لم يكن الوصول إلى طرح القضية الجنوبية على مائدة حوار برعاية اقليمية وتأييد دولي حاسم بسبب الصدفة او دعوة الوالدين بل بسبب دماء الشهداء والجرحى وعزيمة شعب جبّار لم يتوانَ في تقديم التضحية مع ابطال محنكين عرفوا كيف يوجهون دفة هذا النضال الى برّه الامين. ولم يكن سهلا أمام شرعية فاسدة ان تعترف يوما بمن يفضحها ويسحب البساط من تحتها ويظهر عجزها ولصوصيتها أمام العالم . ولهذا نجد حوار جدة الذي ترعاه دول التحالف ويؤيده المجتمع الدولي بكل قوة ، بمثابة امتحان عسير يخوضه الطرفان: الانتقالي وحكومة الفساد ونجد فيه ان الانتقالي يمتلك النفس الطويل وفي يديه اوراق الحسم أمام حكومة لا تعرف ما تريد وتماطل في مواقفها لأنها تدرك فضيحتها سواء وافقت أو رفضت على أية شروط . في المقابل الجنوب يعاني ويعاني الآن أكثر ، لأن الحكومة الفاسدة تستغل مسؤوليتها في سبيل إخضاع الجنوبيين لشروط فسادها وتمارس أبشع أنواع التعذيب من خلال حرمان الجنوبيين من مقومات العيش في أبسط صوره. من الطبيعي أن يقول الانتقالي إنه لا يمكن أن يقوم حاليا بدور الحكومة ويحسم الأمر لكن ليس من الطبيعي أن يستمر الوضع على حاله فلابد أن تقوم الأطراف الاقليمية والدولية بمسؤوليتها في حق شعب قدّم الكثير من دمه وحياته في سبيل الحصول على حياة كريمة. وهذا ما نفهمه من صبر الانتقالي على مماطلة الحكومة ، لكن إذا استمرت مماطلة الحكومة – وهي تراهن على هذه المماطلة أساسا- فليس من متسع للصبر ولا بد للانتقالي من حسم الأمور قبل فوات الأوان