شغلني الخبر الذي قرأته مساء أمس كثيراً.. وجهت ذلك المنشور إلى العديد من التجار.. وفي صباح هذا اليوم لا أدري إي قوة دفعتني لأقوم بزيارة مستشفى الصداقة حيث ترقد تلك الطفلة المصابة بسرطان الدم الله يشفيها و أجارنا الله و إياكم من كل مرض و أبعد عنا كل شر... بحثت عنها... سألت كل من صادفته من حراسة و ممرضات و دكاترة أخذتني احدهن إلى طفلة مصابة بتكسرات في الدم إسمها هبة، هي الأخرى حالة تنتزع من القلب آهة ألم و حزن كما هو حال الكثير هنالك لا حول لهم و لا قوة إلا بالله... لكن هذه الفتاة لم تكن كما في الصورة التي رأيتها في منشور أحد الأصدقاء مساء امس.. نظرت إليها موجوعاً قلت لهم: لا إنها ليست الفتاة التي جئت لإجلها.. فالأخرى مصابة بالسرطان.. عندما تزور المستشفيات، تشعر بمآسي حقيقية حالات مرضية خطيرة مكلفة يقابلها عوز و فقر و عدم قدرة على دفع التكاليف الباهضة.. و بينما كنت مستمراً في البحث، إذ بممرضة تقول لي هل تقصد بركة، هنا تذكرت الإسم.. قلت آه نعم إنها بركة.. لقد إشتبه عندي بإسم هبة.. فالإسمان يتشابهان في المعنى... لقائي بالملائكية بركة هنالك في الدور الرابع في غرفة على نهاية الرواق، ترقد طفلة ملائكية مصابة بسرطان الدم ..شفاها الله منه و أبعده عنا.. إسمُها بركة.. دخلت إلى غرفتها كانت بجسدها الصغير المثقل بالمرض و الآلام ...مستلقية على ظهرها.. عندما دخلت لم تزغ بعينيها بعيداً عني، بل إنها لم ترمش بجفنيها ظلت تراقبني بعيني ملآك.. نظرت إلي نظرة ثابتة مليئة بالأمل تكأد أن تنطق رغم صمتها..ربما تفكر بحلم كبير كالأطفال من هذا الذي أرسله الله إلي لينقذني.. كنت بدوري أنظر إليها بل أُُحدق مليئاً في وجهها... كالقمر يبدو وجهها الجميل الصغير.. لم تشوهه تلك الهالة الخفيفة السواد التي إختطت تحت عينيها و لا ذلك الورم الذي أحاط بهما، ربما كان ذلك بسبب قلة نومها الذي يسببه الألم...اللهم هون عليها يالهي رحماك و لطفك بها و بوالديها.. حتماً لا احد يستطيع مقاومة ذلك الموقف.. بالتأكيد سينهار أمامها إي إنسان مهما كانت رباطة جأشه.. ستنهار حتماً إن رأيتها حتى و إن لم يثنيك و لم يركعك حزن من قبل.. فنظراتها الحزينة تذيب القلب و إن كان جليداً.. تظراتها البريئة تصهر القلب و إن كأن حديداً.. نظراتها التي تبحث عن منقذها تفتت القلب و إن كأن صخرا.. قربت منها أتفرس في وجهها الجميل... رأيت شبح إبتسامة متعبة تكاد ترتسم على وجهها الملائكي و لكن سريعاً ما إختفت و أكتست وجهها سحابة حزن.. أنتابتني رغبة شديدة في إحتضان جسدها العليل الصغير و أضمها إلى صدري.. رغبت لو إستطعت أن أجعل آلامها كلها تزول في تلك اللحظة.. رغبت بأشياء كثيرة أقوم بها لإجلها لا يوفقني إلا ضعفي و قلة حيلتي... لا توقفني إلا حكمة و قدرة القادر الرحيم و أسراره جل في علأه، التي لا يمكننا كخلق أن ندركها و نفهمها.. ولذلك منها ينفذ الشيطان و بسببها يتساقط ضعاف الإيمان... ودعتني بنفس النظرات المليئة بالرجاء و الأمل من رب العالمين أن أكون أحد منقذيها.. سالت عن والدها اخبروني إنه ليس بعيداً في مكان ما في المحيط.. دخلت إلى مكتب الدكتورة، كلمتني عن حالتها... تعاني من سرطان في الدم و قد عملنا معها الكثير و حاولنا و لكن كل شيء أصبح عند ألحد الأقصى لقدرات المستشفى حالتها تتطلب متابعة العلاج في الخارج و أعتقد إني سمعت الدكتورة تقول عملية زرع النخاع أو شيء من هذا القبيل.. ثم التقيت والدها شاب لطيف مؤمن في غاية الأدب و الأخلاق قلت له انا فقط جئت لأتاكد كنت لا اريده أن يضع علي آمال كثيرة و اعجبت شديد الإعجاب حين قال إن أراد الله شيئاً سيكون.. قلت و نعم بالله.. ودعتها و في قلبي إصرار أن أصل بحالتها إلى أبعد ما أستطيع و حتماً سأعود إليها و معي اسرتي فمثلها لايمكننا أن ننتزعها من قلوبنا.. كنت أقود سيارتي و نظراتها لا تفارقني لم أستطع حبس دموعي...نعم و الله لم أستطع أن أتمالك نفسي.. دعوت.... يااااااااارب أشفها و هون عليها.. ربِ كن في عونها و عون أهلها.. نبيل محمد العمودي