كمواطن بسيط أتابع بقلق شديد ما يجري حالياً في محافظتي الجريحة (أبين) وعلى مسافة ليست بالبعيدة من محبوبة القلب (عدن) حيث نشاهد حشد هنا واستنفاراً هناك ،، تهديد ووعيد ،، الكل يده على الزناد ،، والجميع منتظر أشارة لخوض جولة جديدة من الحرب ،، وأراقة مزيداً من ألدماء ،، على أسوار أبين كلا الفريقين يتوعد بخوض الحرب حتى النهاية! شخصياً لطالما كنت ضد الحرب وكل خلية في جسدي تلعنها ،، لأني أعرف أنّ كلّ من يخوضها خاسر لا محالة ،، ألمنتصرُ والمهزومُ على السواء ،، وهي عبارة عن سباق بين متألمين أيهما يصرخ أولاً ،، والفرق بينهما ان الذي يدعي ألنصر أنما كانت خسارته أقل من ألطرف الآخر ،، أي انه ألحق بخصمه خسائر أكبر ،، أي انه قَتل أكثر مما قُتِل ،، وهذا أسواء مافي ألحرب ،، أنها تحولك أمّا إلى قاتل أو الى قتيل.. قتيل لا يعرف قاتله ،، وقاتل سيتذكر دوماً وجه ألقتيل! ولهذا ما زلتُ أكره الحرب ، وأقف ضدّها بكل ما أُوتيتُ من قوّة على ألرفض.. أقفُ ضدّها لأني أعرف أننا مهزمون فيها منذ أللحظة التي خضناها ، مهزومون ولو أنتصرنا! مهزومون في أنسانيتنا على ألاقل او على ألاكثر! فما الذي سنعيش لأجله حين نخسر أنسانيتنا ،، أسواء مافي الحرب حين تجعلك بين خيارين أمّا ان تكون قاتلاً او تكون قتيلاً! هناك تفاصيل لو فكّرنا بها لتوقفنا فوراً عن هذة ألحرب ،، ولكننا الآن لا نفكر الا ببنادقنا ،، وكيف نقتل من يريد قتلنا ،، أما لو فكرنا لحظة ان المقاتل في ألجهة الأخرى إنسانا ايضاً ، ويقاتلُ لأجل أفكار يراها تستحق ألموت من اجلها وإن كانت خاطئة في نظرنا ، إلا أنّه يؤمنُ بها إيماننا بافكارنا التي نراها جديرة ان نموت لأجلها ، أو أن نقتُل! هُنا تظهر فداحة ألحرب ، وتفاهة ألنّاس ، الحرب ليست إلا نقاشاً حاداً حول ألافكار والمعتقدات اتخذ المدفع لساناً ، والرصاص لغة حوار! لو فكّرنا لحظة بإنسانيّة الآخر لتوقفنا فوراً ، لو فكّرنا أن المحارب على ألجهة ألمقابلة أب وهناك أطفال ينتظرون ان يرجع إليهم ليركضوا ويعانقوه في منتصف ألطريق ، لو فكّرنا ان هذا المحارب له أما ًودعته على ألعتبة ، والانتصارُ ألوحيدُ في هذة ألحرب بالنسبة إليها أن يعود اليها سالماً لتضمّه وتشمّه ، وما عدا ذلك هزيمة نكراء! على ألجانب الآخر من هذة الحرب شاباً ترك حبيبته تحلم بفستان زفاف ، حاكته خيطاً خيطا بإبرة ألانتظار والدّعاء ، وآخر ترك جامعته ، وأوقف مستقبله ليؤدي دوراً قبيحا في نظرنا نبيلاً في نظره! ولهذا جميعنا مهزومون ولو أنتصرنا ، مهما حاول ألمنتصرون أن يقنعوني بخلاف ذلك ، ألنّصرُ لن يُعيد ابناً ميتاً لامه ألمهزومة باعزّ ما تملك .. ألنّصر لن يكون اباً ليتيم ولا زوجاً لأرملة! والحقيقة ألمرة أنّهم لا يخلّفون وراءهم أيتاماً وإنما مشاريع ثأر .. ولا يُخلّفون وراءهم أرامل وإنما أمهاتٍ مكلوماتٍ يُرضعن أولادهنّ كراهية .. وحب ألانتقام! وكل ذلك يحدث بسبب فشل السّاسة .. كثير من ألحروب التي دارت على مر التاريخ كانت سبباً لفشل السياسة ، عندما يفشلُ ألسّاسة يختلقون الحروب! فعندما فشل نابليون بونابرت في ألسّياسة ، أشعل حرباً كبيرة ، أنطفأت بهزيمتة عند أسوار عكا .. ولم يكن نابليون الاول ولن يكون الاخير والمنتصر ألحقيقي من اتعظ بغيره!