هكذا سيهزم الجمع ولن يبقى الا المشروع الخارجي ، ابتداء من عدن التي غادرها اصحاب العمائم الى مناطقهم وجبالهم ، مرورا بكيانات مناطقية بعيدة كل البعد عن مفهوم الدولة ، وانتهاء بدويلات متصارعة في كل اليمن جنوبه وشماله تحركها يد خارجية واحدة ، شكل جديد لن يترك اي اثر لمفهوم الدولة في حدها الادني الذي عرفه الشعب اليمني سابقا ، المشروع القادم عبارة عن نظام اقطاعيات اي نظام اجتماعي اقتصادي سياسي حربي ، قائم على هيمنة فئات مستندة الى ادعاء تاريخي مزيف ، ادعاء بالحق في الامارة والمشيخة وحيازة الارض . نظام سيعيد تنظيم العلاقة بين افراد المجتمع وهؤلاء القادمون من زمن الاقطاع ، في نموذج يروج له على انه يشبه في ظاهرة انه سيوصل عامة الشعب لحالة شبيهة بحالة الترف في الدول المجاورة ، وفي الحقيقة يحمل في باطنه العبودية والقمع والجهل والفقر في ابشع صورها مستقبلا ، ، ولن يكون الا في شكل السيد الاقطاعي الذي يمتلك القدرة على تسخير الكل لمشروعه الخاص والسيطرة على المجتمع ومؤسسات الدولة المزعومة ، والتابع وهم عامة الشعب الذين يجب عليهم ان ينسوا تلك الشعارات التي صرخوا بها في ميادين الثورة من اجل الحرية والعدالة والمساواة ، والعمل فقط لما يريد سيدهم وعليهم ان يبقوا فيه حفاة شعث غبر وعليهم ان ينقلوا ارث العبودية الى ابناءهم ايضا . ان المرحلة الحالية والقادمة هي اكبر بكثير من ان نفهمها ، فهي لاتشبه ما يجري على الساحة المحلية ولا تشبه اصوات الحفاة الشعث الغبر الذين يأتون من مسافات بعيدة ، مسافات تقطع الانفاس وهم يزحفون على بطونهم الخاوية ليهتفوا بشعارات الحرية والعدل والمساوة في وطن يأملون مجيئه لا يشبه وطنهم . ان القادم اسواء بكثير من الماضي التعيس ، لكنه جميل للقادمين من زمن الاقطاع ، الحالمين بالإمارة . في الحقيقة الان يعتقدون انه لم يعد مجدي العنف الثوري الذي صدعوا به رؤوس الشجر و الحجر لسنوات خلت وعليهم ان يعودوا الى بيوتهم لانه لا يوجد في قاموس الاقطاع الجديد شي اسمه ثورة ، ولن يكون ذو جدوى سلاح الصدور العارية ، تلك التي وقفت امام الدبابات والمدفعية والكلاشنكوف يوما ما ، لان الكل قد وقع في المصيدة ، مليشيات يقودها الثوار وجنودها المحتاجين وتحركها ادوات الاقطاع ، مليشيات حتى لو تسير باتجاه اخر فهذا لايهم فمؤسسة المليشيات مصدر الدخل الوحيد وستبقى كذلك ليبقى الكل جنود ، المؤسف في الامر ان هناك شريحة واسعة من المجتمع تصدق ان هناك اخلاص ووفاء بين الدول ، لكن اجزم انه لم يحدث في التاريخ ان دولة مجاورة صنعت من جارتها دولة عملاقة مهما كانت العلاقات ، ولو تملك بعض الدول القدرة والهيمنة ماتركت لجارتها ان تكون حتى شبه دولة ولشعبها غير صورة الحفاة الشعث الغبر .