تقرير / الخضر عبدالله : تفردت مدينة عدن بالعديد من العادات الشعبية التي لازمتها على ممر السنين، وكل المدن لها خصائص ومميزات وعادات ,بل أن مدن سميت بعاداتها وشتهرت بها , أكان اللبان أو البخور أو الفل وعدن مليئة بهذه الممارسات والعادات التي لا تحصى . مشروب الثريب : وتعد مشارب مشروب الثريب كمشربي الخامري بكريتر , والزحف العربي بالشيخ عثمان بعدن من أشهر المشارب في محافظة عدن ,واللذان تأسسا ابان السيطرة البريطانية على جنوباليمن وذاع صيت هذه المشارب , وباتت كملتقى سياسي واجتماعي على مدى طويل من التاريخ, حيث كان لرواد هذه المشارب أدوار بارزة في الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني . لايخلو من جميع المشارب : ولا يكاد يخلوا مشروب الثريب البارد من جميع مشارب عدن , فما ان يدخل الزائر اليها الا ويحتسي الثريب الابيض والثلج الذي يكتسي فوهة الكأس .. احد الوافدين إلى هذه المشارب مصطفى قاسم الذي التقيناه وهو يحتسي كأسا من مشروب الثريب قال :" اماكن مشروب الثريب كانت بمثابة مركزاً لتجمع المناضلين، والناس كانوا يلتقون فيه خصوصاً في الجلوس لشرب هذه المشروب البارد والبوفيات والمطاعم القديمة الموجودة بمدينة عدن ، و ما تزال هذه الاماكن تعرف إلى اليوم بانها من افضل الاماكن التي تتفنن في صناعة هذه المشروب اللذيذ .. الادمان على الثريب : الحاج / صالح أحمد قال :"إذا انتهيت إلى أمام هذا المشرب الأنيق دخلت أتناول كأس من مشروب “الثريب” المثلج وكان وقعه على شفتي ولساني بطعمه الحلو وبرغوته البيضاء وحموضته الخفيفة وبرودته وسط ذلك الجو المعتدل وقعاً جميلاً لدي . ويضيف :جعلني مشروب الثريب فيما بعد مدمناً على ذلك الكأس منذ وقت طويل الذي كان ثمنه ذلك الحين شلناً واحداً، يجعلني أتلذذ برشفات منه واستمع إلى الراديو وأنظاري متجهة إلى الحركة الدائبة التي أمامي في الشارع وسرعان ما يمر الوقت بي سريعاً . زحف طمس معالم عدن : محمد العدني يقول " : لم اشرب اروع ثريب الا في هذا المحل .. ويضيف " و مؤسس المحل كان يحلم بالزحف العربي ولم يجول بخاطره ان يوما ما سياتي زحف يطمس معالم مدينة عدن . محمد الصنعاني يتحدث قائلاً " : انا زرت عدن عدة مرات وشربت الثريب في هذا المحل ولم ارى اروع ووالذ من صناعة مشروب الثريب بمدينة عدن . ويقول احد الزبائن الدائمين لمشروب الثريب " : يعرف الناس في عدن هذه الماكن المتخصصة بصناعة مشروب الثريب ومثل هذه المحلات يتوافد إليها من الناس من جميع اطيافهم ولن تجد مواطن من عدن لم يحتسي فيه كوب "ثريب" أو "ليم" أو عصير بارد. يجتمع الناس في هذه الاماكن : مالك مشرب الزحف العربي يقول :" مشارب عصير الثريب ( مشربنا هذا مشرب الزحف العربي و مشرب الخامري بكريتر ) كانا المكان الرئيسي لشرب الثريب وهما يعتبران من أقدم المشارب العدنية إذ تجاوز عمره الواحد منهما ال 100 عام، ويقال أنهما أول مشارب أدخلا الراديو في شبه الجزيرة العربية، ، وكان الناس يجتمعون في هذه المشارب ويستمعون لأنواع الموسيقى المختلفة إلى هذا الوقت. وعن صناعة عصير الثريب قال :" يوضع الزبادي والثلج والسكر وقليل من الماء في الخلاط الكهربائي ويخلط لمدة دقيقة او دقيقتين ومن ثم يقدم للزبائن طازجاَ ؟ ويصر مالكو المشارب بمدينة عدن على الاحتفاط ببعض المعالم رغم وفاة مؤسسيها منذ مضي سنوات طويلة . حينما تدلف إلى داخل مشرب "الزحف العربي" وهكذا أطلق عليه مؤسسه وسط الشيخ عثمان يعيد عقود طويلة إلى الخلف صور الزعيم جمال عبدالناصر تلتصق بالجدران وشعارات القومية العربية ولوحة ضخمة لسهول الجزيرة العربية وتؤكد ان هذه السهول تحتوي في باطنها كميات هائلة من الذهب الاسود "النفط". كانت هذه اللوحة بمثابة تنبوء بمستقبل دول الخليج في الخمسينات من القرن الماضي وكان هذا التنبئ حقيقيا إلى درجة كبيرة . مع كل يوم يتجمع العشرات من الناس بداخل مشرب الزحف العربي وسط الشيخ عثمان ويتبادلون الاحاديث المتفرقة ،يتذكر الاباء سنوات الشباب التي قضوها ذات يوم بزيارة ما إلى هذا المشرب .. كل شيء في عدن تبدل إلا تفاصيل هذا المشروب ما زالت عين على الدهر .
