صحيفة الفاينانشال تايمز .. بيتر سالسبيري ذكرت صحيفة الفاينانشال تايمز بان الرافعات العملاقة في ميناء عدن للحاويات تقف الان كالاصنام لاتحرك ساكناً ويسودها حالة من الخمول . ذلك الميناء الذي كان مزدهراً يوما ماء وكان موضع انطلاق الرحلات البحرية الطويلة بين اسياء واورباء. وقد قال اشرف قرداش المسؤول التنفيذي في المصنع ," لم يكن هناك اي عمل في المصنع خلال الايام الثلاثة الماضية ومن غير المتوقع ان تاتي الشحنة القادمة خلال اليومين القادمين." ان قصة انحطاط ميناء عدن تكمن في المنازعات التجارية طويلة الامد والتي تفاقمت بسبب كلاً من الصراع السياسي وكذلك النزاع بين السلطات اليمنية وموانئ دبي العالمية التي انسحبت من تشغيل الميناء في الخريف الماضي.
قد لاتزال الرافعات تحمل شعار موانئ دبي العالمية الا ان موظفيها قد تركو العمل فيها منذ فترة طويلة . غير ان الميناء في الوقت الراهن يمثل رمزا للصعوبات التي تواجه عدن واجزاء من جنوب اليمن كما ان حكومة البلاد الانتقالية مشغولة بمكافحة الاسلاميين المتشددين والحركة الانفصالية. لقد كان هبوط هذه المنشأة الساحلية هبوطاً حاداً واتي كانت في يوم من الايام محطة لتزود سفن الامبراطورية البريطانية بالوقود, وبعد طرد الاستعمار البريطاني كانت المنشاة محركاً لاقتصاد الجنوب المستقل.
لقد كانت ترسو في ميناء عدن اكثر من اربعين سفينة يومياً في فترة الخمسينات والستينات من ايام الاحتلال البريطاني وقد اشار الى ذلك السيد علي المخدري المدير العام لوكالة عدن للشحن في الشرق الاوسط وهي واحدة من اكبر وكالات الشحن في اليمن, لقد كانت عدن مزدحمة جداً في تلك الايام حيث كانت المحلات التجارية مفتوحة حتى الساعة الثانية صباحاً كما ان الفنادق والمطاعم كانت دائماً ممتلئة بالزبائن, واضاف قائلاً," لقد كان وضع الميناء سيئاً في ظل الحكومة الاشتراكية التي خلفت البريطانيين كما ان الصراع الاقليمي لم يساعد البلد الذي توحد في عام 1990 فقط وكان يخضع لحكما استبدادياً ممثلاً بعلي عبدالله صالح , الرجل القوي في اليمن الذي حكم اليمن لمدة 33 عاماً وقد خلع من منصبه بعد اتفاضة شعبية العام الماضي". لقد قال محمد عبدالواسع , ذلك السيد الذي تولى ادارة ميناء عدن بعد رحيل شركة موانئ دبي العالمية:" يبدو وكأن الوحدة تسارع في هبوط ميناء عدن الذي وصفه بانه روح المدينة." لقد تم الاتفاق في عام 2008 مع شركة موانئ دبي العالمية وهي شركة مملوكة لحكومة دبي والذي بموجب هذا الاتفاق وقعت الشركة المملوكة لحكومة دبي عقد ايجار مشترك مع الحكومة اليمنية وقد احضرت شركة ميناء دبي العالمية شركة تابعة لها وهي موانئ دبي الدولية, لتشغيل ميناء الحاويات ووعدت بزيادة حركة المرور غير ان نشاط الميناء انخفض بشكل ملحوظ تحت ادارة موانئ دبي الدولية وهيئة مكافحة الفساد اليمنية وقد تم اتهام شركة موانئ دبي العالمية في يونيو من العام الماضي بعدم الالتزام بعقود الاستثمار. ان شركة موانئ دبي العالمية لم تستجب لرسائل البريد الإلكتروني ورسائل الهاتف من قبل صحيفة الفاينانشال تايمز. وقد وصفت الشركة سابقا مطالبات لجنة مكافحة الفساد بأنها "مضللة ولا أساس لها من الصحة".
ويقول المحللون ان جزء من مشكلة ميناءعدن كانت نتيجة لعوامل خارجية خارجة عن سيطرة الحكومة اليمنية أو موانئ دبي العالمية، مثل القرصنة الدولية، والأزمة المالية العالمية وثورات الربيع العربي.بيد ان النقاد يقولون ان شركة اخرى من موانئ دبي تقوم بتشغيل ميناء جيبوتي في شرق افريقياء حيث ان ذلك الميناء يتنافس تنافساً مباشراً مع ميناء عدن الا انه قد شهد نمواً كبيراً خلال نفس الفترة.
كانت الشركة قد تعرضت لضغوط متزايدة من صنعاء لالغاء الاتفاق, حيث اعلنت الشركة انسحابها من ميناء عدن في سبتمبر 2012 وقد شرعت حكومة صنعاء باجراء تحقيقاً في الطريقة التي فازت بها مجموعة دبي بعقد ايجار ميناء عدن.
لقد تولى السيد عبدالواسع ادارة ميناء عدن بعد فترة قصيرة من مغادرة مجموعة دبي. وتعمل الحكومة مع البنك الدولي على وضع خطة رئيسية للتنمية في عدن. كما وعدت حكومة صنعاء ايضاً بتقديم 400 مليون دولار لتجديد الموانئ اليمنية الا ان ذلك الاجراء يبدو انه قد تاخر كثيراً. ان محنة ميناء عدن تعتبر واحدة من العديد من مصادر الاحباط بين اليمنيين الجنوبيين الذين يشتكون من التهميش الاقتصادي والسياسي منذ محاولة الانفصال قصير الامد والحرب الاهلية في عام 1994.
الكثيرون يعتقدون ان الصفقة التي فازت بها شركة موانئ دبي العالمية هي جزء من مؤامرة شمالية بزعامة الرئيس السابق علي عبدالله صالح لاضعاف الجنوب وقد بدأت اثارذلك ببعض التوترات السياسية كالغليان الذي تشهده عدن كون البلاد تقف الان في منتصف الطريق في فترة السنتين للرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي الذي تولى السلطة بعد اتفاق وبوساطة دولية لتنحي صالح.
قي 11 فبراير 2013 اقام اعضاء التجمع اليمني للاصلاح , الحزب الاسلامي الاكبر في اليمن , مسيرة في عدن لاحياء ذكرى حركة الاحتجاج 2011 ضد الرئيس السابق صالح بينما اقام فصيل من حركة حقوقية جنوبية معروفة باسم الحراك مسيرة مماثلة حيث يرى الحراك من ان الاصلاح لاعب شمالي يريد توسيع نفوذه في الجنوب وقد قتل شخصان نتيجة لتلك المسيرات مما ادى بعد ذلك الى تدخل قوات الامن الحكومية. في 20 شباط اعتقل قاسم عسكر، القيادي في الحراك الجنوبي ، وأفرج عنه في وقت لاحق - مما أثار اشتباكات دامية أخرى في كل من عدن وأماكن أخرى في الجنوب.
واختتمت الصحيفة تقريرها بحديث المدير الجديد للميناء السيد عبدالواسع حيث قال,"ان الاضطراب السياسي في جنوب اليمن تعمق، فمن الصعب أن نرى تحول في حظوظ ميناء عدن - أو ثقة الجمهور في ذلك - في القريب العاجل. لقد كان ميناء عدن في الماضي يحتل المرتبة الثانية من بين الموانئ الاكثر ازدحاماً في العالم.! إنه لأمر محزن. إذا كنت في أي مكان في الشارع، سوف ترى الحزن في عيون الناس. "
*ترجمة خاصة ل "عدن الغد" قدمها : عبدالمنعم بارويس * اشير في التقرير المنشور ان حزب الإصلاح نظم في ال 11 من فبراير مسيرة في عدن والصحيح ان المسيرة نظمت في ال 21 فبراير وتنشرها "عدن الغد" في التقرير كما هي 11 فبراير