تفجير تعز.. قيادات إصلاحية تربوية تدفع ثمن مواقفها الوطنية    هجوم جوي يستهدف قوات الانتقالي في حضرموت    خبير في الطقس: برد شديد رطب وأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    تقرير أممي: ثلثا اليمنيين يعانون انعدام الأمن الغذائي ومعدلات الجوع تسجل ذروة غير مسبوقة    حضرموت.. إحباط زرع عبوات ناسفة على الطريق الدولي المؤدي إلى منفذ الوديعة    اليمنيون في مسيرات مليونية: القرآن خط أحمر وفلسطين قضية الأمة    هيئة رعاية أسر الشهداء تعلن صرف إعاشة أبناء وآباء وأمهات الشهداء والأرامل وزوجات المفقودين    تقرير أممي: تصعيد الانتقالي في حضرموت أجبر آلاف الأسر على الفرار والنزوح    جريمة إرهابية مروعة    المتحدث الرسمي للقوات الجنوبية : ثلاثي الإرهاب يرد على خسائره باستهداف قواتنا بطائرات مسيّرة    أبناء أبين يؤدون صلاة "جمعة الثبات والتمكين" في ساحة الاعتصام بزنجبار    حين يرفع الانتقالي علم الدولة وتمسك السعودية ختم الدولة... رحلة الاعتراف الدولي للجنوب    قيادة السلطة المحلية بالبيضاء تنعي حاتم الخولاني مدير مديرية الصومعة    شرطة المرور تعلن إعفاء أكثر من ثلاثة ملايين مخالفة مرورية    قراءة تحليلية لنص "نور اللحجية" ل"أحمد سيف حاشد"    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    معارك ليست ضرورية الآن    بوتين يؤكد استعداد موسكو للحوار ويشيد بتقدم قواته في أوكرانيا    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    الأرصاد تتوقع أمطارًا متفرقة على المرتفعات والهضاب والسواحل، وطقسًا باردًا إلى بارد نسبيًا    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    "أسطوانة الغاز" مهمة شاقة تضاعف معاناة المواطنين في عدن    قوة أمنية وعسكرية تمنع المعتصمين من أداء صلاة الجمعة في ساحة العدالة بتعز    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    الحبيب الجفري يحذّر من تسييس الدين: الشرع ليس غطاءً لصراعات السياسة    أزمة خانقة في مخابز عدن.. المواطن يعاني والانتقالي يبيع الأوهام    خبير دولي: على الانتقالي التركيز على الإعلام الخارجي بالإنجليزية لبناء التفهم الدولي لقضية الجنوب    الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    صحيفة أمريكية: خطاب ترامب الأخير .. الأمور ليست على ما يرام!    السبت .. انطلاق سباق الدراجات الهوائية لمسافة 62 كم بصنعاء    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    القرفة في الشتاء: فوائد صحية متعددة وتعزيز المناعة    تجار تعز يشكون ربط ضريبة المبيعات بفوارق أسعار الصرف والغرفة التجارية تدعو لتطبيق القانون    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويلات مالية    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    نادية الكوكباني تفوز بجائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية للعام 2025    سان جيرمان يتوج بكأس القارات للأندية لأول مرة في تاريخه    طائرة شحن إماراتية محمّلة بالسلاح تصل مطار الريان بحضرموت    أرقام فلكية.. الفيفا يعلن عن الجوائز المالية لكأس العالم 2026    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير يرصد نتائج حملة حظر الدراجات النارية بعدن
نشر في عدن الغد يوم 21 - 12 - 2019


- هل كانت الحملة الأمنية ذات أبعاد سياسية؟
- كيف سعى الانتقالي إلى إنقاذ سمعته عبر حملة حظر الدراجات النارية؟
- ما مدى نجاح الحملة.. وهل حققت أهدافها بالفعل؟
- كيف انحرفت حملة حظر الدراجات النارية عن أهدافها؟
- لماذا لم تُنفّذ حملة مشابهة ضد العناصر الإرهابية المتورطة بالاغتيالات؟
- هل اتجهت السلطات الأمنية نحو الأدوات والوسائل وتركت الأشخاص المتورطين؟

الدراجات النارية في قفص الاتهام!

بدت شوارع العاصمة عدن خلال الأسبوعين الماضيين خاليةً من الدراجات
النارية، بعد حملةٍ أمنية واسعة شملت العديد من مديريات عدن التي تتكاثر
فيها الدراجات.

الحملة انطلقت بعد موجة عنيفة من الاغتيالات ضربت مدينة عدن، وطالت
ضباطًا في الأمن والبحث الجنائي، وجنودًا في الحزام الأمني، بالإضافة إلى
مواطنين.

كانت اللائمة وأصابع الاتهام تتجه صوب الدراجات النارية باعتبار أن أغلب
مرتبكي جرائم الاغتيالات يستخدمونها في تنفيذ أفعالهم الإرهابية، رغم أن
التحقيقات الأمنية أثبتت وجود وسائل أخرى غير الدراجات النارية يتم من
خلالها تنفيذ الاغتيالات، لكن جل الغضب انصب على الدراجات النارية، والتي
تستخدم بالفعل في معظم الاغتيالات الأمنية بعدن.

ومن باب الإنصاف، فإن الحملة نتج عنها ردود فعل إيجابية من المواطنين،
حيث خفف انعدام الدراجات النارية الازدحام في شوارع عدن الرئيسية، كما
أنها أعادت الوجه الجمالي للمدينة والذي شوهته الدراجات. بالإضافة إلى
الانخفاض الملحوظ للحوادث المرورية والتي تراجعت نسبتها بشكل مؤكد،
وبشهادة كبريات المستشفيات العامة العاملة في عدن، والتي كانت الدراجات
من أبرز مسبباتها.

لكن.. يبقى الجدل قائمًا حول الأبعاد السياسية التي اتخذتها الحملة، أو
على الأقل محاولة البعض طبعها بطابع سياسي بحت، بعيدًا عن الأغراض
الأمنية التي كان يجب أن تنحصر فيها. بالإضافة إلى وجود تململ من قبل
البعض ضد الحملة، خاصةً وأنها ارتبطت بمحاولة طرف سياسي الإيحاء ببذل
جهود كبيرة وجبارة لإيقاف عمليات الاغتيال التي شهدتها عدن، فما أسباب
ذلك التململ، وهل للحملة علاقة بالتجاذبات السياسية الطاغية على المشهد
العدني؟.

وما قصة الاغتيالات التي ضربت فجأة المدينة، وبشكلٍ شبه يومي، وما علاقة
التنظيمات الإرهابية بتلك الاغتيالات؟.

كل ذلك سنحاول سبره واستعراضه من خلال هذا التقرير.



حملة لوقف الاغتيالات

بعد أيامٍ من الاغتيالات المتكررة التي فوجئت بها عدن، خلال الأيام
الأخيرة من نوفمبر الماضي، ومطلع ديسمبر الجاري، وراح ضحيتها عشرات
الضباط الأمنيين والجنود، والأبرياء المواطنين، بدأت الحملة مباشرةً.

حيث قُتل مديرا البحث الجنائي في مديريتي المنصورة وخورمكسر، صلاح
الحجيلي وسالم لهطل، في حادثتين منفصلتين، بالإضافة إلى مقتل جنود يتبعون
قوات الحزام الأمني في عدد من أحياء مدينة عدن.

ولم تستثنِ أعمال القتل المواطنين من المدنيين الأبرياء، كان بينهم نساء،
كل ذلك أثار ضجةً مجتمعية كبيرة، ضغطت على الأجهزة والسلطات الأمنية
ودفعتها للتصرف، خاصةً وأن عددا كبيرا من تلك الاغتيالات تمت عبر
الدراجات النارية.

فكان تصرف السلطات الأمنية المشتركة بتوحيد جهودها نحو تنفيذ حملة
استهدفت الدراجات النارية في المقام الأول باعتبارها سببا رئيسا لجميع
تلك الأعمال العنيفة.



الأهداف الظاهرة للحملة

أهداف الحملة التي انطلقت عقب موجة الاغتيالات العنيفة أوضحتها السلطات
الأمنية في عدن والتي حصرت غاياتها في ضبط الدراجات النارية غير المرقمة
وقطع السلاح غير المرخصة، والمستخدمة في عمليات الاغتيال.

ولا بد من معرفة أن الحملة نفذتها أجهزة أمنية مشتركة، تكونت من إدارة
أمن عدن، وقيادة ألوية الدعم والإسناد في محافظات عدن، لحج، أبين،
والضالع، بالإضافة إلى قوات مكافحة الإرهاب.

حيث أشارت قيادة ألوية الدعم والإسناد "الحزام الأمني" بمحافظات عدن،
لحج، أبين، والضالع، في تصريحاتٍ صحفية رصدتها (عدن الغد) إلى أن
الدراجات النارية تُستخدم في تنفيذ الكثير من حوادث الاغتيالات؛ ولهذا
جاءت الحملة لضبط أصحاب الدراجات المجهولة.

كما لم يفت قيادة ألوية الدعم والإسناد التأكيد على أن الحملة جاءت
بتوجيهاتٍ من قيادة التحالف العربي، ربما بهدف إضفاء شيء من الرسمية أو
الهيبة، بحسب مراقبين.

وتطرقت أهداف الحملة إلى الحديث عن خطورة الدراجات النارية؛ ويبدو أنها
كانت فرصة لقيادة الدعم والإسناد للإشارة إلى أنها أعدّت منذ نحو عامين
خطة مدروسة لوقف توريد الدراجات، إلا أنها وُجدت معارضة ومماطلة من جهاتٍ
مسئولة في الحكومة.

وأكدت قيادة ألوية الدعم والإسناد أن هدف الحملة غير مقتصر في القضاء على
حوادث الاغتيالات، بل تتعداها للحد من الازدحام المروري الذي ينتج عن
تكاثر الدراجات النارية في مدينة عدن، والتي سببت إزعاجًا كبيرًا لخطوط
السير وحركة المركبات.

كانت تلك هي الأهداف النقية والواضحة للحملة الأمنية، والتي تحدثت عنها
السلطات المسئولة في عدن، إلا أنه، رغم ذلك، ثمة من يتحدث عن أهدافٍ أخرى
للحملة.



ضغوط وأبعاد سياسية

ترافقت الاغتيالات التي اُتهمت الدراجات النارية بها باعتبارها وسيلة
للمجرمين والقتلة، مع اتهاماتٍ متبادلة من قبل طرفي الصراع في عدن
(الحكومة والانتقالي) بالتعمد في عرقلة اتفاق الرياض الذي وقّع عليه
الطرفان مطلع نوفمبر الماضي.

لم يمضِ شهر واحد على توقيع الاتفاق حتى تفجرت الاغتيالات في عدن، وبشكلٍ
مفاجئ ومتكرر وشبه يومي؛ وهو ما أماط اللثام عن الكثير من التساؤلات حول
حدوث أعمال القتل تلك في هذا التوقيت تحديدًا.

لهذا ربط كثير من المتابعين بين الاغتيالات وبين التعثر الحاصل في تنفيذ
اتفاق الرياض، والذي كان من المقرر أن يمر بتزمينٍ محدد لم يلتزم به أيٌ
من الطرفين.

ويذهب محللون إلى أن الأطراف السياسية استغلت حوادث الاغتيالات المتكررة
في عدن، لتصعيد الحديث عن تطبيق البنود المتفق عليها في الملفين الأمني
والعسكري، والذي تتمسك به الحكومة اليمنية الشرعية وتدعو إلى تنفيذه
أولاً قبل أي ملف آخر.

ويؤكدون أن استغلال الحكومة الشرعية لحوادث الاغتيالات أربك حسابات
المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتمسك بتنفيذ الملفات السياسية والمدنية
أولاً، قبل البنود العسكرية والأمنية.

فالانتقالي يطالب مرارًا بالإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، في الوقت
الذي تطالب الحكومة بعودة قواتها العسكرية إلى عاصمتها المؤقتة عدن.

ويبدو- بحسب محللين- أن جهاتٍ من الحكومة الشرعية استغلت أعمال
الاغتيالات، التي لا يُعرف من يقف خلفها، للضغط على الانتقالي بالإسراع
في تنفيذ الشق الأمني والعسكري من الاتفاق؛ بهدف تحقيق الأمن والاستقرار
في عدن.

ولعل تلك الضغوط- التي يبدو أنها سياسية- دفعت السلطات الأمنية الموالية
للمجلس الانتقالي إلى تنفيذ الحملة الأمنية بحظر الدراجات النارية؛ لتؤكد
للرأي العام وللتحالف وحتى للحكومة أنها لم تقصر بأيٍ من مهامها الأمنية،
وفق مراقبين.



إنقاذ سمعة الانتقالي

وحتى يُزيح عن كواهله الضغوط السياسية من الرأي العام المحلي وربما من
التحالف، واستغلال الحكومة لها، انتهج المجلس الانتقالي الجنوبي نهج
الحملة الأمنية التي مازالت مستمرة في مختلف مناطق عدن.

ولعل المجلس الانتقالي يسعى من خلال تنفيذ الحملة بحظر الدراجات النارية
إلى "إنقاذ سمعته"؛ كونه المسيطر الوحيد على مدينة عدن، فهو من هذا
المنطلق مسئول عن توفير الأمن والاستقرار، ومنع حدوث مثل تلك الأعمال
الإرهابية.

ولم تقتصر الحملة على الدراجات النارية، بل طالت حتى المركبات غير
المرقمة، وعواكس السيارات المخالفة للأنظمة المرورية.

وإنصافًا لكل الجهود التي قامت بها الأجهزة الأمنية الموالية للمجلس
الانتقالي بمختلف مسمياتها، فقد حققت الحملة نجاحًا كبيرًا، حيث خلت
الشوارع من الدراجات النارية التي كانت تسبب الكثير من الحوادث المرورية،
بالإضافة إلى الازدحام الخانق في الطرقات العامة.

ورغم جهوده وسعيه المشروع في إنقاذ سمعته، إلا أن المجلس الانتقالي ما
فتئ يكيل التهم بالوقوف خلف حوادث الاغتيالات لأطرافٍ لم يُسمها صراحةً،
لكنه يُلمّح إلى علاقة تلك الأطراف بأحزابٍ وجهاتٍ سياسية تتواجد في
مفاصل الحكومة اليمنية.

وهو حقٌ سياسي للانتقالي، من شأنه أن يزيح بعضًا من الضغوط السياسية
الملقاة عليه، خاصةً وأن اتهاماتٌ كثيرة ربطت الاغتيالات بعدة جهات أكثر
تطرفًا.



داعش.. في قفص الاتهام

في الوقت الذي كال الانتقالي فيه التهم لأطرافٍ مرتبطة بأحزاب سياسية في
الحكومة، قابلت هذه الأخيرة الفعل بالمثل، واتهمت أطرافًا وقواتٍ موالية
للانتقالي بالتورط بالاغتيالات.

وفي خضم هذا السجال اتهمت إدارة الأمن في بيانٍ نشرته على صفحتها
ب(الفيسبوك) تنظيمات إرهابية بالوقوف خلف تلك الاغتيالات.. مشيرةً إلى
تبني تنظيم داعش- حتى الآن- عملية واحدة، من العمليات التي تمت خلال
الفترة الماضية.

وأضاف البيان أن أجهزة الأمن مازالت تتحرى عن مرتكبي هذه الجرائم، لافتًا
إلى وجود معلومات عن بعض المتورطين، لن تفصح عنهم حتى يتم الوصول إليهم
ومن ثم ستعلن عنهم رسمياً.. مؤكدًا أن إدارة أمن عدن لن تسمح نهائيًا
بعودة نشاط هذه العناصر الإرهابية، التي وصفها ب"الضالة" تحت أي مبررات
سياسية، حد تعبير البيان.

ارتباط معظم حوادث الاغتيالات في مدينة عدن بالدراجات النارية واستخدامها
من قبل مسلحين مجهولين في تنفيذ جرائم الاغتيال، دفع إدارة الأمن إلى
التأكيد أن أجهزتها الأمنية ستتعامل بكل حزم مع كل من يقود الدراجات
النارية، أو يحمل الأسلحة بطريقة غير قانونية وبدون ترخيص رسمي.



الدراجات النارية في قفص الاتهام

يرى محللون أن الأجهزة الأمنية وسلطاتها انحرفت عن أهدافها، فبدلاً من شن
حملة أمنية لاعتقال ومطاردة العناصر الإرهابية المتورطة في الاغتيالات،
أو على الأقل الكشف عن الجهات التي تقف خلف تلك الاغتيالات؛ اتجهت نحو
"اتهام" الدراجات النارية.. مؤكدين أن الجهات الأمنية وهي تعتقل الوسائل
والأدوات المتمثلة بالدراجات النارية، لم تخطط للكشف عن الأشخاص المتهمين
الذين كانوا يستقلون تلك الأدوات.

وهذا لا يعني أن الحملة الأمنية ضد الدراجات النارية غير مطلوبة، حيث
تكتسب أهمية كبيرة كونها تقلل من الأدوات المتاحة أمام العناصر المتطرفة
والإرهابية لتنفيذ مخططاتهم، ولكن مطاردة الإرهابيين والمتورطين من داعش
وغيرها لا يقل أهمية، بل إن كانت أهميته أكبر.

وهي المثلبة التي يمكن أن تؤخذ على السلطات الأمنية، بحسب محللين، والتي
اتجهت نحو الدراجات كوسائل وأدوات، بدلاً من التركيز على الفاعلين
والمتسببين بالاغتيالات، باعتبار أن ذلك هو الدور الأمني الأساسي المناط
بالأجهزة الأمنية.

ورغم تلك المثلبة، إلا كثيرا من المحللين لم يغفلوا الجوانب الإيجابية
التي حققتها الحملة الأمنية الخاصة بحظر الدراجات النارية، والتي لا يمكن
تجاوزها.



انخفاض الحوادث المرورية

النجاح الذي حققته الحملة ضد الدراجات النارية كان ملموسًا على الأرض،
وتحدث به أصحاب الشأن الذين لمسوا الفرق بين فترة تواجد الدراجات
النارية، وبين فترة الحظر التي فرضتها الحملة الأمنية. فكانت الفروقات
واضحة، لصالح الحملة التي آتت أُكلها وثمارها في فترة وجيزة.

حيث نقلت قناة مستشفى الجمهورية النموذجي العام بعدن على اليوتيوب،
ووسائل إعلام مختلفة تصريحات لمدير عام الهيئة الدكتور أحمد سالم
الجرباء، قال فيها: إن الحالات التي كان المستشفى يستقبلها بسبب حوادث
الدراجات النارية شهدت انخفاضًا ملحوظًا.

وعزا الجرباء ذلك الانخفاض في نسبة الحوادث إلى الحملة التي تنفذها
الأجهزة الأمنية بعدن لمنع وحظر تجول الدراجات النارية والمركبات غير
المرقمة في مديريات محافظة عدن، وهو نجاحٌ يُحسب للحملة.

الفروقات كانت جليةً بالأرقام والإحصائيات، حيث أكد مدير مستشفى
الجمهورية أن قسم الحوادث والطوارئ كان يستقبل ما بين 150 - 180 حالة
شهريًا بسبب الحوادث المرورية، ونتيجةً لتنفيذ الحملة الأمنية لم تعد تصل
إلى قسم الحوادث إلا حالات نادرة، وأحيانًا لا يستقبل أي حالة نهائيًا.

ويبدو أن الدراجات النارية هي من كانت تتحمل المسئولية الأولى عن الحوادث
المرورية التي شهدتها مدينة عدن، وأدى ظهورها إلى تفاقم وازدياد الحوادث،
بحسب مدير المستشفى، الذي أضاف أن الانخفاض الملحوظ يعود إلى حظر استخدام
الدراجات النارية؛ حيث كانت سببًا رئيسيًا في الحوادث المرورية التي تصل
إلى قسم الطوارئ بالمستشفى.

وأشادت قيادة مستشفى الجمهورية بالحملة الأمنية، مباركين مثل هذه الخطوات
والجهود، ومطالبين باستمراريتها كونها تحافظ على حياة المواطنين وتحد من
الحوادث المرورية.

الحملة في عيون الناس

لا يمكن إغفال ردود فعل المواطنين تجاه الحملة، والتي كانت إيجابية إلى
حدٍ بعيد، خاصةً بعد تسبب الدراجات النارية بالكثير من الحوادث المرورية،
وأودت حتى بحياة سائقيها وركابها.

ناهيك عن استغلالها واستخدامها استخدامًا إجراميًا في حوادث الاغتيالات
والقتل بكل أنواعه، سواء كان القتل والاغتيال السياسي أو استهداف رجال
الأمن والضباط، أو تصفية الحسابات والخلافات بين المواطنين أنفسهم.

المواطنون تحدثوا عن خلو الشوارع وتنظيمها الذي كان ظاهرًا، كما تطرقوا
إلى انخفاض الازدحام في الشوارع العامة والرئيسية، بالإضافة إلى تراجع
نسبة الحوادث المرورية، وجميعها جوانب إيجابية للحملة.

في المقابل تمنى كثير من المواطنين لو أن الحملة الأمنية كانت تسبقها
تحذيرات وإعلان تعميمي، قبل أن يتم تنفيذها بهذه الطريقة الفجائية..
مشيرين إلى أن عددًا من أصحاب الدراجات النارية لا يملكون سواها كمصدر
رزق، يعولون من خلالها أسرا وعائلات، وتنفيذ الحملة بهذا الأسلوب تسبب
بفقدان كثير منهم مصدر رزق دون سابق إنذار.

وأكدوا أن الحملة بكل إيجابياتها كان يمكن أن تتلافى هذه الإشكالية إذا
تم تنظيمها والإعلان عنها، كما كان بالإمكان تحقيق أكثر من فائدة بهذه
الطريقة.



توقف موجة الاغتيالات

الشيء اللافت والملاحظ في نتائج الحملة الأمنية أنها وبمجرد انطلاقها
توقفت موجة الاغتيالات وتراجعت حدتها بشكل كلي تقريبًا.

وهو أمرٌ يُحسب لصالح الحملة الأمنية أيضًا، التي يبدو أنها حققت نجاحًا
يتمنى المواطن البسيط أن يستمر، مع الأخذ بعين الاعتبار تعويض ملاك
الدراجات ممن يستخدمونها كمصدر رزق.

ومما ساهم في نجاح الحملة الأمنية أنها تناولت بالإضافة إلى حظر الدراجات
النارية، إيقاف المركبات غير المرقمة، وكذا السيارات (المُعكّسة)
المخالفة للأنظمة المرورية.

وهذه الأخيرة، من الأدوات التي تستخدم في عمليات الاغتيال، وهي ممنوعة
دولياً لما لها من دور في إخفاء هوية السائقين ومستقلي المركبة أو
السيارة.



تاريخ المخالفات المرورية

وكافة تلك المخالفات التي يعود سببها إلى الانفلات الأمني وغياب الدولة
الذي أعقب حرب 2015 في عدن، واستمرت على مدى السنوات الماضية.

حتى أن الدراجات النارية لم تكن متواجدة في مدينة عدن على مدى السنوات
العشر الماضية، حيث بدأت بالظهور في المديريات القصية من عدن كدار سعد
والبريقة بعد ثورة 2011، ثم انتقلت إلى بقية المديريات لاحقًا.

وسمح غياب المؤسسات المعنية بالضبط والمنع في انتشار الدراجات النارية،
وكافة المخالفات المرورية التي تستغلها أطراف وعناصر متطرفة لتنفيذ
عمليات إرهابية وأعمال قتل واغتيال.

ولا نبالغ إذا قلنا أن عدة جهات سياسية أيضًا استغلت هذا الوضع لتمرير
أعمال معينة مخالفة لكل الأنظمة والقوانين التي غابت عن المجتمع ولم تعد
تنفذ.



بعيداً عن حسابات السياسة

يسعد المواطنون كثيرًا بوجود مثل هذه الحملات الأمنية، التي تعكس تواجدًا
للدولة وهيبتها المفقودة منذ عقد كامل تقريبًا.

والنتائج الإيجابية لأي حملة من شأنها تحسين الأوضاع الأمنية في عدن
وبقية المحافظات، بعيدًا عن أي حسابات سياسية ضيقة قد تستغل هذه الحملات
وتوظفها لخدمة مصالحها المحدودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.