كل الأخبار القادمة من مدينة عدن المنكوبة بقياداتها المليشياوية المتعددة ، مقلقة ومثيرة للرعب والخوف في نفوس الجميع ، وهي توحي بأن هذه المدينة المغلوب على امرها لن تعرف التعافي حتى ليوم في حياتها ، بل اصبحت تتعايش مع النكبات بمختلف أشكالها وصورها ان لم تمثل اليوم البيئة الخصبة لها . موجعة أخبار هذه المدينة التي تنام وتصحو على الجريمة وتتوغل فيها أصناف متنوعة منها ، وقد تتلاشى من الذاكرة بشاعة الجريمة السياسية المنظمة من تاريخها لتحل بدلا عنها جرائم أشد فتكا بالمجتمع وتؤسس على مراتب مختلفة من ضياعه وانزلاقه الى الحضيض و قعر الهاوية . والشئ المؤسف له بأن جرائم هذه المدينة وفي كل مراحلها تصنع بايادي القيادات من أبنائها الذين يدعون حبهم الحصري لها ووئلاهم الحصري لها واستعدادهم للموت في سبيلها وفي الاخيرة هم الصادقون ولا يمكن لمخلوق أن يكذبهم او يقذفهم ولعوذ بالله بالنفاق ، لانهم اشد الناس حرصا على قتل بعضهم البعض ، وخلق الويلات والمصائب التي يشيب من هولها الغلمان في كل وقت وحين . غضب كثيرا من المحبين لهذه المدينة البائسة والحزينة ، والعاشقين لبؤسها وكابتها من كتاباتي الموضوعية عنها ، وعن احوالها الغارقة في تخلف وكأنها قادمة من غابر الازمان ، فكلما تقدمت خطوة ارجعها مردتها من القيادات الضالة خمسون عاما للوراء ، ولم يحالفهم طالعهم المقلوب في البحث عن أسرار تأكلهم ورغبتهم الجامحة وعشقهم الفطري لمناظر الدم الذي يسقي تراب هذه الأرض المتعطشة له منذ أول قطرة دم بشري سفح على ثراها في التاريخ ، ولهذا فهي لن تتخلى عن عادتها الازلية في الاستحمام في برك الدم ولو كانت من فلذات اكبادها ، وهذه الحقيقة المرة التي لن يتقبلها الهائمون في غرامها الدامي ، والبقاء مع الآمال المخدوعة في إمكانية إصلاح أحوالها في أي يوم من الايام ماهو الا المخدر اللعين الذي ذهب بعقول اصحابه وجعلهم يتقاتلون ويقبلون على الموت بكل شراهة ، وستظل ظاهرة الموت مستفحلة في هذه المدينة التي التحقت تاريخيا بمدن الموت و الجريمة والظلام وتفوقت عليها خاصة مع دخول أصناف جديدة لها من الجرائم التي لم تعرفها في حياتها من قبل وبالتحديد في الخمس السنوات العجاف التي مرت عليها .