قبل سنين خوالي من الزمان ... كان معي تليفون هنجاري ... أسمه الحمار بكسر الحاء ...وهو اسم اطلق عليه فيما بعد .. لريثما شهدة البلاد طفرة نوعية من الهواتف النقالة ... كالفيصلي والساحر .. والدمعة ...
المهم هاتفي على أد مقامي وهو يشبه إلى حدا ما بالباذنجان ...وقد قمت بتجميلة وتزيينة باإضافة السلوس والسيور .. ووضعت له محفظة على خصري وهات يارنات على عباد الله الصالحين ...
يعني باختصار كنت مصدر إزعاج ... وفي اغلب الاحيان كنت اختار ارقام عشوائية ... واضرب عليها فأن كان الرد من جنس النواعم .... ياااااح ويافرحة اهل الرعية اهل القلوب السلية ...
وياويل ابوها وياسواد ليلها ...وبصراحة اظن لا بل اجزم ان الكثيريين .. ردموا هواتفهم وحطموها .. واظن انهم كانوا يذهبون لشرطة في اليوم ثلاث مرات...
بسبب إزعاجي وملاحقتي لهم .. طبعا هذا قبل عشرين سنه وقبلما اقف على عتبة الستينات من العمر شيبة بدوي ...
وقد عيرتني أم الحسين بالشيب وهو وقار ... وياليتها عيرتني بما هو عار ...ولو عاد بي الزمن للورى لأعتذرت لكل من ازعجتها وصافحته وقبلت رأسه ...
وقد ظل هاتفي الهنجاري يلازمني في حلي وترحالي ..ولم استطع شراء هاتف مطور .. نظرا لقلة حيلتي وضيق حاجتي ...
ومن سفرة برفقة محمد الفقيرية الى الحديدة عروس البحر الاحمر .. وفي احد الأيام كنت في حضرة الشيخ احمد بن صالح العيسي .. وكنت احرص أن يكون مجلسي بالقرب من العيسي ...
وتحضرني الذاكرة فقد كانوا في حضرة العيسي مجاميع على طول الطاولة المستطيلة .. وقد وضعوا هواتفهم امامهم وهي بمختلف الانواع والاشكال ...متطورة ورناتها عبارة عن اغاني كأغنية ابوبكر سالم بالفقية .. مايحتاج ياعيسى تذكرنا بهم ياخوي ..والمهم ماحد احسن من احد ياخوي ...
اخرجت الحمار حقي اقصد التليفون حقي ووضعته امامي على الطاولة مثلهم .. ومن جيز البل يابعار ...وعلى حين غرة وخلسة مني فقد رأيت الحاضرين يغمزون ويلمزون بأتجاه هاتفي .. ويتندرون من شكلة ...
وكانت رنته مزعجة وتشبة صوت عرسة حمزة وهي حشرة بتسميتنا نحن اصحاب البادية باارض البدو والرعيان ..والحشرة لها صوت ليلا يشبه الصفير ...
ومن تدابير الاقدار فقد رن هاتفي وكان في وضع هزاز ..فأرتجت الطواله وانفجر الحاضرين في نوبه من الضحك ...بما فيهم العيسي والذي حذرني من الازعاج مرة اخرى ...
مالم فأنه سيرمى هاتفي من الشباك .. وقد وجه لي كلامات نابية على سبيل المداعبة كالبدوي وماشابه لذلك ...
وحالما آوينا الى عدن انا والفقيرية اشترى لي هاتف الدمعة ب 54 ألف ريال وقد علمت فيما بعد ان العيسي والفقيرية اتفقا على شراء لي هاتف مطور .. فرحت بالهاتف إيما فرح ..وآويت الى مضارب البادية والجبال السود ...
وأعطيت الهنجاري حقي لأم الحسين وفرحت أم الحسين وكنت سارح وغادي الى الطين وأم الحسين تخرع علي من الرنات .. وأحيانا ارتاب لكثرة الرنات ...
واتصل بها وتجيبني أم الحسين وبلهجة البدوية تعال افرع بين امعوالين رعهم اداحجوا ...او روح امغداء برد ..وكنت دائما أتخاصم مع ام الحسين لإزعاجها لي بالرنات ...
بيد انها لم تكترث لخصامي ..ودا الخصام وليالي الأسية كلهم دول مايهونوش حبك عليه ... وتستمر حكاية الرنات من أم الحسين وازعاجها لي وباختصار ام الحسين اعمى لقي حليه ..وشر البلية مايضحك وقل للزمان ارجع ..!