قال العقيد الليبي معمر القذافي إن انسحابه من مقره في مجمع باب العزيزية في العاصمة طرابلس "كان تحركا تكتيكيا" بعد أن تحول المجمع إلى "طوب وحجارة جراء 64 غارة جوية لحلف شمال الأطلسي" (ناتو). وتعهد القذافي في تصريح له عبر محطة "إذاعة طرابلس" المحلية نقلته أيضا محطة تلفزيون "العروبة" بمقاومة ما سماه العدوان بكل قوة حتى النصر أو الاستشهاد.
وكان الثوار قد سيطروا على مقر القذافي بعد أيام من القتال في طرابلس. وشوهد علم الثوار يرفرف على منزل القذافي أمس الثلاثاء. وقال المتحدث العسكري باسم الثوار العقيد أحمد عمر باني إن "باب العزيزية بات تحت سيطرتنا بالكامل، والقذافي وأبناؤه لم يكونوا في المجمع". أما المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي جمعة القماطي فقال أمس إن القذافي "موجود في طرابلس أو بالقرب منها ولا نعتقد أنه غادر البلاد، ونعتقد أنه ما زال داخل ليبيا وأنه إما في طرابلس وإما بالقرب منها، وسيتم العثور عليه إن عاجلا أم آجلا، سواء حيا أو مقبوضا عليه، وهذه أفضل نتيجة نريدها وإذا قاوم فسيكون ميتا".
وأمس الثلاثاء قال رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج الروسي كيرسان إيليومغينوف إن "القذافي أبلغني هاتفيا أنه لا يزال حيا في طرابلس وفي صحة جيدة، ولا يعتزم مغادرة المدينة وأنه سيقاتل حتى النهاية". وقال إيليومغينوف -الذي زار ليبيا أثناء حملة القصف من حلف الناتو والتقي القذافي- إن محمد الابن الأكبر للقذافي تحدث إليه هاتفيا بعد ظهر الثلاثاء وأعطى الهاتف لوالده الذي قال إنه في طرابلس وعلى قيد الحياة وبصحة جيدة ومستعد للقتال حتى النهاية وأوضح أن القذافي قال له ""أنا حي وبحالة طيبة، أنا في طرابلس ولن أغادر ليبيا، لا تصدقوا تلفاز الكذب الغربي، أنا على قناعة بأننا سنكسب". وعبر القذافي -حسب إيليومغينوف- عن شكره لجميع من دعموه، في حين قال نجله محمد مكملا إن القوات الموالية له ولأبيه "ستطرد الجرذان من المدينة". وفي مقر الأممالمتحدة بنيويورك قال إبراهيم الدباشي نائب السفير الليبي لدى المنظمة الدولية أمس إن المعارضين الليبيين سيبحثون لائحة الاتهامات ضد معمر القذافي وابنه سيف الإسلام ومدير مخابراته مع المحكمة الجنائية الدولية لكنهم يريدون محاكمتهم في ليبيا. وأكدت وزارتا الدفاع والداخلية التونسيتان الثلاثاء أنه لا يوجد أي مسؤول في نظام القذافي حاليا في الأراضي التونسية، في حين أعلن مسؤول في وزارة الدفاع التونسية أن النقطتين الحدوديتين الرئيسيتين بين تونس وليبيا تم إغلاقهما الاثنين لكن العبور يظل ممكنا لحالات معينة.
وعلى الصعيد الدولي، أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عقب اتصال هاتفي بنظيره الأميركي باراك أوباما أمس أن البلدين "سيواصلان جهدهما العسكري حتى يستسلم القذافي ومعسكره". وقالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إن المعارضة الليبية تسيطر فيما يبدو على أغلب طرابلس، مضيفة أنها ما زالت على رأيها بأن القذافي لم يغادر البلاد. وقال المتحدث باسم البنتاغون العقيد ديف لابان إن قدرات القيادة لقوات القذافي تضاءلت لكنها لا تزال خطرة. وأضاف أن الولاياتالمتحدة تراقب مواقع الأسلحة الكيماوية في ليبيا وسط قلق في الكونغرس من احتمال وقوع تلك الأسلحة في أيادي أطراف خارجية. من جهته قال حلف شمال الأطلسي أمس إنه لا يعرف مكان القذافي، معتبرا أنه ليس من المهم معرفة مكان اختبائه. وذكر المتحدث باسم الناتو العقيد رولاند لافوي أن مكان اختباء القذافي "ليس مهما لأن حل هذا الموقف سيكون سياسيا، وليس من المرجح أن يكون القذافي جزءا من الحل، فهو لم يعد لاعبا". وقال "نحن لا نستهدف الأشخاص، والقذافي ليس هدفا للناتو"، وأضاف "إذا غادر القذافي البلاد وساعد في عملية التوصل إلى حل فإننا بصراحة سنكون سعداء". ومع ذلك اعترف المتحدث ب"القيمة الرمزية" لاعتقال العقيد الليبي. وفي باريس قال وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونجيه أمس إنه من غير الواضح ما إذا كان القذافي لا يزال في العاصمة الليبية، ودعا أنصاره الذين يخوضون المعارك الأخيرة في شوارع طرابلس حاليا إلى إلقاء أسلحتهم.