نسميك مغترب ويسمونك وافد ، ويبقى الشئ المشترك إن ارض الله أمامك لم تعد واسعة كما كنت تظن أو كما كنا نعتقد ، وحين يستعبدك ( كفيل) أو تقتل إنسانيتك (قوانين وأنظمة) الجارة ، تذكر انك حر ، أرق فؤاد وألين قلب بشهادة أنبل الخلق ، والأمر لا يعدو إلا وجودك بين فكين ،انبطاح سلطة واستعلاء جار ، وزع الاثنان الدور هناك مقتلك وهنا دفنك .في غرف الترحيل وبملابس النوم نجدك ، يغمرك القهر ويذبحك الهم ، وما أقساك يا وطن عندما يكون الرحيل إليك عقاب ، إنها الأرض الطاردة لأبنائها ، هربت من فقر الأهل إلى ذل الربع والجيران ، هنا يركلك فقر ،وهناك يصفعك ذل .هكذا وزع الاثنان الدور هناك مقتلك وهنا مدفنك . سيذهب إليهم الوفد وسترتعش السن وتطاطئ رؤوس وفي بيان مقتضب سيقولون انك أصل الحضارة وانك أصل العرب ، وحذاري تصفق او تصدق ما يقوله (طويل العمر ) أو (أصيل النسب ) حيث سيضع الأول مسبحته في جيبه ويشد العقال ،ويغادر الآخر بشيك وكشف عن مواعيد الدفع الشهري. وستبقى أنت هديتهم في أحسن الأحوال للكفيل وعبوديته وحتى ذلك لن يغنيك من الالتفاتة لليمين ألف مرة ولليسار ألف مرة والى الخلف مليون مرة وأنت تخطو كل صباح باتجاه الشقاء والظلم والضياع .
ليس بالتمنيات تنتهي المعاناة كما يعتقد الحالمون وارض الله لم تعد واسعة كما كنا نردد ويردد معنا المتفائلون ولم يعد يجدي نشيد بلد العرب أوطاني فقد انتهى زمن الأحلام والأناشيد وشيخ العرب ، (هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ) .أيها التائه في صحاري القسوة وأرصفة الضياع أيها المطارد في الأزقة والأسواق وأماكن النوم وزوايا الشقاء والتعب ، أيها المحشور في أقفاص المذلة وغرف القهر، أيها الحالم بالبحث عن فرصة عمل في بلاد الله الواسعة التي قدمتك هدية لكفيل ، وجرعتك مذلة وعبودية .
هو نفسه القبح الذي يطاردك بفضلهم أينما وليت وجهك في ارض الله الواسعة التي لم تعد كذلك . هو نفس الليل الذي يحاولون جاهدين إطالته وجعله مصير وقدر هو نفسه الفساد الذي يلتهم أحلامك كما يلتهم الجراد الزرع الأخضر هي نفس العقول المتصحرة المحنطة فسادا ورمادا التي تقف حائط صد أمام الجداول والأيائل والأحلام... وارض الله التي كانت ذات يوم واسعة .