عصر امس الاحد.. كان اخر يوم له في هذه الدنيا.. مودعا الارض والتراب والناس الذين احبوه واحبهم.. نعم انها رحلة لا عودة فيها ولن نعود لرؤيته في الساحات والمسيرات واللقاءات وصفحات الجرائد بل وفي بيوت الله التي لازمها منذ سنين ..خاصة مسجد الغفار في المعلا.. يدعو وينصح ويناقش بروح ابوية محبة ومناضلة ومضحية حتى اخر ساعة من حياته.. فاروق مكاوي.. النورس المحلق في سماء عدن منذ عرفناه في شبابه حتى كهولته الشابة قلبا وعطاء ونضالا.. ذاك هو الرجل الصريح المواجه غير المهادن في سبيل عدن وحق ابناء عدن واهل عدن.. واليمن كلها.. صحيح انه كرس جل حياته لعدن نعم.. لكنه كانت له مواقف واضحة ضد الاحتلال العفاشي والعسكرتارية التي دمرت عدن والجنوب وضد الحوافيش الغزاة الذين ابادهم ابناء عدن وحرروا المدينة من نجسهم وعدوانهم الحقير بدعم واسناد التحالف العربي والامارات تحديدا.. وكانت روحه مع كل الناس في عدن بمن فيها دون تمييز.. وكان البعض يظن الرجل عكس ذلك.. وهو فهم خاطئ.. ولا يمكن للمكاوي ان يكون الا المنافح عن المدينة والمدنية بكل ما تعنيه الكلمة من معان كبيرة. كان فقيدنا منذ شبابه معروفا بنضاله ودفع ثمنا باهضا من صحته في سجون ومعتقلات البريطانيين لانه كان من العناصر القيادية في الجبهة القومية ويعلم رجال السياسة والفدائيين من هو فاروق مكاوي.. واخص بالذكر ممن عاشوا معا في النضال وفي السجون ومنهم.. ابو بكر شفيق. مهيوب علي غالب. عبدالنبي مدرم. عبدالفتاح اسماعيل. صالح باقيس. سالم ربيع علي. راشد محمد ثابت.. ومئات المناضلين الذين اتذكر بعضهم وبدون ترتيب لان الحزن والالم يجعلنا مشتتي الافكار.. اقول ان خسارتنا في رحيل ابي جسار كبيرة ولكن هي ارادة الله.. ولكل اجل كتاب.. لكنا فقط نشير ونذكر الغافلين في الدولة والسلطات الى انهم قصروا بكل فضاضة في حق مناضل صلب ولم يعيروه اي اهتمام بعد تحقيق الاستقلال عام 1967م ولو انه قد تبوأ مركزا في سكرتارية مجلس الوزراء لكنه لم يدم فيه طويلا واحيل الى المعاش وهو في قمة عطائه ونضوجه الفكري الذي لا يضاهى.. هكذا تُرك المناضل الجسور فاروق مكاوي.. ولم يقابلوا وفاءه بما يليق من تكريم وتقدير واعزاز.. ومثله كثيرون ولا مجال لتناولهم في هذا الموقف الاليم.. لقد صدمنا بالرحيل المفاجئ لانسان شريف عفيف نظيف اليد والعقل.. نعم صدمنا لاننا كنا نعيش معا (الحلوة والمرة) كما يقولوا.. وفي المعلا عشنا سنين متتالية نلتقيه صباح مساء وفي الميادين والمليونيات كان في مقدمة الصفوف رغم مرضه وصعوبة المشي لآلام في ركبتيه.. كان شعلة لا تنطفئ ابدا.. ذاك هو فاروقنا النورس الذي رحل الى السماء حاملا معه امال العدنيين والجنوبيين في تحقيق اهداف كان يجاهر بها واولها..(حق ابناء عدن)في قيام كيان ودولة لهم كغيرهم من شعوب العالم.. رحمك الله ايها الحبيب الراحل.. وستظل في عقولنا وقلوبنا ماحيينا.. يا انبل الرجال واغلاهم.. وسلام عليك ايها الحبيب في رقدتك الابدية..