ظلت المملكة العربية السعودية تراهن طوال اسنوات الماضية، ومنذ إنطلاق "عاصفة الحزم، على حدوث انقسام في شمال اليمن بين القبائل والمكونات السياسية والعسكريه، وبسقوط محافظة الجوف كاملا وقرع أبواب مدينة "مأرب" أظهر فشل سذاجة هذا الرهان، وتأكيد جديد بأن السعوديين لا يعرفون شمال اليمن، ولا يعرفون خصومهم جيدًا، ولو كانوا غير ذلك لما وقعوا في هذه الحفرة من الأساس حتى لا يفكرون في كيفية الخروج منها. فمن خلال الوضع ميدانيا نرى شمال اليمن تعزز جبهتهم الداخلية اليمنية وتوحيدها ضد المملكة العربية السعودية، نتيجة سياسات وتوجهات المملكة العربية السعودية ضد اليمن، وفي جنوباليمن خاصة في الحقب السياسية الماضية، ولهذا الجبهة الداخلية في شمال اليمن تقوم على حرب استنزاف طويلة ضد المملكة العربية السعودية وحلفائها، ونتيجة للتوصل إلى قناعة راسخة بان هذا التحالف يعيش الآن قمة ضعفه، وإنهيار إستراتيجيته، وتحالفاته الإقليمية والدولية. وكما وجدنا دائما أن الحوثيون لم يذهبوا إلى أي مفاوضات برعاية أممية للتفاوض من أجل التوصل إلى حل سياسي، لا يلبي طموحاتهم ويفرض عليهم، وانما يقومون الرهان على عامل الوقت، وامتصاص صدمة "العاصفة" العسكرية السعودية في شمال اليمن، وتوريط الرياض في حرب إستنزاف تؤلب الشعب اليمني وتوحده ضدها، وتخرج منها، أي الحرب، متهمة بالإرهاب، مستقلا فساد الشرعية اليمنية ومكوثها في فنادق الرياض وعدم توفير الرواتب والخدمات في جنوباليمن، هذه الإستراتيجية التي كشفت عن الدهاء والحكمة اليمنيين شمالي اليمن في ذروتهما حققت نجاحا كبيرًا، حتى الآن على الأقل. لأن الحوثيين يدركون جيدًا النوايا الحقيقة التي تبيتها المملكة العربية السعودية، وإنطلاقا من إستراتيجتهم في كسب الوقت، وهذا ما يفسر الانهيارات المحسوبة لكل تفاهمات وقف إطلاق النار بين الحين والآخر، وإطلاق الصواريخ الباليسيتة على المدن السعودية الجنوبية، فالحوثيون لا يريدون تأمين مناطقهم في صعدة وعمران وصنعاء، فهذه حرب، ولكنهم يصوبون أعينهم بإتجاه جيزان وعسير ونجران، وحتى أبها التي يعتبرونها مدنا يمنية، وإلغاء إتفاقية الطائف التي ضمتها إلى السعودية مستغله الصرعات الأهلية اليمنية في ذاك الوقت أو المساومة عليها. إلى ذلك نجد أنهيار مفاوضات ستوكهولم لإنه لم يكن مكتوبًا لها ان تنجح منذ البداية، لإنها كانت مفاوضات غير متكافئة بين طرف يملك الأرض، وآخر يملك "شرعية سياسية" ورقية " أي فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته المقيمة في الرياض، وبين الطرف الأقوى على الأرض هو الطرف الذي أملى شروطه في نهاية المطاف لا سيّما الشرعية اليمنية لا يوجد لها قبول في المناطق الجنوبية فهي مخترقة من قبل تنظيم أخوان المسلمين في اليمن المتحالف مع الحوثيين من خلف الستار ضد المملكة العربية السعودية، وأن وجد لشرعية أنصار فهم إلا قله قليلة من القيادات الجنوبية والشمالية وبعض النشطاء السياسيين والإعلاميين المنتفعين من فساد أموال الشرعية اليمنية، وهذا إطلاق رصاصة الرحمة على مفاوضات كانت في النزاع الأخير، على أي حال وترقد في غرفة العناية المركزة.