نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    التفاؤل رغم كآبة الواقع    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    انهيار وشيك للبنوك التجارية في صنعاء.. وخبير اقتصادي يحذر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية في الفلسفة الرمزية في مجموعة "وشم هارب من الطين" للكاتبة سميرة عبيد
نشر في عدن الغد يوم 07 - 08 - 2019


بقلم: هايل علي المذابي



إذا كان العنوان هو العتبة الأولى للوصول إلى محتوى أي متن أدبي أو علمي فإن إبداع مؤلف المتن يتجسد منذ الوهلة الأولى والإنطباع الأول الذي يتركه العنوان في نفس المتلقي.

"وشم هارب من الطين" هو عنوان المجموعة القصصية الأولى للأديبة والشاعرة والباحثة القطرية سميرة عبيد والعنوان كما نرى يؤلف جملة خبرية مفيدة ومكتملة لكنه يحمل من الرمزية ما يكفي لوضعه بين سياقين هما الشعر وروحه والسرد وجمالياته.

أكثر مما تفصح عنه تفاصيل القصة التي تحمل ذات العنوان في المجموعة القصصية نجد هذا الوشم هو تعبير عن القيمة الإنسانية الفاضلة التي ما إن يخلو أي عمل فني أو أدبي من تفاصيلها حتى يصبح بلا قيمة مهما بدى المتن مثقلا بزخم السرد أو الشعر أو الفن بأي أشكاله، والقيمة هي ما ينصع الخلود لأي عمل فني أو ادبي وتناولها في أي سياق يمنح هذا الأخير قيمة تشبه المواد الحافظة فلا يبليه كر أو فر الأيام ومهما تعاقبت عليه السنون.

إن التعبير بالقول وشم هارب من الطين بناءً على هذه الفلسفة التي تجعل الوشم معادلا موضوعيا للقيم الإنسانية تجعل من الطين الذي هو رمز لآدميتنا مسكنا للقيم لولا أن ثقل القيم ومسئولية تحملها يجعل من الطين مادة هشة لا تستطيع ان تحتمل ذلك الثقل وتلك المسئولية فماذا يحدث حينها؟

تلجأ الكاتبة في قصتها إلى جعل الحجر ملاذا قادرا على تحمل المسئولية حين يعجز الإنسان ان يحتملها، فيكون الوشم/القيمة آمنا على عدم محوه مهما تعاقبت الفصول من هذا الحجر/الإنسان القوي الذي يستطيع أن يتحمل المسئولية.

أي أن مسئولية تحمل القيم لا تناسب الناس جميعا فهي فقط موجودة لدى بعض البشر من الأسوياء الأقوياء القادرين على حماية ما يعتنقونه من قيم ونبل وأخلاق ومهما بدا حملها ثقيلا إلا أن قوتهم كفيلة بالقدرة على تحمله تماما كقدرة الحجر على الاحتفاظ بالوشم وضعف الطين بالمقابل في تحمل أي وشم.

من هنا فقط نستطيع أن نقرا المجموعة القصصية "وشم هارب من الطين" حيث تضم هذه المجموعة عددا من القصص التي تتناول القيم الإنسانية وفضائل الأخلاق كما نلمس لدى الكاتبة فلسفة خاصة في تناولها ويعبر عنها عنوان المتن ويدخلنا بفهم رمزيته إلى اعماق المجموعة ومحتواها.


حب الوطن وحب وطاعة وبر الوالدين وتفوق الأخلاق على الماديات وفضائل الخير بكل أبعادها وغير ذلك مما نجده في هذا المتن يفصح عما يريد قوله عنوان المجموعة.

كل قصص المجموعة التسعة عشر تتناول القيم بكل رمزيتها وأبعادها بفصيح العبارة تارةً وبفلسفة رمزية تارةً أخرى ومنذ أول قصة بعد الاهداء قطر.. موطن المطر، ثمإلى روح أبي..، ولوحة لأمي..، العازف الأعمى، فضيلة الخير، ياسمين، وشم هارب من الطين، عيد ميلاد بنكهة الفلسفة، إذا الغد لم يأتِ، جيش البنفسج، سجن بلا جدران، موت الكاميليا، حلم قديم، أتحبينني أم تحبين الفلوس؟، بطل منبوذ، تناقض، عشق حداثي، من أحاديث المرايا، الدرس العظيم.

إن المجموعة بما هي حكايات تعبر عن حالة فردية تنطق لتعيد تجديد هويتها، ولتستبصرها عميقا، ولتمدها بمعرفة تبدو – وهماً - معروفة من قبل لكنها تغدو معروفة- حقاً- عبر التشفير الرمزي؛ أي تحويلها إلى أشكال رمزية كما يرى السيميائي كاسيرر. وبذلك تنتقل من هلام مفكك يتمدد في الوعي واللاوعي إلى صور محددة في الإدراك المتعيّن باللغة.

تمارس الذوات المفردة حكاياتها لتعلن عن وجودها ( أنا أحكي إذن أنا موجود ) ، فوجودها بدون الحكي يعني الوجود غير المبين. اللغة داخل خطاب السرد هي من يهبنا صورةً بنيوية، و إلا فنحن حكايات مشتتة ؛ حكايات لا هوية لها ، ولا تأخذ هويتها إلا بالسرد. لماذا تموت حكايات عظيمة وتفقد وجودها ؟ لأنها ببساطة لا تحكى.

لقد كانت العرب قديماً، تسمي الشيخ الكبير بالشيخ الكنتي ( مِن كنتُ ) لأنه يحكي قصصه، يحكي كثيرا، يحكي أكثر من الذي لا يجد ما يحكي لأنه لا يزال في دوامة الأحداث. و يحكي أكثر ليعيد بناء هوية قوامها صنع الحدث، لكنها اليوم بعيدة عن تلك الفاعلية، هي، بعبارة محددة، مهددة بالفناء و تريد البقاء و ( الوجود).

وثمة تقليد تلتزمه القبائل في أفريقيا، يسمى تقليد " أكين" وسيرة القبيلة بل ووجودها مرهون بشخصية "أكين" وهذا التقليد "تقليد أكين" عليه أن يحكي دائماً تاريخ القبيلة وأمجادها وسيرتها منذ البداية. وعندما يشعر "أكين" هذه الشخصية المختارة التي تحكي بكبره وقرب فنائه عليه أن يورث كل ما كان يحكيه عن القبيلة وتاريخها وحاضرها و أمجادها ل "أكين " آخر.

هكذا يرتبط الحكي بالجماعة كما يرتبط بالفرد. أيّ جماعة تحكي لتشكل هويتها، تحكي لتكون، وفي عوالم أقطاب الدراسات الثقافية فإن الحكي هو الأمةThe Narration Is The Nation، و كل حكي يشمل " مجموعة قصص وصور ومشاهد وسيناريوهات وحوادث تاريخية ورموز وطقوس قومية ترمز إلى أو تمثل التجارب المشتركة والمآسي والانتصارات والويلات التي تضفي على الأمة معنى. و إذا كان الأمر كذلك ، فالأمة تحكي لتعيد تشكيل ذاتها ؛ لترسم معالم هويتها ؛ لماذا يحكي السود رحلة العذاب والعبودية بين أفريقيا والعالم الجديد؟ ولماذا يحكي اليهود الشتات؟ ولماذا يحكي العرب سيرة أجدادهم في هذا الزمن بالذات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.