الإبراهيمي يخيّر السوريين بين "الحل السياسي أو الجحيم" في ظل تصاعد وتيرة العمليات العسكرية في مناطق مختلفة من سوريا ومحاولة كل من قوات الأسد والمعارضة كسب المعركة على الأرض بعد أن "فشلت" دبلوماسيا. دمشق - تستمر العمليات العسكرية في سوريا بوتيرة تصعيدية مع محاولات لقوات النظام والمعارضة المسلحة تحقيق نقاط على الأرض، في وقت لم تنجح التحركات الدبلوماسية المكثفة التي شهدتها موسكو خلال الأيام الماضية في فتح كوة في الأزمة المستمرة منذ 21 شهرا. ورغم أن عدم بروز أي أفق للحل نتيجة المحادثات التي أجراها الموفد العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي في روسيا خلال اليومين الماضيين وقبلها في دمشق مع الرئيس بشار الأسد، إلا أنه قد أعلن موفد الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية من القاهرة الأحد ان لديه "مقترحا للحل" قد يحظى بموافقة الجميع. وتشترط المعارضة السورية تنحي الرئيس السوري بشار الأسد كشرط أساسي للحوار مع النظام. ويقول مراقبون إن غياب هذا الشرط عن أي مبادرة دولية للحل في سوريا لن يغير من الأوضاع الحالية. ويرفض النظام السوري الخوض في أي مفاوضات تتضمن بندا له علاقة ب"تنحي الأسد" عن الحكم. وقال الإبراهيمي في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي إن الوضع في سوريا "سيء جدا جدا ويتفاقم كل يوم". وأضاف: "إذا كان خمسون ألفا قتلوا خلال ما يقرب من عامين فإن الأزمة اذا استمرت لا قدر الله سنة أخرى سيقتل 100 ألف"، مجددا التحذير من انه "اما الحل السياسي أو الجحيم". وقال الإبراهيمي إن لديه "مقترحا" للخروج من الأزمة السورية "يمكن ان يتبناه المجتمع الدولي"، موضحا ان هذا المقترح يستند إلى إعلان جنيف الصادر في حزيران/يونيو 2012، وقد اجرى محادثات بشأنه في سوريا ومع وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة هيلاري كلينتون. وأضاف أن هذا المقترح "يتضمن وقف اطلاق النار وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات وخطوات تؤدي إلى انتخابات اما رئاسية أو برلمانية وأرجح ان تكون برلمانية لان السوريين سيرفضون النظام الرئاسي". وأضاف انه اما ان يتم التوصل إلى "حل سياسي يرضي الشعب السوري ويحقق له طموحاته وحقوقه المشروعة أو تتحول سوريا إلى حجيم، سوريا لن يتم تقسيمها بل ستحدث صوملة وسيكون هناك امراء حرب في سوريا". وكانت موسكو اعتبرت السبت أن التوصل إلى حل سياسي لتسوية النزاع في سوريا لا يزال ممكنا، مشيرة في الوقت نفسه إلى تعذر اقناع الرئيس بشار الأسد بالتنحي عن السلطة. ونص اتفاق جنيف الذي توصلت إليه "مجموعة العمل حول سوريا" "الدول الخمس الكبرى وتركيا والجامعة العربية" برعاية الموفد الدولي السابق إلى سوريا كوفي انان في حزيران/يونيو، على تشكيل حكومة انتقالية وبدء حوار من دون أن يأتي على ذكر تنحي الأسد. على الأرض، احرز مقاتلو المعارضة تقدما في معركتهم للسيطرة على مركز الحامدية العسكري جنوب مدينة معرة النعمان في شمال غرب سوريا، في وقت تستمر الاشتباكات العنيفة في محيط معسكر وادي الضيف شرق معرة النعمان، آخر اكبر معسكر للقوات النظامية في المنطقة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال المرصد في بيان الاحد ان "مقاتلين من جبهة النصرة وكتائب اخرى مقاتلة تمكنوا ليل امس من الاستيلاء على حاجزين عند مداخل" مركز الحامدية، وهو عبارة عن تجمع عناصر وآليات للقوات النظامية، مشيرا الى استمرار الاشتباكات داخل المركز الاحد. وقال المرصد ان مدينة معرة النعمان التي يسيطر عليها المقاتلون المعارضون منذ التاسع من تشرين الاول/اكتوبر وقرى محيطة بها تعرضت للقصف براجمات الصواريخ. وبعد استيلائهم على معرة النعمان الواقعة على الطريق السريع بين دمشق وحلب "شمال"، تمكن مقاتلو المعارضة من اعاقة وصول الامدادات الى القوات النظامية في مدينة حلب التي تدور فيها معارك يومية منذ تموز/يوليو. وهم يحاصرون وادي الضيف القريب من معرة النعمان منذ ذلك الوقت ويحاولون دخوله للحؤول دون تمكن قوات النظام من اعادة فتح هذه الطريق. في المقابل، تركز القوات النظامية عملياتها في منطقة ريف دمشق وفي حمص في وسط البلاد بعد ان تمكنت السبت من دخول حي دير بعلبة في المدينة الذي كانت تحاصره مع احياء اخرى منذ اشهر طويلة. فقد افاد المرصد السوري صباح الاحد عن تعرض حي الخالدية لقصف من القوات النظامية، تزامن مع اشتباكات في حي جورة الشياح، وهما من الاحياء المحاصرة في المدينة. وتمكنت القوات النظامية من دخول حي دير بعلبة الذي كان تحت الحصار ايضا، بعد ان اجبرت معظم المجموعات المعارضة المسلحة على الانسحاب منه. وافاد المرصد وناشطون عن العثور مساء السبت على عشرات القتلى في الحي من دون ان تتضح ظروف مقتلهم. واصدر المكتب الاعلامي للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية بيانا الاحد تحدث فيه عن "مجزرة جديدة". وجاء في البيان "قامت قوات الأسد والشبيحة بتاريخ 29 كانون الأول/ديسمبر بعد عملية استمرت عدة أيام في أحياء حمص القديمة وفي حي دير بعلبة على وجه الخصوص بمجزرة جديدة"، مشيرا الى سقوط "220 شهيدا من الأطفال والنساء والرجال". لكن المرصد السوري يرفض تأكيد هذا الرقم او اعطاء اي حصيلة بسبب "تعذر توثيق اسماء القتلى نتيجة انقطاع الاتصالات". وقد اشار الى ان بين القتلى مدنيين ومقاتلين. واعلن الائتلاف انه سيدعو الى "انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن واتخاذ موقف حازم ونهائي يوقف جرائم النظام بحق السوريين وتجريم كل من يدعمه بالسلاح والمال والخبرة والمقاتلين". كما دعا "المجتمع الدولي للوفاء بوعوده وإمداد الجيش الحر والثوار بكافة الوسائل التي تمكنه من الدفاع عن المدنيين الأبرياء". من جهة ثانية، نفذت طائرات حربية الاحد غارات جوية على عدد من البلدات والمدن في ريف دمشق، في وقت وصلت تعزيزات اضافية للقوات النظامية الى مدينة داريا التي تتواجد هذه القوات في قسم منها ومقاتلو المعارضة في القسم الآخر. في محافظة حماة "وسط"، قتل سبعة اشخاص الاحد في قصف من قوات النظام على بلدة كفرنبودة، وبين القتلى ثلاثة اطفال. وذكر الاعلام الرسمي السوري ان قوات الجيش تواصل عملياتها ضد "الارهابيين". وأوردت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" ان "مجموعة ارهابية مسلحة اغتالت اليوم مدير أوقاف الرقة "شمال" عبد الله الصالح أمام منزله في حي الدرعية في مدينة الرقة". ونقلت عن مصدر مسؤول ان "ارهابيين أطلقوا عدة طلقات نارية على الشهيد الصالح استقرت احداها فى رأسه"، مدرجة ذلك "في اطار استهداف الكفاءات الوطنية". وقال المرصد السوري ان الصالح كان من الموالين للنظام السوري. وقتل في اعمال العنف السبت في مناطق مختلفة من البلاد 180 شخصا هم 91 مدنيا و54 عنصرا من قوات النظام و35 مقاتلا معارضا، بحسب المرصد السوري الذي يقول انه يعتمد، للحصول على معلوماته على شبكة واسعة من المندوبين والمصادر الطبية في كل انحاء سوريا.