة " الأسئلة الصعبة " التي تحيط بأذهانهم وتبحث لها عن إجابات مقنعة .. ومن وحي كل ذلك سوف تكون رسالتي هذه على شكل " حديث متخيل " مابيني وبينهم ... لكي تكون رسالة مختلفة .. ولكي تكون يسيره أيضا .
شاب جنوبي : أخي العزيز بن فريد .. لا شك بأنك تتابع ناشطاتنا ونضالاتنا .. فمالذي يمكن ان تقوله لنا ؟.
نعم .. إنني اشعر بالفخر الكبير وانا أشاهد أعلام الجنوب ترفرف فوق كل سارية وترسم على كل جدار وتنقش على جبين كل حر وشريف .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز وانا أشاهد المسيرات الجنوبية وهي تهز أركان شوارع عدن فتهتز من تحتها دبابات الاحتلال وترتجف منها خوفا وذعرا قلوب الجنود الرابضين في أحضانها .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز عندما استمع إلى " صوت خصم " أو " صوت محايد " وهو ينطق بالحقيقة ويقول ان عدن تتحدث اليوم بلغة الاستقلال ومن يقول غير هذا فهو يكذب .. وفي تقديري ان هذا يحسب لكم أنتم " شباب الجنوب " ... وهذا واحدا من أهم وابرز انجازاتكم التي يحق لكم ان تفاخرون وتفتخرون بها .
ثم إنني اشعر بالطمأنينة والأمان .. وانا أشاهد عشرات الألوف من أبناء الجنوب ينصهرون في ساحات النضال في ملاحم وطنية لم يشهد لها تاريخ بلادنا مثيلا من قبل في الوقت تنبعث فيه من هنا وهناك روائح نتنه لخلافات سياسية مابين من يسمون أنفسهم ب" كبار القوم " .. أو " القيادات السياسية " .. اشعر بالطمأنينة والأمان لسبب ان هذا " الجمع الهائل الغفير " .. لا يدين بالولاء لا لهذا .. ولا لذاك .. وانما يدين بالولاء لله أولا .. ثم للدين ثانيا ... ولهذا الوطن المحتل ثالثا.. وفي تقديري أيضا ان هذا يحسب لكم انتم يا " شباب الجنوب " .. فإياكم والجنوح عن جادة الصواب هذه .. ابقوا دائما وابداً إلى جانب الشعب .. ملتصقين به .. ساكنين بين جوانحه .. ملتحمين بأحلامه وطموحاته .
أخي العزيز بن فريد .. هذه إشادات نشكرك عليها ,, ولكن الكمال لله .. هل يمكن ان تحدثنا عن سلبياتنا أو ما ينقصنا ؟.
ان إي حركة نضالية تحررية لا يمكن لها ان تنتشر على المساحة الجغرافية التي تناضل على ترابها .. ولا يمكن لها ان تحقق أهدافها الوطنية التي تناضل من اجلها مالم تتوفر على آلة نضالية قوية .. قادرة على الحركة ... واقصد بذلك " المكون السياسي " .. فإذا أخذنا – على سبيل المثال – حركة 16 فبراير .. ولا ادعي هنا العلم بما هي عليه , ولكنني أقول أنها لا يمكن ان تكون حركة سياسية فاعلة ما لم تكن مكتملة العناصر من حيث :
أولا : ( البينة التنظيمية ) المتماسكة والسلسة .
ثانيا : ( النظام الداخلي ) .. الواضح النصوص .. الذي لا يحتمل التأويل والقادر على تحديد الصلاحيات وحسم الخلافات متى ما وجدت .
ثالثا : ( البرنامج السياسي ) .. أو الرؤية السياسية النظرية لتعريف " قضية الجنوب " وحلها سياسيا " .. والرؤية السياسية لشكل الدولة في الجنوب .. وعلاقاتها الإقليمية والدولية .
رابعا : ( البرنامج النضالي ) .. المحدد الخطوات .. الذي يعلم صاحبه كيف يبدأ ؟ .. وكيف يسير ؟ .. وما هي وسائله النضالية ؟ .. ومتى ينتهي ؟ .. وكيف يقيم نشاطه ليقف على أخطاءه ويصححها .. . وبحسب علمي – وأقولها بكل أسف – انه لا توجد حتى الآن إي حركة أو كتلة أو مكون سياسي جنوبي يتوفر لديه " برنامج نضالي " يسترشد به أعضائه لكيفية تحرير الجنوب ! .. وهنا أرجو التمييز بأنني لا أتحدث عن " البرنامج السياسي " وانما أتحدث عن " البرنامج النضالي " .. على اعتبار ان الأول متوفر بغزارة لا حدود لها لدى الجميع لأنه عبارة عن " رؤية سياسية – نظرية " لتعريف قضية الجنوب وربما لكيفية حلها سياسيا .. في الوقت الذي يستلزم فيه " البرنامج النضالي " وضع خارطة طريق مزمنة .. ممكنة التطبيق للكيفية التي يمكن من خلالها تحرير الجنوب " ذاتيا " .. إي بالاعتماد على الذات وبالطرق السلمية ! لذلك فأنني ادعوكم إلى وضع خارطة الطريق هذه لتشمل جميع محافظات الجنوب على ان تكون البداية من المدينة التي تشهد تألقكم الحالي .. مدينة عدن .
ومن جانب آخر .. علي ان اشدد على ان اخطر سلاح مارسه الاحتلال ضدنا في الجنوب لكي يتمكن منا هو نشر " الجهل " بين صفوفنا ..! فقد تمكن الاحتلال خلال العقدين الماضيين من استخدام هذا السلاح الخطير في مجتمعنا الجنوبي , وخاصة بين شباب الجنوب .. ونحن نقول هذا للتأكيد على ان إي حركة نضالية تحررية لا تقوم على " فكر ناضج " سوف تتحول لاحقا إلى حالة من " الفوضى " ! .. فلا تكونوا في حالة خصومة مع المعرفة والاطلاع .. وليكن " الكتاب " صديق وقت الفراغ .. وليكن " مثقفي الجنوب " وثيقي الصلة بكم .. اذهبوا إليهم .. تحدثوا معهم .. استمعوا لهم .. ناقشوهم .. حاوروهم في مختلف القضايا الفكرية , فلديكم " تيار مثقفون من اجل جنوب جديد " .. التصقوا بهم .. خذوا منهم .. استرشدوا بهم .. إنني اجزم هنا بأن هؤلاء النخبة هم خير عون لكم في هذه المرحلة.
وأخيرا .. وليس آخر .. علينا ان نعترف جميعا بأننا تربينا في أجواء غير ديمقراطية , ابتداءا من المنزل .. ومرورا بالمدرسة .. وانتهاءا بالحزب السياسي ان وجد .. وهذا في مجموعه يعني " رسوخ " قيم غير ديمقراطية في فكرنا وفي ممارساتنا ..في الوقت الذي نناضل فيه تحت عناوين " الديمقراطية " و " واحترام الرأي الآخر " ...!! ان هذا الاعتراف المنيع ان جاز التعبير سيقودنا نتيجة منطقية تخبرنا ان سر النجاح في عملنا يتركز أولا وقبل كل شئ في الانتصار على هذه " الذات " المعادية للديمقراطية .. أنها الفايروس الأول والأخير لجميع خلافاتنا وصراعاتنا وإمراضنا ونزعاتنا الذاتية ... وفي رأيي الشخصي ان " الحوار " بنفس هادئة .. رضية .. قابلة لتغيير وجهة النظر إذا ما استشعرت الصواب هو العلاج السليم لهذا المرض المستشري ... فما أسهل ان نتحدث عن قيمة الحوار كفضيلة وما أصعب ان نقبل بالحوار كعمل وما أعسر ان نقبل بما يمكن ان ينتجه هذا الحوار من حلول فيما بيننا .
تحياتي لكم ...
اخوكم / احمد عمر بن فريد
*خاص لصحيفة (عدن الغد) من عمود (حديث الاربعاء ) المنشور بالصفحة الاخيرة من الصحيفة الورقية ليوم الاربعاء من كل اسبوع
( 4 – 4 )
الإهداء :إلى الشاب .. شائع محمود ( ابن ردفان ), الذي يعاني الأمرين في غرفة الإنعاش حاليا , بأحد مستشفيات برلين جراء إصابة خطيرة في الأحشاء برصاص قوات الاحتلال في عدن قبل أشهر قليلة مضت .
أربع رسائل رأيت انه من المهم إرسالها إلى من يستحقها ممن اعتقد أنهم " بما يفعلون " أصبحوا شركاء في اغتصاب إرادة شعب الجنوب .. إنها رسائل تحتوي في مضمونها على شئ من مخاطبة الضمير وشئ من مخاطبة العقل .. كما أنها تتعاطى مع " قضية الجنوب " بواقعية شديدة تبدو غير موجودة في ذهنية من تخصهم هذه الرسائل .تصحيح .. ليس إلا ! .
من خلال قراءة المقدمة الثابتة أعلاه , لجميع المقالات السابقة في هذه السلسلة من الرسائل , يتضح انه تخص من يعتقد كاتب هذه السطور أنهم – بشكل أو بآخر – جزء من معاناة شعب الجنوب , وأنهم بما يفعلون باتوا جزء من اغتصاب إرادة هذا الشعب العظيم .. ونحن نقصد إرادته الحرة في الاستقلال والسيادة الكاملة على أرضه وترابه الوطني , غير ان الرسالة التي خصتني من قبل بعض الشباب الأسبوع الماضي والتي تضمنت نوعا من العتاب لعدم التطرق إلى مخاطبتهم تكشف عن حدوث التباس في فهم مقاصد الرسائل الثلاث السابقة ... على اعتبار ان الشباب لا علاقة لهم بأي حال من الأحوال ب" اغتصاب إرادة شعب الجنوب " ..! بل أنهم بما يفعلون وبما يقدمون من تضحيات أضحوا جزء من إرادة هذه الشعب المغتصبة .. ولكن هذا لا يعني عدم الاعتراف من قبلنا بالتقصير في مخاطبة هؤلاء الشباب والتواصل معهم , لتقديم مايمكن ان يكون مفيدا لهم ..كما انه لا يعني أيضا - تحت هذه الذريعة – التهرب من توجيه رسالة " متواضعة " لشباب الجنوب .. ألق الحاضر , وعنوان المستقبل .
رسالتي " المتواضعة " إلى شباب الجنوب بشكل عام وحركة 16 فبراير بشكل خاص : لا أريد لهذه الرسالة ان تتحول إلى رسالة " كلاسيكية – نمطية " من نوعية الرسائل التوجيهية التي تحتوي على نصائح اقرب ما تكون إلى " توجيهات – فوقية " تدعي امتلاك الحقيقة والمعرفة لسبب أنها جاءت من " فلان " .. ! ولأنها كذلك فهي قيمة وثمينة وعلى من تخصهم تدبر معانيها وفهم مقاصدها .. وربما حفظها لأنها تحتوي على " النصائح العشر " .. التي لم تنفع قادة عسكريين في حروبهم ولا ساسة في مفاوضاتهم .. ولا مورينهو في الكامب نو !!.
لا أريد لهذه الرسالة ان تندرج ضمن ما ذكرت من نوعية " الرسائل الحكيمة " من الرجل الحكيم .. وانما أريدها ان تكون شيئا ابسط من ذلك وأيسر بكثير .. أريدها ان تكون رسالة من قلب صادق مؤمن بعدالة " قضية الجنوب " إلى قلوب شابة .. صادقة ومؤمنة أكثر بعدالة هذه القضية ... أريدها ان تكون رسالة سهلة .. يسيره .. لا تضل طريقها إلى القلب قبل ان تجد مسلكها إلى العقل أيضا .
في الأسبوع الماضي , تحدثت هاتفيا مع احد الشباب الذين خصوني برسالتهم .. وقبلها لم أكن منقطعا عن الحديث مع آخرين منهم , ولم أكن في حالة عزلة عن هموم الشباب ومعاناتهم وطموحاتهم وآمالهم الكبيرة .. وفوق هذا وذاك لا أجده عسيرا ملامسة مجموعة " الأسئلة الصعبة " التي تحيط بأذهانهم وتبحث لها عن إجابات مقنعة .. ومن وحي كل ذلك سوف تكون رسالتي هذه على شكل " حديث متخيل " مابيني وبينهم ... لكي تكون رسالة مختلفة .. ولكي تكون يسيره أيضا . شاب جنوبي : أخي العزيز بن فريد .. لا شك بأنك تتابع ناشطاتنا ونضالاتنا .. فمالذي يمكن ان تقوله لنا ؟.
نعم .. إنني اشعر بالفخر الكبير وانا أشاهد أعلام الجنوب ترفرف فوق كل سارية وترسم على كل جدار وتنقش على جبين كل حر وشريف .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز وانا أشاهد المسيرات الجنوبية وهي تهز أركان شوارع عدن فتهتز من تحتها دبابات الاحتلال وترتجف منها خوفا وذعرا قلوب الجنود الرابضين في أحضانها .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز عندما استمع إلى " صوت خصم " أو " صوت محايد " وهو ينطق بالحقيقة ويقول ان عدن تتحدث اليوم بلغة الاستقلال ومن يقول غير هذا فهو يكذب .. وفي تقديري ان هذا يحسب لكم أنتم " شباب الجنوب " ... وهذا واحدا من أهم وابرز انجازاتكم التي يحق لكم ان تفاخرون وتفتخرون بها .
ثم إنني اشعر بالطمأنينة والأمان .. وانا أشاهد عشرات الألوف من أبناء الجنوب ينصهرون في ساحات النضال في ملاحم وطنية لم يشهد لها تاريخ بلادنا مثيلا من قبل في الوقت تنبعث فيه من هنا وهناك روائح نتنه لخلافات سياسية مابين من يسمون أنفسهم ب" كبار القوم " .. أو " القيادات السياسية " .. اشعر بالطمأنينة والأمان لسبب ان هذا " الجمع الهائل الغفير " .. لا يدين بالولاء لا لهذا .. ولا لذاك .. وانما يدين بالولاء لله أولا .. ثم للدين ثانيا ... ولهذا الوطن المحتل ثالثا.. وفي تقديري أيضا ان هذا يحسب لكم انتم يا " شباب الجنوب " .. فإياكم والجنوح عن جادة الصواب هذه .. ابقوا دائما وابداً إلى جانب الشعب .. ملتصقين به .. ساكنين بين جوانحه .. ملتحمين بأحلامه وطموحاته .أخي العزيز بن فريد .. هذه إشادات نشكرك عليها ,, ولكن الكمال لله .. هل يمكن ان تحدثنا عن سلبياتنا أو ما ينقصنا ؟.
ان إي حركة نضالية تحررية لا يمكن لها ان تنتشر على المساحة الجغرافية التي تناضل على ترابها .. ولا يمكن لها ان تحقق أهدافها الوطنية التي تناضل من اجلها مالم تتوفر على آلة نضالية قوية .. قادرة على الحركة ... واقصد بذلك " المكون السياسي " .. فإذا أخذنا – على سبيل المثال – حركة 16 فبراير .. ولا ادعي هنا العلم بما هي عليه , ولكنني أقول أنها لا يمكن ان تكون حركة سياسية فاعلة ما لم تكن مكتملة العناصر من حيث :أولا : ( البينة التنظيمية ) المتماسكة والسلسة .ثانيا : ( النظام الداخلي ) .. الواضح النصوص .. الذي لا يحتمل التأويل والقادر على تحديد الصلاحيات وحسم الخلافات متى ما وجدت .ثالثا : ( البرنامج السياسي ) .. أو الرؤية السياسية النظرية لتعريف " قضية الجنوب " وحلها سياسيا " .. والرؤية السياسية لشكل الدولة في الجنوب .. وعلاقاتها الإقليمية والدولية .رابعا : ( البرنامج النضالي ) .. المحدد الخطوات .. الذي يعلم صاحبه كيف يبدأ ؟ .. وكيف يسير ؟ .. وما هي وسائله النضالية ؟ .. ومتى ينتهي ؟ .. وكيف يقيم نشاطه ليقف على أخطاءه ويصححها .. .

وبحسب علمي – وأقولها بكل أسف – انه لا توجد حتى الآن إي حركة أو كتلة أو مكون سياسي جنوبي يتوفر لديه " برنامج نضالي " يسترشد به أعضائه لكيفية تحرير الجنوب ! .. وهنا أرجو التمييز بأنني لا أتحدث عن " البرنامج السياسي " وانما أتحدث عن " البرنامج النضالي " .. على اعتبار ان الأول متوفر بغزارة لا حدود لها لدى الجميع لأنه عبارة عن " رؤية سياسية – نظرية " لتعريف قضية الجنوب وربما لكيفية حلها سياسيا .. في الوقت الذي يستلزم فيه " البرنامج النضالي " وضع خارطة طريق مزمنة .. ممكنة التطبيق للكيفية التي يمكن من خلالها تحرير الجنوب " ذاتيا " .. إي بالاعتماد على الذات وبالطرق السلمية ! لذلك فأنني ادعوكم إلى وضع خارطة الطريق هذه لتشمل جميع محافظات الجنوب على ان تكون البداية من المدينة التي تشهد تألقكم الحالي .. مدينة عدن .

ومن جانب آخر .. علي ان اشدد على ان اخطر سلاح مارسه الاحتلال ضدنا في الجنوب لكي يتمكن منا هو نشر " الجهل " بين صفوفنا ..! فقد تمكن الاحتلال خلال العقدين الماضيين من استخدام هذا السلاح الخطير في مجتمعنا الجنوبي , وخاصة بين شباب الجنوب .. ونحن نقول هذا للتأكيد على ان إي حركة نضالية تحررية لا تقوم على " فكر ناضج " سوف تتحول لاحقا إلى حالة من " الفوضى " ! .. فلا تكونوا في حالة خصومة مع المعرفة والاطلاع .. وليكن " الكتاب " صديق وقت الفراغ .. وليكن " مثقفي الجنوب " وثيقي الصلة بكم .. اذهبوا إليهم .. تحدثوا معهم .. استمعوا لهم .. ناقشوهم .. حاوروهم في مختلف القضايا الفكرية , فلديكم " تيار مثقفون من اجل جنوب جديد " .. التصقوا بهم .. خذوا منهم .. استرشدوا بهم .. إنني اجزم هنا بأن هؤلاء النخبة هم خير عون لكم في هذه المرحلة.

وأخيرا .. وليس آخر .. علينا ان نعترف جميعا بأننا تربينا في أجواء غير ديمقراطية , ابتداءا من المنزل .. ومرورا بالمدرسة .. وانتهاءا بالحزب السياسي ان وجد .. وهذا في مجموعه يعني " رسوخ " قيم غير ديمقراطية في فكرنا وفي ممارساتنا ..في الوقت الذي نناضل فيه تحت عناوين " الديمقراطية " و " واحترام الرأي الآخر " ...!! ان هذا الاعتراف المنيع ان جاز التعبير سيقودنا نتيجة منطقية تخبرنا ان سر النجاح في عملنا يتركز أولا وقبل كل شئ في الانتصار على هذه " الذات " المعادية للديمقراطية .. أنها الفايروس الأول والأخير لجميع خلافاتنا وصراعاتنا وإمراضنا ونزعاتنا الذاتية ...

وفي رأيي الشخصي ان " الحوار " بنفس هادئة .. رضية .. قابلة لتغيير وجهة النظر إذا ما استشعرت الصواب هو العلاج السليم لهذا المرض المستشري ... فما أسهل ان نتحدث عن قيمة الحوار كفضيلة وما أصعب ان نقبل بالحوار كعمل وما أعسر ان نقبل بما يمكن ان ينتجه هذا الحوار من حلول فيما بيننا .تحياتي لكم .

*خاص لصحيفة (عدن الغد) من عمود (حديث الاربعاء ) المنشور بالصفحة الاخيرة من الصحيفة الورقية ليوم الاربعاء من كل اسبوع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.