الطغاة لا يعتبرون بمصائر بعضهم ولا يستفيدون بنهايات من سبقهم، لأن كل طاغية يظن ويعتقد في نفسه الذكاء الخارق، والحنكة التي لا تضاهى، ويفترضون لانفسهم قدرات ومهارات لا تتوفر عند طغاة آخرين، فلسان حال كل طاغية (أنا أكثر منك مالاً وأعز نفرا). والمخلوع اليوم لم يتعظ بمخلوع تونس الذي كان حظه أقل سوءاً ممن تلاه، ولم يتعظ بمخلوع مصر الكنانة وقد غدا محكوم عليه بالمؤبد خلف القضبان مهانا ذليلا، يذهب نفسه حسرات، بل لم يتعظ بمخلوع ليبيا الذي تجاوز كل حد وظن أنه قادر على فعل كل شيء، فإذا هو يواجه أسوأ مصير. ومخلوع صنعاء لم يمض باتجاه (الجرف) إلى حيث مضى مخلوع سبتمبر (الامام البدر)على أمل أن يعود مرة أخرى إلى دار البشائر (إماما) لليمن باعتبار أنه من سلالة هي أحق بالحكم، لأنه بزعمهم من طينة غير طينة اليمنيين، بل من سلالة تتميز على سائر البشر فهم (السادة) بزعمهم، وغيرهم العبيد، ولا يحق لهم أن يتطلع أي منهم إلى السلطة والحكم، فالإمامة (الحكم) حق لازم لهم يتوارثونها أباً عن جد. المهم أن مخلوع اليوم (علي صالح) لم يتعظ (بالبدر) الذي كان يمني نفسه أن يعود يوما إلى حكم اليمن فقادها مع أسرة حميد الدين حرباً شعواء ضد اليمن واليمنيين مستهدفاً الثورة والنظام الجمهوري فذهبت أمنياته أدراج الرياح، وتكسرت حشوده وحلفاؤه ومعه من وراءه تحت أقدام الثورة والثوار. وكما كان مصير (البدر) الاندحار والانهزام، فكذلك سيكون مصير مخلوع ثورة فبراير (علي صالح) الذي يقتفي خطوات (البدر) رجلا برجل أو قدما بقدم، نعم سيمضي مخلوع ثورة فبراير على خطى مخلوع ثورة سبتمبر، وسيلقى ومن معه نفس المصير.. وعلى أحمد علي ويحيى صالح أن يتأملا في مصير محمد بن الحسن وعبدالله بن الحسين. سيذهب علي صالح وبنيه وعائلته إلى حيث ذهب (البدر) وعائلته، وإلى حيث ألقت رحلها أم قشعم!