كيف ستبدو عدن بعد رحيل هادي عنها؟ هل ستتولى الإمارات رسميا إدارة عدن وتحمل مسؤولياتها؟ لماذا اختار الرئيس هادي المهرة وماهي خطواته القادمة؟ انتقال الرئيس هادي للمهرة.. هل ينهي الاحتجاجات المناوئة للتحالف بالمحافظة؟ معين.. أينجح في الوصول إلى تسوية بين الشرعية والإمارات؟ هادي .. إلى الشرق در تقرير: محمد فهد الجنيدي اكدت مصادر حكومية يوم الاثنين ان الرئيس عبدربه منصور هادي يدرس مقترحا بنقل مقر اقامته من العاصمة السعودية الرياض إلى مدينة المهرة الساحلية شرق اليمن. خطوة سياسية من شأنها في حال ما تم تأكيدها ان تثير جدلا سياسيا واسع النطاق حول الرئيس الذي منع من العودة إلى عاصمة بلاده المؤقتة. خلافات سياسية نجح هادي في فبراير من العام 2015 من الافلات من قبضة الحوثيين حيث استقر بمدينة عدن قبل ان يغادرها لاحقا تحت وطأة هجوم للمليشيات ذاتها في اواخر مارس من العام نفسه. عاد هادي لاحقا إلى عدن أواخر العام نفسه عقب تحرير عدن من قبضة مليشيات الحوثي لكن خلافات سياسية اندلعت بين إدارته والحكومة الإماراتية المشارك الرئيسي في التحالف العربي الذي تقوده السعودية تسبب بمنع الرجل من العودة إلى عدن لأكثر من عام. ورغم أن تهدئة بسيطة بين الجانبين اواخر رمضان الماضي سمحت بعودة مؤقتة لهادي إلى عدن وانتهت هي الاخرى بواقعة منع مماثلة حينما قرر هادي العودة مجددا إلى عدن عقب زيارة قصيرة إلى جمهورية مصر العربية. وظل الخلاف بين هادي والإمارات محورا اساسيا لفوضى تصاعدت في عدن التي تغيب فيها سلطة الدولة منذ 3 سنوات مضت. ويتبادل جانبان أحدهما على صلة بالإمارات وآخر بالشرعية اتهامات بالتورط في دعم أعمال الفوضى والاغتيالات في المدينة المضطربة. ورغم السيطرة لقوى مسلحة تابعة للإمارات على الوضع في عدن إلا أن أجهزتها الرسمية دأبت على الحديث عن أن عدن تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية. هكذا رمى هادي المسؤولية على الإمارات؟ وفي حال ما اتخذ هادي قرارا بالبقاء في المهرة وممارسة مهام عمله منها فإنه وبحسب مراقبين سيرمي الكرة في الملعب الإماراتي فيما يخص المسؤولية عن الوضع العام في عدن، رغم ان الحكومة اليمنية والرئاسة لم تصدرا بيانا رسميا توضيحا واكيدا حيال هذه التسريبات. ولا تبدو المهرة بدورها المكان الأنسب لوجود الرئيس عبدربه منصور هادي وإدارته هناك فالمدينة التي كانت على الهامش لسنوات طويلة باتت محور احتجاجات شعبية مناوئة للسعودية فيها تقول أطراف معارضة لهذه الاحتجاجات بأنها ممولة من سلطنة عمان. وأمور كهذه تعني ان وجود هادي هناك ربما يعزز حركة الاحتجاجات ويدفع إلى مزيد من التوتر المتصاعد. عدن بدورها قد لاتبدو افضل حالا مع اتخاذ هادي قرارا بالابتعاد عنها ففيها تتواجد الحكومة الشرعية ورئيسها الجديد. قبل اسبوعين من اليوم اصدر هادي قرارا قضى بتعيين احمد سالمين محافظا للمدينة عقب أكثر من عام على استقالة محافظها السابق عبدالعزيز المفلحي. ورغم أن الرجل مارس خلال الأشهر الماضية عمله محافظاً للمدينة إلا أنه لايزال ممنوعا من دخول مكتبه كما يسيطر موالون للمحافظ الأسبق على مفاصل مهمة في الجهاز الإداري والمالي للسلطة المحلية بعدن. في الاتجاه الآخر بدأ رئيس الحكومة الجديد معين عبدالملك أكثر تصالحا تجاه الإمارات خلال برنامج حواري بثه التلفزيون الإماراتي قبل ايام. ويدرك معين إلى حد بعيد انه لا يملك قدرة التحرك في عدن دونما ضوء أخضر إماراتي لذا بدا وكأنه قرر الابتعاد عن الملفات السياسة الساخنة على امل إحداث حالة من التغيير في عدن. في المقابل قابلت الإمارات هذه التحركات الايجابية من رئيس الوزراء الجديد بإيجابية اكثر وذهبت إلى تجميد نشاط المجلس الانتقالي مؤقتا. ورغم حالة التقارب الاخيرة بين رئيس الوزراء الجديد وبين الحكومة الإماراتية الا ان جبل الجليد لايزال يبدو كبيرا للغاية فأبوظبي اعلنت مرارا وتكرارا تبرمها مما تراه جهدا حكوميا لصالح جماعة الإخوان المسلمين وسيطرة منها على مفاصل الرئاسة اليمنية في حين ترى الاخيرة ان ما يحدث هو تدخل إماراتي في الشأن الرئاسي اليمني وتعده بالمرفوض. وفي مواجهة هذه التطورات يبدو المشهد منقسما ما بين رئيس سيختار أقصى الشرق مقراً لإقامته ورئيس حكومة يقبع بأقصى الغرب وما بينهما مدن ومحافظات متناثرة تشكو غياب الدولة وحضورها. هل سيتخلى هادي عن عدن بشكل نهائي؟ تؤكد مؤشرات الأحداث من خلال منع هادي لعدة مرات من زيارة عاصمته المؤقتة، أنه قد يحظى على الأقل بحرية في تنقلاته ما بين المهرة والرياض في حال اختار فعليًا المهرة مقرًا لإقامته المؤقتة خلفًا لعدن. ولا يمكن تأكيد اختيار هادي للمهرة مقرا نهائياً له، إلا ما إذا أعلن هو بذاته او حكومته ، ليكون بذلك أكد رسميًا أنه يشعر بالانزعاج من العودة إلى عدن كما سيؤكد أنه يتم منعه من العودة إجباريًا.. وبدأ هادي منزعجا بالفعل بحسب ما يرى مراقبون من خلال خروجه عن المشهد السياسي في اليمن ، وسفره المفاجئ إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. ويقول المراقبون، ان الرجل قد يجري فحوصات طبية اعتيادية في الولاياتالمتحدة، ولكنه أيضًا يشعر بالانزعاج من فرض القرارات الاجبارية عليه ما يجعله يؤخر عودته إلى المنفى الاختياري بالعاصمة السعودية الرياض. هادي واحتجاجات المهرة يمتاز هادي بعلاقة حميمية مع الرياض التي يطالب المحتجون بخروج قواتها من المحافظة، ما سيؤدي تدخله إلى توتر العلاقات بين الطرفين. وكان وزير الإعلام في حكومة هادي معمر الإرياني هاجم المحتجين، قائلا: انه بينما الرئيس عبدربه منصور هادي والاشقاء والاصدقاء يبذلون جهودا لحلحلة الاوضاع السياسية وتخفيف وطأة الاوضاع الاقتصادية والانسانية الصعبة على المواطنين منذ اربعة اعوام، تواصل بعض الاطراف مساعيها لافتعال معوقات ومشاكل في المهرة التي ظلت طيلة الفترة الماضية خارج دائرة الصراع. ولفت الإرياني، إلى أن هذه الانشطة المشبوهة في المهرة تهدف إلى تشويه دور الحكومة والتحالف بقيادة السعودية، وتأكيد على مساعي منظمي الاعتصام ومن يقف خلفهم لإغراق المحافظة في الفوضى والصراع الداخلي لتسهيل عمليات التهريب ومحاولة تخفيف الضغط على جماعة الحوثيين في محاور الحديدة وصعدة والبيضاء . أمل أخير لم يبقَ للرئيس عبدربه منصور هادي سوى أمل أخير متعلق برئيس وزرائه معين عبدالملك، في ضبط إيقاع العلاقة مع ابوظبي. وتسود بين معين وأبوظبي علاقة حميمة لم تظهر عليها شوائب حتى اليوم. لكن هذه العلاقة لم يعرف ما إذا سيطول أمدها خصوصاً أن رئيس الوزراء السابق كان يحظى بعلاقة حميمة هو الآخر بأبوظبي قبل أن تتوتر وتصل إلى نقطة النهاية. ومن المؤكد أن بقاء علاقة معين بأبوظبي جيدة سيفضي إلى تصحيح الانعوجاج الذي سرعان ما يعود قبيل تصالح علني بين هادي والإمارات. هكذا سيبدو حال عدن؟ في حال تخلى هادي عن العاصمة المؤقتة عدن سيضع أبوظبي في موقف صعب، كون تخليه عنها وانتقاله إلى المهرة سيعني ترك الساحة لها، ووقوع اضطرابات فيها ستنعكس عليها سلباً، ما سيدفعها إلى النهوض بالمدينة المضطربة منذُ أربع سنوات، ومن جهة أخرى ستتخلص المدينة من تشكيلات مسلحة موالية لهادي لتجنب اي صدام آخر محتمل مع القوات الموالية لأبوظبي. وتعيش المدينة منذُ اربع سنوات غلياناً نتيجة تواجد التشكيلات المسلحة مع انعدام الاستقرار والخدمات والبنى التحتية. ومن شأن إخلاء الشرعية الساحة أن يعيد الاستقرار للمدينة والخدمات الأساسية أولًا ثم الانتقال إلى البنى التحتية، كونها ستكون بيد طرف واحد. وشهدت المدينة صراعاً في يناير الماضي بين هذه التشكيلات أدى إلى سقوط العشرات من الضحايا. ونجحت التجربة الإماراتية في محافظتي حضرموت وشبوة الأمنية خصوصاً وهي الأهم عندما وجدت الساحة خالية ، مايعزز الأحاديث حول ضرورة بقاء طرف واحد في مدينة عدن.