من وجهة نظر مراقب وبكلمات مفهومة إلى حد ما وبمصطلحات غير تقنية قدر الإمكان أحاول أن أوضح بعض اللبس للمشتركين في خدمات الهاتف المحمول عن وضع الاتصالات البائس وعل كلماتي أن تصل إلى القائمين على التقنية أيضاً فينظروا للأمور من منظور مختلف! - لا أدري لماذا نحن العرب والمسلمين هكذا لسنا جزء من هذا العالم الكبير؟؟!! فلسنا ناجحين لا بصناعة التقنية ولا حتى باستيرادها وتشغيلها للأسف الشديد.. سمعت واطلعت على عدد من الخطط والمحاولات السابقة واللاحقة من مزودي الخدمة السابقين أو الناشئين حديثاً أو المخطط لظهورهم مستقبلاً كخطط أولية للولوج في تقنيات مثل الجيل الرابع ال 4G على سبيل المثال لا الحصر والانتقال لاحقاً للجيل الخامس مستقبلاً ورأيت العجب العجاب. النمو السليم لأي مشروع اتصالات يتم تنفيذه في أي منطقة في العالم مصدره تخطيط سليم ونمو سليم يمر بمراحل البناء المختلفة! - التخطيط لموقع المحطات Site Planning، مناطق تغطية البث والسعة المطلوبة Coverage & Capacity Planning عناصر ضائعة في بعض المشاريع الحديثة ويتم القفز عليها مباشرة لتخطيط تردد البث وال Cell Planning ، ورغم أهمية التخطيط الحوسبي وعمل نموذج على الخرائط الإلكترونية يتم ضبطه وتعديله ونقله للواقع فيما بعد تفاجأت أنه تم التغافل عنه في بعض المشاريع التي نفذت في السنوات الأخيرة للأسف رغم أهميته الشديدة. الأدهى من ذلك أنه لم تتم أي عملية جمع معلومات أو تحديد حدود ومتطلبات الشبكات قبل الشروع في مرحلة التخطيط والتنفيذ في مشاريع حديثة أخرى. - في بلادي يتم تنفيذ مشروع تغطية لمنطقة معينة وخلال أسبوع واحد فقط تظهر مشكلة كبيرة في السعة Capacity فماذا يعني هذا؟؟؟!! صرنا نسمع رسائل الخطأ الصوتية " جميع الخطوط مشغولة " ، " الرقم الذي تتصلون به مغلق " وغيرها أكثر من سماعنا لصوت الشخص الذي نريد أن نحادثه. والمشكلة هنا أننا مازلنا في الحلول التقليدية والتعامل مع المناطق بشكل شبه متشابه دون النظر لإحصائيات الكثافة السكانية أو النمو السكاني المتوقع على النطاق القريب والبعيد ، وبينما هناك الكثير من الحلول التقنية الموجودة التي من خلالها يمكن حل مشكلة السعة هذه بضخ القليل من المال لشرائها إلا أننا مازلنا متمسكين بالحلول التقليدية بشدة لسبب مجهول. - للأسف أيضاً أنه عندما قررنا أن نتطور ونتقدم لحلول عصرية تجدنا نخطأ أيضاً فمثلاً رأيت حسب بعض الخطط أن تقنيات متقدمة ورائعة في الجيل الرابع مثل ال MIMO وال Massive MIMO في الهوائيات جرى التعامل معها والاستفادة من إمكانياتها ومميزاتها بشكل علمي نظري أكاديمي بحث، وشتان بين النظرية التي تدرس في الجامعات وبين الجانب العملي بحيث إنه إن لم يتم ضبط المعايير بشكل صحيح وسليم فإنها ستقدم خدمة بائسة جداً جداً بل أكثر بؤساً من تلك التقنيات القديمة بال 2G وال 3G ، ويتم إهمال التعامل مع مناطق التغطية بالأطراف 4G Cell Edges ويتم التعامل معها كالأجيال السابقة بينما الاختلاف كبير ومحوري وهناك أشياء كثيرة يجب الاكتراث لها تختلف عن أجيال الاتصالات السابقة. - رفع معدل نقل البيانات في خدمات ال 4G ورفع سرعة خدمة الإنترنت للمشترك الواحد يعني الذهاب لتقنيات تضمين متقدمة Advanced Modulation Techniques ويترتب على ذلك الكثير من الأمور التقنية في اختبار القيادة والتحسين OPIMIZATION يختلف تماما عن ما كان يتم في شبكات ال 2G وال 3G ومراقبة المعايير بشكل أكثر دقة ويترتب على ذلك إضافة حلول أخرى لحل الاشكالات المتوقع حدوثها سلفاً يتم التغافل عنها هي الأخرى. - ليست هنا المشكلة فقط ، بل يتم اختبار والتعامل مع شبكات تقدم خدمات صوتية وفيديو وخدمة انترنت بمعدلات نقل بيانات عالية جدا أوخدمات الوقت الحقيقي وخدمات الاجتماعات Voice & Video Conferences بنفس الطريقة التي يتم التعامل معها مع شبكات اتصالات أخرى تقدم خدمة اتصال صوتية فقط رغم أن الفارق شاسع ومهول! هناك الكثير من تصاميم محطات البث والتقنيات التي صارت أكثر تكاملاً مع المدينة وتبث بشكل محدود وغير ملفت للنظر في الشوارع وعلى أعمدة الإنارة والأشجار ونحو ذلك ونحن للأسف ما زلنا في مرحلة المساومة وحل المشاكل مع ملاك العمائر السكنية المرتفعة لوضع محطات البث والمساومة حول الإيجار الشهري. - مشكلتنا في بعض الأحيان أننا ننظر إلى مشاريع الاتصالات صغيرة كانت أم كبيرة على مستوى فني اتصالات أكثر من مستوى مهندس اتصالات، أو يتم تحميل شخص أو شخصين مهام فريق هندسي كامل ومن هنا تظهر الكثير من المشاكل لاحقاً. - بالإضافة إلى ذلك اعتمادنا في بعض المشاريع على التجارب الشخصية بطريقة التجربة والخطأ والتصحيح بدلاً من إنفاق بعض المال والحصول على تدريب من الشركة المزودة للعتاد على التقنية الجديدة مما سيختصر الكثير من الوقت وسيقلل نسبة الخطأ. - ولا نهمل دور السياسة الذي عبث بكل جوانب الحياة وألقى بضلاله على قطاع الاتصالات والمعوقات التي كانت تضعها الدولة أمام نمو شركات الاتصالات سابقاً سواء برخص التشغيل باهظة التكلفة أو لاحقاً بالحرب القائمة ومنع معدات الاتصالات وقطع الغيار من الدخول إلى البلد. - وأيضاً تسببت الحرب في وضع سكاني غير مستقر بسبب حالة النزوح الكبيرة الأمر الذي يسبب ضغط كبير على محطات البث في بعض المناطق على حساب أخرى بحيث لم يتم التخطيط لهذا الكم من المشتركين سلفاً بتلك المنطقة. - في بلادي أرى كثير من الشباب المبدعين في مجال الاتصالات لا يتم الاستفادة منهم وتهميشهم من قبل شركات الاتصالات المختلفة بسبب ضعف شبكة علاقاتهم بينما كان من الممكن الاستفادة منهم والاستغناء عن الخبرات الخارجية. - كتبت هذا المقال مع كامل الاحترام والتقدير لزملاء المهنة الأجلاء في جميع شركات الاتصالات العاملة في البلد وأعرف انهم ممتعضين جداً من ما يجري مثلي ولكن ليس باليد حيلة فالقرار النهائي مختطف ولا شيء يمكن عمله. ختاماً المشاريع ستمضي قدماً وستستقر و لكن للأسف ستطول فترة المخاض وذلك للتغافل عن النقاط التي ذكرتها مسبقاً وأخرى كثيرة جداً لا يسع المجال لذكرها هنا إلا في نقاش تقني بحث، وعندما ستصبح هذه المشاريع جاهزة ومستقرة سنجد دول الجوار قد تخطتنا بمراحل وسيكون من الصعب اللحاق بها وسندور بنفس الدائرة التي مازلنا ندور بها الآن.