قطر أول وأقدم دولة عربية اتبعت سياسة التطبيع مع إسرائيل عملت تحت وصايتها مسخرة إمكانياتها المادية لتنفيذ أجندات الصهاينة لضرب تطلعات البلدان العربية في الحرية والديمقراطية والتقدم والعدالة الاجتماعية والسلام في مقابل حمايتها وتحقيق أمنيتها لتصبح رائدة في الخليج وقائدة في مجلس تعاونه. وتركيا هي أول وأقدم دولة إسلامية تقيم علاقات في جميع المجالات مع إسرائيل وتعمل باستمرار على تمتينها حتى لا تتأثر بتصريحات أردوغان العدائية شكلا للكيان الصهيوني لكنها موجهة ضمنيا لضرب تطلعات الدول الإسلامية أيضا. والدولتان قطروتركيا هما أهم الأدوات التي تخدم إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط والرابط الذي يصلها بجماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية لتنفيذ خططها وتحقيق مآربها, وبذلك تكون بعيدة عن الشبهات بل وتلمع صورتها أمام المجتمع الدولي وتظل في نظره الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة. قطروتركيا وراء شق صف الفلسطينيين وقيام سلطة لحركة حماس وكل منهما أخذ يدعم تلك السلطة بطريقته وإمكانياته وإيصال المعونات والمنح المالية للحركتين حماس والجهاد الإسلامي من دون الشعب الفلسطيني الصابر على الظلم من الجهتين الإسرائيلي والإخواني. وعندما انتفض الشعب في غزة وخرج في احتجاجات سلمية ضد سياسة التجويع التي تمارسها بحقهم سلطة حماس وضد الظروف المعيشية الصعبة حيث الاقتصاد في سقوط مستمر وانتشار البطالة بلغت نسبتها أكثر من 70% بين الشباب وجدت حركة حماس نفسها تحت ضغط شديد لن تستطيع تلبية مطالب الجماهير, وبدلا من الجلوس مع بقية الحركات وفصائل العمل الوطني الفلسطيني أدارت ظهرها لهم وراحت في طريق قمع الحراك الشعبي ضدها الآخذ في توسيع دائرته وارتفاع سقف مطالبه الإنسانية تحت شعار بدنا نعيش. قوات الأمن التابعة لحماس ضربت المحتجين المطالبين بالعيش والمساواة والكرامة والحرية داهمت منازل النشطاء واعتقلتهم واعتقلت الصحفيين وعاملين في حقوق الإنسان حسب شهادة المجلس ألأممي للحقوق الإنسان الذي دان حركة حماس لانتهاكها للحقوق والحريات. ثم تدخلت إسرائيل إلى جانب حماس تقمع الحراك الشعبي باستخدام أسلحة فتاكة, ودان العملية المجلس ألأممي لحقوق الإنسان ووصفه بالمتعمد. فكيف كان يجب على حركة حماس وإسرائيل إخماد الحراك الشعبي في غزة؟! وبأي وسيلة إذن غير إطلاق صواريخ على تل أبيب من غزة لإعطاء الكيان الصهيوني ذريعة بضرب غزة وإخماد الحراك الشعبي الضاغط على حماس والذي عتمت عليه كل من قطروتركيا سياسيا وإعلاميا مانحتان الحكومة الإسرائيلية صكا على بياض لضرب الحراك الشعبي السلمي الفلسطيني في غزة وموافقتها للعمليات التي قامت بها حماس وردة الفعل الإسرائيلية الجامحة عبر الغارات الوحشية على المواطنين السلميين وإقلاق سكينتهم العامة, وذلك لإظهار الشعب الفلسطيني المتحضر المتمدن, الشعب الأكثر تفاعلا مع الحداثة والتحديث بأنه إرهابي. ويظل الاستغراب سيد الموقف عن كفاءة وفاعلية القبة الحديدية الإسرائيلية وقدرتها على صد الصواريخ الموجهة إليها! هل يمكنها أن تصد مطرا من الصواريخ الإيرانية المتوسطة المدى والقريبة المدى تطلق على إسرائيل من إيران ومن سوريا وجنوب لبنان وهي التي لم تستطع صد صاروخين من غزة؟! التعتيم من قبل الدولتين لم يقتصر على الحراك الشعبي في غزة وحسب, بل وعلى مرتفعات الجولان السورية أيضا منذ اللحظات الأولى للإعداد والتحضير لاعتراف ترامب بسيادة إسرائيل عليها والذي بدأ بزيارة أبرز المقربين لترامب, عضو الكونجرس الأمريكي السيناتور ليندزي جراهام لإسرائيل ولمرتفعات الجولان قبل فترة وجيزة. صرح من الجولان أنه سيحض ترامب على الاعتراف بأنها جزء من إسرائيل وأنها أرض إسرائيلية. قال ذلك في العلن ولم يرد عليه أحد حينها من العرب ولا من الدول الإسلامية وخاصة تركيا لأنها استقبلت نفس السيناتور قبل ثلاثة شهور استقبالا رسميا حارا وحضر حفلة غنائية مسائية مع أردوغان وعقيلته, يعني علاقات أكثر من عادية ذهب يؤكد لأردوغان عن تمسك أمريكا بالقيم الأمريكية الإنسانية في مقتل خاشقجي. كان المفروض أردوغان يذكر جراهام بالقيم الإنسانية الأمريكية والدولية في ضم أراضي الغير بالقوة وعدم احترام القرارات الدولية. ولكن, هل هذا القرار الذي وقع عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيمر على الكونجرس ويوافق عليه أعضاؤه أم لا في ظل رفض دولي لقرار ترامب الداعي للاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان؟! هل هي دعاية انتخابية لنتنياهو وترامب؟ ويظل الغموض في الروابط المتشابكة لعلاقة إسرائيل الوثيقة بكل من قطروتركيا وفي الروابط المتداخلة لعلاقة إيرانبقطروتركيا ومن يديرها؟ فهل ستقوم حرب فعليا على إيران وهل تستطيع إسرائيل أن تقودها أو حتى توجه ضربة؟! أم أن المسألة ابتزاز أمريكي إسرائيلي للعرب في أبشع صوره مع مزيد من الضغوط على إيران!