تتسارع الأيام مرورا فالشهور والسنين..ولا نعدها أو نتعظ منها بل نتجاوز آثارها بالنسيان أحياناً واحياناً أخرى مرغمين وهي القصة الآليمة لكثيرين! قبل أيام قليلة ومصادفة التقيت زميلة دراسة وصحافة هو اللقاء الثاني العابر وتحدثنا لثوان معدودة..وكيف الحال مع واقع مرير مر عليه زمن ليس بقصير.. وافترقنا..لكن اللقاء الأخير كانت فيه مفاجأة.. هي الزميلة الخلوقة..إقبال الخضر الإعلامية زوجة(ارملة) إعلامي مخضرم وقلم وقائد نادر الوجود..خسرناه في لحظة حقد مناطقي وبعده لم نجد من يحل محله وتتسارع لحظات المأساة لتمر 33 سنة وكأنها لحظات..فقد انعدمت لدينا الرؤية والمصافحة وجها لوجه..لكن كان بالعقل والقلب لن ينمحي..ابداً اقبال الخضر أرملة الشهيد أحمد سالم الحنكي أستاذ الصحافة وربانها القائد في سنوات السبعينات من القرن المنصرم والذي كان من الإبداع والكياسة أن كانت (14 أكتوبر) الصحيفة الرائدة ومدرسة تتلمذ عليها الكثيرون. وبفضل هذا القائد البسيط والإنسان كانت البصمات ولم تزل ماثلة وخالدة ونفتقد من يتمثلها ويحييها اليوم..ولن نف الراحل حقه مهما كتبنا وانا شخصيا كنت ممن يحظى باهتمامه ورعايته حتى استشهاده في 13 يناير المشئوم عام 86م. نعم كانت المفاجئة أن اخبرتني زميلتي ونحن نتذكر ايام العز ،والالم الذي لحق بها..وهو ماسبب الماً لها بسبب نكأ جرح غائر ولن يشفى باي بلسم أو دواء! سالت أقبال..عن الأسرة فأشارت لفتاة خارج محل الاتصالات الذي نحن فيه لتسديد فواتير خدمة النت والهاتف.. هو محل اتصالات أبو يحيى التميمي بالشارع الرئيسي بالمعلا. فأومأت لفتاة بالدخول وسلمت علي كلاما ليس مصافحة ،وإنا كذلك فقالت:هذه ابنة الحنكي ياستاذ..ارتبكت انا وعدت بشريط الذكريات لثلاثة عقود ونيف عندما كان الشهيد يربت على كتفي ويقول أنت تكتب تمام وسأدعمك بما أقدر وكنت مساهما في تصحيح الصحيفة واكتب في صفحة القراء..وطالبا في كلية التربية وموظفا مبتدئا في وزارة التربية والتعليم ..فرفع مخصصي المالي كثيراً ونقل مواضيعي إلى الصفحة الأخيرة وهي مرْتبة رفيعة ولكبار الكتاب الذين كنت اتعلم منهم يومياً. تذكرت كل ذلك خلال ثوان ودارت بي الدنيا..وكدت والله اسقط ارضا عند سماع: هذه ابنته-ابنتها بالطبع التي ربتها وكبرت وصارت شابة وهي في نظرنا،احمد وإقبال معاً. داريت بكائي فلم استطع وارتبكنا كلنا وخنقتني الحشرجة ،ما منعني من تفاصيل معرفة الأسم والدراسة وخرجت من المكان متأملاً ومودعا زميلتي وابنتها امسح دموعي الحسرانة على رجل لم تنجب عدن والبلد مثله. بعد دقائق اتصل لي أبو يحيى التميمي الحبيب يستفسر عما جرى لي لأنه كان قلقا فشرحت له الموضوع فترحم على الرجل واثنى على الأسرة التي تتعامل معه برقي واخلاق عالية،يقصد الاستاذة اقبال وابنتها. وفي مقهى ردفان بالمعلا بعد يومين وبالمصادفة التقيت بالزميل الصحفي والرياضي عبدالله قائد علي وسردت عليه الحكاية فقال نعم البنت ذكية خريجة كلية الإعلام يعني وأخذه من ابويها..يحفظها الله ،حينها عرفت أن الحنكي (لم يمت)..لأنه خلّف من يخلفه ويذكر به وبرصيده الصحافي والنضالي والإنساني.. هكذا نحن في الإعلام وحكايات قد تختلف لكنها عبق عاطر ومنها نستشف الدروس والعبَر في زمننا هذا الف رحمة ومغفرة للشهيد الحبيب الأريب: أحمد سالم الحنكي، ولرفاقه الأماجد ولكل شهداء الصحافة والوطن عموما الرحمة والمغفرة. وصدق الشاعر: *ليس من مات* *فاستراح بميْت* *إنما الميْت ميّت* *الأحياء..*