إن الثلاثين من نوفمبر الذي أعلن فيه استقلال جنوباليمن وإعلان قيام جمهورية اليمن الديمقراطية عام 1967م،كان يوما عظيما،ليس يوماً عاديا يمر علينا مرور الكرام فالجميع ينشغل بالحديث عن هذا اليوم، بالكتابة عنه وبما أتيحت لهم من فرصة ووسيلة،وفيه نبادل الشهداء الوفاء والجرحى والمعاقين ولو من باب بالتعبير بالكلام لإن الشعور العظيم بعظمة هذه المناسبة الوطنية يدفعنا للتعبير عنها،ولنترحم فيه على أرواح الشهداء. ولنعبر عن حبنا وتقديرنا لمن ناضلوا في سبيل بلوغ هذا اليوم وهذا الهدف المنشود،فهو اليوم الذي سطره التاريخ بأحرف من ذهب،يوم رأى فيه أجدادنا النور والأمل،وحققوا ما عاهدوا الله عليه،بالتتويج بالنصر الأكبر يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م،مشوار وإنجاز عظيم لم يكن مفروش بالورود ولم يكن ليتحقق إلا بفضل التكاتف والتلاحم وروح الإرادة والعزيمة والقناعة وحب الهدف. هذا المشوار النضالي الذي بدا بإشعال فجر الثورة من جبال ردفان الشموخ بقيادة الشهيد راجح غالب لبوزة وكانت هناك جهود نضالية قد سبقت شرارة أكتوبر لكن أكتوبر خطط لها ونفذت بشكل منظم،وذلك بعد عودة كوكبة من جيل المناضلين من شمال اليمن،كانوا في مهمة مساعدة ثوار الشمال ضد نظام الإمامة،ثم عادوا بعد تضحيات قدمت من قبل المناضلين وبدأ من ردفان مشوار نحو استعادة وطن هو ثورة أكتوبر المجيدة التي هزت عرش إمبراطورية الانجليز التي استسلمت في النهاية لإصرار أولئك المناضلين في ملاحم بطولية جغرافية في السهول والجبال والوديان ومن مواقع أسطورية ستبقى شامخة. ثم أمتد هذا المد الثوري الهائج ليشمل باقي مناطق ومدن الجنوب لينتهي في عدن على مدى أربع سنوات من التضحيات من سقوط الكثير من الشهداء والجرحى إضافة الى تضحيات في الممتلكات،لقد كانوا أبطالا أدخلونا التاريخ،ورفعوا أسم بلدنا عاليا في السماء وأصبحنا مفخرة وقصصا وروايات وأشعار وأغاني يحكيها الزمن،إنه تاريخ كبير وعريق جدا يفتخر به الكبير والصغير ونضال معمد بالدم مشهود له في كل زمان ومكان،أفتخر بأن أجدادي صنعوا تاريخ أفتخر به أنا وغيري وتفتخر به الأجيال القادمة على مدى الزمن، تاريخ بدأ من ردفان وانتهى في عدن وكان الانجاز وطن،تحية لكل أولئك الأبطال الشهداء رحمهم الله،وتحية إلى الجرحى والمناضلين ممن لايزالون على قيد الحياة من أبطال أكتوبر من ثوار الكفاح المسلح والعمال وغيرهم،ونترحم على أرواح شهداء انتفاضة القضية على أمل أن تتوج تلك التضحيات بتحقيق الأهداف،نعيش مناسبة الذكرى ال51 للاستقلال الوطني الثلاثين من نوفمبر في عامنا هذا 2018م، وتأتي هذه المناسبة في ظل وضع معيشي غير مستقر تمر به بلادنا،هناك الكثير من جوانب الحياة لم تستقر بعد كالكهرباء والرعاية الصحية،ومشاكل صرف صحي، وهيكل أمني وعسكري غير مستقر ولا موحد في محافظاتنا الجنوبية، وقلق يعم في السكان وتنتشر الأمراض الوبائية التي تهدد حياة الكثير من الأطفال في مختلف الأعمار وفساد كبير في كثير من الأجهزة الإدارية،فالذي يعيش على الواقع يتساءل عما إذا كانت هناك جهة توجد على الواقع لتحتوي معاناة الناس وتقترب منهم ويأملون أن يروا ذلك في قادم الأيام ،هناك حال صعب للمناضلين صناع هذا التاريخ، لايزال منهم على قيد الحياة يعانون من المرض وبحاجة إلى علاج. والمعاشات التي يتسلمونها تأتي بشكل متقطع مع أنه من المخجل أن يطلق عليها معاشات،فالكلام كثير عن الأحوال التي تحتاج إلى تحسين،وأكتفي في ختام كلامي هذا بتوجيه رسالة للحكومة وهو أن زيادة مرتبات المناضلين والشهداء يمثل نوع من التقدير والاحترام لهم،فهل سنرى هذا يحدث في قادم الأيام،كذلك رسالة لأبناء ردفان،وهي أن متحف الثورة في ردفان الذي يعد مهدا وصرحاً ومنشأة ترمز إلى ثورة أكتوبر اليوم أصبح مكاناً تغطي جدرانه وأرضيته الأتربة وأبوابه قد سرقت وإن أستمر حاله هكذا سيتم البسط عليه ويتحول إلى مسكن،وبات على السلطة المحلية في ردفان بدرجة رئيسية التحرك،كذلك على النشطاء والشخصيات والمشائخ والغيورين على هذا الصرح الثقافي التاريخي التحرك لإعادة نشاطه من جديد ليخدم الأجيال القادمة.