مهما كانت الجهود المبذولة من المبعوث الأممي إلى اليمن ومن الأممالمتحدة بشكل عام لترسيخ السلام في اليمن ، لن يحل هذا السلام أبدا في الأراضي اليمنية مالم تكن القضية الجنوبية حاضرة في عقولهم و ملفاتهم وحقائبهم ومكاتبهم وسفرياتهم وفي مجالسهم وأجتماعاتهم ، وتكون لها الأولوية في الحل ، الذي يجب أن يكون حسب الصوت الذي رفعه الشعب الجنوبي وقيادته قاطبة ، والذي يجب من جريفيث ومن الأممالمتحدة ودول العالم أن يسمعوه ، إذا أرادوا فعلا أن يحلوا السلم والسلام في اليمن ، الذي لن يثمر إلا متى ماكان مشروع سلامهم شاملا للشمال وللجنوب. هذا الكلام لا يعني أن الجنوبيين يهددون العالم أو أنهم يريدون أن يكونوا في مواجهة الأممالمتحدة ، أنما هو تعبير عن الحس الوطني الجنوبي ، وأنما هي استمرار للإرادة الجنوبية القوية حتى استعادة الدولة الجنوبية وبالحق ، كما أنها تعد لفتة صريحة إلى المجتمع الدولي ودول التحالف العربي والمعنيين في حل مشاكل اليمن ، وإلى قوى الشمال المتشاكلة ، أن الباطل لا يمكن رفعه على رأس الحق الجنوبي أو تمريره عليه ، مهما كان قرار ذلك الباطل أمميا ، وإلا فالجنوبيين ليسوا دعاة حرب ، بل أنهم دعاة سلم وسلام أكثر من غيرهم ، وهذا ما يستهدفه نضالهم ، هو أن بتحقيق استعادة الدولة الجنوبية و الأعتراف بها في منظمة الأممالمتحدة سيحل السلام ، ليس في الجنوب فقط بل وحتى في الشمال أيضا . لهذا فالجنوبيين لم ولن يكونوا يوما من الأيام خارج أروقة الأممالمتحدة ، وسيكونون ضمن عصبتها ، يحترمون قراراتها مادامت تصب في السلام و الحق الإنساني العالمي ، وفي استعادة الحق الجنوبي ، هذا الشعور وهذا الموقف الشعبي الجنوبي قد جاء معبرا عنه على لسان رئيس المجلس الانتقالي القائد الرئيس/ عيدروس الزبيدي في لقاءه الصحفي مع صحيفة الاندبندنت البريطانية ، المعبر عن احترام الجنوبين لجميع قوانين وقرارات الأممالمتحدة وفي المقابل استعدادهم الدفاع عن أراضيهم وحمايتها ، آملين أن تمنح لهم الفرصة لأن يكونوا شركاء في إحلال السلام في منطقة الجزيرة والخليج من خلال استجابة الأممالمتحدة لمطالب الانتقالي أن يكون طرفا رئيسيا في المفاوضات الأممية القادمة ، لكي يتمكن فيها من طرح مطلب مشروع فك الارتباط على طاولتهم . ومن حب الجنوبيين وقيادتهم في المجلس الانتقالي للسلام ، فهم دائما يثمنون ويقدرون كل الجهود الأممية الإنسانية المبذولة في سبيل التوصل إلى أتفاق بين كل اطراف الصراع في الشمال ، الذي يعد شأن داخلي للشمال ، ومن ثم وقف الحرب هناك والقدرة على ايصال المساعدات الإنسانية إلى عامة الشعب الشمالي ، المهم أن لا يكون ذلك السلام على حساب السلام في الجنوب ، لهذا فعلى الأممالمتحدة وحتى يكون سلامها شاملا للشمال وللجنوب ، عليها أن لاتنظر إلى حل المشاكل في اليمن فقط وفق حصر المفاوضات بين اطراف الصراع في الشمال ، او وفق ماتتفق عليه تلك الاطراف ، أو وفق مايسمونه بالمرجعيات الثلاث وتعميم ذلك على الجنوب ، وإذا ما أعتمد المبعوث الأممي على ذلك في حل مشاكل اليمن فإن ذلك لا يمكن أن يؤدي إلى إحلال السلام ، لأن الصراع القائم بين الشمال والجنوب لم يكن وليد حرب 2015م ، وأنما هو صراع دولتين ، المتكون مباشرة من بعد تاريخ مايسمى بالوحدة اليمنية ، التي ومنذ إعلانها أثبتت للعالم أنه لايمكن التعايش بين الشعبين الشمالي والجنوبي في أطار دولة واحدة وأن تم تغيير مسمى تلك الدولة أو نوعية النظام فيها مرات عديدة . لذلك ليس أمام المبعوث الأممي خيارا آخر غير إشراك الانتقالي في المفاوضات السياسية القادمة والعمل على ترسيخ السلام في الجنوب وفق المراد الجنوبي ، وترسيخ السلام في الشمال وفق مايتفق عليه اطراف الصراع في الشمال الذي يكون خاص بالشمال وفي مصلحته .