فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    وكالة دولية: الزنداني رفض إدانة كل عمل إجرامي قام به تنظيم القاعدة    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    ما لا تعرفونه عن عبدالملك الحوثي    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( القطار .. رحلة إلى الغرب ) للرئيس علي ناصر محمد (الحلقة 20)
نشر في عدن الغد يوم 11 - 02 - 2020

التجوال بسيارة صومالي في معالم وثقافة النرويج
ويحدثنا الرئيس علي ناصر عن حكاية ظريفة في هذا العد وهي حكاية تجواله بسيارة احد الصوماليين المهاجرين في النرويج حيث يقول سيادته :" تجولت في سيارة يملكها صومالي... وبمجرد أن راءنا عرف أننا عرب... قال ان اسمه عبد الشكور.. طاف بنا في أهم معالم المدينة، كالقصر الملكي، والبرلمان، والجامعة، والحديقة العامة، وبعض الكنائس، والمدارس والعديد من المواقع والمباني ذات الأهمية الثقافية التي تعكس مظاهر التراث الحضاري والمعماري للنرويج.
مدينة اوسلو لا تكتسب قيمتها فقط لكونها عاصمة للبلاد، بل لأنها أرض ذات جمال أخاذ، تحيط بها قمم الجبال المكسوة معظم العام بالثلوج، والتلال المزدحمة بالغابات، والتي تكثر فيها البحيرات، وتشكيلة مدهشة من التنوع الجغرافي للمناطق البيئية من البحار، والبحيرات، والغابات، والقمم الجبلية التي يبلغ أعلاها 926 متراً فوق سطح البحر.. وقد حرصنا على التقاط الصور التذكارية أمام العديد من المعالم التي اشتملت عليها جولتنا في المدينة.
عبد الشكور بلا سؤال، وبلا معرفه كافية، يحدثنا طوال الوقت عن الجالية الصومالية واللاجئين الصوماليين في أوسلو والذين بلغ عددهم كما قال 80 ألف جاءوا هرباً من الحروب في أراضي الصومال الحارة التي تقع على خط الاستواء إلى هذه البلاد البعيدة الباردة أو شديدة البرودة والتي تكسوها الثلوج وتهبط درجة الحرارة فيها إلى 4 تحت الصفر في الشتاء وترتفع إلى عشرين درجة في الصيف... قاطعين عشرات آلاف الكيلومترات للنجاة بحياتهم من طاحونة الحرب التي التهمت الأخضر واليابس، وقتلت مئات الآلاف والمستمرة باشكال اخرى بين المجموعاة الارهابية التي تسمى "الشباب" وبين الحكومة منذ نحو ثلاثين سنة.. بسبب صراعات كانت قبلية في جوهرها ومضمونها ناتجة عن نظام استبدادي للرئيس السابق المرحوم محمد سياد بري الذي قاد انقلاباً على نظام ديمقراطي في 5 اكتوبر 1969م وبقي في السلطة حتى عام 1991م بعد عدة سنوات سيتكاثر الصوماليون الذين جاءوا والذين ولدوا هنا في النرويج، والذين سيولدون فيها فيما بعد... وقد يأتي يوم ما يحكم فيه هذه البلاد رئيس وزراء نرويجي من أصل صومالي، كما حكم الولايات المتحدة الأمريكية ذات يوم رئيس أمريكي من أصل كينى، هو باراك حسين أوباما.. الذي هاجر أباه المسلم من كينيا وقبله أجداده الذين هاجروا من السودان إلى كينيا إلى أمريكا... أرض الأحلام وفي هذا الصدد يقال أيضا أن جده لأبيه نزح من حضرموت إلى كينيا! لكن ليس هناك وثائق تؤكد ذلك.
الحجاب الإسلامي منتشر في كل أحياء المدينة.. ونادراً ما تشاهد امرأة صومالية أو عربية مسلمة سافرة، وقد أنتشر النقاب في السنوات الأخيرة ليس في البلاد العربية والإسلامية فقط... بل حتى في المهاجر الأوربية والدول الاسكندينافية بسبب المتشددين الإسلاميين الذين حبسوا المرأة في قمقم أسود، وأعادوها إلى عصر الحريم بعد أن كانت قد اكتسبت حريتها خلال النصف الأخير من القرن العشرين، وقبله بقليل بفضل حركة تحرير المرأة التي انطلقت من مصر بقيادة قاسم أمين وهدى شعراوي وأمينة السعيد وسواهما..
النرويج لم تألف الحجاب الإسلامي
ويسترسل حديثه :" المواطن النرويجي والاوروبي يقبل ولكن على مضض الحجاب الذي لم يألفه في بلاده.. لكنه قبل التكيف معه كنوع من تقبل الآخر المختلف عنه ديانة وثقافة وتعبيراً عن احترام ثقافته، لكن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك، والعديد من عمليات الإرهاب التي جرت على يد متطرفين ينتمون الى الاسلام السياسي في عدة عواصم اوربية، أو ضد مصالح اوربية وامريكية، نشأت لدى بعض مواطني هذه البلدان الأصليين روح العنصرية والعداء لكل ما هو عربي أو إسلامي.. وهي جزء من ثقافة الخوف التي يغذيها الإعلام الغربي الخاضع في اغلبه لنفوذ صهيوني في عقول الغربيين يضاف إلى ذلك الشعور بأن هؤلاء المهاجرين ينافسونهم في أعمالهم، ولقمة عيشهم في كل مكان، في الطرقات، في المطاعم، في المتاجر، الباصات، سيارات الأجرة، أعمال البناء، وخدمة الحدائق، وأعمال النظافة في الشوارع، ويقبلون بأقل الأجور...
زعم عبد الشكور انه يحصل من عمله في سيارة الأجرة التي يمتلكها في الشهر الواحد على نحو 6000 كرون نرويجي ، أي أن دخله ليس مرتفعاً ومع هذا فهو قادر على أن يرسل أولاده إلى مصر كل عام لتعلم القرآن وتلقي التربية على الطريقة الإسلامية لأنه يعتبر التعليم في النرويج خطراً عليه وعلى أولاده وأولاد المسلمين المقيمين فيها، لأنهم حسب قوله يعلمونهم الجنس!!
عبد الشكور لم يكن صادقاً... وهو من أمة تحترف الكذب المنهي عنه في القرآن في اوطانها ومهاجرها، وقد بالغ في الحديث عن قلة دخله من أجل الحصول على بقشيش مرتفع، فمعروف أن الطالب النرويجي وغير النرويجي يحصل على منحة شهرية وكذلك المهاجر وقدرها /8000/ كراون اضافة إلى السكن ويمكن الأشارة الواضحة إلى كذب العرب وحتى وهم في الخارج وفي نعمة من نعم الله. الستة الاف كراون أقل من 100 دولار.
حصل عبد الشكور وأولاده على الجنسية النرويجية كغيره من الصوماليين والعرب الذين استقروا في هذه البلاد.. لكنه لا يزال يخشى كيف سيتعامل في المستقبل مع الواقع النرويجي، فهو ينتمي إلى ديانة وثقافة أخرى، ولا يجد هو وغيره من العرب والمسلمين أوجه تشابه مع ثقافة وديانة أهل البلد الأصليين... لهذا يجدون صعوبة في الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة برغم اكتسابهم لجنسيته التي تعطيهم مستوى حياة لائق لم يكونوا يحلمون بها في بلادهم الأصلية التي جاءوا منها إما بسبب فقر أو حرب أو مجاعة أو اضطهاد..
هذه الإشكاليات هي سبب عزوف أكثرهم عن المشاركة في الحياة الثقافية والسياسية لسكان البلاد، فكثيرٌ من العرب والمسلمين لا يولون أهمية كبيرة لتعليم أولادهم، بعكس الجاليات الأخرى التي تولي الاهتمام للتعليم والعمل الثقافي والذين وصل البعض منهم إلى مناصب هامة سواءًا هنا في النرويج، أم في السويد، وغيرها من المدن والبلاد الأوربية .
اتفاق أوسلو
ويتابع الرئيس ناصر حديثه :" بعد أن التقيت بالسيد عمر كتمتو حدثني مطولاً عن اتفاقية اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين اسرائيل التي كان له دور كبير في مختلف مراحلها وهي اتفاق تمهيدي يؤدي لو نفذته اسرائيل نصا وروحا بمصالحة تاريخية واتفاق سلام نهائي وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر1993، وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو التي تمت فيها المحادثات السرّية عام 1993م.
تعتبر اتفاقية اوسلو، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية الحالي والذراع اليمنى للرئيس الراحل عرفات قبل استشهاده.
ورغم أن التفاوض بشأن الاتفاقية تم في أوسلو، إلا أن التوقيع تم في واشنطن، بحضور الرئيس الأمريكي الاسبق بيل كلينتون والرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء اسرائيل الراحل اسحق رابين ووزير خارجيته شمعون بيريز ووزير خارجية روسيا.
وتنص الاتفاقية على إقامة سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية (أصبحت تعرف فيما بعد بالسلطة الوطنية الفلسطينية)، ومجلس تشريعي منتخب للشعب الفلسطيني، في الضفة الغربية وقطاع غزة، لفترة انتقالية لاتمامها في أقرب وقت ممكن، بما لا يتعدى بداية السنة الثالثة من الفترة الانتقالية.
ونصت الاتفاقية، على أن هذه المفاوضات سوف تغطي القضايا المتبقية، بما فيها القدس، اللاجئون، المستوطنات، الترتيبات الأمنية، الحدود، علاقات التعاون مع جيران آخرين.
ولحفظ الأمن في الأراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية، نصت الاتفاقية على إنشاء قوة شرطة فلسطينية قوية، من أجل ضمان النظام العام في الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما تستمر إسرائيل في الاضطلاع بمسؤولية الدفاع ضد التهديدات الخارجية.
في إسرائيل حدث نقاش قوي بخصوص الاتفاقية؛ فاليسار الإسرائيلي وقوى السلام دعمها، بينما عارضها اليمين. وبعد يومين من النقاشات في الكنيسيت حول تصريحات الحكومة بشأن الاتفاقية وتبادل الرسائل، تم التصويت على الثقة في 23 أيلول/سبتمبر 1993 حيث وافق عليها 61 عضو كنيسيت وعارضها 50 آخرون، وامتنع 8 عن التصويت كان من بينهم رئيس الوزراء اليميني الأسبق الذي رأس الوفد الإسرائيلي في مؤتمر مدريد في اكتوبر 1991م السيد اسحاق شامير.
المواقف الفلسطينية كانت منقسمة أيضاً، ف "فتح" التي مثلت الفلسطينيين في المفاوضات قبلت بإعلان المباديء، بينما اعترض عليها كل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (المنظمات المعارضة) لأن مواثيقها الداخلية ترفض الإعتراف بحق إسرائيل في الوجود في فلسطين وعارضها رمزان فلسطينيان بارزان هما الشاعر الكبير محمود درويش والمفكر الدكتور ادوارد سعيد.
إفشال عملية السلام
ويختتم الرئيس الأسبق لليمن الجنوبي حدثه لهذا العدد :" كلا الجانبين كان هناك مخاوف متبادلة من نوايا الطرف الآخر.
بناءً على إدعاء حكومة إسرائيل، فإن ثقة الإسرائيليين بالاتفاقية فقدت لأن المقاومة للاحتلال تكثفت بعد توقيع الاتفاقية، الأمر الذي فسره البعض على أنه محاولة من قبل بعض المنظمات الفلسطينية لإفشال عملية السلام. بينما رأى آخرون أن السلطة الفلسطينية لم يكن لديها رغبة في إيقاف تلك الهجمات، بل كانت تشجعها. وكدليل قالوا أنه عندما تفجرت موجة العنف عام 1996، أدارت الشرطة الفلسطينية أسلحتها بإتجاه الإسرائيليين في الصدامات التي أسفرت عن سقوط 51 فلسطينياً و15 إسرائيلياً.
خشي العديد من الفلسطينيين أن إسرائيل لم تكن جادة بخصوص إزالة المستوطنات من الضفة الغربية وقطاع غزة، خاصة من المناطق المحيطة بالقدس. وانها تسرع وتيرة الاستيطان ببناء مستوطنات جديدة وتوسيع الموجود منها وهو ما حدث ويحدث اليوم فعلاً.
توقيع الاتفاقية
حيث يواصل قائلاً :" قال لي السيد عمر كتمتو: في منتصف العام 1991.. حدث أن كنت في تونس حاملاً معي بعض الأفكار الخاصة بالعلاقة الثنائية الفلسطينية النرويجية بصفتي سفيراً للمنظمة في أوسلو خاصة وأن النرويج بدأت تتعامل معنا بنشاط واضح ومنذ شهر شباط فبراير 1989 في أعقاب الزيارة التي قام بها السيد تورفالد ستولتينبيرج Thorval Stoltenberg وزير الخارجية حينها والتقى بالرئيس أبو عمار في العاصمة التونسية, واثناءها تمت أول مباحثات رسمية فلسطينية نرويجية.
في العام 1991 كنت مع الرئيس أبو عمار في منزل السيد حكم بلعاوي (1) وقررت أن أطرح على الرئيس ما يجول في فكري من رغبة قوية لنقل دور الوساطة السويدية بيننا وبين إسرائيل إلى النرويجيين إذ أن السويديين, وبنشاط ملموس لعبوا دوراً ممتازاَ في السعي إلى بدء محادثات سرية أو علنية بين منظمة التحرير وإسرائيل لكنها جميعها لم تصل إلى النتيجة المرجوة.
وكان أبو عمار سعيداً ومرتاحاً للدور السويدي, لأن السويد كانت دولة حيادية, وهي لم تشارك في الحربين العالميتين, فضلاً عن أن "أولاف بالمه" رئيس وزرائها الراحل كان أول من دعا عرفات لزيارة رسمية إلى السويد بعد خروج أبو عمار الثاني من لبنان والسويد كانت من أوائل الدول الاوروبية التي اعترفت بالدولة الفلسطينية.
خلال تلك الجلسة في مقر سفيرنا في تونس وبوجود السيد خالد الحسن رحمه الله, أفضيت بما لدي للرئيس عرفات, ثم طلبت منه أن يسعى لدى النرويجيين كي يدخلوا وسطاء بيننا وبين الاسرائيليين لكن الجواب الذي حصلت عليه من عرفات كان كالتالي:
"إيه ياعمر, أنا بعرفك تفهم سياسة, وإنما اللي بتقوله ده هو سذاجة سياسية".
شعرت حينها بامتعاض –والكلام لعمر كتمتو- وصمتُّ عن الكلام أوعلى الأقل احجمت عن الاستمرار بطرح وجهة نظري, وما هي إلا دقائق ليست طويلة, حتى بادرني الراحل (أبو السعيد) خالد الحسن بسؤال أعادني إلى ما كنت أود أن أوصله لعرفات, حينما قال:
يا أخ عمر، لماذا تقترح النرويج ؟
قلت لأسباب كثيرة أولها:
النرويج دولة صديقة لإسرائيل، وقادتها الآن أصدقاء للرئيس عرفات، وهي عضو في حلف الناتو أي أنها حليفة لأميركا بينما السويد (لا) وبالتالي فمثل هذا الدور سوف يحصل على مباركة أمريكية.
#النرويج لم تكن أبداً دولة احتلال بل كانت دائماً دولة محتلة كما نحن عليه الآن.
#النرويج ليست دولة عظمى لأن الدول العظمى لن تستطيع أن تكون حيادية إذا ما دخلت وقامت بدور الوسيط.
# النرويج دولة غنية ومستعدة –بتقديري- للقيام بهذا الدور بل، ومستعدة أيضاً لتمويل عملية السلام المنشود.
ساد الغرفة صمتٌ عميق, وكان أبو عمار يستمع, بل وكله آذانٌ صاغية لما أقول, أما خالد الحسن فقد هزّ برأسه إيجابياً دون أن يقول شيئاً.
هذا اللقاء كان قد حصل قبل أكثر من عام على اجتياح الكويت عام 1991 ونجم عنه وضع صعبٌ جداً للمنظمة بحيث أنها أصبحت غير قادرة على تأمين احتياجات مؤسساتها خاصة الدبلوماسية, وفي صيف عام 1992 خلال شهر آب / أغسطس وصل الأخ بسام أبو شريف إلى العاصمة النرويجية دون أن يخبرني كي أكون في المطار, ثم اتصل بي بعد أن استقر في الفندق الذي شهد فيما بعد المحادثات السرية, وكان اسمه في ذلك الحين فندق "بلازا" (plaza) وسمي فيما بعد فندق Radisson SAS "راديسون ساس" أما اسمه الآن فهو Radisson Blu , و Plaza.
ويضيف السفير عمر كتمتو، اتصل بي بسام وكنت في طريقي بالسيارة عائداً من مدينة اسمها "درامين"Drammen إلى أوسلو. فقلت له: أنا في طريقي اليك الآن إذْ كانت المسافة بين أوسلو ودرامين (40) كم فقط. لدى وصولي إلى غرفة بسام في الفندق أخبرني مباشرةً بأنه مكلف بمهمة من الرئيس تستدعي ذهابنا معاً للقاء وزير الخارجية السيد "ستولتينبرغ" ولما سألته عن السبب أجابني بأن الرئيس يرغب في استخدام النرويج وسيلة محادثات فلسطينية إسرائيلية, مستجيباً لما طرحته عليه قبل أكثر من عام.
عندها قلت لبسام: إذاً دعني أتصل بالرئيس وبمجرد ماطلبته تم ايصالي به وسمعته يقول: "دلوقت ياعمر يمكن أن نمضي بالفكرة التي حدثتني عنها العام الماضي, وعلى بركة الله أنت وبسام".
اتصلت مباشرة بوزارة الخارجية وطلبت الحديث مع الوزير وتم إيصالي به. بعد السؤال لماذا أريد لقاءه, أجبت لأنني أحمل له رسالة شفوية مع أحد مستشاري الرئيس ياسر عرفات, وجاءني صوت الوزير قائلاً: أهلاً وسهلاً بكما في الساعة الثالثة بعد الظهر, وكانت الساعة حينها الواحدة والنصف ظهراً, وهكذا أخذت النرويج دورها التاريخي في البحث عن حل للصراع العربي الإسرائيلي.
مع صديقي السفير هانس
ويضيف قائلاً :" مساء اليوم التالي لوصولنا، سعدت بلقاء صديقي السفير النرويجي هانس ويلهم لونجوي، السفير المتجول بوزارة الخارجية النرويجية، والذي كان سفيراً لبلاده في عدن والكويت ودمشق وقد التقيت به في منزل عمر كتمتو...
دار بيننا حديث طويل عن الأوضاع في اليمن والمشاكل والتعقيدات التي يمر بها... وقد تصدرت مشكله الجنوب الذي يطالب بعض سكانه بالانفصال الأولوية على رأس هذه المشاكل بسبب سلسلة من التصرفات والسياسات المنهجية التي أجهضت رؤى وجوهر مشروع الوحدة، والتي دأب نظام علي عبد الله صالح انتهاجها ضد الجنوب وشعبه... وكانت قضيه الحوثيين في صعدة في اقصى شمال اليمن الذي يطالب سكانه بحقوق متساوية، والتي تعرضت ل 6 حروب من قوات النظام حاضرة كواحدة من أهم المشاكل التي تواجه اليمن... كما حضرت بقوة مشكلة إرهاب والقاعدة التي تتسبب في هروب الاستثمارات وانهيار الوضع الأمني في البلاد من ضمن ما استعرضناه في اللقاء... والمعروف أن حكومة علي عبد الله صالح كانت تتهم برعاية الإرهاب القاعدة في اليمن، وتسثمره لتخويف الجيران الخليجيين والأمريكان معاً، وأيضاً لابتزازهم مالياً، وعسكرياً، وسياسياً، واقتصادياً، وما لم يدفعوا له فإنهم يعرضون أمن المنطقة ومصالحهم الاستراتيجية للخطر!
وقد شَّبه البعض هذا السلوك بالثعبان الذي يخرجه الرئيس علي عبدالله صالح من كيسه كلما أراد تخويفهم!!
وللكاتب اليمني والسياسي الكبير عبد الباري طاهر مقولة معبرة هي ان الرئيس علي عبد لله صالح يضرب القاعدة أحيانا ويضرب بها في أحيان كثيرة.
ولم نغفل المشكلة الاقتصادية وانهيار العملة الوطنية في البلاد، اذ وصل سعر صرف الدولار الواحد إلى 260 ريال حينها، بينما كان سعره في أوج قوته نحو عشرة ريال فقط للدولار الواحد عام 1990 م.. وما تلقيه الأزمة الاقتصادية من أعباء ثقيلة على كاهل المواطنين.
ولم يكن من الممكن إلا أن نعرج إلى القضية الفلسطينية التي تفرض نفسها على أي لقاء أو حوار يجمع بين العرب والأوربيين. وقد تطرقنا إلى عملية سلام الشرق الأوسط وما يحيط بها من تعقيدات رغم انطلاق هذه العملية عقب هزيمة 1967م... وشمل حديثنا الصراع أو الخلاف الدائر بين حماس وفتح حيث تمركزت الأخيرة في جزء صغير من فلسطين، وأقامت "دويلة" في غزة واتهمت من قبل فتح بالتمرد على الشرعية عام 2007م وتحول الصراع من صراع مع إسرائيل إلى صراع فلسطيني –فلسطيني بدلاً من قيادة واحدة معترف بها عربياً ودولياً تقود نضاله منظمة التحرير الفلسطينية، وأصبح برأسين متنافسين يرفع احدهما شعار المقاومة ولا يمارسها إلا في النادر بينما المقاومة الحقيقية للاحتلال الإسرائيلي تمارس يومياً في الضفة الغربية المحتلة.
أما المشكلة الأخيرة في حديثنا فقد كانت حول الفتاة النرويجية التي قتلها فاروق ابن الملياردير اليمني شاهر عبد الحق في لندن، والتي هرب بعد حادثة القتل إلى صنعاء بطائرة خاصة قبل اكتشاف البوليس البريطاني للجريمة، وقلت حينها أنه من الافضل لمستقبل الشاب "فاروق" ان يسلم نفسه ويمثل امام العدالة في بريطانيا، واكدت ذلك في لقاء صحفي مع احدى الصحف النرويجية وهو ما اثار حفيظة السيد شاهر عبد الحق الذي ازعجه ما نشر في الصحيفة وعند لقائي به في دبي (10 مارس 2013) وبحضور السفير مصطفى نعمان أكدت مجدداً لشاهر أنه من الافضل حل مشكلة فاروق عبر القضاء وليس بهروبه الى اليمن حرصاً على مستقبله، وقبل فترة (2013) علق احد الوزراء وقال أنه لو سلم فاروق نفسه منذ ذلك التاريخ 2008 لكانت قد حلت مشكلته.
أسترسل السفير هانس لونجوي عن ذكرياته في المنطقة العربية، وخاصة في عدن وتجربة اليمن الديمقراطية التي عايشها عن كثب حين كان سفيراً لبلاده ولم يكن هناك علاقة اقتصادية او تجارية بين البلدين ... وقد أشاد بها خاصة الفترة التي سبقت الوحدة، وتحديداً حتى عام 1986 م لما أتسمت به من واقعية وانفتاح كان يمكنها أن تدخل بالبلاد إلى مرحلة جديدة، قبل أن تجهض.
في الخارجية النرويجية
ويسترسل في الحديث :" كل تلك القضايا والمواضيع كانت حاضرة في اللقاء الذي رتبه لي الصديق السفير لونجوي، مع مسئولي دائرة الشرق الأوسط بوزارة الخارجية النرويجية -في الرابع من سبتمبر 2010 م-.. جرى اللقاء في قاعة اكتظت بعدد كبير من المختصين باليمن وشؤون المنطقة والعالم في مقدمهم سيدة جميلة طويلة ومثقفة هي نائب مدير دائرة الشرق الأوسط التي رحبت بنا بحرارة.. وهذا المستوى في الحضور رغم أن زيارتنا لم تكن رسمية واستجابتهم وبهذا العدد للحضور دليل على اهتمامهم ليس بشخصي فقط بل تعبيراً عما يعتريهم من قلق على أوضاع اليمن والمنطقة، وعلى مقربة من أحداثها وقضاياها.
قدمني السفير لونجري إليهم وتحدث عن العلاقات التي تربط بيني وبينه منذ سنه 1984 م عندما كان سفيراً في عدن، وعن تكرار لقاءاتنا في دمشق التي شغل منصب سفير لبلاده فيها.
عندما جاء دوري تحدثت أولاً عن الأوضاع في اليمن وعن مجمل القضايا الأخرى التي سبق وأشرت إليها في لقائي مع السفير هانس في منزل عمر كتمتو.
تركيز النرويجيين حول التغيير في اليمن
ويستدرك :" لكن ما لفت نظري خلال الحوار الذي دار بعد ذلك هو تركيزهم على التغيير في اليمن، وإمكانية انفصال الجنوب عن الشمال، وعن قدرة المعارضة على ذلك سواء في الجنوب أم في الشمال.
أجبت على أسئلتهم حول اليمن ولخصت رأيي في أمرين لا ثالث لهما: تغيير نظام على عبد الله صالح... أو التشطير والانفصال، وعبرت عن رأيي ووجهة نظري وقلت: أن الحل هو في التغيير وإقامة نظام حكم فيدرالي من إقليمين، واحد في الشمال وآخر في الجنوب ما لم فأن الانفصال وارد وقادم لا محالة... وإذا لم يتحقق بسلام وباتفاق الطرفين، فإنّ حرباً أهلية تنتظر اليمن ولن يقتصر تأثيرها عليها وحدها، بل ستؤثر بتداعياتها على الخليج والبحر الأحمر والقرن الأفريقي وباب المندب وجزيرة العرب.. وهذا ما حدث فعلاً في عام 2015م بدخول الحوثيين الى صنعاء وعدن واعلان الحرب من قبل السعودية وحلفائها على اليمن.
كما أن الأصدقاء النرويجيين كانوا مهتمين بمعرفة رأيي حول قضية "مارتينا" الفتاة النرويجية التي قتلها نجل رجل الأعمال اليمنى شاهر عبد الحق... وقد طلبوا نصيحتي عن كيفية التعامل مع هذه القضية التي تشغل الرأي العام عندهم...
قلت أنني أدين هذه الجريمة من الناحيتين الإنسانية والأخلاقية، وهذا أولاً... وثانياً: أرى أن تسلم الحكومة اليمنية الجاني إلى الحكومة البريطانية لمحاكمته على جريمته التي ارتكبت على أراضيها وفقاً للقوانين البريطانية والدولية.
وأثار أحد الحضور أن اليمن يريد محاكمته داخل اليمن.. وقال السفير أن والد الجاني شاهر عبد الحق هو شريك لعلي عبد الله صالح في التجارة، وعدة شركات، وفي أمور أخرى لهذا فهو يحمي الجاني وهو في سبيل مصالحه الخاصة على استعداد بالتضحية بمصالح البلاد وبعلاقاتها مع الأصدقاء ولا أظنه سيغير موقفه هذا...
النرويجيين امام موقف صعب
ويختتم سيادة الرئيس ناصر حديثه لهذا العدد بالقول :" أظن أن النرويجيين وجدوا أنفسهم أمام موقف صعب إذ كان عليهم أن يحلوا هذه المشكلة بروية وحنكة.. وقد حشدوا دعما بريطانيا اولا ثم دعم دول الاتحاد الاوروبي ولكن التطورات اليمنية منذ ثورة الشباب السلمية عام 2011 وماتلاها احبطت مساعيهم للضغط على اي حكومة يمنية لتسليم فاروق شاهر عبد الحق الى العدالة ويذكر السفير علي محسن حميد أن طرح موضوع القتيلة على رئيس الوزراء الاسبق محمد سالم باسندوة الذي أصغى ولكن لم يقل كلمة واحدة, لكنها حتما ألقت بظلالها على علاقة البلدين... لكن إلى أي مدى؟؟ ( للحديث بقية ) .
هوامش /
1- سفير فلسطين لدى تونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.