اليمن بتاريخه الكبير العظيم الذي تجد ذكره في كل الكتب والمصادر العربية والأجنبية الحديثة والقديمة للمكانة التي تمتعت بها اليمن قديما، بل قد تجد في كتب الأخباريين وأهل التاريخ من نسج الحكايات والأساطير عن اليمن التي لا يمكن أن يتقبلها عقل أو يصدقها طفل كل ذلك بسبب حبهم لليمن وإفتخارهم بتاريخها ولايخفى أن تاريخ اليمن ضارب في أعماق الزمن. واليمنيون لا يحتاجون إلى أساطير وخرافات تنسج هنا وهناك لأن لديهم من التاريخ والتراث ما يغنيهم عن الخرافات والأساطير وإذا أراد الباحث أن يكتب عن اليمن فإن كتابته لن تتسع لها المكتبات والخزائن. هذا الماضي والتاريخ العظيم الذي يحمله اليمنيون والذي كان من المفترض أن يكون عاملا قويا جدا في بناء حاضر اليمن الجديد ومستقبلها. لكنهم لم يحسنوا الاستفادة منه في بناء وطنهم وتطويره بل حولوا وطنهم لساحة للصراعات بين الدول هذه الصراعات أُدخلت اليهم من أعدائهم فرقت المجتمع اليمني ومزقته وأصبح اليمنيون أدوات في أيدي غيرهم يستخدمونهم في ضرب بعضهم البعض وكلما *خمدت فتنة أثار أصحاب المصالح فتنة أخرى* حتى أنهكت الحروب والخلافات والصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية المجتمع وهذه الصراعات والتدخلات قديمة والذي يقرأ التاريخ يدرك ذلك وكل التدخلات هي من أجل المصالح والنفوذ. هذه التدخلات الخارجية في اليمن وإن حملت أثواب جميلة وظهرت بمظاهر حسنة لكن الحقيقة تظل انها تدخلات من أجل أطماع ومصالح لتلك الدول في اليمن بسبب الموقع الذي حباه الله لليمن من لدن الاحباش في أول معركة بحرية تصفها النقوش القديمة قبالة عدن وانتصرت اليمن وبعد ذلك تدخل الساسانيون الفرس ثم الرومان الذين احتلوا عدن لأنها نافست القسطنطينية واليونان ثم البرتغاليين والانجليز كم دمرت هذه الصراعات اليمن وأخرته كثيرا كم سفكت من دماء وخربت من بيوت ورملت من نساء كم وكم... هذه الحروب التي ليس لليمن ولا اليمنيين ناقة فيها ولا بعير إنما المستفيذ من ذلك أطراف أخرى. إلى متى سيستمر الصراع والقتال *متى سيعقل أهل اليمن* ويجتمعوا لبناء بلدهم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا الأجيال تنتظر منا الكثير نريد البناء نريد تشييد المصانع والسدود نريد تربية وتعليما نريد اقتصادا وتنمية زراعية وحيوانية. *فهل عجزت اليمن أن تخرج لنا شخصا يعيد لها مجدها وعزها ويبني عقول أبناءها ويرفع من اقتصادها ويسعى لحقن دماءهم ويجمعهم ويؤلف بينهم أم أننا سنبقى على هذا الحال أدوات بأيدي أصحاب النفوذ والمصالح يحركونا كيفما شاءوا ومتى أرادوا* *وقد أدرك القمندان في هدية الزمن* هذه الحقيقة قديما حيث قال وكانه يتكلم عن هذه الأيام التي نعيشها اليوم بعد أن تكلم على الفتوحات المجيدة ومن ملك اليمن ثم قال وصار حكم اليمن لمعاوية فابن الزبير فخلفاء بني أمية فخلفاء بني العباس.. وطول تلك الفترة لم يكن أحد من الملوك *يفكر في إعادة مجد اليمن وتشييد سدودها وإنهاض أهلها* بل كانوا يجتهدون في جمع المال و أخذ الرجال وكان كل الانشغال بالفتوحات المشهورة في التاريخ ولم يستفد اليمن من مجد التمدن الإسلامي فائدة تذكر ولم يتمكن اليمانيون من التفكير في أسباب سقوطهم لأن أمرهم ليس بيدهم بل بيد غيرهم من الحكام ... واليمانيون إلى اليوم يتنازعون ويتعادون لمجرد الخلاف في أفضلية علي بن أبي طالب على أبي بكر الصديق وهل يلعن معاوية أو يترضى عنه وهل انت ناصبي شافعي أم زيدي رافضي. فاشتغل أهل اليمن القحطانيون مئات من السنيين بهذه التراهات والسخافات (التي يغذيها أعداءهم) فتمكن الخلاف وتعذر الائتلاف *يقاتل بنو قحطان بعضهم بعضا باسم المذهبية لإرضاء الحاكمين فما انتهينا من حرب القرامطة حتى ابتدأت فتنة الإسماعيلية وما استرحنا من فتنة الإسماعيلية حتى قام بنو عبدالنبي وما خلصنا من فتنة مهدي بن عبدالنبي حتى ظهرت قلاقل الزيدية فكلها فتن مذهبية وحقيقة المقصد منها الملك والسلطان لاغير* مسكينة قبائل قحطان تفنى رجالها وتذهب أموالها وتسيل دماءها وتخرب بلادها لنصرة دعاة مهوسيين فتمادت قحطان في الهبوط وطال عليها القعود فالثياب جلود وفي البلاد دمار وفي السلع بوار وفي الرزق إقتار والجوع موجع والفقر مدقع والجهل فاحش والحالة توحش، فهل يصدق من رآهم اليوم أن أجداد هؤلاء بنو قصورهم بالذهب الوهاج وبالحجارة الكريمة ورصعوا أبوابهم المصنوعة من العاج وطبخوا طعامهم بخشب العود والصندل وكانت أوانيهم وأثاثهم وموائدهم ومحاسنهم مما تبهر الألباب وتبعث العجب العجاب فإلى متى الغفلة؟ فياسامع خفي البكاء إليك وحدك الشكاء. أنتهى فمتى سيفهم أهل اليمن الحقيقة حقيقة الصراع متى سيفرغون من الاقتتال فيما بينهم متى سنعرف الصديق من العدو والصادق من الكاذب متى سنجتمع ونتفرغ للبناء والتشييد والتعليم والابتكار فهل سيعي المجتمع ذلك ام انه لا حياة لمن تنادي