في الوقت التي كانت تسير بقية المستعمرات الإنجليزية السابقة بإتجاه الديمقراطية والرخاء الإقتصادي كانت عدن تنتكص عائدة في الإتجاه المعاكس. وقد أستشفت الجمعية العدنية ذلك في أوائل الستينات من القرن الماضي عندما حاولت الحكومة الإنجليزية ضم عدن إلى الإتحاد الفيدرالي للجنوب العربي, فطالبت الجمعية بإجراءات حمائية لأبناء عدن كي يديروا بأنفسهم شئون مدينتهم من خلال الوظيفة العامة والمجلس التشريعي, تحت شعار عدن للعدنيين. على إعتبار أن ابناء عدن تاريخيا هم أصحاب الأرض, وأنه يوجد تباين في الثقافات, وعدم تجانس في التكوين الإجتماعي بين عدن وبقية المحميات الشرقية والغربية. وهو ما أكده لاحقا وبندم شديد في مذكراتهم وسير حياتهم رئيس وزراء حكومة العمال آنذاك, ثم وزير الدفاع البريطاني دينيس Denis Healey في كتابه "زمن حياتي", وكذا وزير المستعمرات Green Wood إذ قال "ما كان لنا أن نشرك عدن في إتحاد الجنوب العربي. أن العدني مديني في الأساس, بينما نمط حياة إبن القبيلة بدائي وهو غير مؤهل للمشاركة في عالم عدن الثقافي والتجاري والإداري المتطور." وما خشيت منه الجمعية العدنية حدث بالفعل بعد صعود الحزب الإشتراكي إلى الحكم, وذات الحال إستمر أيضا مع نظام صالح وإلى وضعنا القائم. إذ خسر أبناء عدن كل شيء, وأنتقلت عدن, دون غيرها, وصارت سُلطة ومدينة وإدارة ووظيفة عامة وميناء وسكن وكرسي تعليم وسرير مستشفى وأحياء وشواطئ وجبال وأراضي بدون عدانية. وعلى أبناء عدن الآن أن يتركوا سياسة الصبر والفرجة, وتوسيع طموحاتهم لحماية ذريتهم من الإختفاء, بتنظيم أنفسهم بجدية ليخرجوا مدينتهم من حياة الآخرين ونفوذهم الكريه على الأرض.