نعم تمضي السنين والأيام ومازالت الأيام رهينة الاعتقال رهينة للاعتقال ألقسري التعسفي الذي اتخذته تجاهها سلطة نظام صنعاء السابقة اللاحقة بهدف القضاء على صوت الحق صوت الحرية صوت المظلومين في كل مكان ولسان حالهم إغلاق الأيام ومحاصرتها لم يكن مجرد إغلاق لصحيفة بقدر ما هو إغلاق لمدرسة اسمها الأيام مدرسة وسطية في الفكر والمنهج مدرسة لكل الثقافات وتعدد الأفكار بعيدة عن التطرف والغلو بعيدة عن الاستخفاف وانحدار القيم كما هو حاصل في إعلام الارتزاق ، الأيام مدرسة تعلم فيها الجميع ونهلوا من معارفها . هكذا كانت بداياتها الأولى على يد عميدها المؤسس رحمة الله عليه فتعرضت للهجمة الأولى على يد أعداء الحرية أعداء الحياة الذين دمروا كل شيء يبعث الأمل وخنقوا الشعب والوطن والهوية وركنوها جانبا بالركن اليماني ليس الركن اليماني للكعبة المشرفة زادها الله تشريقا وتعظيما بل بركن باب اليمن الذي يحتوي داخل سوره على بقايا قليص أبرهة الأشرم الحبشي . وتشرد بعد ذلك الشعب قسريا في أصقاع المعمورة كل يبحث عن الحياة كل يبحث عن الأمان كل يبحث عن النجاة من دوامة العنف الثوري . وكان للأيام وناشريها نصيب مما حصل للجميع فهاجرت الأسرة إلى الجمهورية العربية اليمنية وتحديدا إلى عاصمتها صنعاء ليحصلوا على بطاقة تحمل في تعريف الهوية (( جنوبي مقيم في صنعاء)) .
وبعد حوالي ربع قرن جاءت على حين غفلة وحدة 22مايو 1990م وساقت الجنوب دولة وشعبا إلى حكام النهدين والذين تحركوا بقضهم وقضيضهم في صيف 1994م تجاه الأراضي الجنوبية ليستولوا على الأرض وما تحت الثرى وعلى الشطآن وأعماق البحار بطريقة لم يشهد لها التاريخ مثيل وقد تجاوزت في طغيانها ما فعله في العصور القديمة شمر يهرعش ونقشه السابع عشر الذي كان (يصلق وينعش ) على حرائق المدن والتاريخ والنهب والسلب .
وقد خيل لكثير من الناس ان وحدة 22مايو 1990 كان في ظاهرها الرحمة للجنوب ولكن تبين بعد ذلك ان ظاهرها كان كذلك واما داخلها فقد احتوى كل العذاب .
ومع ظواهر الأشياء الكرتونية من أنظمة وقوانين والتي في الحقيقة هي مفرغه تماما من محتواها وكان لعودة الصحافة المستقلة دور ايجابي مثلت فيه الأيام الشمعة المضيئة تنير ظلام الليل الحالك بقوة إشعاع فريد فانطلقت في خطاها السريعة الواثقة وتحولت من صحيفة أسبوعية إلى صحيفة يومية تضاءلت إمامها و تقزمت الصحف الرسمية التي تستهلك من ميزانية الشعب الشيء الكبير . حتى في نسب التوزيع وهي مقارنة مع الفارق فكان للأيام قصب السبق مما اثأر غيض الطواغيت وازداد حنقهم عليها.
وبما ان الأيام كانت صوت الحقيقة فكانت حقيقة الجنوب وقضيته وهويته هي الحقيقة التي تنطق بها الأيام وهي الحقيقة التي نفضت عنها غبار السنين وأبقتها حية في الوجدان ، كانت الأيام بمثابة السد المنيع لمحاولات الطمس والتغييب وكانت هي وفارسها الراحل هشام رحمة الله عليه وساعده الأيمن أخيه تمام بمثابة المشعل الحقيقي والقائد والملهم لثورة الشعب الجنوبي المتمثل بحراكه السلمي المميز.
فنالت ايدي الغدر والبلطجة منهم ما نالت في النفس والمال والجسد والولد فكانوا بحق هم مشعل هذه الثورة هم الذين ضحوا وجسدوا ذلك من خلال تضحيات صادقة وعزيمة لا تلين ومبادئ شامخة كشموخ شمسان وردفان لا تهزها الرياح والأعاصير فشتان بين من ضحى ومن استرزق شتان بين من قدّم ومن استلم شتان بين من خسر الملايين وربح أهله ووطنه وحبهم ومن ربح الملايين وسيركله لامحالة أهله ووطنه . شتان بين من ذاق القهر والمرارة وبين من تنعم بالعسل والطيبات من الرزق .
هذه هي الأيام يا سادة مازالت رغم ما سمي بثورة التغير يتم حصارها ومحاكمتها من قبل النظام اللاحق بناء على افتراءات ومظالم النظام السابق فهل اللاحق هو السابق ؟ ام ان الجميع وما سبق السابق هم نفس العنوان والمكان . تلك هي الأيام وإحداثها ستمضي لتبقى تاريخ نتذكره بحلوه ومره نعلمه الأجيال القادمة وسيسقط كل الطغاة أين ما كانوا ولكن ستبقى الأيام حية في قلوبنا .