أخيرا كان يوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2019م ، موعدا لإلتقاء وإتفاق الخصوم، في رياض العروبة والاسلام، تظللهم راية التوحيد المباركة (لا إله الا الله محمد رسول الله) ، وبرعاية قادة التحالف العربي ، ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الامين الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد . خمسة سنوات منذ انطلاق عاصفة الحزم تحررت فيها كل المحافظات الجنوبية والساحل الغربي حتى الحديدة، ومعظم محافظتي مأرب والجوف وأجزاء من تعز وصعدة وحجة ، وظلت معظم المحافظات الشمالية تحت سيطرة الانقلابيين الحوثة. وخلالها تشكل المجلس الانتقالي الجنوبي بقوته الجماهيرية والعسكرية والسياسية وتمدده الجغرافي في كل محافظات الجنوب ، ومن خلال الدعم الكبير، الذي تلقاه من الامارات، والذي تطور الى شراكة فاعلة في جبهات القتال ومكافحة الارهاب ،وفي التنسيق السياسي في مواجهة الخصوم،أصبح من غير الممكن السكوت ،على حرب الخدمات الظالمة، التي تمارسها حكومة الاصلاح الخفية، ضد الجنوب وحضرموت ،وإن عهد الهيمنة وإلغاء الآخر ونهب الثروات ومقدرات الدولة وفساد الحكومة في كل مفاصلها لم يعد مقبولا البتة ،وباتت المواجهة معها حتمية.وفي البداية انفجرت المظاهرات الجماهيرية السلمية في عدنوحضرموت المطالبة بحقوقها وخدماتها وأمنها، وعندما لم تستمع لنداءاتها الحكومة الإخوانية، انفجر الصراع عسكريا في عدن قبل عام وقام التحالف باحتوائه . ولعدم حصول الجنوبيين على حقوقهم، وإستمرار تهميشهم، انفجر الصراع مرة أخرى باكثر ضراوة واتسع ليشمل عدن وابين وشبوة. وبات واضحا ان على التحالف ان يتدخل بجدية لانهاء الصراع الداخلي داخل معسكر الشرعية ، ووضع معالجات جدية تلبي طموحات الجنوبيين والحضارمة، وتتناسب مع ثقلهم العسكري والجماهيري والجغرافي والسياسي، وحتى لا يتحول الصراع المتفجر بين مكونات الشرعية إلى حرب طاحنة لا تبقي ولا تذر ،لن يستفيد منها إلا الانقلابيين الحوثة والعصابات الارهابية، المدعومين ايرانيا وقطريا وتركيا. وإستشعر التحالف السعودي الاماراتي لدعم الشرعية، بخطورة الموقف وإن جهودهم خلال خمسة سنوات من عاصفة الحزم ، ستضيع هباءا منثورا، اذا لم يتم التصحيح الجاد لأوضاع الشرعية ، وإعطاء الجنوب وحضرموت حقوقهم المشروعة في الخدمات والأمن والمشاركة العادلة في منظومة الحكم. فكان أن تقدمت مملكة الحزم والعزم بمبادرتها التاريخية، لانهاء الخلافات بين الشرعية والانتقالي، والتاسيس لشراكة جديدة بينهما ،ومع كل المكونات السياسية الجنوبية والشمالية المكونة للشرعية، ولتلبي حقوق وخدمات المواطنين في المناطق المحررة ، وتطلعاتهم في الحياة الحرة الكريمة. وهكذا نتجت إتفاقية الرياض التي أدارتها مملكة الحزم بحنكة وصبر، لمايقارب الشهرين، بين فرقاء الصراع في حضرموت والجنوب ، بكل ترتيباتها السياسية والعسكرية والأمنية الشاملة والمزمنة ، والتي تشكل قاعدة سليمة وصلبة، لتوحيد كل مكونات الشرعية وإصلاح إختلالاتها الكارثية، التي كادت ان تعصف بها. ولتوجيهها بقوة وحزم أكبر، وأكثر تنظيما، لانهاء الانقلاب الحوثي الايراني. وتشكل هذه الاتفاقية ومارافقها من مشاركة واسعة يمنيا واقليميا ودوليا، أثناء التوقيع الرسمي لها ، نجاحا باهرا للدبلوماسية والتجربة السعودية في إحتواء الصراعات، في اليمن والمنطقة العربية والاقليم، وتؤسس أيضا لحل الصراع بين الفرقاء الشماليين ،التي بدأت ملامحه تلوح في الأفق .