لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    نقابة الصحفيين تدعو إلى سرعة إطلاق الصحفي المياحي وتحمل المليشيا مسؤولية حياته    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    السوبرمان اليهودي الذي ينقذ البشرية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير يرصد نتائج حملة حظر الدراجات النارية بعدن
نشر في عدن الغد يوم 21 - 12 - 2019


- هل كانت الحملة الأمنية ذات أبعاد سياسية؟
- كيف سعى الانتقالي إلى إنقاذ سمعته عبر حملة حظر الدراجات النارية؟
- ما مدى نجاح الحملة.. وهل حققت أهدافها بالفعل؟
- كيف انحرفت حملة حظر الدراجات النارية عن أهدافها؟
- لماذا لم تُنفّذ حملة مشابهة ضد العناصر الإرهابية المتورطة بالاغتيالات؟
- هل اتجهت السلطات الأمنية نحو الأدوات والوسائل وتركت الأشخاص المتورطين؟

الدراجات النارية في قفص الاتهام!

بدت شوارع العاصمة عدن خلال الأسبوعين الماضيين خاليةً من الدراجات
النارية، بعد حملةٍ أمنية واسعة شملت العديد من مديريات عدن التي تتكاثر
فيها الدراجات.

الحملة انطلقت بعد موجة عنيفة من الاغتيالات ضربت مدينة عدن، وطالت
ضباطًا في الأمن والبحث الجنائي، وجنودًا في الحزام الأمني، بالإضافة إلى
مواطنين.

كانت اللائمة وأصابع الاتهام تتجه صوب الدراجات النارية باعتبار أن أغلب
مرتبكي جرائم الاغتيالات يستخدمونها في تنفيذ أفعالهم الإرهابية، رغم أن
التحقيقات الأمنية أثبتت وجود وسائل أخرى غير الدراجات النارية يتم من
خلالها تنفيذ الاغتيالات، لكن جل الغضب انصب على الدراجات النارية، والتي
تستخدم بالفعل في معظم الاغتيالات الأمنية بعدن.

ومن باب الإنصاف، فإن الحملة نتج عنها ردود فعل إيجابية من المواطنين،
حيث خفف انعدام الدراجات النارية الازدحام في شوارع عدن الرئيسية، كما
أنها أعادت الوجه الجمالي للمدينة والذي شوهته الدراجات. بالإضافة إلى
الانخفاض الملحوظ للحوادث المرورية والتي تراجعت نسبتها بشكل مؤكد،
وبشهادة كبريات المستشفيات العامة العاملة في عدن، والتي كانت الدراجات
من أبرز مسبباتها.

لكن.. يبقى الجدل قائمًا حول الأبعاد السياسية التي اتخذتها الحملة، أو
على الأقل محاولة البعض طبعها بطابع سياسي بحت، بعيدًا عن الأغراض
الأمنية التي كان يجب أن تنحصر فيها. بالإضافة إلى وجود تململ من قبل
البعض ضد الحملة، خاصةً وأنها ارتبطت بمحاولة طرف سياسي الإيحاء ببذل
جهود كبيرة وجبارة لإيقاف عمليات الاغتيال التي شهدتها عدن، فما أسباب
ذلك التململ، وهل للحملة علاقة بالتجاذبات السياسية الطاغية على المشهد
العدني؟.

وما قصة الاغتيالات التي ضربت فجأة المدينة، وبشكلٍ شبه يومي، وما علاقة
التنظيمات الإرهابية بتلك الاغتيالات؟.

كل ذلك سنحاول سبره واستعراضه من خلال هذا التقرير.



حملة لوقف الاغتيالات

بعد أيامٍ من الاغتيالات المتكررة التي فوجئت بها عدن، خلال الأيام
الأخيرة من نوفمبر الماضي، ومطلع ديسمبر الجاري، وراح ضحيتها عشرات
الضباط الأمنيين والجنود، والأبرياء المواطنين، بدأت الحملة مباشرةً.

حيث قُتل مديرا البحث الجنائي في مديريتي المنصورة وخورمكسر، صلاح
الحجيلي وسالم لهطل، في حادثتين منفصلتين، بالإضافة إلى مقتل جنود يتبعون
قوات الحزام الأمني في عدد من أحياء مدينة عدن.

ولم تستثنِ أعمال القتل المواطنين من المدنيين الأبرياء، كان بينهم نساء،
كل ذلك أثار ضجةً مجتمعية كبيرة، ضغطت على الأجهزة والسلطات الأمنية
ودفعتها للتصرف، خاصةً وأن عددا كبيرا من تلك الاغتيالات تمت عبر
الدراجات النارية.

فكان تصرف السلطات الأمنية المشتركة بتوحيد جهودها نحو تنفيذ حملة
استهدفت الدراجات النارية في المقام الأول باعتبارها سببا رئيسا لجميع
تلك الأعمال العنيفة.



الأهداف الظاهرة للحملة

أهداف الحملة التي انطلقت عقب موجة الاغتيالات العنيفة أوضحتها السلطات
الأمنية في عدن والتي حصرت غاياتها في ضبط الدراجات النارية غير المرقمة
وقطع السلاح غير المرخصة، والمستخدمة في عمليات الاغتيال.

ولا بد من معرفة أن الحملة نفذتها أجهزة أمنية مشتركة، تكونت من إدارة
أمن عدن، وقيادة ألوية الدعم والإسناد في محافظات عدن، لحج، أبين،
والضالع، بالإضافة إلى قوات مكافحة الإرهاب.

حيث أشارت قيادة ألوية الدعم والإسناد "الحزام الأمني" بمحافظات عدن،
لحج، أبين، والضالع، في تصريحاتٍ صحفية رصدتها (عدن الغد) إلى أن
الدراجات النارية تُستخدم في تنفيذ الكثير من حوادث الاغتيالات؛ ولهذا
جاءت الحملة لضبط أصحاب الدراجات المجهولة.

كما لم يفت قيادة ألوية الدعم والإسناد التأكيد على أن الحملة جاءت
بتوجيهاتٍ من قيادة التحالف العربي، ربما بهدف إضفاء شيء من الرسمية أو
الهيبة، بحسب مراقبين.

وتطرقت أهداف الحملة إلى الحديث عن خطورة الدراجات النارية؛ ويبدو أنها
كانت فرصة لقيادة الدعم والإسناد للإشارة إلى أنها أعدّت منذ نحو عامين
خطة مدروسة لوقف توريد الدراجات، إلا أنها وُجدت معارضة ومماطلة من جهاتٍ
مسئولة في الحكومة.

وأكدت قيادة ألوية الدعم والإسناد أن هدف الحملة غير مقتصر في القضاء على
حوادث الاغتيالات، بل تتعداها للحد من الازدحام المروري الذي ينتج عن
تكاثر الدراجات النارية في مدينة عدن، والتي سببت إزعاجًا كبيرًا لخطوط
السير وحركة المركبات.

كانت تلك هي الأهداف النقية والواضحة للحملة الأمنية، والتي تحدثت عنها
السلطات المسئولة في عدن، إلا أنه، رغم ذلك، ثمة من يتحدث عن أهدافٍ أخرى
للحملة.



ضغوط وأبعاد سياسية

ترافقت الاغتيالات التي اُتهمت الدراجات النارية بها باعتبارها وسيلة
للمجرمين والقتلة، مع اتهاماتٍ متبادلة من قبل طرفي الصراع في عدن
(الحكومة والانتقالي) بالتعمد في عرقلة اتفاق الرياض الذي وقّع عليه
الطرفان مطلع نوفمبر الماضي.

لم يمضِ شهر واحد على توقيع الاتفاق حتى تفجرت الاغتيالات في عدن، وبشكلٍ
مفاجئ ومتكرر وشبه يومي؛ وهو ما أماط اللثام عن الكثير من التساؤلات حول
حدوث أعمال القتل تلك في هذا التوقيت تحديدًا.

لهذا ربط كثير من المتابعين بين الاغتيالات وبين التعثر الحاصل في تنفيذ
اتفاق الرياض، والذي كان من المقرر أن يمر بتزمينٍ محدد لم يلتزم به أيٌ
من الطرفين.

ويذهب محللون إلى أن الأطراف السياسية استغلت حوادث الاغتيالات المتكررة
في عدن، لتصعيد الحديث عن تطبيق البنود المتفق عليها في الملفين الأمني
والعسكري، والذي تتمسك به الحكومة اليمنية الشرعية وتدعو إلى تنفيذه
أولاً قبل أي ملف آخر.

ويؤكدون أن استغلال الحكومة الشرعية لحوادث الاغتيالات أربك حسابات
المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتمسك بتنفيذ الملفات السياسية والمدنية
أولاً، قبل البنود العسكرية والأمنية.

فالانتقالي يطالب مرارًا بالإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، في الوقت
الذي تطالب الحكومة بعودة قواتها العسكرية إلى عاصمتها المؤقتة عدن.

ويبدو- بحسب محللين- أن جهاتٍ من الحكومة الشرعية استغلت أعمال
الاغتيالات، التي لا يُعرف من يقف خلفها، للضغط على الانتقالي بالإسراع
في تنفيذ الشق الأمني والعسكري من الاتفاق؛ بهدف تحقيق الأمن والاستقرار
في عدن.

ولعل تلك الضغوط- التي يبدو أنها سياسية- دفعت السلطات الأمنية الموالية
للمجلس الانتقالي إلى تنفيذ الحملة الأمنية بحظر الدراجات النارية؛ لتؤكد
للرأي العام وللتحالف وحتى للحكومة أنها لم تقصر بأيٍ من مهامها الأمنية،
وفق مراقبين.



إنقاذ سمعة الانتقالي

وحتى يُزيح عن كواهله الضغوط السياسية من الرأي العام المحلي وربما من
التحالف، واستغلال الحكومة لها، انتهج المجلس الانتقالي الجنوبي نهج
الحملة الأمنية التي مازالت مستمرة في مختلف مناطق عدن.

ولعل المجلس الانتقالي يسعى من خلال تنفيذ الحملة بحظر الدراجات النارية
إلى "إنقاذ سمعته"؛ كونه المسيطر الوحيد على مدينة عدن، فهو من هذا
المنطلق مسئول عن توفير الأمن والاستقرار، ومنع حدوث مثل تلك الأعمال
الإرهابية.

ولم تقتصر الحملة على الدراجات النارية، بل طالت حتى المركبات غير
المرقمة، وعواكس السيارات المخالفة للأنظمة المرورية.

وإنصافًا لكل الجهود التي قامت بها الأجهزة الأمنية الموالية للمجلس
الانتقالي بمختلف مسمياتها، فقد حققت الحملة نجاحًا كبيرًا، حيث خلت
الشوارع من الدراجات النارية التي كانت تسبب الكثير من الحوادث المرورية،
بالإضافة إلى الازدحام الخانق في الطرقات العامة.

ورغم جهوده وسعيه المشروع في إنقاذ سمعته، إلا أن المجلس الانتقالي ما
فتئ يكيل التهم بالوقوف خلف حوادث الاغتيالات لأطرافٍ لم يُسمها صراحةً،
لكنه يُلمّح إلى علاقة تلك الأطراف بأحزابٍ وجهاتٍ سياسية تتواجد في
مفاصل الحكومة اليمنية.

وهو حقٌ سياسي للانتقالي، من شأنه أن يزيح بعضًا من الضغوط السياسية
الملقاة عليه، خاصةً وأن اتهاماتٌ كثيرة ربطت الاغتيالات بعدة جهات أكثر
تطرفًا.



داعش.. في قفص الاتهام

في الوقت الذي كال الانتقالي فيه التهم لأطرافٍ مرتبطة بأحزاب سياسية في
الحكومة، قابلت هذه الأخيرة الفعل بالمثل، واتهمت أطرافًا وقواتٍ موالية
للانتقالي بالتورط بالاغتيالات.

وفي خضم هذا السجال اتهمت إدارة الأمن في بيانٍ نشرته على صفحتها
ب(الفيسبوك) تنظيمات إرهابية بالوقوف خلف تلك الاغتيالات.. مشيرةً إلى
تبني تنظيم داعش- حتى الآن- عملية واحدة، من العمليات التي تمت خلال
الفترة الماضية.

وأضاف البيان أن أجهزة الأمن مازالت تتحرى عن مرتكبي هذه الجرائم، لافتًا
إلى وجود معلومات عن بعض المتورطين، لن تفصح عنهم حتى يتم الوصول إليهم
ومن ثم ستعلن عنهم رسمياً.. مؤكدًا أن إدارة أمن عدن لن تسمح نهائيًا
بعودة نشاط هذه العناصر الإرهابية، التي وصفها ب"الضالة" تحت أي مبررات
سياسية، حد تعبير البيان.

ارتباط معظم حوادث الاغتيالات في مدينة عدن بالدراجات النارية واستخدامها
من قبل مسلحين مجهولين في تنفيذ جرائم الاغتيال، دفع إدارة الأمن إلى
التأكيد أن أجهزتها الأمنية ستتعامل بكل حزم مع كل من يقود الدراجات
النارية، أو يحمل الأسلحة بطريقة غير قانونية وبدون ترخيص رسمي.



الدراجات النارية في قفص الاتهام

يرى محللون أن الأجهزة الأمنية وسلطاتها انحرفت عن أهدافها، فبدلاً من شن
حملة أمنية لاعتقال ومطاردة العناصر الإرهابية المتورطة في الاغتيالات،
أو على الأقل الكشف عن الجهات التي تقف خلف تلك الاغتيالات؛ اتجهت نحو
"اتهام" الدراجات النارية.. مؤكدين أن الجهات الأمنية وهي تعتقل الوسائل
والأدوات المتمثلة بالدراجات النارية، لم تخطط للكشف عن الأشخاص المتهمين
الذين كانوا يستقلون تلك الأدوات.

وهذا لا يعني أن الحملة الأمنية ضد الدراجات النارية غير مطلوبة، حيث
تكتسب أهمية كبيرة كونها تقلل من الأدوات المتاحة أمام العناصر المتطرفة
والإرهابية لتنفيذ مخططاتهم، ولكن مطاردة الإرهابيين والمتورطين من داعش
وغيرها لا يقل أهمية، بل إن كانت أهميته أكبر.

وهي المثلبة التي يمكن أن تؤخذ على السلطات الأمنية، بحسب محللين، والتي
اتجهت نحو الدراجات كوسائل وأدوات، بدلاً من التركيز على الفاعلين
والمتسببين بالاغتيالات، باعتبار أن ذلك هو الدور الأمني الأساسي المناط
بالأجهزة الأمنية.

ورغم تلك المثلبة، إلا كثيرا من المحللين لم يغفلوا الجوانب الإيجابية
التي حققتها الحملة الأمنية الخاصة بحظر الدراجات النارية، والتي لا يمكن
تجاوزها.



انخفاض الحوادث المرورية

النجاح الذي حققته الحملة ضد الدراجات النارية كان ملموسًا على الأرض،
وتحدث به أصحاب الشأن الذين لمسوا الفرق بين فترة تواجد الدراجات
النارية، وبين فترة الحظر التي فرضتها الحملة الأمنية. فكانت الفروقات
واضحة، لصالح الحملة التي آتت أُكلها وثمارها في فترة وجيزة.

حيث نقلت قناة مستشفى الجمهورية النموذجي العام بعدن على اليوتيوب،
ووسائل إعلام مختلفة تصريحات لمدير عام الهيئة الدكتور أحمد سالم
الجرباء، قال فيها: إن الحالات التي كان المستشفى يستقبلها بسبب حوادث
الدراجات النارية شهدت انخفاضًا ملحوظًا.

وعزا الجرباء ذلك الانخفاض في نسبة الحوادث إلى الحملة التي تنفذها
الأجهزة الأمنية بعدن لمنع وحظر تجول الدراجات النارية والمركبات غير
المرقمة في مديريات محافظة عدن، وهو نجاحٌ يُحسب للحملة.

الفروقات كانت جليةً بالأرقام والإحصائيات، حيث أكد مدير مستشفى
الجمهورية أن قسم الحوادث والطوارئ كان يستقبل ما بين 150 - 180 حالة
شهريًا بسبب الحوادث المرورية، ونتيجةً لتنفيذ الحملة الأمنية لم تعد تصل
إلى قسم الحوادث إلا حالات نادرة، وأحيانًا لا يستقبل أي حالة نهائيًا.

ويبدو أن الدراجات النارية هي من كانت تتحمل المسئولية الأولى عن الحوادث
المرورية التي شهدتها مدينة عدن، وأدى ظهورها إلى تفاقم وازدياد الحوادث،
بحسب مدير المستشفى، الذي أضاف أن الانخفاض الملحوظ يعود إلى حظر استخدام
الدراجات النارية؛ حيث كانت سببًا رئيسيًا في الحوادث المرورية التي تصل
إلى قسم الطوارئ بالمستشفى.

وأشادت قيادة مستشفى الجمهورية بالحملة الأمنية، مباركين مثل هذه الخطوات
والجهود، ومطالبين باستمراريتها كونها تحافظ على حياة المواطنين وتحد من
الحوادث المرورية.

الحملة في عيون الناس

لا يمكن إغفال ردود فعل المواطنين تجاه الحملة، والتي كانت إيجابية إلى
حدٍ بعيد، خاصةً بعد تسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية،
وأودت حتى بحياة سائقيها وركابها.

ناهيك عن استغلالها واستخدامها استخدامًا إجراميًا في حوادث الاغتيالات
والقتل بكل أنواعه، سواء كان القتل والاغتيال السياسي أو استهداف رجال
الأمن والضباط، أو تصفية الحسابات والخلافات بين المواطنين أنفسهم.

المواطنون تحدثوا عن خلو الشوارع وتنظيمها الذي كان ظاهرًا، كما تطرقوا
إلى انخفاض الازدحام في الشوارع العامة والرئيسية، بالإضافة إلى تراجع
نسبة الحوادث المرورية، وجميعها جوانب إيجابية للحملة.

في المقابل تمنى كثير من المواطنين لو أن الحملة الأمنية كانت تسبقها
تحذيرات وإعلان تعميمي، قبل أن يتم تنفيذها بهذه الطريقة الفجائية..
مشيرين إلى أن عددًا من أصحاب الدراجات النارية لا يملكون سواها كمصدر
رزق، يعولون من خلالها أسرا وعائلات، وتنفيذ الحملة بهذا الأسلوب تسبب
بفقدان كثير منهم مصدر رزق دون سابق إنذار.

وأكدوا أن الحملة بكل إيجابياتها كان يمكن أن تتلافى هذه الإشكالية إذا
تم تنظيمها والإعلان عنها، كما كان بالإمكان تحقيق أكثر من فائدة بهذه
الطريقة.



توقف موجة الاغتيالات

الشيء اللافت والملاحظ في نتائج الحملة الأمنية أنها وبمجرد انطلاقها
توقفت موجة الاغتيالات وتراجعت حدتها بشكل كلي تقريبًا.

وهو أمرٌ يُحسب لصالح الحملة الأمنية أيضًا، التي يبدو أنها حققت نجاحًا
يتمنى المواطن البسيط أن يستمر، مع الأخذ بعين الاعتبار تعويض ملاك
الدراجات ممن يستخدمونها كمصدر رزق.

ومما ساهم في نجاح الحملة الأمنية أنها تناولت بالإضافة إلى حظر الدراجات
النارية، إيقاف المركبات غير المرقمة، وكذا السيارات (المُعكّسة)
المخالفة للأنظمة المرورية.

وهذه الأخيرة، من الأدوات التي تستخدم في عمليات الاغتيال، وهي ممنوعة
دولياً لما لها من دور في إخفاء هوية السائقين ومستقلي المركبة أو
السيارة.



تاريخ المخالفات المرورية

وكافة تلك المخالفات التي يعود سببها إلى الانفلات الأمني وغياب الدولة
الذي أعقب حرب 2015 في عدن، واستمرت على مدى السنوات الماضية.

حتى أن الدراجات النارية لم تكن متواجدة في مدينة عدن على مدى السنوات
العشر الماضية، حيث بدأت بالظهور في المديريات القصية من عدن كدار سعد
والبريقة بعد ثورة 2011، ثم انتقلت إلى بقية المديريات لاحقًا.

وسمح غياب المؤسسات المعنية بالضبط والمنع في انتشار الدراجات النارية،
وكافة المخالفات المرورية التي تستغلها أطراف وعناصر متطرفة لتنفيذ
عمليات إرهابية وأعمال قتل واغتيال.

ولا نبالغ إذا قلنا أن عدة جهات سياسية أيضًا استغلت هذا الوضع لتمرير
أعمال معينة مخالفة لكل الأنظمة والقوانين التي غابت عن المجتمع ولم تعد
تنفذ.



بعيداً عن حسابات السياسة

يسعد المواطنون كثيرًا بوجود مثل هذه الحملات الأمنية، التي تعكس تواجدًا
للدولة وهيبتها المفقودة منذ عقد كامل تقريبًا.

والنتائج الإيجابية لأي حملة من شأنها تحسين الأوضاع الأمنية في عدن
وبقية المحافظات، بعيدًا عن أي حسابات سياسية ضيقة قد تستغل هذه الحملات
وتوظفها لخدمة مصالحها المحدودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.