سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    تصفيات كأس العالم 2026 - أوروبا: سويسرا تتأهل منطقيا    الجاوي ينتقد إجراءات سلطة صنعاء في التعاطي مع التهديدات التي تواجهها    الشهيد أحمد الكبسي .. وعدُ الإيمان ووصيةُ الخلود    فراغ ، حياة وتجربة ناصرية    حلف قبائل حضرموت يصطدم بالانتقالي ويحذر من غزو المحافظة    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    أمن مأرب يحبط مخططاً حوثياً جديداً ويعرض غداً اعترافات لأفراد الخلية    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    مُحَمَّدَنا الغُماري .. قصيدة جديدة للشاعر المبدع "بسام شائع"    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    الدفتيريا تغلق مدارس في محافظة شبوة    أدميرال أمريكي: معركة البحر الأحمر كشفت هشاشة الدفاعات الأمريكية والإسرائيلية    وقفة مسلحة لأحفاد بلال في الجوف وفاءً للشهداء وإعلانا للجهوزية    تجربتي في ترجمة كتاب "فضاء لا يتسع لطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    رئيس الوزراء بيدق في رقعة الشطرنج الأزمية    حكم قرقوش: لجنة حادثة العرقوب تعاقب المسافرين ومدن أبين وتُفلت الشركات المهملة    الرئيس الزُبيدي يُعزّي العميد الركن عبدالكريم الصولاني في وفاة ابن أخيه    حلف الهضبة.. مشروع إسقاط حضرموت الساحل لصالح قوى خارجية(توثيق)    سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 1.20 دولار ليبلغ 56.53 دولار    إعلان الفائزين بجائزة السلطان قابوس للفنون والآداب    اكتشاف 570 مستوطنة قديمة في شمال غرب الصين    خطورة القرار الاممي الذي قامت الصين وروسيا باجهاضه امس    الأمم المتحدة: إسرائيل شيدت جداراً يتخطى الحدود اللبنانية    شبوة أرض الحضارات: الفراعنة من أصبعون.. وأهراماتهم في شرقها    هيئة مكافحة الفساد تتسلم إقراري رئيس الهيئة العامة للاستثمار ومحافظ محافظة صنعاء    اختتام بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد على كأس الشهيد الغماري بصنعاء    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على 5 متهمين بحوزتهم حشيش وحبوب مخدرة    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    يوم ترفيهي لأبناء وأسر الشهداء في البيضاء    وسط فوضى عارمة.. مقتل عريس في إب بظروف غامضة    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    مجلس الأمن يؤكد التزامه بوحدة اليمن ويمدد العقوبات على الحوثيين ومهمة الخبراء    خطر المهاجرين غير الشرعيين يتصاعد في شبوة    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    مدير مكتب الشباب والرياضة بتعز يطلع على سير مشروع تعشيب ملاعب نادي الصقر    "الشعبية": العدو الصهيوني يستخدم الشتاء "سلاح إبادة" بغزة    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    بيريز يقرر الرحيل عن ريال مدريد    تنظيم دخول الجماهير لمباراة الشعلة ووحدة عدن    فريق DR7 يُتوّج بطلاً ل Kings Cup MENA في نهائي مثير بموسم الرياض    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    ضبط وكشف 293 جريمة سرقة و78 جريمة مجهولة    وديا: السعودية تهزم كوت ديفوار    توخيل: نجوم انكلترا يضعون الفريق فوق الأسماء    محافظ عدن يكرّم الأديب محمد ناصر شراء بدرع الوفاء والإبداع    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعركة المصيرية إعادة هيكلة المخابرات السعودية
نشر في عدن الغد يوم 13 - 12 - 2018

تمثل معركة إعادة هيكلة جهاز المخابرات،للملكة العربية السعودية،معركة مصيرية حقاً ،بكل مافي العبارة من معنى .
فالأهمية الكبرى والضرورة ملحة جداً ،لإنقاذ السعودية بل والمنطقة أيضاً ،باتت أكثر وضوحاً؛لماطفى على السطح وانكشف للجميع حجم الأخطاء المهولة والمتوحشة لهذا الجهاز ،وماكان لهذا الخطاء بأن يطفوا على السطح بشكل عفوي ،وإنما سبقته تراكمات أخطاء كبيرة جداً،وإخفاقات مختلفة ،وطريقة تفكير متخلفة، حتى كان هذا الخطاء الأخير معبراً عن خلل جوهري قاد الى تراكمات للأخطاء حتى ظهرت بهذه الطريقة المتوحشة وبهذا المستوى التنفيذي السيء من عدة نواحي.
وبقدر ماقد تعمقت وتعقدت وتشعبت هذه الأخطاء وتراكماتها ،وطبيعة أسبابها ومسبباتها الرئيسية،بقدر ماستكون المعركة هنا صعبة و مصيرية وأكثر حساسية ،وبالتالي تكون الحاجة إلى إرفاد وتعزيز هذه المعركة ،بكل ما ينبغي من الأفكار العامة والرؤى والملاحظات والنصح الصادق،والمكاشفات الجريئة ومختلف المواقف المسؤولة عملياً ونظريا ،بكل مايتطلب الأمر من شفافية عالية وصبرعلى مرارة وألم مكاشفة الأخطاء.

حسناً، أن تكون الإصلاحات الجذرية لهذا الجهاز ،هي ثمرة ناصجة ومكتملة للتوجة السعودي بكل مؤسساته ونخبه في مواجهة هذه الحادثه بكل حكمة والاعتراف الشجاع بالأخطاء ومواجهتها بما يتناسب مع ضرورات الواقع وتحديات المستقبل.

وحسناً، أن يتوجه الضمير الاخلاقي العالمي والعربي والإسلامي ،للضغط على السعودية ومساعدتها لتحقيق الإصلاحات الحقيقيه لهذا الجهاز،وأن تلتزم المواقف الدولية الرسمية والنخبوية موقفاً اخلاقياًدقيقاً ومتزناً ،بعيدا عن الإفراط والتفريط والمزايدات والاستغلال الرخيص .

وعظيماً، بأن تعي الأسرة الملكية السعودية ، بكل مافيها من هيئات وتشكليلات ومجالس وخبراء وأصحاب رأي وقرار على رأسهم الملك سلمان ،وولي عهده الأمير محمد بن سلمان،حقيقة هذه المعركة وخطورتها عليهم، و أن تكون رؤيتهم ونظرتهم وخطواتهم للهيكلة ،مبنية على أكتشاف ومعرفة واعتراف حقيقي بالخلل الجوهري،بشكل عام وبأهم وأدق تفاصيله ،ورغبة وعزم وإصرار على إصلاحه بكل ما يتطلب الأمر ،بوعي يتجاز أكثر من حصر الأمر على الحادثة الأخيرة ،وجعله كضرورة سياسية، والقيام بأمر شكلي أقتضت إليه الحاجة ووضع تغييرات طفيفة وتمسكاً كلا بنفوذ معين،دون أن يكون الأمر خاضعاً لتفكير جاد ينتج معايير دقيقة وصارمة للهيكلة الجديدة، بعيداً عن أي اعتبارات أو تضارب بالنفوذ والسيطرة وفق المنطق الشخصي والتيارات العائليه الداخلية.

الأمير محمد بن سلمان، كونه الرجل التنفيذي الأول ،والمكلف من والده،للقيام بإعادة الهيكلة، يحتاج إلى أن يساعده كل من سبق أن أشرنا إليهم من الأطراف الداخلية والدولية؛ليتمكن من إحداث نقلة نوعية ،بإعادة بناء وإعداد وتحديث الجهاز المخابراتي بكل ما هو ضروري هام من حيث الخطوات وإتخاذ القرارات وتوجيه العقل المخابراتي الجديد..
يحتاج بن سلمان أن يقوم بخطواته الأولى لإعادة للهيكلة وفق منطق سياسي وإداري جديد ومختلف عن المنطق السابق ؛حتى يكون الأمر حقيقة أكثر من كونه تغيير أشخاص وشكليات وامتصاص للغضب ضد السعودية ،هو تغيير حقيقي وجذري بمنطلقات العقل المخابراتي الخاطئة ،فتحديث العقل المخابراتي يكون قائماً أساساً على وعي الأخطاء العامة والتفصيلية في منطلقات التفكير وأسلوب التعامل ،بناءً على دراسة موضوعية وتقييم جوهري لأبرز الأخطاء التي وقع فيها هذا الجهاز..

أعتقد إن أبرز وأهم هذه الأخطاء هو اعتقاد العقل المخابراتي بأنه أداه تنفيذية بقوة بطش وتفكير همجي وحالة من الغرور والتطرف والإجتهادات والمبادرات لإرضاء صناع القرار السعودي بمختلف الطرق الخاطئة والمبالغ بها في قضايا لاتحتمل همجية مبادراتهم ..التي تتجاوز بكثير خيال صانع القرار..
ليكون التحديث الجديد في عقل ووعي المخابرات هو أن من أهم مهامها الجوهرية والرئيسية :هو البحث عن أفضل الحلول وأكثرها حكمة ودقة وأقلها خسائر..كما إن مسؤليتها أيضاً هو ومراجعة التجارب ومراجعة القرار من ناحية مبدئية عند اتخاذه وعند تنفيذه ومواكبة كل مراحله.. ووضع ملاحظاتها ومختلف الملاحظات الموضوعية،والاستفادة من كل الأراء النقدية والملاحظات على السياسة الرسمية ،ودراستها وتقديمها كرؤى مكتملة لصانعي القرار.

من الملاحظ حجم الأخطاء المهولة ،التي وقعت فيها المخابرات السعودية خصوصاً في الفترة من قبل موت الملك عبدالله ،رحمه الله،حتى مقتل خاشقجي،من حيث منهجية التفكير التي أشرنا إليها سابقاً في تعاملها مع القضايا والملفات بمنطق خاطىئ ..
والآن سأضع نماذج لأمثلة بسيطة ،على هذا المنطق الخاطئ، وسنحصر هذه الأمثلة على قضية اليمن وتداعياتها،والتي ساقت سياسية السعودية إلى إخفاقات وتعثرات وتناقضات متتالية.
المبادرة الخليجية كتدخل للمملكة ومجلس التعاون الخليجي ،بمحاولة جادة وناجحة مبدئيا ثم نجحت مؤقتاً في أحتوى الصراع السياسي اليمني ،وإنقاذ الوضع من الانجرار إلى الحرب أهلية مدمرة آنذاك .
كانت المبادرة تعبر عن الذكاء والحكمة الشخصية للملك عبدالله،ولا أعتقد أنه كان هنالك دور ايجابي للمخابرات السعودية،وإنما كان قد برز دورها السلبي في معرفتها المسبقة- ولربما انه كان له دوراً آخر- في جريمة تفجير جامع دار الرئاسة ،وحيث خلص الأمر إلى تفاهم شخصي بين صالح والملك عبدالله،واقتناع الأول بأن الأخير لم يكون يعرف أي شيء عن الموضوع أطلاقاً.
كانت تحرص دائماً المخابرات السعودية على عمل الفجوة والخلاف بين الملك عبدالله والرئيس صالح ،ولكنهما بالتفاهم الشخصي والمباشر بينمها كانا يستطيعا الإتفاق وحل المشكلات.
وقفت المخابرات السعودية بكل سلبية وعجز وإخفاق أمام تقدير طبيعة مخاطر الصراع السياسي باليمن، وترك المجال مفتوحاً للعبث والنفوذ لأطراف دولية أخرى،وبالتالي اندفع صالح إلى تحالف شبه خفي مع الحوثيين ، لربما مظطراً لحسابات معينة وسط صراع سياسي معقد جداً .كان صالح خارج الرئاسة ولهذا يجد من صعوبة في اي تواصل مباشر مع الملك عبدالله، وكذلك ضعف موقف صالح في إقناع الملك عبدالله بعدم قدرة الأشخاص والقوى الذين حلو مكانه من إدارة البلد ،ولذا أعتقد صالح بأنه بوصول الحوثيين إلى صنعاء وسيطرتهم الشكلية في ظل تحكم كبير له فيهم،سيجعل الملك عبدالله يتفاهم معه على إخراج الحوثي وإعادة الأمور الى مسارها،وإيجاد تعديل أو تطوير للمبادرة ،وبسبب ظروف الملك عبد الله المرضية ،ثم وفاته فقد صالح هذه الفرصه التي لربما خطط وأعد لها كثيراًوراهن عليها.

أتت العاصفة بصعود الملك سلمان مباشرة ،لم تستطيع المخابرات السعودية على تقديم أي قرأة وتقدير حقيقي لموقف العاصفة،الذي كان مبالغاً به ،فأتخاذ القوة خياراً أساسياً دون تجريب الحلول السلمية ،كما كان مقررا من عقد مؤتمر الرياض الذي كان لكل الفرقاء اليمنيين.
كان قرار العاصفة بالقوة المبالغ فيها والأخطاء الكبيرة المقصودة وغير المقصودة، في قصف واستهداف المنازل والأسواق والتجمعات المدينة ،كفليلاً بأن يخلق توحد كثيراً من القوى المختلفة تحت زعامة الحوثي بطريقة أو بأخرى كمظطرة ، صالح الذي عرف بمرونته السياسة كان قد ظل يدعي السعودية للحوار وإيقاف القصف من تحت ضرب الطائرات،ولكن دون أي اعتبار لموقفه،مماجعله يعلن تحالفه الرسمي مع الحوثي،ومن تحت نيران الحرب كان يفقد أكثر قوته لصالح الحوثي..لكون صالح وصل إلى مرحلةظن أنه لن ينجوا من قصف الطائرات ومحاولة السعودية أستهدافه شخصياً كأحد أهم أهدافها،لم يكون أمام صالح غير تسليم كل قوته للحوثي مظطراً أو مختاراً،لأن الحوثي هو من يقدر على مواجهة السعودية أو بالأصح الرد لها بأقل مايمكن..خصوصاً وهي تتعنت من التحاور ودعوات إيقاف الحرب،فلعل إيقاف مناوشات الحدود شرط لإيقاف القصف.
كان صالح قد نصح السعوديه مبكرا بأنها بمراهنتها على هادي ومن معه فإنها تراهن على جواداً خاسراً ،وكانت هذه النتيجه ،ولكنها السعودية أيضاً عادت لتحاول الرهان على صالح بعد أن أصبح جواداً خاسراً أيضاً.
فبعد فترة طويلة وصل صالح طريق مسدود مع الحوثيين، وتبخرت كل أحلامه وأوهامه بالحوثي لعل أهمها بأن قتالهم بالحدود سيجعل السعودية تخضع لدعواته للسلام وإيفاق الحرب، وأعتقد بأنه سيظل قادراً على التأثير عليهم والتحكم بهم أو مواجهتهم بطرق مختلفة، ولكن هذا لم يكن .
فبعد تطور خلافات صالح مع الحوثي،وقيامه بالدعوه لفتح صفحة جديدة مع السعودية،بعد سنوات من القصف ومناشاوات الحدود، وكانت قد أصبحت القوة والغلبة مع الحوثي ،كقوة عسكرية وكمنطق سياسي واجتماعي غاضب ،بسبب وحشية جرائم القصف بحق المدنيين وكجرائم وأخطاء متواصلة دون أي مراجعات؛وبالتالي كان من الطبيعي أن لايحدث خطاب صالح لجمهوره بدعوتهم للإنتفاض ضد الحوثي أي تأثير عملي ولا استجابةلعدة أسباب منطقية، وأن يكون هذا الخطاب المتسرع لصالح مبرراً كافياً وفرصة الحوثيين لقتل صالح بكل سهولة، دون أي ضرر بالغ يلحق بالحوثي.
كما وصلت السعودية إلى طريق مسدود مع هادي والأخوان،بمراهناته عليهم بتحقيق اي نصر لصالحها. السعودية أرتكزت طريقتها بشكل أساسي على أستغلال أمراض الشرعية ومختلف القوى السياسية،التي دعتها للرياض لتبارك العاصفة،وأستضافتها بأفخم الفنادق وأغدقت عليها الاموال،وفصلتها عن الواقع ،التي كانت مغيبة عنه وهي تحكم أصلاً،فكيف سيكون الأمر وقد تطور الأمر الى سيطرة ميلشيةأستغلت ضعف الدولة وطريقة إدراتها المرتبكة لتسيطر على مؤسسات الدولة ،ولذا فإن الشرعية بكل قواها السياسية والاجتماعية قد وجدت فرصتها لتغيب أكثر وتبتعد عن الواقع وتتماهى بخطاب غوغائي ومكايدات وأحقاد لاتتورع عن هدم وطن والسكوت عن جرائم واضحة ضد المدنيين مقابل الاموال والفنادق والمناصب بعيداً عن الواقع وبعيداً عن المسؤلية.
إن العمل المخابراتي الذي أستغل الامراض ليبرر لتدخلاته ويغطي عن جرائمه،تجاهل وضع أي تقدير حقيقي لمخاطر هذا التعامل ،وتجاهل بأن الاستغلال الخاطئ لكل هذا العجز والإخفاق والاستعداد لبيع الوطن وتدميره مقابل المكوث بالفنادق والسفارات وحصد الاموال وعدم إبدئ اي اعتبار لأي اختلاف أوجهة نظر او اعتبار الخصوصيات الداخلية السيادية،مهما بدى اليوم يعطي نتائج سريعة ومؤقته لصالح السعودية ،فأنه سينتح أزمات وكوارث مستقبيلة وستدفع السعودية ثمناً كبيراً لهذا،مهما تأخر الأمر..
واليوم وصلت السعودية لكل هذا،وهي غير قادرة عن الخروج من هذا المأزق ،بإيجاد حل طبيعي وحقيقي بينها وبين الشرعية بكل قواها،وأصبح كلاً متورط بالآخر ،ويرون أزمة تتطور بينهم تشتعل وتهدى ،ولكن لانهاية تبدوا لها ،بسبب تعمق وتشابك الأخطاء والتعقيدات بين الطرفين .
أيضاً، من الأخطاء للمخابرات السعودية هو إفشالها من إي نجاح للتحالف العربي،كتحالف سياسي قومي حقيقي،يعي المخاطر التي تحدق به كأمة عربية؛ بسبب سعي السعودية للاستحواذ بالقرار وجعل الحرب بطريقتها وأسلوبها التي لايمكن بأن تنسجم مع تحالف قومي ،فتوارت كل المواقف الدولية نئياً بنفسها وحافظت بعضها على حد معين من بقئ العلاقة مع المملكة بمنطق دبلوماسي حذر جداً،إلى حد أن أصبح الأمر كذلك مع دول مجلس التعاون الخليجي،وحدها الامارات من صمدت وواجهة أخطاء السعودية بكل الطرق والأساليب،إلى أن وصل الأمر إلى خلافات كبيرة جدا.
مكنت السعودية لجماعات دينية وبالغت جداً بدعمها،وجعلتها تسيطر على كل مقاليد الشرعية ،وأدارا حروباً عبثية فاشلة،غاب عنها بالوعي و بالخطاب وبالواقع أي قيم قومية واعتبارات وطنية واخلاقية وتفكير متزن ،وبعيداً عن أي منطق سياسي ،وبدون أي خطط عسكرية حقيقية.

ووسط كل هذه الفوضى والعبث والمتاهة ،أتى ولي العهد محمد بن سلمان،ليعمل بكل جد وتحمس على محاولات تغيير السياسات الخاطئة للملكة التي قادتها إلى كل هذا الفشل والإخفاقات.
وحين كانت تتحمل المخابرات جزء كبيراً من هذا، وسبباً رئيساً في الاخفاق ،فإنها انقلبت تريد بأن تنفذ السياسة الإصلاحية والتغييرات الفكرية والسياسية الذي أحدثها ولي العهد برؤيته الجديدة،بنفس الطريقة المتخلفة والهمجية السابقة،بإندفاعاتها وتسرعها وغرور القوة،دون أي حكمة أو تعقل أوتدرج بإنسحاب سلس ومتدرج من الأخطاء والمأزق السابقة .

على المستوى الشخصي عرفت شخص يدعى أبو سعود وأسمه" سلطان الجوفي"،يملك أويدير مجموعة قنوات تدعم وتؤيد سياسة المملكة، من ضمن ذلك قناة "الشرعية" اليمنية التي أسست بعد العاصفة مباشرة،وخصصت لليمن بتغطية أخبار العاصفة.
مع بعض الزملاء ساقتنا الظروف لأن نشهد ولادة هذه القناة من بدايتها الأولى، وأن نعمل فيها كلاً لفتره معينه،أغلبها فترات سريعة ومؤقته،ولكنها كانت صدمة كبيرة لنا جميعاً،وجميعنا نحمل قصصاً مختلفة مع هذا الرجل، من البداية كانت المفاجئة بأن عرفنا شخص يقال أنه ضابط مخابرات كبير ومقرب من الأسرة الحاكمة ومن قيادات بالصف الثاني،يريدنا بأن نأسس معه القناة ونشتغل فيها بوعود مغرية بالرواتب وبالشرف العظيم الذي سوف ينالنا من العمل معه ،كما كان يقول لنا .
حين عرفنا اسمه وكانت القناة لازلت تحت التأسيس والتجهيز بحثنا عنه بقوقل ،لنتفاجئ بحجم الكتابات التي تصور سخف هذا الرجل وامتهانه الصحافة الصفراء والسرقات الإعلامية والدفاع المبتذل عن سياسة المملكة.
وفعلا وجدنا أغلب وأكثر ما كتب عنه حقيقي إلى حد تفاصيل دقيقة.
في الأخير أعرف بأن مثل هذه الشخصية لاتمثل أحد غير نفسها،لكنها عبئاً وتشويهاً للملكة بطبيعة شخصيتها ،قبل أن يكون الأمر بدفاعها المبتذل بأعلام هابط لايمتلك أقل درجات المهنية،رغم البذخ المادي.

أن هذ الشخص وأمثاله لايمكن أن يكونوا جديرين بمهاهم دفاعهم عن المملكة ،ولاحتى بدعم مايقومون به من مبادرات من تلقاء انفسهم،ومن يغدقوا عليهم من الدعم من قبل نافذين معينين،فهؤلاءالأشخاص حالة من الهمجية والتخلف والسخف،خضت أنا وغيري من الزملاء مع هذا الرجل قصصاً طويلة وعشناأحداث ومواقف تكشف عن مشكلة كبيرة في تفكيرهم، وإن مثل هذا بتوحشهم وتخلفهم وابتذالهم يشكلوا خطرا حقيقيا على المملكة ،سوء كان وجودهم وتأثيرهم في أعلى السلم المخابراتي أو أسفله،أو بدعم من قبل نافذين ولايمثلوا للتوجة الرسمي.
وعلى اي حال فإن هذه الحالة تظل معبرة بطريقة أو بأخرى ،عن الخلل الجوهري بجهاز المخابرات السعودي .
كتبت عدة مقالات دفاعاً عن السعودية ودفاعاً عن القومية والأمة ،ودعوتها لمراجعة أخطائها بشكل عام حباً وأخلاصاً ولم أدخل بأي تفاصيل،وفي هذا المقال وجدت نفسي أخوض في بعض التفاصيل،ويطول الكلام أكثر وأكثر وماكنت اريد الوقوف عند المسألة الشخصية ولاعند تفاصيل معينة لولاضرورة الأمر،ولما في الموضوع من تفاصيل أهم فأني قد أكون مظطراً لكتابة مقالاً خاصاً،عن هذا الرجل وتجربتنا كشباب يمنيين ذهبنا إلى هنالك هروباً من الإحباط والخيبات، ليتضح منطق وتفكير وأسلوب تعامل بعض النافذين والمحسوبين على المخابرات، وكيف قادوا المملكة إلى مثل هذه الأخطاء والمآزق!
ومع كل هذا ..لا أنكر نجاحات للمخابرات السعودية، وأشخاص رائعين فيها أصحاب قيم وأخلاق وذكاء، ولكن الموضوع هنا كان مخصصاً للنقد والوقوف عند السلبيات بكل مافي الأمر من ألم ومرارة لنا جميعا، ولكن كل هذا في سبيل الإسهام في تجاوز الأخطاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.