مرة كنت مسافر من مطار الخرطوم أنا والأولاد وهم بلا جوازات ومضافون بجواز أمهم. في آخر نقطة بالمطار قبل المغادرة اعترض الموظف، وطلب جواز لكل واحد من الأولاد، وكان تلك الأيام ذروة أزمة الجوازات وانعدامها. حاولت أقنعه بعدم وجود جوازات ولم يصدق، ويعتقد إني أضحك عليه بهذا الكلام. وجدت جنبي أربعة شباب ملامحهم تبدو يمنية، لابسين أثواب وأكوات، وشيلان فوق رؤوسهم، وتبدو عليهم غلابة اليمني وبؤسه، طلبت منهم يؤيدوا موقفي بعدم جود جوازات كونهم يمنيين ويعلمون هذه الأزمة. إلتفتُ نحوهم: ياشباب في أزمة جوازات في اليمن أو لا؟ وهم ولا كلمة .. ينظروا باتجاهي فقط.. قهرونا.. أحالنا الموظف للمدير عليه، وطلع المدير متفهم، وسمح لنا بالمغادرة. وأنا بالطائرة لقيت الشباب الأربعة. رحتُ لعندهم وأكلمهم: الله المستعان.. ماقدرتم تفتحوا ألقفكم وتدعمونا بكلمة واحدة داخل المطار؟ رد أحدهم: يا أخي لسنا يمنيين؟ انذهلت.. كيف؟ قال أيوة مش يمنيين. طيب أشكالكم، ثيابكم، .... قال إحنا سودانيين. ابتسمت، وقلت له من هيئتكم لا ارتباط بينكم وبين السودانيين، وأنتم أقرب لليمنيين شكلا وملامح. قال: إحنا من قبيلة آل رشيد بالسعودية، ولنا بالسودان سنوات طويلة وأصبحنا سودانيين. سألت لاحقا، وتبين إن أفراد من هذه القبيلة يقيمون في السودان من سنوات طويلة، ولايستطيعون العودة للسعودية، ولازالوا محافظين على عاداتهم وطقوسهم البدوية، وهم من القبيلة التي قضى عليها عبدالعزيز آل سعود عند توسعه وتشكيله دولة آل سعود الأخيرة. المهم من هذا كله: لاتعتمد على الشكل كمبرر للحكم على الآخرين. ثانيا تذكر إنك يمني، وأن المتاعب تطاردك وتلاحقك في أي مكان.