لطالما حيرني هذا القرار الغريب العجيب والذي لا يتناسب مع مستوى الحدث في عدن والجنوب عموما ، واغلبنا يدرك ان ما جرى ويجري في عدن والجنوب ومنذ 21 فبراير المنصرم أمر رتب له سلفا واعد له في غرف المؤامرات ، وخطط له وبعناية ، لكن ان نشارك المخططون خططهم هذا ما لا استطيع فهمه ؟
ولن أخوض في الأحداث ولكن سنخوض في النتائج والاستجابات ، فكلنا يعرف ما قامة به قوات الأمن المركزي وبغطاء من المحافظة في الاعتداءات الغير مبررة والمفرطة ضد ناشط الحراك وأبناء عدن وما سارت عليه الأمور من سقوط شهداء وجرحى وموجة اعتقالات كبيرة طالت الجميع وبصورة عشوائية ، وتأزم الأمر في عدن. ، واستجابة حضرموت وباقي المناطق للأحداث ، وبدا إمامنا مشهد يوحي بانتفاضة شعبية ضد العنف والقمع والعدوان ، .
وقرر الرئيس عبدربه منصور هادي النزول إلى عدن للوقوف على الأحداث التي تهدد الحوار الوطني ، وبدا ان انتفاضة شعبية مع تنسيق سياسي بين قيادات وعقلاء وشيوخ الجنوب وفي عدن خصوصا سيدفع بالقضية خطوات وخطوات وتنتزع مكاسب سياسية وعلى الأرض ، إذا ما خرجت الآلاف الناس في الساحات وحول مبنى المحافظة تطالب برحيل كل من تورط في مجزرة يوم 21 فبراير ، وهذا الحشد المنظم والمنسق مع القيادات والعقلاء ستجبر الرئاسة للجلوس معهم ومناقشة الإشكالات في الجنوب وسيظهر الحراك موحدا وقويا من خلال العمل المنظم السلمي لكن ما الذي جرى ، لا شيء ، سوى دعوات غريبة إلى العصيان المدني ، بالرغم من إدراكنا ان العصيان المدني لا ينفع وغير عملي ولا يتناسب مع حجم الأحداث ، فالعصيان المدني يجب ان يأتي منسقا مع نقابات العمال والموظفين وقادرا على شل أركان الدولة ومؤسساتها كالبنوك والمحافظة والموانئ والمطارات وهذه التي تؤثر على الدولة مباشرة ، لكن ان يشمل العصيان قطع طرق فرعية وإغلاق المدارس والمحلات التجارية الخاصة ، فهذه فوضى و ضرر على الناس ولا ضرر على الدولة ، وكيف يكون هناك عصيان وسوق القات مفتوح وعامر بالناس ؟ فكيف نقرأ هذا ؟
للأسف سأكون صريحا فما جرى ومنذ 11 فبراير والى 21 فبراير هو أمر دبر بليل من اجل الانتقام وإحراج الرئيس عبدربه منصور ، ومحاولة لتعطيل الحوار المقرر حدوثه في 18 مارس القادم ، وانتقام لبيان مجلس الأمن وخصوصا الرئيس المخلوع ، والذي أكد هذا في 27 فبراير في مهرجانه الخاص الذي يعتبر رسالة للجميع مفادها إنني هنا ولازلت قادرا على خلط الأوراق ، ومما يكشف أكثر لنا ان الحراك مخترق من زبانية صالح ، قرار العصيان المدني ، حيث كان لا بد من امتصاص موجة الغضب التي اجتاحه الشارع في الجنوب ، وبوادر انتفاضة قد تغير كثير من الأمور على الأرض فكان لا بد من منع هذه المضاعفات ، فكان العصيان المدني الحقنة المسكنة للشارع والذي ندى يسكن ويهدئ تدريجيا ،.
وكما منعت من توجيه ضغوطات ضد الرئيس لاتخاذ حزمة إجراءات لامتصاص الشارع فالشارع امتص غضبة بنفسه ، وضاعة فرصة كبيرة لتغير دفة المواجهة لصالح القضية ، وقدم الرئيس المخلوع خدمة غير مباشرة بتوجيه الأنظار من عدن إلى صنعاء ومن مؤشرات ان هناك مخطط ، الاعتداءات ضد السكان الآمنين من الشمال في الجنوب فهذه ليست أخلاق الجنوبيون ومن ثم ومنذ2007 م لم يتعرض إخوتنا من الشمال لأي اعتداء في الجنوب فشعب الجنوب فيه الشهامة والأخلاق والنجدة ، لكن لماذا الان ؟
فهذا ليس له الا إجابة واحدة قوى تريد ان تشعل نار الفتنه بين الناس بينما هي تكون بعيده وتستثمر في دماء الناس أخيرا ، تعقيب على مواقف القادة ، فللأسف مواقف القادة سلبية لا تتجاوز بيانات التنديد ، ومع كثرة هذه البيانات لا تستطيع قراءتها ، وكان بالأحرى لهم ان تحركهم الإحداث إلى توحيد الصف ومواجهة الأحداث من منظور موحد ولم نجد سوى بعض القوى الجنوبية تعمل في الداخل بشكل سياسي ومنظم منها تكتل الجنوبي المستقل وجناح القيادي محمد علي احمد والتي تمارس نشاطها داخليا وتحاول جمع الصف الجنوبي ، ونرسل رسالة إلى كل القيادات في الداخل هذه الأحداث تدعوكم إلى أمرين ، الأول توحيد الصفوف الان ، والثاني مراجعة الأحداث وبعناية وتجنب مثل هذه الأخطاء والتركيز على العمل السياسي وترك المهرجانات ، وحقن دماء الناس.