كم كُنت اتخوف من الارتحال نهاية كل شهر إلى لحج والتنقل بين مكاتب البريد فيها، والتي كانت تطول لأكثر من أسبوعين بحثاً عن راتب عمي المتوفى بعد ان غلبت على عامة مكاتب البريد في عدن مزاجية التعامل غير المنضبط، وتجاهل العمل بالقوانين المنظمة لنشاطها وخصوصاً مع صرف مرتبات المتقاعدين والمتوفين الذين كانوا ومازالوا يقضون الأيام والليالي خلف أبواب مكاتب البريد نصف المغلقة لا يجدون من يتجاوب معهم أو يجيب على اسئلتهم في وعن أسباب تأخر الرواتب أو تكرر الاعلان عن عادة نفاد الأموال لديها، وصرف الطوابير الطويلة من العجزة والمسنين والوكلاء إلى يوم آخر تستجد فيه ممارسات أنكى تتمثل عادة: اما في تأخر فتح نوافذ الصرف. أو الغياب المتكرر للموظفين المختصين. أو في خروج فرمانات جديدة تخالف القوانين التي تنظم عمل هذه المكاتب، ومن أبرزها وقف العمل بحق المتقاعد ووكلاء المتوفين في استلام رواتبهم من أي مكتب بريد وفي أي مدينة من مدن الجمهورية.. غير آبهين بما تسببه هذه المخالفة القانونية من متاعب وأعباء اضافية يتحملها المتقاعد أو الوكيل في رحيله المتواصل من مقر اقامته إلى محافظة اخرى ليستلم الراتب الذي يتطلب منه ان يصرف ربعه أو نصفه في التنقل المستمر لأيام مع تحمل تكاليف الأكل والشرب والعودة إلى مكان اقامته. وهذا ما واجهني أنا كوكيل لعمي المتوفى أن أعمل حسابي في كل شهر ان اتحايل على دوام عملي، والانقطاع عنه بدون عذر لغرض الانتقال من عدن إلى لحج لاستلام راتب موكلي المتوفى الذي بات يتطلب مني بدلاً من رحلة واحدة في السنة من عدن إلى لحج لتغيير دفتر المعاش أن أرحل مع نهاية كل شهر. ولا أبالغ هنا ان قلت معترفاً بأن كل مخاوفي تلك التي بُنيت قياساً على ما كُنت أجده من متاعب ومكابدات في مكاتب البريد في عدن، قد تبددت مع اختلافي على مكاتب بريد لحج. فإلى جانب ما شاهدته من انضباط في العمل في مكتب الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات بلحج الذي يعتبر للأمانة والحقيقة انه من أول المكاتب في تجديد وصرف دفاتر المعاشات وفي استقبال ومعالجة كل المشكلات التي تواجه المتقاعدين التابعين له، والمتمثل في الانتظام المنضبط للدوام الذي يعود إلى مستوى الشعور بالمسؤولية التي يتحلى بها مدير عام مكتب التأمينات الأخ عبدالحافظ أكان من حيث دوامه المبكر وحضوره قبل العمال إلى المكتب، أو جلوسه إلى آخر الدوام لاستقبال المعاملات والشكاوى والبت فيها. وهو ما انعكس بدوره على دوام ومستوى أداء مكاتب البريد في محافظة لحج، وبالذات مكتب بريد الحوطة ممثلا بمديره الأخ جمال الإبل ومعه كل مدراء البريد في المحافظة الذين وجدت انه من اللازم هنا أن اسجل احترامي لهم وتقديري لجهودهم في التخفيف من معاناة المتقاعدين، وللفرق بين مستوى ادائهم المتناسق والمتناغم بعكس غيرها من مكاتب البريد ومدراء مكاتب التأمينات في غيرها من المحافظات.