كنت أعتقد بإن التوقيع على إتفاق الرياض سوف يحرك المياه الراكدة في ملف الحرب المستعرة في اليمن وأن هذا الإتفاق سيكون النواة الحقيقية لتسويات قادمة ستخرج اليمن من هذا التية والتشرذم ..كنت أعتقد أن هذا الإتفاق سيكون من العوامل الرئيسية لعودة الأمن والأستقرار في المحافظات الجنوبية وخصوصاً العاصمة المؤقتة عدن..كنت أعتقد بأنه سيكون بمثابة القاعدة الصلبة التي يمكننا جميعاً الوقوف عليها بكل قوة وثبات ومن ثم سنمضي قدماً في الطريق الصحيح لحلحلة الأمور الشائكة والوصول بعد ذلك إلى حل شامل وكامل يفضي في نهاية الأمر إلى سلام عادل يرضي جميع الأطراف المتصارعة والمتنازعة على السلطة في اليمن.. ولكن وآه من كلمة لكن.. فذلكم الإتفاق مازال حبراً على ورق!! مرت الأيام سريعاً بعد التوقيع عليه من دون أن نلتمس وجود النية الصادقة من جانب الأطراف الموقعة عليه حيث لم نشاهد تحرك جاد ولا إلتزام بتنفيذ بنوده.. بل ظلت الأمور عالقة وتراوح مكانها على الرغم من التوقيع عليها وإلتزام الأطراف بتنفيد كافة البنود حسب الفترة المزمنة لكل بند !! لا أعرف لماذا ينتابني شعور بإن هنالك من لا يريد النهاية السعيدة للسيناريو اليمني الذي طال فأصبح ممل بسبب تكرار فصوله وفشل الممثلين من تأدية أدوارهم بشكل مقنع!! ما يدعوني لقول ذلك هو أنني لم أشاهد أي جدية من الدولة الراعية لهذا الإتفاق (السعودية). حيث لم نسمع تصريح رسمي يبدد شكوكي ويضع نقاط الإتفاق على حروف الواقع؟!..لم نسمع تصريح يفند الأسباب بكل شفافية في عدم تنفيذ قرارات إتفاق الرياض !!..لم نسمع تصريح يحدد وبصريح العبارة عن الجهة التي تماطل وتمارس أسلوب المراوغة والتسويف بهدف الإلتفاف والتهرب من تطبيق بنوده!! لا يمكن أن نصدق بأن السعودية لا تعرف من هو الطرف الذي يسعى إلى إفشال إتفاق الرياض ونحن نعلم علم اليقين أن خيوط اللعبة وكذلك الأدوات باتت بأيدي السعودية تحركها كيفما تشاء وبالذات بعد مغادرة الإمارات أرض الملعب اليمني!! كذلك لا أصدق بأن أحد الأطراف الموقعة على إتفاق الرياض [ الشرعية- الإنتقالي] يمتلك الجراءة والشجاعة الكافية لتعطيل وعرقلة تنفيذ أي بند ما لم يكن هنالك رضاء تام من السعودية التي أستطاعت فك الشفرة ومعرفة كلمة السر لكل شخص يدعي الوطنية وحب الوطن فالمأكل والمشرب والنثريات للأطراف الموقعة على إتفاق الرياض تصرف لهم بالريال السعودي ومع إرتفاع سعر الصرف في هذه الأيام يزداد سيلان اللعاب للمتاجرون بالوطن فلادعي للمزيد من الكذب وحالة الشد والجذب فلقد أرهقتم الشعب بكثرة مسرحياتكم الهزلية التي لم تعد تنطلي سوى على الأغبياء من أمثالكم!! من يتابع حالياً المشهد السياسي في الجنوب حتماً سيلاحظ مدى التخبط والعشوائية التي وصل إليه الفرقاء السياسيين الذين أطلقوا العنان لتبادل الإتهامات حيث يعمد كل طرف على إلقاء تهمة عرقلة تنفيذ الإتفاق على الطرف الأخر بينما في الطرف المقابل نشاهد عدوهم المشترك (الحوثي) يضع رجل على رجل ويستمتع بما يفعله الأغبياء ببعضهم البعض في مشهد تراجيدي حزين ومؤلم يعكس بكل صدق عن الواقع التعيس وحالة الفوضى التي خلفها رجال السياسة عندما يختلفون على القسمة والمصالح وليذهب الوطن ومن عليه إلى الجحيم !! ليس لزاماً بأن يكون كل تأخير فيه خير.. فهنالك بعض الأمور لا تحتمل التأخير بل تحتاج إلى السرعة والحزم في التنفيذ دون تأخير أو تلكؤ فالتأخير ربما ستكون عواقبة وخيمة لا محالة!! إن تأخير ما تم الإتفاق عليه سيتيح الفرصة لأي طرف بالعبث وإحداث الفوضى وما عودة الإغتيالات في عدن إلى سابق عهدها خير شاهد على صحة كلامي... التأخير في تنفيذ إتفاق الرياض سيفتح الباب على مصراعية لشياطين الأنس الأشد فتكاً وخطورة لتخريب ما تبقى لنا من أطلال هذا الوطن!!