من يفرط في دماء وكرامة المواطن لا يمكن أن يؤتمن على وطن: عندما يردد السياسيون وغيرهم شعار: اليمن أو مصر أو بشكل عام "الوطن" فوق الجميع، ماذا يقصدون؟ يفسر البعض ذلك بطرق متعددة لتبرير استعباد وانتهاكات حقوق المواطنين بأسم الصنم "الوطن". "لهدم الكعبة حجرًا حجرًا أهون من قتل المسلم". نظر المصطفى صل الله عليه وسلم إلى الكعبة، فقال: "لقد شرفك الله، وكرمك، وعظمك، والمؤمن أعظم حرمة منك". وفي حديث آخر "قدر المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا" . "العبد لا يحسن الكر والفر وانما يحسن الحلب والصر". قالها عنترة عندما طلب منه الدفاع عن قبيلته التي تنكرت لحريته. فكم هم العبيد الذين لن يقدروا على الدفاع عن أوطانهم أو يساهموا في نهضته قبل تحرير أنفسهم من عبودية ثقافة سياسية واجتماعية موروثة؟. الوطن فوق الجميع، لاصوت يعلو فوق صوت الحزب... الخ. شعارات خدع بها الكثير. إنها ثقافة التضحية بالإنسان من أجل شعارات جعلنا منها أصنام مقدسة. الإنسان الذي كرمه الله وشرفه وعظمه أكبر من بيته الحرام "الكعبة" هو المواطن الذي يجب أن يكون فوق الوطن والحزب، وليس تقديمه قرابين على مذابح صراعات النفوذ والسلطة بأسم "الوطن". للأسف قد تطول فترة خداع الشعوب حتى تذهب تلك السكرة الثورية بأسم "الأصنام" المتعددة، وتأتي الفكرة التي ترفع المواطن فوق كل تلك الأصنام. فهل نعزي الوطن أم المواطنين في جريمة مأرب وما قبلها وما سوف يأتي بعدها؟
من يفرط في دماء وكرامة هذا الإنسان "المواطن"، لا يمكن أن يؤتمن على "وطن".