هيئة مكافحة الفساد تنظم فعالية ثقافية بالذكرى السنوية للشهيد    افتتاح مركز الصادرات الزراعية بمديرية تريم بتمويل من الاتحاد الأوروبي    شليل يحرز لقب فردي الرمح في انطلاق بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد بصنعاء    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    منتسبوا وزارة الكهرباء والمياه تبارك الإنجاز الأمني في ضبط خلية التجسس    قبائل بلاد الروس تعلن تفويضها للسيد القائد واستعدادها لاي تصعيد    تألق عدني في جدة.. لاعبو نادي التنس العدني يواصلون النجاح في البطولة الآسيوية    تركيا تعلن مقتل 20 من جنودها بتحطم طائرة شحن عسكرية في جورجيا    المنتصر يدعوا لإعادة ترتيب بيت الإعلام الرياضي بعدن قبل موعد الانتخابات المرتقبة    دربحة وفواز إلى النهائي الكبير بعد منافسات حماسية في كأس دوري الملوك – الشرق الأوسط    إيفانكا ترامب في أحضان الجولاني    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    الإخوان والقاعدة يهاجمان الإمارات لأنها تمثل نموذج الدولة الحديثة والعقلانية    جنود في أبين يقطعون الطريق الدولي احتجاجًا على انقطاع المرتبات"    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    خبير في الطقس: برد شتاء هذا العام لن يكون كله صقيع.. وأمطار متوقعة على نطاق محدود من البلاد    زيارة ومناورة ومبادرة مؤامرات سعودية جديدة على اليمن    عين الوطن الساهرة (2)..الوعي.. الشريك الصامت في خندق الأمن    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    اليوم انطلاق بطولة الشركات تحت شعار "شهداء على طريق القدس"    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    أبين.. الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات    30 نوفمبر...ثمن لا ينتهي!    حلّ القضية الجنوبية يسهل حلّ المشكلة اليمنية يا عرب    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    تغاريد حرة .. انكشاف يكبر واحتقان يتوسع قبل ان يتحول إلى غضب    كلمة الحق هي المغامرة الأكثر خطورة    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قاضٍ يوجه رسالة مفتوحة للحوثي مطالباً بالإفراج عن المخفيين قسرياً في صنعاء    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    مشاريع نوعية تنهض بشبكة الطرق في أمانة العاصمة    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    النفط يتجاوز 65 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 3 نوفمبر    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    الحديدة أولا    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    نائب وزير الشباب والرياضة يطلع على الترتيبات النهائية لانطلاق بطولة 30 نوفمبر للاتحاد العام لالتقاط الاوتاد على كأس الشهيد الغماري    حكاية وادي زبيد (2): الأربعين المَطّارة ونظام "المِدَد" الأعرق    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    البروفيسور الترب يحضر مناقشة رسالة الماجستير للدارس مصطفى محمود    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(حديث الأربعاء) اغتصاب ارادة شعب ! (( 4 – 4 ))
نشر في عدن الغد يوم 07 - 11 - 2012


( 4 – 4 )
الإهداء :
إلى الشاب .. شائع محمود ( ابن ردفان ), الذي يعاني الأمرين في غرفة الإنعاش حاليا , بأحد مستشفيات برلين جراء إصابة خطيرة في الأحشاء برصاص قوات الاحتلال في عدن قبل أشهر قليلة مضت .
أربع رسائل رأيت انه من المهم إرسالها إلى من يستحقها ممن اعتقد أنهم " بما يفعلون " أصبحوا شركاء في اغتصاب إرادة شعب الجنوب .. إنها رسائل تحتوي في مضمونها على شئ من مخاطبة الضمير وشئ من مخاطبة العقل .. كما أنها تتعاطى مع " قضية الجنوب " بواقعية شديدة تبدو غير موجودة في ذهنية من تخصهم هذه الرسائل .
تصحيح .. ليس إلا ! .
من خلال قراءة المقدمة الثابتة أعلاه , لجميع المقالات السابقة في هذه السلسلة من الرسائل , يتضح انه تخص من يعتقد كاتب هذه السطور أنهم – بشكل أو بآخر – جزء من معاناة شعب الجنوب , وأنهم بما يفعلون باتوا جزء من اغتصاب إرادة هذا الشعب العظيم .. ونحن نقصد إرادته الحرة في الاستقلال والسيادة الكاملة على أرضه وترابه الوطني , غير ان الرسالة التي خصتني من قبل بعض الشباب الأسبوع الماضي والتي تضمنت نوعا من العتاب لعدم التطرق إلى مخاطبتهم تكشف عن حدوث التباس في فهم مقاصد الرسائل الثلاث السابقة ... على اعتبار ان الشباب لا علاقة لهم بأي حال من الأحوال ب" اغتصاب إرادة شعب الجنوب " ..! بل أنهم بما يفعلون وبما يقدمون من تضحيات أضحوا جزء من إرادة هذه الشعب المغتصبة .. ولكن هذا لا يعني عدم الاعتراف من قبلنا بالتقصير في مخاطبة هؤلاء الشباب والتواصل معهم , لتقديم مايمكن ان يكون مفيدا لهم ..كما انه لا يعني أيضا - تحت هذه الذريعة – التهرب من توجيه رسالة " متواضعة " لشباب الجنوب .. ألق الحاضر , وعنوان المستقبل .
رسالتي " المتواضعة " إلى شباب الجنوب بشكل عام وحركة 16 فبراير بشكل خاص :
لا أريد لهذه الرسالة ان تتحول إلى رسالة " كلاسيكية – نمطية " من نوعية الرسائل التوجيهية التي تحتوي على نصائح اقرب ما تكون إلى " توجيهات – فوقية " تدعي امتلاك الحقيقة والمعرفة لسبب أنها جاءت من " فلان " .. ! ولأنها كذلك فهي قيمة وثمينة وعلى من تخصهم تدبر معانيها وفهم مقاصدها .. وربما حفظها لأنها تحتوي على " النصائح العشر " .. التي لم تنفع قادة عسكريين في حروبهم ولا ساسة في مفاوضاتهم .. ولا مورينهو في الكامب نو !!.
لا أريد لهذه الرسالة ان تندرج ضمن ما ذكرت من نوعية " الرسائل الحكيمة " من الرجل الحكيم .. وانما أريدها ان تكون شيئا ابسط من ذلك وأيسر بكثير .. أريدها ان تكون رسالة من قلب صادق مؤمن بعدالة " قضية الجنوب " إلى قلوب شابة .. صادقة ومؤمنة أكثر بعدالة هذه القضية ... أريدها ان تكون رسالة سهلة .. يسيره .. لا تضل طريقها إلى القلب قبل ان تجد مسلكها إلى العقل أيضا .
في الأسبوع الماضي , تحدثت هاتفيا مع احد الشباب الذين خصوني برسالتهم .. وقبلها لم أكن منقطعا عن الحديث مع آخرين منهم , ولم أكن في حالة عزلة عن هموم الشباب ومعاناتهم وطموحاتهم وآمالهم الكبيرة .. وفوق هذا وذاك لا أجده عسيرا ملامسة مجموعة " الأسئلة الصعبة " التي تحيط بأذهانهم وتبحث لها عن إجابات مقنعة .. ومن وحي كل ذلك سوف تكون رسالتي هذه على شكل " حديث متخيل " مابيني وبينهم ... لكي تكون رسالة مختلفة .. ولكي تكون يسيره أيضا .
شاب جنوبي : أخي العزيز بن فريد .. لا شك بأنك تتابع ناشطاتنا ونضالاتنا .. فمالذي يمكن ان تقوله لنا ؟.
نعم .. إنني اشعر بالفخر الكبير وانا أشاهد أعلام الجنوب ترفرف فوق كل سارية وترسم على كل جدار وتنقش على جبين كل حر وشريف .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز وانا أشاهد المسيرات الجنوبية وهي تهز أركان شوارع عدن فتهتز من تحتها دبابات الاحتلال وترتجف منها خوفا وذعرا قلوب الجنود الرابضين في أحضانها .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز عندما استمع إلى " صوت خصم " أو " صوت محايد " وهو ينطق بالحقيقة ويقول ان عدن تتحدث اليوم بلغة الاستقلال ومن يقول غير هذا فهو يكذب .. وفي تقديري ان هذا يحسب لكم أنتم " شباب الجنوب " ... وهذا واحدا من أهم وابرز انجازاتكم التي يحق لكم ان تفاخرون وتفتخرون بها .
ثم إنني اشعر بالطمأنينة والأمان .. وانا أشاهد عشرات الألوف من أبناء الجنوب ينصهرون في ساحات النضال في ملاحم وطنية لم يشهد لها تاريخ بلادنا مثيلا من قبل في الوقت تنبعث فيه من هنا وهناك روائح نتنه لخلافات سياسية مابين من يسمون أنفسهم ب" كبار القوم " .. أو " القيادات السياسية " .. اشعر بالطمأنينة والأمان لسبب ان هذا " الجمع الهائل الغفير " .. لا يدين بالولاء لا لهذا .. ولا لذاك .. وانما يدين بالولاء لله أولا .. ثم للدين ثانيا ... ولهذا الوطن المحتل ثالثا.. وفي تقديري أيضا ان هذا يحسب لكم انتم يا " شباب الجنوب " .. فإياكم والجنوح عن جادة الصواب هذه .. ابقوا دائما وابداً إلى جانب الشعب .. ملتصقين به .. ساكنين بين جوانحه .. ملتحمين بأحلامه وطموحاته .
أخي العزيز بن فريد .. هذه إشادات نشكرك عليها ,, ولكن الكمال لله .. هل يمكن ان تحدثنا عن سلبياتنا أو ما ينقصنا ؟.
ان إي حركة نضالية تحررية لا يمكن لها ان تنتشر على المساحة الجغرافية التي تناضل على ترابها .. ولا يمكن لها ان تحقق أهدافها الوطنية التي تناضل من اجلها مالم تتوفر على آلة نضالية قوية .. قادرة على الحركة ... واقصد بذلك " المكون السياسي " .. فإذا أخذنا – على سبيل المثال – حركة 16 فبراير .. ولا ادعي هنا العلم بما هي عليه , ولكنني أقول أنها لا يمكن ان تكون حركة سياسية فاعلة ما لم تكن مكتملة العناصر من حيث :
أولا : ( البينة التنظيمية ) المتماسكة والسلسة .
ثانيا : ( النظام الداخلي ) .. الواضح النصوص .. الذي لا يحتمل التأويل والقادر على تحديد الصلاحيات وحسم الخلافات متى ما وجدت .
ثالثا : ( البرنامج السياسي ) .. أو الرؤية السياسية النظرية لتعريف " قضية الجنوب " وحلها سياسيا " .. والرؤية السياسية لشكل الدولة في الجنوب .. وعلاقاتها الإقليمية والدولية .
رابعا : ( البرنامج النضالي ) .. المحدد الخطوات .. الذي يعلم صاحبه كيف يبدأ ؟ .. وكيف يسير ؟ .. وما هي وسائله النضالية ؟ .. ومتى ينتهي ؟ .. وكيف يقيم نشاطه ليقف على أخطاءه ويصححها .. . وبحسب علمي – وأقولها بكل أسف – انه لا توجد حتى الآن إي حركة أو كتلة أو مكون سياسي جنوبي يتوفر لديه " برنامج نضالي " يسترشد به أعضائه لكيفية تحرير الجنوب ! .. وهنا أرجو التمييز بأنني لا أتحدث عن " البرنامج السياسي " وانما أتحدث عن " البرنامج النضالي " .. على اعتبار ان الأول متوفر بغزارة لا حدود لها لدى الجميع لأنه عبارة عن " رؤية سياسية – نظرية " لتعريف قضية الجنوب وربما لكيفية حلها سياسيا .. في الوقت الذي يستلزم فيه " البرنامج النضالي " وضع خارطة طريق مزمنة .. ممكنة التطبيق للكيفية التي يمكن من خلالها تحرير الجنوب " ذاتيا " .. إي بالاعتماد على الذات وبالطرق السلمية ! لذلك فأنني ادعوكم إلى وضع خارطة الطريق هذه لتشمل جميع محافظات الجنوب على ان تكون البداية من المدينة التي تشهد تألقكم الحالي .. مدينة عدن .
ومن جانب آخر .. علي ان اشدد على ان اخطر سلاح مارسه الاحتلال ضدنا في الجنوب لكي يتمكن منا هو نشر " الجهل " بين صفوفنا ..! فقد تمكن الاحتلال خلال العقدين الماضيين من استخدام هذا السلاح الخطير في مجتمعنا الجنوبي , وخاصة بين شباب الجنوب .. ونحن نقول هذا للتأكيد على ان إي حركة نضالية تحررية لا تقوم على " فكر ناضج " سوف تتحول لاحقا إلى حالة من " الفوضى " ! .. فلا تكونوا في حالة خصومة مع المعرفة والاطلاع .. وليكن " الكتاب " صديق وقت الفراغ .. وليكن " مثقفي الجنوب " وثيقي الصلة بكم .. اذهبوا إليهم .. تحدثوا معهم .. استمعوا لهم .. ناقشوهم .. حاوروهم في مختلف القضايا الفكرية , فلديكم " تيار مثقفون من اجل جنوب جديد " .. التصقوا بهم .. خذوا منهم .. استرشدوا بهم .. إنني اجزم هنا بأن هؤلاء النخبة هم خير عون لكم في هذه المرحلة.
وأخيرا .. وليس آخر .. علينا ان نعترف جميعا بأننا تربينا في أجواء غير ديمقراطية , ابتداءا من المنزل .. ومرورا بالمدرسة .. وانتهاءا بالحزب السياسي ان وجد .. وهذا في مجموعه يعني " رسوخ " قيم غير ديمقراطية في فكرنا وفي ممارساتنا ..في الوقت الذي نناضل فيه تحت عناوين " الديمقراطية " و " واحترام الرأي الآخر " ...!! ان هذا الاعتراف المنيع ان جاز التعبير سيقودنا نتيجة منطقية تخبرنا ان سر النجاح في عملنا يتركز أولا وقبل كل شئ في الانتصار على هذه " الذات " المعادية للديمقراطية .. أنها الفايروس الأول والأخير لجميع خلافاتنا وصراعاتنا وإمراضنا ونزعاتنا الذاتية ... وفي رأيي الشخصي ان " الحوار " بنفس هادئة .. رضية .. قابلة لتغيير وجهة النظر إذا ما استشعرت الصواب هو العلاج السليم لهذا المرض المستشري ... فما أسهل ان نتحدث عن قيمة الحوار كفضيلة وما أصعب ان نقبل بالحوار كعمل وما أعسر ان نقبل بما يمكن ان ينتجه هذا الحوار من حلول فيما بيننا .
تحياتي لكم ...
اخوكم / احمد عمر بن فريد
*خاص لصحيفة (عدن الغد) من عمود (حديث الاربعاء ) المنشور بالصفحة الاخيرة من الصحيفة الورقية ليوم الاربعاء من كل اسبوع
( 4 – 4 )
الإهداء :إلى الشاب .. شائع محمود ( ابن ردفان ), الذي يعاني الأمرين في غرفة الإنعاش حاليا , بأحد مستشفيات برلين جراء إصابة خطيرة في الأحشاء برصاص قوات الاحتلال في عدن قبل أشهر قليلة مضت .
أربع رسائل رأيت انه من المهم إرسالها إلى من يستحقها ممن اعتقد أنهم " بما يفعلون " أصبحوا شركاء في اغتصاب إرادة شعب الجنوب .. إنها رسائل تحتوي في مضمونها على شئ من مخاطبة الضمير وشئ من مخاطبة العقل .. كما أنها تتعاطى مع " قضية الجنوب " بواقعية شديدة تبدو غير موجودة في ذهنية من تخصهم هذه الرسائل .تصحيح .. ليس إلا ! .
من خلال قراءة المقدمة الثابتة أعلاه , لجميع المقالات السابقة في هذه السلسلة من الرسائل , يتضح انه تخص من يعتقد كاتب هذه السطور أنهم – بشكل أو بآخر – جزء من معاناة شعب الجنوب , وأنهم بما يفعلون باتوا جزء من اغتصاب إرادة هذا الشعب العظيم .. ونحن نقصد إرادته الحرة في الاستقلال والسيادة الكاملة على أرضه وترابه الوطني , غير ان الرسالة التي خصتني من قبل بعض الشباب الأسبوع الماضي والتي تضمنت نوعا من العتاب لعدم التطرق إلى مخاطبتهم تكشف عن حدوث التباس في فهم مقاصد الرسائل الثلاث السابقة ... على اعتبار ان الشباب لا علاقة لهم بأي حال من الأحوال ب" اغتصاب إرادة شعب الجنوب " ..! بل أنهم بما يفعلون وبما يقدمون من تضحيات أضحوا جزء من إرادة هذه الشعب المغتصبة .. ولكن هذا لا يعني عدم الاعتراف من قبلنا بالتقصير في مخاطبة هؤلاء الشباب والتواصل معهم , لتقديم مايمكن ان يكون مفيدا لهم ..كما انه لا يعني أيضا - تحت هذه الذريعة – التهرب من توجيه رسالة " متواضعة " لشباب الجنوب .. ألق الحاضر , وعنوان المستقبل .
رسالتي " المتواضعة " إلى شباب الجنوب بشكل عام وحركة 16 فبراير بشكل خاص : لا أريد لهذه الرسالة ان تتحول إلى رسالة " كلاسيكية – نمطية " من نوعية الرسائل التوجيهية التي تحتوي على نصائح اقرب ما تكون إلى " توجيهات – فوقية " تدعي امتلاك الحقيقة والمعرفة لسبب أنها جاءت من " فلان " .. ! ولأنها كذلك فهي قيمة وثمينة وعلى من تخصهم تدبر معانيها وفهم مقاصدها .. وربما حفظها لأنها تحتوي على " النصائح العشر " .. التي لم تنفع قادة عسكريين في حروبهم ولا ساسة في مفاوضاتهم .. ولا مورينهو في الكامب نو !!.
لا أريد لهذه الرسالة ان تندرج ضمن ما ذكرت من نوعية " الرسائل الحكيمة " من الرجل الحكيم .. وانما أريدها ان تكون شيئا ابسط من ذلك وأيسر بكثير .. أريدها ان تكون رسالة من قلب صادق مؤمن بعدالة " قضية الجنوب " إلى قلوب شابة .. صادقة ومؤمنة أكثر بعدالة هذه القضية ... أريدها ان تكون رسالة سهلة .. يسيره .. لا تضل طريقها إلى القلب قبل ان تجد مسلكها إلى العقل أيضا .
في الأسبوع الماضي , تحدثت هاتفيا مع احد الشباب الذين خصوني برسالتهم .. وقبلها لم أكن منقطعا عن الحديث مع آخرين منهم , ولم أكن في حالة عزلة عن هموم الشباب ومعاناتهم وطموحاتهم وآمالهم الكبيرة .. وفوق هذا وذاك لا أجده عسيرا ملامسة مجموعة " الأسئلة الصعبة " التي تحيط بأذهانهم وتبحث لها عن إجابات مقنعة .. ومن وحي كل ذلك سوف تكون رسالتي هذه على شكل " حديث متخيل " مابيني وبينهم ... لكي تكون رسالة مختلفة .. ولكي تكون يسيره أيضا . شاب جنوبي : أخي العزيز بن فريد .. لا شك بأنك تتابع ناشطاتنا ونضالاتنا .. فمالذي يمكن ان تقوله لنا ؟.
نعم .. إنني اشعر بالفخر الكبير وانا أشاهد أعلام الجنوب ترفرف فوق كل سارية وترسم على كل جدار وتنقش على جبين كل حر وشريف .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز وانا أشاهد المسيرات الجنوبية وهي تهز أركان شوارع عدن فتهتز من تحتها دبابات الاحتلال وترتجف منها خوفا وذعرا قلوب الجنود الرابضين في أحضانها .. إنني اشعر بالفخر والاعتزاز عندما استمع إلى " صوت خصم " أو " صوت محايد " وهو ينطق بالحقيقة ويقول ان عدن تتحدث اليوم بلغة الاستقلال ومن يقول غير هذا فهو يكذب .. وفي تقديري ان هذا يحسب لكم أنتم " شباب الجنوب " ... وهذا واحدا من أهم وابرز انجازاتكم التي يحق لكم ان تفاخرون وتفتخرون بها .
ثم إنني اشعر بالطمأنينة والأمان .. وانا أشاهد عشرات الألوف من أبناء الجنوب ينصهرون في ساحات النضال في ملاحم وطنية لم يشهد لها تاريخ بلادنا مثيلا من قبل في الوقت تنبعث فيه من هنا وهناك روائح نتنه لخلافات سياسية مابين من يسمون أنفسهم ب" كبار القوم " .. أو " القيادات السياسية " .. اشعر بالطمأنينة والأمان لسبب ان هذا " الجمع الهائل الغفير " .. لا يدين بالولاء لا لهذا .. ولا لذاك .. وانما يدين بالولاء لله أولا .. ثم للدين ثانيا ... ولهذا الوطن المحتل ثالثا.. وفي تقديري أيضا ان هذا يحسب لكم انتم يا " شباب الجنوب " .. فإياكم والجنوح عن جادة الصواب هذه .. ابقوا دائما وابداً إلى جانب الشعب .. ملتصقين به .. ساكنين بين جوانحه .. ملتحمين بأحلامه وطموحاته .أخي العزيز بن فريد .. هذه إشادات نشكرك عليها ,, ولكن الكمال لله .. هل يمكن ان تحدثنا عن سلبياتنا أو ما ينقصنا ؟.
ان إي حركة نضالية تحررية لا يمكن لها ان تنتشر على المساحة الجغرافية التي تناضل على ترابها .. ولا يمكن لها ان تحقق أهدافها الوطنية التي تناضل من اجلها مالم تتوفر على آلة نضالية قوية .. قادرة على الحركة ... واقصد بذلك " المكون السياسي " .. فإذا أخذنا – على سبيل المثال – حركة 16 فبراير .. ولا ادعي هنا العلم بما هي عليه , ولكنني أقول أنها لا يمكن ان تكون حركة سياسية فاعلة ما لم تكن مكتملة العناصر من حيث :أولا : ( البينة التنظيمية ) المتماسكة والسلسة .ثانيا : ( النظام الداخلي ) .. الواضح النصوص .. الذي لا يحتمل التأويل والقادر على تحديد الصلاحيات وحسم الخلافات متى ما وجدت .ثالثا : ( البرنامج السياسي ) .. أو الرؤية السياسية النظرية لتعريف " قضية الجنوب " وحلها سياسيا " .. والرؤية السياسية لشكل الدولة في الجنوب .. وعلاقاتها الإقليمية والدولية .رابعا : ( البرنامج النضالي ) .. المحدد الخطوات .. الذي يعلم صاحبه كيف يبدأ ؟ .. وكيف يسير ؟ .. وما هي وسائله النضالية ؟ .. ومتى ينتهي ؟ .. وكيف يقيم نشاطه ليقف على أخطاءه ويصححها .. .

وبحسب علمي – وأقولها بكل أسف – انه لا توجد حتى الآن إي حركة أو كتلة أو مكون سياسي جنوبي يتوفر لديه " برنامج نضالي " يسترشد به أعضائه لكيفية تحرير الجنوب ! .. وهنا أرجو التمييز بأنني لا أتحدث عن " البرنامج السياسي " وانما أتحدث عن " البرنامج النضالي " .. على اعتبار ان الأول متوفر بغزارة لا حدود لها لدى الجميع لأنه عبارة عن " رؤية سياسية – نظرية " لتعريف قضية الجنوب وربما لكيفية حلها سياسيا .. في الوقت الذي يستلزم فيه " البرنامج النضالي " وضع خارطة طريق مزمنة .. ممكنة التطبيق للكيفية التي يمكن من خلالها تحرير الجنوب " ذاتيا " .. إي بالاعتماد على الذات وبالطرق السلمية ! لذلك فأنني ادعوكم إلى وضع خارطة الطريق هذه لتشمل جميع محافظات الجنوب على ان تكون البداية من المدينة التي تشهد تألقكم الحالي .. مدينة عدن .

ومن جانب آخر .. علي ان اشدد على ان اخطر سلاح مارسه الاحتلال ضدنا في الجنوب لكي يتمكن منا هو نشر " الجهل " بين صفوفنا ..! فقد تمكن الاحتلال خلال العقدين الماضيين من استخدام هذا السلاح الخطير في مجتمعنا الجنوبي , وخاصة بين شباب الجنوب .. ونحن نقول هذا للتأكيد على ان إي حركة نضالية تحررية لا تقوم على " فكر ناضج " سوف تتحول لاحقا إلى حالة من " الفوضى " ! .. فلا تكونوا في حالة خصومة مع المعرفة والاطلاع .. وليكن " الكتاب " صديق وقت الفراغ .. وليكن " مثقفي الجنوب " وثيقي الصلة بكم .. اذهبوا إليهم .. تحدثوا معهم .. استمعوا لهم .. ناقشوهم .. حاوروهم في مختلف القضايا الفكرية , فلديكم " تيار مثقفون من اجل جنوب جديد " .. التصقوا بهم .. خذوا منهم .. استرشدوا بهم .. إنني اجزم هنا بأن هؤلاء النخبة هم خير عون لكم في هذه المرحلة.

وأخيرا .. وليس آخر .. علينا ان نعترف جميعا بأننا تربينا في أجواء غير ديمقراطية , ابتداءا من المنزل .. ومرورا بالمدرسة .. وانتهاءا بالحزب السياسي ان وجد .. وهذا في مجموعه يعني " رسوخ " قيم غير ديمقراطية في فكرنا وفي ممارساتنا ..في الوقت الذي نناضل فيه تحت عناوين " الديمقراطية " و " واحترام الرأي الآخر " ...!! ان هذا الاعتراف المنيع ان جاز التعبير سيقودنا نتيجة منطقية تخبرنا ان سر النجاح في عملنا يتركز أولا وقبل كل شئ في الانتصار على هذه " الذات " المعادية للديمقراطية .. أنها الفايروس الأول والأخير لجميع خلافاتنا وصراعاتنا وإمراضنا ونزعاتنا الذاتية ...

وفي رأيي الشخصي ان " الحوار " بنفس هادئة .. رضية .. قابلة لتغيير وجهة النظر إذا ما استشعرت الصواب هو العلاج السليم لهذا المرض المستشري ... فما أسهل ان نتحدث عن قيمة الحوار كفضيلة وما أصعب ان نقبل بالحوار كعمل وما أعسر ان نقبل بما يمكن ان ينتجه هذا الحوار من حلول فيما بيننا .تحياتي لكم .

*خاص لصحيفة (عدن الغد) من عمود (حديث الاربعاء ) المنشور بالصفحة الاخيرة من الصحيفة الورقية ليوم الاربعاء من كل اسبوع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.