حال ابين عامة وزنجبار خاصة لايختلف عن حال بقية المدن والمناطق المحررة التي طالها التدمير جراء الحرب ، لكنها تختلف عن غيرها في انها عانت من حربين مدمرتين خلال نصف عقد من الزمان فقط، في صبيحة السابع والعشرون من مايو عام 2011م ، استيقظ سكان مدينة زنجبار على وقع اصوات الاشتباكات وهدير المدافع وأزيز الطائرات ، وفي مشهد مؤثر تعالت صرخات نسوة المدينة هلعا" وأصفرت وامتقعت وجوه اطفالهن خوفا ورعبا" من هول الكارثة، هرع الجميع هاربين لينفذوا بجلودهم تاركين وراءهم مدينتهم ومنازلهم وكل ماكانوا يملكونه من متاع العيش ميممين وجوههم شطر مناطق النزوح المجاورة . وطوال عام استمر سقوط القذائف على منازل المدينة ليلا" ونهارا" ، وخلال هذه الفترة عانى ابناء مدينة زنجبار النازحين من شتى صنوف المعاناة مفترشين العراء داخل حرم المدارس والساحات العامة والقليل منهم من اضطر مجبرا" إلى أستئجار منزل يؤي اسرتة بمبالغ خيالية اثقلت كواهلهم، ولم تقتصر المعاناة على الاعباء المادية فقط إلى جانب ذلك عانى النازحون من الاضرار النفسية والمعنوية المترتبة على التشرد والنزوح كالشعور بالدنيوية والنقص والاذلال خلال حياة النزوح القاسية ابتداء من الوقوف ولساعات طوال في طواببر طويلة أنتظارا" لما تجود به المنظمات الداعمة من معونات غذائية لايصل اليهم منها سوى النزر اليسير جراء الفساد المتفشي في صفوف القائمين عليها انئذاك، إلى جانب اشكال متعددة من المعاناة النفسية حيث وجد النازحون انفسهم في وضع لم يتعودوا عليه سابقا حينما كانت مدينتهم آمنة وينعمون فيها بالعيش الكريم بااعتزاز وكرامة، إلى جانب الاضرار النفسية التي تركت جروحا" غائرة في نفوس الاطفال ستحتاج حتما إلى سنين طويلة من اعادة التاهيل للتغلب على تلك الاضرار النفسية وبعد قرابة العام عاد النازحون إلى مدينتهم بعد تحررها ، ولكن هيهات ان يجدوها مثلما تركوها ، فمدينتهم استحالت إلى خرائب واطلال تنعق على جدران منازلها المهدمة أسراب الغربان. ومرت الايام حاول فيها المواطن الزنجباري تضميد جراحة ولملمة شتات نفسة المتشظية ، وأستمرت الحياة على امل ان يتم تعويضهم واعادة اعمار منازلهم المهدمة في ظل انعدام شبة تام للخدمات الضروربة كالماء والكهربا .... الخ . وحينما تم اعتماد مبالغ التعويض المستحقة لهم لم يستلموا منها سواء ميلغ هزيل لايتعدى ال 40℅ ناهيك ان فئة المتظلمين لم يستلموا اي مبالغ إلى الان حيث انه وقبيل الاعلان عن بدء صرف مستحقاتهم المتبقية اندلعت الحرب الثانية في العام 2015م ، ومن ثم توالت فصول الماسأة لتعلن عن فصل جديد من المعاناة تجرع مرارتها ابناء المدينة للمرة الثانية. وإلى هذا الوقت لازال ابناء المدينة ينتظرون ، ولايبدو ان هناك امل" يلوح في الافق يبشرهم بدنو قرب انتهاء مأسيهم وانفراج ازمتهم ، حيث لازال الكثير منهم يسكنون في منازلهم الأيلة للسقوط والقليل منهم اثر البقاء في منافي النزوح حتى يقضي الله امرا" كان مفعولا !!