الأيام الثلاث التي خرج فيها الانتقالي الجنوبي واسقط بكثير من اليسر والاحترافية معسكرات الشرعية الرئاسية ومؤسساتها الوزارية والإدارية والتنفيذية بعد أن دفن شهداءه الذين سقطوا غدرا أكانوا من قوات الدعم والإسناد في معسكر الجلاء أو من قوات الأمن العام في شرطة الشيخ عثمان أو قوه من الحزام الأمني في احد معسكرات المحفد قد رسمت معالم جديدة في إدارة الصراع القادم و فرضت استحقاقات مغايره ستوضع على طاولة أي حوار قادم ، ثلاث عمليات حملت هدف إضعاف مثلث القوة التي يستند عليها أمن عدن ، والمناطق الجنوبية المحررة ، والمعسكرات التي تزود الجبهات بمقاتلين ضد الحوثيين . لا يمكن عزل أي فعل استخباراتي معقد أسس لهكذا عمليات قتل ، وهو بذلك يهدف من ناحية إلى إضعاف مقاومة التمدد الحوثي القادمة من الجنوب ، والناحية الأخرى تعكس مدى حجم الخوف المتنامي من قوة الجنوب العسكرية والأمنية والسياسية الصاعدة وأثرها الخطير على الشرعية وكذا على دول بعيده ومن داخل محيط الخليج العربي ، الجنوب أصبح ساحة مفتوحة لكثير من اللاعبين الأعداء والمتحالفين بنفس الوقت ضد خطر الحوثيه وبمجملهم يسعى كل طرف إلى إضعاف الآخر ، أحداث الثامن من أغسطس 2019م هي نتاج طبيعي لهذه التحالفات المتصارعة والتي تتحرك وفق طموحها وأهدافها وتحاول تطويع الواقع لمصلحتها وان أثر هذا الأمر على هدف التحالف العربي في هذه الحرب . سقوط عدن في قبضة الانتقالي الجنوبي أسس ارتدادات طائشة لكثير من قوى الشمال التي تقع في إطار قوة التحالف العربي أو تلك التي تقع في مربع عداوته ، من هذه القوى من نادت بضرورة محاكمة أو إسقاط رأس الشرعية هادي ، وأخرى ذهبت إلى ضرورة إبعاد الإمارات عن التحالف العربي في اليمن ، و آخرون اتهموا السعودية بالتآمر ليس على الشرعية فحسب بل على اليمن برمته ، وتعاملت السعودية والإمارات مع هذه الضربات بكثير من الحنكة ، وأعادوا الدفة في اتجاه السير الصحيح لان سقوط هذه الركائز الثلاث أو بعضها معناه سقوط الجنوب تحت أقدام الحوثيين مشيا أما الشمال فهو ساقط بيد الحوثيين . الشيء المسكوت عنه هو حجم الفساد والاختراق الحاصل في تركيبة الشرعية وأسس هذا الفعل إلى صراع لا منتهي بين الأطراف المتحالفة مع التحالف ضد الحوثيه وصراع آخر داخل التحالف نفسه ، لا قداسة في أداء وتصرفات الشرعية اليمنية ولا دونية في أداء من يعمل خارج توجيهات الشرعية وتوزن الأمور بمقدار ماذا قدم كل طرف في حربه ضد الحوثيين . تحرك أنصار الله الحوثيين بوفد إلى إيران يرأسه محمد عبدالسلام ناطق الحوثيين ورئيسهمم المفاوض مباشرة بعد سقوط عدن في قبضة الانتقالي الجنوبي والذي انتهى تحركهم هذا إلى زيارتهم للمراقد الشيعية بعد أن التقوا رئيس الخارجية الإيراني محمد جواد ضريف و المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي وبدوره أعلن خامنئي عدم المساس بوحدة اليمن ، إيران تحولت من داعم قوي لإنفصال الجنوب كما كان بالأمس إلى مدافع عن الوحدة وبلغة التهديد والوعيد للتحالف العربي ، وهذا الأمر له مدلولاته أهمها أن القوة التي تتحرك في الجنوب هي الأكثر خطر على مشروع إيران من الشرعية التي تجلت أنها أكثر نفعا للحوثية وتمددها ، الشرعية في الأخير ستنتهي تحت مظلة تجمعها مع الحوثيين ، أما الجنوبيين ومجلسهم الانتقالي الساعي إلى إبعاد الجنوب عن الشمال سيضرب طموح إيران في باب المندب وضمه واستخدامه لأغراضها التوسعية و إضعاف خصومها على غرار مضيق هرمز زيادة في استكمال إيران حلقات خنق المملكة العربية السعودية من أراضي الجنوب المحاديه لها واستثمارها ميناء عدن بما يضر الخليج والمنطقة . من غير الممكن أن يرتفع طيران التحالف العربي لضرب حليفه القوي من الجنوبيين من أجل شرعية سقطت بساعات ولا قوة لها على الأرض ، ثم من غير الممكن عزل الجنوب عن الشمال بقوة جنوبية في حرب لم تنتهي بعد ، الأصل ما قاله كثير من عقلاء الشمال فلتكن قبلتنا الشمال طالما الجنوب مستقر ، وحاضن لشعبنا ، وسهم من سهام ضرب الحوثيين . بقاء الشمال بيد الحوثيين يعطي الحق للجنوبيين إدارة شؤونهم بأنفسهم مع رفضهم بقاء أي قوة للشمال في الجنوب لم تؤسس لفعل عسكري في مناطقها التي يسيطر عليها الحوثيين وهذا ما قاله الانتقالي الجنوبي في بيانه ما بعد مليونية الثبات والتمكين التي خرج فيها الشعب داعما للانتقالي الجنوبي ، السفير الأمريكي السابق لليمن جيرالد فيريستاين تحدث لقناة الجزيرة أن لا انقلاب في عدن ، وانه زار عدن قبل فترة واغلب المناطق تحت سيطرة الانتقالي الجنوبي واليوم اكتملت الأمور وان الولاياتالمتحدة لا يهمها سوى محاربة إيران والإرهاب والمجلس الانتقالي شريك مع التحالف في هذا الأمر واغلب الجنوبيين ضد الشرعية المتواجدة الآن ولهم رؤية سابقة بعودة الجنوب . أحداث عدن في العاشر من أغسطس عصفت بقواعد اللعبة السياسية من الثبات بين الشرعية و الحوثيه إلى متغيرات مجهولة جعلت الجنوب في مواجهة الشمال بكل تناقضاته واختلافاته وصراعاته ، و وضعت التحالف العربي في مأزق حلحلة الصراع الطارئ ، كثير من الأنظار تعول على قمة الحوار القادمة في الرياض إلى لملمة المتناثر ، ويستعد لها الجنوبيين كونها خطوة أولى لصراع سياسي جنوبي شمالي غاب عنه الجنوب منذ وثيقة العهد والاتفاق في الأردن والتي انقض عليها الشمال بحربه على الجنوب في صيف 94م ، يتجدد صراع الأمس اليوم مستدعيا جذور المشكلة ذاتها ولكن بأسلوب وأدوات مختلفة وأكثر تمكن للجنوبيين ...فيا ترى كيف سيكون وضع الشمال بعد سقوط الجنوب في قبضة الانتقالي الجنوبي .