قالوا : رجاءً توقفوا !    المرتزقة يستهدفون مزرعة في الجراحي    ناطق الحكومة : اتفاق وقف العدوان الأمريكي انتصار كبير لأحرار اليمن    الامارات تقود مصالحة سورية صهيونية    سان جيرمان إلى نهائي دوري الأبطال    السعودية: "صندوق الاستثمارات العامة" يطلق سلسلة بطولات عالمية جديدة ل"جولف السيدات"    لوموند الفرنسية: الهجمات اليمنية على إسرائيل ستستمر    الكهرباء أداة حصار.. معاناة الجنوب في زمن الابتزاز السياسي    التفاهم بين الحوثيين وأمريكا يضع مسألة فك إرتباط الجنوب أمر واقع    . الاتحاد يقلب الطاولة على النصر ويواصل الزحف نحو اللقب السعودي    عدن تنظر حل مشكلة الكهرباء وبن بريك يبحث عن بعاسيس بن دغر    بعد "إسقاط رافال".. هذه أبرز منظومات الدفاع الجوي الباكستاني    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    باجل حرق..!    الذكرى الثانية للتوقيع على الميثاق الوطني الجنوبي    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    شركة الغاز توضح حول احتياجات مختلف القطاعات من مادة الغاز    التصعيد العسكري بين الهند وباكستان يثير مخاوف دول المنطقة    كهرباء تجارية تدخل الخدمة في عدن والوزارة تصفها بأنها غير قانونية    الحكومة: الحوثيون دمّروا الطائرات عمدًا بعد رفضهم نقلها إلى مطار آمن    استشهاد امرأة وطفلها بقصف مرتزقة العدوان في الحديدة    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الحاج علي الأهدل    صنعاء تكشف قرب إعادة تشغيل مطار صنعاء    وزير النقل : نعمل على إعادة جاهزية مطار صنعاء وميناء الحديدة    سيول الأمطار تغمر مدرسة وعددًا من المنازل في مدينة إب    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    صنعاء .. هيئة التأمينات والمعاشات تعلن صرف النصف الأول من معاش فبراير 2021 للمتقاعدين المدنيين    صنعاء .. الصحة تعلن حصيلة جديدة لضحايا استهداف الغارات على ثلاث محافظات    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض رسوم جمركية على بوينغ    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    وزير الشباب والقائم بأعمال محافظة تعز يتفقدان أنشطة الدورات الصيفية    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    حادث غامض جديد على متن حاملة الطائرات الأمريكية ترومان بالبحر الأحمر    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    باكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية حديثة وأسر جنود    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يترك العرب اليمن لإيران؟
نشر في عدن الغد يوم 08 - 01 - 2013

سعت إيران خلال وقبل الشهور التي شهدت الانتفاضة الشعبية ضد نظام حكم الرئيس صالح في اليمن إلى تكثيف وجودها الاستخباراتي والسياسي بل والعسكري في الخاصرة الجنوبية للجزيرة العربية.
ومن قبل كانت أجهزة الاستخبارات السورية والإيرانية تتعاون في نقل مقاتلين حوثيين من اليمن إلى إيران أو لبنان بعد وصولهم إلى دمشق، وحصولهم على أوراق سفر أخرى للتمويه على وجهة سفرهم الحقيقية، حسب اعتراف مقاتلين حوثيين حينها.
وخلال السنوات الأخيرة رصدت أجهزة الاستخبارات اليمنية بالتعاون مع أجهزة أخرى إقليمية ودولية أعدادا متزايدة من السفن المحملة بالأسلحة، التي تأتي من إيران، وتقصد عددا من الجزر اليمنية الصغيرة، وغير المأهولة بالسكان في البحر الأحمر بالقرب من جزيرة ميدي، لتفريغ حمولتها ثم نقل هذه الحمولة عبر قوارب صيد صغيرة إلى الساحل اليمني، ومن ثم إلى وجهتها عبر البر إلى محافظة صعدة حيث توجد سوق «الطلح»، وهي واحدة من أكبر أسواق السلاح في اليمن، والتي يسيطر عليها حاليا الحوثيون، إضافة إلى وجود نسبة كبيرة من تجار السلاح اليمنيين ممن ينتمون إلى هذه المحافظة، والذين في ما يبدو دخلوا في حالة من الوفاق مع الوجود العسكري الحوثي، بل وأسهموا في دعم الترسانة العسكرية الحوثية بأنواع مختلفة من الأسلحة. وهنا يلحظ أن الحوثيين ينسقون على خطين: الخط الأول هو خط تجارة السلاح التي يسيطر عليها تجار من محافظة صعدة وغيرها، وبعضهم وضعت أسماؤهم على القائمة السوداء في اليمن وخارجها، وما زالوا يتمتعون بنفوذ واسع، بل وولى الحوثيون بعضهم أعلى المناصب الإدارية في محافظة صعدة التي يسيطرون عليها، والخط الثاني هو تهريب السلاح عن طريق «قوارب الصيد المسلحة» التي تحمل السمك على السطح والسلاح في العمق، فيما يشبه الحكاية العربية القديمة التي لخصها بيت الشعر:
ما للجمال مشيها وئيدا
أجندلاً يحملن أم حديدا
عندما دفعت الزباء حياتها ومملكتها لجهلها بأن الجمال يحملن المقاتلين والسلاح بدلاً من الثياب والطيوب الفارسية.
وقبل أيام ضبطت سفينة إيرانية بعد تفريغ نصف حمولتها في جزيرة «طنم»، ومن ثم تهريب هذه الحمولة إلى محافظة صعدة، حسبما نقلت «الشرق الأوسط» عن مصدر حكومي يمني.
وفوق ذلك أكدت تقارير توجه الحوثيين نحو شراء وتأجير محلات وأراض في محافظة عدن وعلى ساحل البحر العربي، وهو الأمر الذي لم ينفه الناطق باسم الحوثيين، بل وقال في لقاء تلفزيوني إن من حق جماعته أن «تشتري حيث تشاء»، ولا يمكن للمراقب أن يتصور أن عملية تأجير محلات في محافظة عدن وعلى سواحل بحر العرب من قبل الحوثيين عملية عفوية لأغراض تجارية، بل يمكن ربط الأمر بسهولة بتدفق السلاح إلى اليمن من إيران وتركيا في شحنات مشبوهة، وإذا أخذنا في الاعتبار أن الأمن اليمني قد أحبط عددا من محاولات تهريب السلاح عبر البحر الأحمر وأخذنا كذلك طول المسافة البحرية التي يتحتم على السفن قطعها للوصول إلى الجزر الصغيرة التي تفرغ فيها شحنات الأسلحة في البحر الأحمر، فإن توجه الحوثيين لسواحل بحر العرب يعني محاولات السير في الاتجاهين للحصول على السلاح: عبر البحر الأحمر أو بحر العرب.
لم يعد لعب إيران في الساحة اليمنية بالسر، حيث تغير الوضع تماما، وأصبح اليمنيون يترحمون على الأيام التي كان فيها سفير طهران في صنعاء يقوم بزيارات سرية لمحافظة صعدة، حين كان الحوثيون ينكرون علاقتهم بإيران، أما اليوم فقد أعلنت قيادات حوثية أنها تسعى لربط اليمن بمحور المقاومة للمشروع الأميركي الإسرائيلي، وهي نغمة إيرانية تعني في حقيقتها ربط اليمن بالمشروع الإيراني الساعي إلى الإضرار بأميركا وإسرائيل إعلاميا في الغالب، والإضرار بالعرب في بنيتهم الاجتماعية والثقافية والدينية على أرض الواقع.
يكاد اليمن اليوم يأخذ شكل لبنان، حيث تسعى إيران إلى تقوية جماعة تدين لها بالولاء الطائفي، وترفع شعارها، وتستقبل أسلحتها، وتبني لنفسها كيانا شبه مستقل عسكريا وسياسيا في منطقة جبلية صعبة التضاريس في محافظة صعدة شمال البلاد، وهذا يشبه إلى حد كبير الاستراتيجية الإيرانية في التعامل مع الملف اللبناني، حينما اطمأن العرب إلى أن اتفاقية الطائف مثلت مخرجا للبنان من اقتتاله الطائفي، في حين بدأت إيران في العمل على بناء ميليشيات حزب الله التي اختطفت اليوم الدولة اللبنانية بالكامل. فهل يراد للحوثيين أن يكونوا دولة داخل الدولة على غرار حزب الله، خاصة أن زعيمهم يحاول كثيرا الظهور بمظهر «سيد المقاومة» في لبنان، في كل حركاته وسكناته، من الشال الفلسطيني على الكتفين، إلى تقليد حركات اليدين، ورفع السبابة، إلى الاختباء في سراديب كهوف جبال صعدة، ومخاطبة جمهوره من وراء جدر في إيهام لهذا الجمهور المضلل في أغلبه بأن من يخاطبهم مستهدف أمنيا من قبل الأميركيين والإسرائيليين، على الرغم من أنني لا أزال أذكر ضحكة مجلجلة للسفير الأميركي سمعتها وأنا ألقي عليه سؤالا حول ما إذا كانوا يعتبر الحوثيين أعداء لهم، في حوار سابق نشر في هذا الجريدة، وعلى الرغم من أن الأميركيين لا يهادنون في سحق وقتل أعدائهم الحقيقيين، كما هو ملحوظ من ضربات الدرون التي تستهدف عناصر «القاعدة» في البلاد؟!
ولو تركنا الشمال والتغلغل الإيراني فيه جانبا إلى الجنوب، فلا يبدو أن جنوب البلاد أحسن حظا من شمالها في ما يخص حجم التدخلات الإيرانية، على الرغم من أن الجنوب اليمني يختلف مذهبيا عما عليه الحوثيون في شمال الشمال، وهو ما يصعب مهمة الإيرانيين هناك، غير أنه في مقابل الصعوبة التي يهيئها الفارق المذهبي في الجنوب فإن العامل الجغرافي ربما يعمل على تيسير المهمة جنوبا، حيث القرب النسبي للسواحل اليمنية في الجنوب من السواحل الإيرانية، وحيث الامتداد الجغرافي الواسع مع تجمعات سكانية تتمركز في مدن محددة ووجود أمني خفيف، ومع وجود تيار ضمن الحراك الجنوبي أعلن أنه يقبل الدعم من إيران، بل وطالبها به، ونقل مقر زعيمه إلى بيروت حيث يعمل «سيد المقاومة» وحزبه كذلك على تنسيق العلاقة بين طهران وهذا التيار، وحيث يسعى الحوثيون إلى الوجود في الجنوب كما مر بنا.
وقبل شهور طالب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إيران «بالكف عن تدخلها في الشأن اليمني»، ورفض لقاء الرئيس أحمدي نجاد في نيويورك في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتهم إيران صراحة بدعم الجماعة الحوثية المسلحة، والسعي لدعم بعض تيارات الحراك الجنوبي بالسلاح.
ومؤخرا أفاد تقرير حكومي أميركي نشرته «الشرق الأوسط» بأن طهران يوجد لديها «30 ألف عنصر استخباراتي حول العالم، ينتشرون على نطاق جغرافي يمتد من لبنان إلى الأرجنتين». وذكر التقرير أن وزارة الاستخبارات الإيرانية توفر الدعم المالي واللوجيستي لعناصر من المخابرات الإيرانية في اليمن في حين يقوم الحرس الثوري بالإشراف على العمليات الميدانية. ولا يمكن بالطبع المرور بهذا التقرير من دون الإشارة إلى ست خلايا تجسس إيرانية أعلن اليمن ضبطها وتفكيكها تعمل في عدد من المدن اليمنية شمالا وجنوبا. والأسبوع الماضي نفى سفير طهران في صنعاء في مؤتمر صحافي تدخل بلاده في الشأن اليمني وتساءل باستخفاف «ماذا تريد إيران من التجسس على اليمن؟ هل على المفاعل النووي أو على اقتصاد اليمن أم على معسكراته؟». وهذا كلام يراد به التمويه على الهدف الحقيقي للإيرانيين في اليمن، وهو تطويق الجزيرة العربية من جنوبها بعد أن طوقوها من الشرق في العراق والشمال في لبنان وسوريا.
وإذا كانت إيران قد استطاعت أن تلعب دورا محوريا تخريبيا للأسف داخل لبنان في ظل تعاون كبير من قبل نظام الأسدين: الأب والابن، وإذا كان دورها في تعطيل التحول السياسي في سوريا وإطالة معاناة الشعب السوري ظاهرا للعيان، وإذا كان دورها في العراق لا يحتاج إلى خبرة خبير للتعرف على طبيعته وأهدافه، فإننا يمكن أن ندرك ما يمكن أن تفعله إيران فيما لو استمر تجاهل تنامي نفوذها في الخاصرة الجنوبية للمنطقة العربية، في ظل الفوضى الأمنية التي يشهدها اليمن، ما لم تكن هناك استراتيجية عربية تعمل على مواجهة هذا النفوذ المتزايد في البلاد قبل أن يقول قائل، لا سمح الله: «هذا ما كنا نحذر منه».
*الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.