ليس الشأن أن نتفق أو نفترق و نأتلف أو نختلف فهذه سنة الله في عباده و لن تجد لسنة الله تبديلا و لن تجد لسنة الله تحويلا. و لكن الشأن كل الشأن ألا نفجر في الخصام و ألا يفلت من أيدينا الزمام و الخطام فتكون الثمرة الصدام فالحطام! و كل من يظن أنه سيتفرد بالقرار فعاقبة أمره الفرار و عدم الاستقرار و السعيد من اتعظ بغيره و الشقي من اتعظ بنفسه و أحمق مغرور من يبدأ من حيث بدأ الخاطئون و المكابرون ثم يظن أن الثمرة مختلفة فالسنن لا تحابي أحدا و لا تتبدل و لا تتحول. هناك قواعد و بنود و ثوابت و حدود لا ينبغي لأي طرف من الأطراف مهما بلغت قوته و تمكنه أن يتعداها و يتحداها ليشفي غليله لبرهة من الزمن قليلة لكنها تخلف تركة من المثالب و الثارات ثقيلة و طويلة. و مع أن الحرب هي تسلية الزعماء الوحيدة التي يسمحون لشعوبهم بالمشاركة فيها كما قال برجسون بل و يجعلونهم وقودها و بارودها إلا أنك تجد الحمقى و النوكى يسارعون و يتبارون لخوض جحيمها و الاحتراق فيها كفراش يتهافت على نار ظنها نورا فأحرقته! على أنني على يقين أن أشد الناس دعوة لتسعير الحروب هم أكثر الناس سرعة في الهروب. و كل مغتر بنوع من الاستقواء فإنما هو واقع في الإغواء و كل مستكبر باستعلاء خاتمة أمره استجداء. لأن المنصفين غير المتعسفين يعلمون علم اليقين أن الأطراف المتنافرة و المتناحرة لا تملك قرارها و لا استقرارها و إنما هي أدوات رخيصة لقوى إقليمية خسيسة تتحكم فيها تحكم السيد المتجبر في عبده الذليل بصورة فجة سافرة لا نحتاج في رصدها عينا فاحصة ساهرة. فهلا كفت تلك الفرق المتصارعة عن لعب دور التابع الذليل و شبت عن طوق التبعية العمياء و غلبت مصلحة البلاد و العباد على مصالح الأسياد؟! فإن قيل:لا بد من محاسبة الفاسدين. نقول:أمر لا يختلف فيه عاقلان و لا يجادل فيه منصفان و لكن من يحاسب من و كل الأطراف غارقة في الفساد و التدمير و الكساد و التدوير و الانبطاح و التمرير و الخداع و التزوير؟! و باختصار شديد و لفظ سديد كل من أخطأ كائنا من كان فلا بد أن يخضع للتحقيق و التدقيق حسب النظم العادلة السائدة لا حسب قوانين الغاب البائدة فبذلك تبنى البلدان و تزدهر و بضده تنهار و تندثر مهما بلغت من أسباب القوة و التمكين لأن الفوضى لا تكون خلَّاقة بل تكون لكل القيم حلَّاقة. روح النص: طبول الحرب غالبا يقرعها السفهاء و ينتشي بصوتها الجهلاء و يجني ثمارها الجبناء لحا الله قوما أرشوا الحرب بيننا**سقونا بها مُراً من الشرب آجنا.